رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
العظة علي الجبل .. لاتهتموا بما للغد..." مت6 : 34 " بقلم مثلث الرحمات طيب الذكر المتنيح : البابا شنودة الثالث ١ أغسطس ٢٠١٥ لقد تكررت عبارةلاتهتمواثلاث مرات في فقرة واحدة من العظة علي الجبل,في إنجيل متيمت6:25-34 فقال الرب:لاتهتموا لحياتكم بما تأكلون وبما تشربون ولا لأجسادكم بما تلبسونمت6:25وقالفلا تهتموا قائلين:ماذا نأكل أو ماذا نشرب أو ماذا نلبسمت6:31ثم قال أخيرافلا تهتموا للغد..يكفي اليوم شرهمت6:34. المقصود عدم الاهتمام بالماديات,أما الروحيات فلاشك أننا نهتم بها. فقال في الاهتمام بحساب النفقة في الحياة الأبدية ضاربا مثلا ببناء برج فقالومن منكم وهو يريد أن يبني برجا لا يجلس أولا ويحسب النفقة هل عنده ما يلزم لكماله لئلا يضع الأساس ولايقدر أن يكمل فيبتديء جميع الناظرين يهزأون به قائلين:هذا الإنسان ابتدأ يبني ولم يقدر أن يكملأو أي ملك إن ذهب لمقاتلة ملك آخر في حرب لايجلس أولا ويتشاور:هل يستطيع أن يلاقي بعشرة آلاف الذي يأتي عليه بعشرين الفا؟وإلا فما ذلك بعيدا يرسل سفارة ويسأل ما هو للصلحلو14:32,28وأيضا امتدح الرب وكيل الظلم,لأنه بحكمة صنع لما بدأ يفكر في مستقبله فقالماذا أفعل حتي إذا عزلت من الوكالة يقبلونني في بيوتهم؟لو16:4,3بدأ يدبر أموره بما يكفل راحته في المستقبل وعلق الرب علي ذلك بقولهوأنا أقول لكم:اصنعوا لكم أصدقاء بمال الظلم حتي إذا فنيتم يقبلونكم في المظال الأبديةلو16:9. والكتاب المقدس كله يدور علي اهتمامنا بالحياة الأبدية. أما عن المأكل والمشرب والملبس فقال الربلاتهتموا. وعبارةلاتهتمواهنا معناها:لاتحملوا هما. أي لاتقلقوا من جهة ما سوف يحدث لكم في الغد. ونحن نريد أن نركز في هذا المجال علي عدم القلق. وصية الرب إذن هي عدم القلق بسبب أمور العالم الحاضر وعدم الاضطراب من جهة الغد,أي من جهة المستقبل.. فالإنسان عليه أن يهتم ولكن لايحمل هما بسبب ذلك. فالتلميذ عليه أن يهتم بدروسه وبما يوصله إلي النجاح وإلي التفوق ولكن لايقلق بسبب ذلك ولايحمل هما فربما القلق يقوده إلي الاضطراب,والاضطراب يتعب نفسيته ولايوصله إلي هدفه في النجاح. كذلك رب الأسرة عليه أن يهتم بأنيدبر أهل بيته حسنا1تي3:4لكن لايظل مهموما بذلك لأن حمل الهم يتعب نفسيته ولايمنحه الحكمة التي يدبر بها بيته,كما يكون بهمومه قدوة سيئة للبيت ومصدر نكد. إن حمل الهم دليل علي عدم الثقة بالله كمدبر لأمورنا. لذلك قال الرب في هذا الفصل من إنجيل متي:لأن أباكم السماوي يعلم أنكم تحتاجون إلي هذه كلهامت6:32ومادام يعلم فهو بمحبته للبشر سوف يوفي جميع احتياجاتنا حتي دون أن نطلب.. هذا الذي قبل أن يخلق إنسانا أوجد له رزقه ودبر له ما سوف يأكل ويشرب ولم يدعه معوزا شيئا من أعمال كرامته كما نقول في القداس الغريغوري.. إن قلقنا وحملنا الهم يدل علي عدم إيماننا برعاية الله لنا. والكتاب المقدس في أكثر من موضع وفي أكثر من سفر يقدم الله باعتباره الراعي الصالح الذي قال عن نفسه أنا أرعي غنمي وأربضها وأطلب الضال واسترد المطرود وأجبر الكسير وأعصب الجريححز34:16,15وهو الذي قال عنه داود في المزمورالرب يرعاني فلا يعوزني شيء في مراع خضر يربضني إلي ماء الراحة يوردني يرد نفسي ويهديني إلي سبل البر لأجل اسمهمز23:3,1 إن الكتاب يعلمنا أن لانقلق من جهة المأكل والمشرب. +هوذا داود يقولكنت فتي وقد شخت ولم أر صديقا تخلي عنه ولا ذرية له تلتمس خبزامز37:25. + ولنا مثل واضح في إيليا النبي وكيف كان الله يرعاه في زمن المجاعة سواء وهو عند نهر كريث أو بيت أرملة صرفة صيدا 1مل17أو وهو هارب من وجه الملكة إيزابل1مل19 + ولنا مثل آخر في تاريخ السواح والمتوحدين:وكيف كان الله يوفر لهم الطعام والشراب وهم في برية قفرة بعيدين عن كل معونة بشرية ولنقرأ عن ذلك في سيرة أنبا بولا السائح وأبا نفر السائح وغيرهما. + وقد ذكر لنا الكتاب المقدس مثالا عمليا عن الشعب في البرية,وكيف رعاهم الله من جهة الطعام بالمن والسلوي,ومن جهة الشراب بأن فجر لهم من الصخرة ماء كما كان يقود خطاهم بالسحابة نهارا وبعمود النار ليلاخر13:21خر16:17. وليس اهتمام الله بالبشر فقط, بل بباقي الطبيعة: وهكذا يقول الرب:انظروا إلي طيور السماء إنها لاتزرع ولاتحصد ولا تجمع إلي مخازن وأبوكم السماوي يقوتها:تأملوا زنابق الحقل,أقول لكم إنه ولا سليمان في كل مجده كان يلبس كواحدة منهامت6:29,26ثم يوبخنا الرب قائلا:أفليس بالحري جدا يلبسكم أنتم يا قليلي الإيمانمت6:30. إن قلقنا إذن هو مظهر من مظاهر عدم الإيمان. وهكذا سأل الرب تلاميذه:حين أرسلتكم بلا كيس ولا مذود ولا أحذية هل أعوزكم شيء؟فقالوا لالو 22:35. إذن فالطريق الذي يسلكه المؤمن وهو غير واثق بأن الله سوف يوفر له احتياجه فيه خير له أن لايسلكه. إن لنا في تاريخنا المعاصر قصصا من إيمان في تأسيس الكنائس. بدأنا الخدمة في أفريقيا بلا كيس ولا مزود وبدون أية معونات مادية وتولي الله الخدمة كلها وزودها باحتياجاتها ونشرها. وبنفس الإيمان بدأنا الخدمة في إيطاليا في ميلانو وفي روما,بدون أية استعدادات مادية وإذا بالرب يكفل كل شيء وهو نفسه ينفق علي الخدمة ويؤسس لنا كنائس ويدبر كل أمورها. وبنفس الوضع بدأت أسقفية الخدمات من تحت الصفر بلا مقر وبلا امكانيات وتأسست وعمرت وانتشرت واستظل كثيرون تحت أغصانها وهكذا أيضا بدأت الخدمة في برمنجهام وفي أيرلندا واسكتلنده وفي البرازيل بلا شيء إلا الإيمان بأن الله سيتولي كل شيء ويقول لنا: لاتهتموا لاتهتموا بالغد الله يعلم أنكم تحتاجون إلي هذه كلها وبنفس الإيمان نذكر تعمير الأديرة والكنائس والقصص كثيرة ووراء كل كنيسة من كنائس المهجر قصة من إيمان حول تأسيسها وبنائها نود أن نجمعها وننشرها قبل أن تنسي. حسن إذن قول الرب:اطلبوا أولا ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكممت6:33يكفي أن نبدي الله محبتنا لملكوته ورغبتنا في بناء هذا الملكوت وهو يقول:لاتهتموا سأعمل لأجلكم كل شيء. إن القلق لا فائدة منه بل هو بالأكثر معطل. فالذي يقلق وينظر إلي الغد بخوف لن يعمل شيئا.. وصدق سفر الجامعة حينما قال:من يرصد الريح لايزرع ومن يراقب السحب لايحصدجا4:11كذلك البحار الذي تخوف وقلق من جهة الرياح والأمواج فلن يبحر علي الرطلاق. إن القلق يسبب الخوف والخوف يشل الحركة ويوقف العمل. لاتحملوا هما إذن ولا تخافوا ولتكن لكم ثقة في عمل الله لأجلكم واشتراكه في العمل معكم فهوذا داود النبي يقول في المزمور:إلق علي الرب همك,فهو يعولكمز55:22الرب يهتم بيمز40:17وإن تعبت في حياتك وثقل حملك عليه استمع إلي قول الرب:تعالوا إلي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكممت11:28. ليس قلقك هو الذي يريحك ولا حملك الهم سيرفع الهم عنك بل التجاؤك إلي الله واثقا بتدخله في حياتك هذا هو الذي سوف يريحك لا تضع همومك أمام عينيك فيرفعها عنك ويحملها بدلا منك ويمنحك الراحة والطمأنينة أن مشاكلك وصلت إلي يد أمينة وإلي قلب حنون. إن القلق وحمل الهم يفقدانك سلامك القلبي. هوذا الرسول يقول:الرب قريب لاتهتموا بشيء بل في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر لتعلم طلباتكم لدي الله وسلام الله الذي يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم وافكاركم في المسيح يسوعفي 4:7,5. إن الذي يقلق من جهة المستقبل يتخيل أمورا متعبة ستحدث. القلق يورثه الخوف والنظرة المتشائمة فيتخيل مشاكل ستحدث ونتائج سيئة ومكتاعب وأسوأ ما يمكن أن يصل إليه الخيال فيزداد قلقه وخوفه لأنه لايضع الله أمامه ويصبح تحت سيطرة صورة من التخيلات التي تفزعه وقد يتحول قلقه إلي حالة مرضية تجلب له أمراضا جسدية أيضا في أعصابه وضغط دمه وفي قلبه أيضا. أما إن جاء القلق بسبب مؤامرات الأعداء فلنثق بالرب. أمامنا كنز في المزامير يجيب علي ذلك إذ يقول المرتل:إن يحاربني جيش فلن يخاف قلبي,وإن قام علي قتال ففي ذلك أنا مطمئنالرب نوري وخلاصي ممن أخاف؟الرب عاضد حياتي,ممن أرتعب؟!مز 27:1,3ويقول أيضا:الرب يحفظك من كل شر الرب يحفظ نفسك الرب يحفظ دخولك وخروجكمز121:7ويتحدث عن خيراته فيقول:لولا أن الرب كان معنا,حين قام الناس علينا,لابتلعونا ونحن أحياء مبارك هو الرب الذي لم يسلمنا فريسة لأسنانهم نجت أنفسنا مثل العصفور من فخ الشياطين الفخ انكسر ونحن نجونا عوننا من عند الرب الذي صنع السموات والأرضمز124. إن موسي النبي لم يقلق وهو واقف أمام البحر الأحمر وفرعون يطارده بمركباته لكن قلق الشعب الضعيف الإيمان. لذلك طمأنهم موسي ناقلا إليهم إيمانه بعمل الله وقال لهم:لا تخافوا قفوا وانظروا خلاص الرب الذي يصنعه لكم اليوم,الرب يقاتل عنكم وأنتم تصمتونخر14:14,13. فلنتذكر أن بطرس وهو في السجن وهيرودس الملك مزمع أن يقتله كان بطرس نائما نوما ثقيلا وهو مربوط بسلستين في غير خوف ولا قلق مما سيحدث في الغد حتي إن الملاك لكزه وأيقظهأع12:7,6. إن خطية القلق وحمل الهم تحمل وتسبب خطايا كثيرة. تحمل الاضطراب والخوف وعدم الإيمان بعمل الله والنظرة التشاؤمية وعدم الاطمئنان وتعب الفكر والنفس وقد تؤدي إلي الأرق والمرض مع عدم الاستقرار النفسي وتذكرنا بقول الشاعر: كريشة في مهب الريح طائرة لاتستقر علي حال من القلق. وربما يؤدي القلق إلي حلول خاطئة غير مدروسة وكذلك إلي الاعتماد علي الذراع البشري أو إلي اللجوء إلي العرافين والسحرة كما حدث مع شاول الملك1صم28:7,5. ولما ازدادت خطية إسرائيل في العهد القديم,أسلمهم الرب إلي القلق. كما ورد في سفر أرمياء النبيأر15ك4أر24:99. وكما ورد في لعنات الناموسوتكون قلقا في جميع ممالك الأرضتث28:25 فليعطينا الرب حياة الإيمان التي نثق فيها بعمل الله معنا وبعمله لأجلنا فنطمئن ولا نقلق ولا نهتم بالغد,بل نتركه إلي الله يدبره حسب حكمته ومحبته وصلاحه. |
|