منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 17 - 02 - 2015, 07:30 AM
الصورة الرمزية sama smsma
 
sama smsma Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  sama smsma غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 8
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركـــــــات : 91,915

التغصب _ مكاريوس الكبير

التغصب _ مكاريوس الكبير

ملكوت الله يُغصب


القديس مكاريوس الكبير



المسيحيون الذين يريدون التقدم والنمو، ينبغي أن يغصبوا أنفسهم إلى كل ما هو صالح، ليتحرروا من الخطية الساكنة فيهم وليمتلئوا من الروح القدس. إن أراد أحد أن يأتي إلى الرب، وأن يوجد أهلاً للحياة الأبدية، وأن يصير مسكناً للمسيح وأن يمتلئ بالروح القدس لكي ما يستطيع أن يثمر ثمار الروح ويتمم وصايا المسيح بنقاوة وبلا عيب، يجب عليه أن يبتدئ بالإيمان بالرب بثبات، وأن يسلم نفسه كلية إلى كلمات وصاياه، ويتخلى عن العالم لكي لا ينشغل عقله بالمرة بشيء عالمي. وأن يواظب دائماً على الصلاة، وينتظر دائماً يإيمان وتوقع إفتقاد الرب وعونه، جاعلاً عقله مثبت دائماً نحوه.


ثم ينبغي أن يغصب نفسه إلى كل عمل صالح وإلى وصايا الرب كلها، وذلك بسبب الخطية الساكنة فيه. فمثلاً ليغصب نفسه إلى تواضع القلب مع جميع الناس، ويحسب نفسه أقل منهم وأردأ منهم، فلا يطلب كرامة أو مدحاً أو مجداً من أي واحد من الناس كما هو مكتوب في الإنجيل (يو 44:12). بل يضع الرب ووصاياه أمام عينه كل حين راغباً في أن يرضي الرب وحده بوداعة قلب، كما يقول الرب: "تعلموا مني أني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم" (مت 11).


وبنفس الطريقة فليعود نفسه على أن يكون رحيماً، شفوقاً رقيق القلب صالحاً بأقصى طاقة عنده. كما يقول الرب: "فكونوا رحماء كما أن أباكم رحيم" (لو 6)، ويقول أيضاً "إن كنتم تحبونني فأحفظوا وصاياي" (يو 14)، وأيضاً "ملكوت السموات يُغصب والغاصبون يختطفونه" (مت 11)، وأيضاً يقول "اجتهدوا أن تدخلوا من الباب الضيق" (لو 13).


وفوق كل شيء، ليتخذ تواضع الرب وسلوكه ووداعته وسيرته، كمثاله الدائم أمام عينيه وليحفظه في ذاكرته، وليواظب على الصلاة بمثابرة متوسلاً إلى الرب بإيمان وثقة لكي يأتي ويسكن فيه ويصيره كاملاً ويقويه في حفظ جميع وصاياه، وليصير الرب ذاته هو موضع سكنى نفسه.


وهكذا فإن الأشياء التي يفعلها الآن بتغصب وبقلب معارض، يأتي يوم حين يفعلها برضى وإرادة منه، معوداً نفسه دائماً على ما هو صالح، ومتفكراً دائماً في الرب، وينتظر الرب بمحبة كثيرة. وحينما يرى الرب تشوقه، وإجتهاده الصالح، وكيف أنه يغصب نفسه لتذكر الرب وكيف يلزم قلبه بما هو صالح حتى لو كان بخلاف رغبته، ويلزمه بالتواضع والوداعة والمحبة بأقصى طاقة عنده، فإن الرب يتحنن عليه وينقذه من أعدائه، ومن الخطية الساكنة فيه، ويملأه بالروح القدس. وهكذا بالتدريج يفعل كل وصايا الرب بالحق بدون تغصب أو صعوبة. أو بالأحرى فإن الرب نفسه هو الذي يفعل وصاياه فيه، وحينئذ يُخرج ثمار الروح القدس بنقاوة.


فمن الضروري أولاً للشخص الذي يأتي إلى الرب أن يغصب نفسه ليفعل الصلاح حتى لو كان ضد ميل قلبه، منتظراً دائماً رحمة الرب بإيمان لا يتزعزع، ويغصب نفسه إلى المحبة حينما تنقصه المحبة، ويغصب نفسه إلى الوداعة حينما لا تكون عنده وداعة، ويغصب نفسه إلى الشفقة إلى أن يكون له قلب حنون، وأن يغصب نفسه على تحمل الإزدراء وأن يحتمله بصبر، وحينما يُحتقر أو يُعير فلا يغضب كما هو مكتوب "لا تنتقموا لأنفسكم أيها الأحباء" (رو 12)، وليغصب نفسه على الصلاة حينما لا تكون له الصلاة الروحانية. وهكذا إذ يراه الله مجاهداً وغاصباً نفسه بتصميم بالرغم من معارضة قلبه، فإنه يهب له صلاة الروح الحقيقية، وينعم عليه بالمحبة الحقيقية، والوداعة الحقيقية وأحشاء رأفات وشفقة حقيقية، وباختصار فإنه يملأه بثمار الروح.


فينبغي أن يغصب الإنسان نفسه إلى كل الأشياء إن كان يريد أن يرضي المسيح ويسر قلبه، حتى أن الرب عندما يرى غيرته وعزم قلبه في غصب نفسه هكذا إلى كل الصلاح والرحمة والتواضع والمحبة والصلاة، وكيف أنه يسوق نفسه إليها جميعاً بالقوة، فإن الرب يعطيه نفسه بالكلية. الرب ذاته بالحق يعمل فيه كل هذه الأشياء بدون تعب أو تغصب، هذه الأشياء التي لم يكن يستطيع قبلاً أن يعملها حتى بتصميمه الشخصي، وذلك بسبب الخطية التي كانت ساكنة فيه. وتصير كل أعمال الفضيلة هذه طبيعية فيه، لأن الرب حينما يأتي ويسكن فيه وهو يسكن في الرب، فإن الرب نفسه يعمل فيه من أجل تتميم وصاياه بدون تعب مالئاً إياه بثمار الروح.


لذلك فكل من يريد أن يرضي الله بالحق وأن ينال منه نعمة الروح القدس السماوية، وأن ينمو ويكمل في الروح القدس ينبغي له أن يغصب نفسه إلى كل وصايا الله ويخضع لها قلبه مهما كان رافضاً، كما هو مكتوب: "لأجل هذا بازاء كل وصاياك تقومت وكل طريق شر أبغضت" (مز 119)، فكما يغصب الإنسان نفسه ويلزمها بالمثابرة في الصلاة إلى أن ينجح في ذلك هكذا بنفس الطريقة فإنه يستطيع – إن أراد - أن يغصب ويلزم نفسه بكل ممارسات الفضيلة، وينمي في نفسه عادات حسنة، وهكذا إذ يداوم على الصلاة والسؤال من الرب وبحصوله على ما يطلب، وبنواله مذاقة الله، وإذ يصير شريكاً في الروح القدس فإنه يجعل الموهبة التي منحت له تنمو وتزدهر، إذ يستريح مستقراً في تواضعه وفي المحبة والوداعة.


والروح نفسه يمنحه هذه الأشياء ويعلمه الصلاة الحقيقية والمحبة الحقيقية والوداعة الحقيقية التي كان قبلاً يغصب نفسه إليها، وكان يطلبها ويهتم بها ويتأمل فيها، والآن أعطيت له، ولأنه نما هكذا وتكمل في الله، فإنه يُحسب أهلاً أن يصير وارثاً للملكوت. لأن الشخص المتواضع لا يسقط أبداً، فإلى أين يسقط إذا كان هو تحت الكل؟ أما القلب المتشامخ فهو إنحطاط عظيم، والقلب المتواضع هو إرتفاع عظيم وكرامة ومجد. لذلك فلنغصب نفوسنا ونلزمها بالتواضع حتى ولو كان قلبنا غير راغب في ذلك، ونغصبها لكي نحصل على الوداعة، وعلى المحبة، مصلين ومتوسلين إلى الله بالإيمان والرجاء والمحبة، بلا إنقطاع، وبإنتظار وثبات، لكي يرسل روحه إلى قلوبنا حتى نصلي ونسجد بالروح والحق (يو 4).

ولنصلي حتى ما يعلمنا الروح الصلاة الحقيقية – التي لم نحصل عليها حتى الآن رغم أننا نغصب أنفسنا إليها، ويعلمنا التواضع الحقيقي الذي لا نستطيع الآن أن نصل إليه حتى بالتغصب، ويعلمنا أن نثمر بالحق شفقة بقلوب رحيمة وكل وصايا الرب بدون تعب أو تغصب، لأن الروح نفسه يعرف كيف يملأنا بثماره. وهكذا نتمم وصايا الرب بواسطة روحه – الذي هو وحده يعرف مشيئة الرب – وإذ يكملنا الروح في نفسه، وهو نفسه يكمل فينا، حينما نتطهر من كل دنس وعيب الخطية، فإنه يحضر نفوسنا طاهرة وبلا عيب كعرائس جميلات إلى المسيح. ونستريح في الله في ملكوته، ويستريح الله فينا إلى دهر الدهور.



رد مع اقتباس
 


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
القديس مكاريوس الكبير
القدّيس مكاريوس الكبير
القديس مكاريوس الكبير
مضغ اللبان _ مكاريوس الكبير
عظة الانبا مكاريوس الكبير


الساعة الآن 11:15 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024