10 - 08 - 2015, 03:57 PM
|
|
|
..::| VIP |::..
|
|
|
|
|
|
العظة علي الجبل .. لاتهتموا بما للغد...(2) " مت 6 : 34 "
بقلم مثلث الرحمات طيب الذكر المتنيح : البابا شنودة الثالث ٨ أغسطس ٢٠١٥
إن لنا في تاريخنا المعاصر قصصا من إيمان في تأسيس الكنائس. بدأنا الخدمة في أفريقيا بلا كيس ولا مذود وبدون أية معونات مادية وتولي الله الخدمة كلها وزودها باحتياجاتها ونشرها.
وبنفس الإيمان بدأنا الخدمة في إيطاليا في ميلانو وفي روما,بدون أية استعدادات مادية وإذا بالرب يكفل كل شيء وهو نفسه ينفق علي الخدمة ويؤسس لنا كنائس ويدبر كل أمورها.
وبنفس الوضع بدأت أسقفية الخدمات من تحت الصفر بلا مقر وبلا إمكانيات وتأسست وعمرت وانتشرت واستظل كثيرون تحت أغصانها وهكذا أيضا بدأت الخدمة في برمنجهام وفي أيرلندا واسكتلنده وفي البرازيل بلا شيء إلا الإيمان بأن الله
سيتولي كل شيء ويقول لنا:
لاتهتموا. لاتهتموا بالغد الله يعلم أنكم تحتاجون إلي هذه كلها.
وبنفس الإيمان نذكر تعمير الأديرة والكنائس والقصص كثيرة.
ووراء كل كنيسة من كنائس المهجر قصة من إيمان حول تأسيسها وبنائها نود أن نجمعها وننشرها قبل أن تنسي.
حسن إذن قول الرب:اطلبوا أولا ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكممت6:33يكفي أن نبدي لله محبتنا لملكوته ورغبتنا في بناء هذا الملكوت وهو يقول:لاتهتموا سأعمل لأجلكم كل شيء.
إن القلق لا فائدة منه بل هو بالأكثر معطل.
فالذي يقلق وينظر إلي الغد بخوف لن يعمل شيئا..
وصدق سفر الجامعة حينما قال:من يرصد الريح لايزرع ومن يراقب السحب لايحصدجا4:11كذلك البحار الذي تخوف وقلق من جهة الرياح والأمواج فلن يبحر علي الإطلاق.
إن القلق يسبب الخوف والخوف يشل الحركة ويوقف العمل.
لاتحملوا هما إذن ولا تخافوا ولتكن لكم ثقة في عمل الله لأجلكم واشتراكه في العمل معكم فهوذا داود النبي يقول في المزمور:ألق علي الرب همك,فهو يعولكمز55:22الرب يهتم بيمز40:17وإن تعبت في حياتك وثقل حملك عليه استمع إلي قول الرب:تعالوا إلي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكممت11:28.
ليس قلقك هو الذي يريحك ولا حملك الهم سيرفع الهم عنك بل التجاؤك إلي الله واثقا بتدخله في حياتك هذا هو الذي سوف يريحك لا تضع همومك أمام عينيك فيرفعها عنك ويحملها بدلا منك ويمنحك الراحة والطمأنينة أن مشاكلك وصلت إلي يد أمينة وإلي قلب حنون.
إن القلق وحمل الهم يفقدانك سلامك القلبي.
هوذا الرسول يقول:الرب قريب لاتهتموا بشيء بل في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر لتعلم طلباتكم لدي الله وسلام الله الذي يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم وافكاركم في المسيح يسوعفي 4:7,5.
إن الذي يقلق من جهة المستقبل يتخيل أمورا متعبة ستحدث.
القلق يورثه الخوف والنظرة المتشائمة فيتخيل مشاكل ستحدث ونتائج سيئة ومتاعب وأسوأ ما يمكن أن يصل إليه الخيال فيزداد قلقه وخوفه لأنه لايضع الله أمامه ويصبح تحت سيطرة صورة من التخيلات التي تفزعه وقد يتحول قلقه إلي حالة مرضية تجلب له أمراضا جسدية أيضا في أعصابه وضغط دمه وفي قلبه أيضا.
أما إن جاء القلق بسبب مؤامرات الأعداء فلنثق بالرب.
أمامنا كنز في المزامير يجيب علي ذلك إذ يقول المرتل:إن يحاربني جيش فلن يخاف قلبي,وإن قام علي قتال ففي ذلك أنا مطمئنالرب نوري وخلاصي ممن أخاف؟الرب عاضد حياتي,ممن أرتعب؟!مز 27:1,3ويقول أيضا:الرب يحفظك من كل شر الرب يحفظ نفسك الرب يحفظ دخولك وخروجكمز121:7ويتحدث عن خيراته فيقول:لولا أن الرب كان معنا,حين قام الناس علينا,لابتلعونا ونحن أحياء مبارك هو الرب الذي لم يسلمنا فريسة لأسنانهم نجت أنفسنا مثل العصفور من فخ الشياطين الفخ انكسر ونحن نجونا عوننا من عند الرب الذي صنع السموات والأرضمز124.
إن موسي النبي لم يقلق وهو واقف أمام البحر الأحمر وفرعون يطارده بمركباته لكن قلق الشعب الضعيف الإيمان.
لذلك طمأنهم موسي ناقلا إليهم إيمانه بعمل الله وقال لهم:لا تخافوا قفوا وانظروا خلاص الرب الذي يصنعه لكم اليوم,الرب يقاتل عنكم وأنتم تصمتونخر14:14,13.
فلنتذكر أن بطرس وهو في السجن وهيرودس الملك مزمع أن يقتله كان بطرس نائما نوما ثقيلا وهو مربوط بسلسلتين في غير خوف ولا قلق مما سيحدث في الغد حتي إن الملاك لكزه وأيقظهأع12:7,6.
إن خطية القلق وحمل الهم تحمل وتسبب خطايا كثيرة.
تحمل الاضطراب والخوف وعدم الإيمان بعمل الله والنظرة التشاؤمية وعدم الاطمئنان وتعب الفكر والنفس وقد تؤدي إلي الأرق والمرض مع عدم الاستقرار النفسي وتذكرنا بقول الشاعر:
كريشة في مهب الريح طائرة لاتستقر علي حال من القلق.
وربما يؤدي القلق إلي حلول خاطئة غير مدروسة وكذلك إلي الاعتماد علي الذراع البشري أو إلي اللجوء إلي العرافين والسحرة كما حدث مع شاول الملك1صم28:7,5.
ولما ازدادت خطية إسرائيل في العهد القديم,أسلمهم الرب إلي القلق.
كما ورد في سفر أرمياء النبيأر15ك4أر24:99.
وكما ورد في لعنات الناموسوتكون قلقا في جميع ممالك الأرضتث28:25
فليعطنا الرب حياة الإيمان التي نثق فيها بعمل الله معنا وبعمله لأجلنا فنطمئن ولا نقلق ولا نهتم بالغد,بل نتركه إلي الله يدبره حسب حكمته ومحبته وصلاحه.
|