16 - 08 - 2014, 11:31 PM
|
|
|
..::| VIP |::..
|
|
|
|
|
|
مفتاح العهد الجديد (23) ..مفاتيح دراسية للبشائر الثلاث الأولي ١٦ أغسطس ٢٠١٤
أولا: الإنجيل للقديس متي الرسول
الإنجيل وملكوت الله
يعطي الرب يسوع ملكوت الله المكان الأول في كرازته, فما يعلنه في تخوم الجليل هو بشارة الملكوت السعيدة (4:23, 9:35), يدعو مرقس هذا الملكوت ملكوت الله ويدعوه متي تمشيا مع التقاليد اليهودية ملكوت السموات وتؤدي العبارتان نفس المعني الواحد.
والمعجزات التي تصحب الكرازة تكون علامات لقيام الملكوت, كما أنها تشير مسبقا إلي مدلوله وبمجيئه ينقضي تسلط إبليس والخطية والموت علي البشر إذا كنت بروح الله أطرد (أخرج) الشياطين فقد أقبل عليكم ملكوت الله (مت12:28).
ومن هنا ضرورة اتخاذ القرار.. فلا يستطيع أحد أن يصير تلميذا ليسوع إلا إذا اتجه واعتنق طائعا مختارا ما يقتضي الملكوت.
ولقد تسلم الرسل بدورهم رسالة إعلان الملكوت هذا. ولذا فإنه بعد العنصرة يظل الملكوت حتي عند القديس بولس الرسول الهدف الأخير للكرازة الإنجيلية (أع19:8, 20:25, 28:23, 31).
وإذا ما عاني المؤمنون ألف مشقة ومشقة فإنما يحتملونها في سبيل دخول ملكوت الله (أع14:22).. لأن الله يدعوهم إلي ملكوته ومجده (1تس29:12).
ولكن من الآن فصاعدا, يضاف اسم يسوع المسيح إلي ملكوت الله, ليؤلف معه موضوع الإنجيل كاملا (أع8:12).. فلا مناص من الإيمان بيسوع المسيح لدخول الملكوت.
يمكننا أن نقول إن هناك ثلاث مراحل متتابعة ينبغي أن يملأ بها الملكوت هي:
أ- حياة يسوع الأرضية (التجسد).
ب- زمن الكنيسة المقدسة (الكرازة).
جـ- إتمام الأمور كاملة نهائيا (المجئ الثاني).
فخلال حياته الأرضية يتحفظ الرب يسوع تجاه لقب ملك إذ يجرده من ملامحه السياسية (لو23:2), ويتجاوب معه إذ يتوافق مع وعود الأنبياء (مت21:1-11).. حتي يكشف عن الملك الذي ليس من هذا العالم ويظهر بالشهادة التي تؤدي إلي الحق (يو18:36, 37).
ولكن الرب يسوع يصير ملكا ساعة الصلب ثم القيامة ثم الصعود إلي يمين الله (أع2:30-35). ولذا فإن ملك الله طوال زمن الكنيسة (المجاهدة) يمارس علي بني البشر بواسطة ملك المسيح رب العالم (في2:11) إذ أن الآب قد أقام ابنه (ملك الملوك ورب الأرباب) (رؤ19:16, 17:14, 1:5).
وفي آخر الأزمنة سيصير هذا الملك بملئه لربنا ومسيحه (رؤ11:15, 12:10), وسيتسلم المؤمنون الميراث في ملكوت المسيح والله (أف5:5).
علي هذا النحو سيتولي الله سيد كل شئ, ملكه, ملكا كاملا (رؤ19:6).
ثانيا: الإنجيل للقديس مرقس الرسول
(1) الكاتب:
هو مارمرقس الرسول أحد السبعين والذي نشأ في أسرة متدينة كان لكثير من أفرادها صلة بالسيد المسيح فأمه إحدي المريمان اللائي تبعن المسيح, وأبوه أرسطوبولس هو ابن عم (أو ابن عمة) زوجة بطرس الرسول, كما أن القديس مرقس له صلة قرابة بالقديس برنابا الرسول.
وقد ذكر القديس مرقس في مناطق كثيرة سواء أوربا أو أفريقيا ولكن أهمها مصر الذي صار كاروزا لها وعلي أرضها استشهد في الإسكندرية عام 68م بعد أن سجل إنجيله في روما غالبا عام 61م تقريبا.
(2) طبيعة الإنجيل:
النص المرقسي هو أقدم النصوص الإنجيلية لدينا, وهو أول نموذج معروف لدينا للفن الأدبي المسمي إنجيلا وهو يعتبر سلسلة من الروايات القصيرة الخالية من الروابط الدقيقة حيث تبلغ رواية الآلام ذروة الكتاب.
وبرغم أن مفرداته اللغوية قليلة وغير متنوعة, وخالية من الكلمات الفنية, إلا أنه ذو سمة تصويرية إذ يقدم الأحداث في صورة حية وبألوان زاهية, وقد وضع تلبية لحاجات الوعظ أو التعليم المسيحي أو الرد علي الخصوم أو الطقس في الكنيسة.
كما نلاحظ أن الإشارات الجغرافية في هذا الإنجيل تدل علي أن الكاتب كان يعرف تماما المعالم الرئيسية للبلاد وبخاصة أورشليم وما حولها.
(3) الملامح الرئيسية لإنجيل مارمرقس:
أ- مختصر وسريع في سرده الإنجيلي:
فهو أقصر الأناجيل الأربعة إذ يتكون من 16 أصحاحا فقط, وجميع ما رواه مرقس مروي في إنجيل متي ولوقا منفردين أو مجتمعين ما عدا فقرات قليلة, حتي إن البعض يتوهم أن إنجيل مرقس ما هو إلا مختصر إنجيل متي.
يعتبر الأقرب إلي الأحداث من سائر الأناجيل بمعني أنه مأخوذ من الواقع إذ يقدم لقطات سريعة عن حياة الرب يسوع ويقدمه في صورة الخادم المتألم, ولذا تستغرق قراءة هذا الإنجيل دفعة واحدة مدة ساعة فقط.
جاء هذا الإنجيل صغيرا في حجمه وبلا مقدمات, مركزا علي أعمال السيد المسيح أكثر من عظاته لأنه لم يكتب لرجال متدينين (كاليهود) ولا لرجال الفلسفة (كاليونان) بل للرومان رجال العمل والعنف والقوة.
وجدير بالذكر أن كلمة للوقت ترد فيه (42 مرة) بينما لا يستخدمها متي إلا (7مرات) ولوقا (مرة واحدة) وإذ كان يهتم بتسجيل أعمال المسيح أكثر مما يسجل أقواله, لذلك فليس غريبا أن نراه يتغاضي عن السنوات الأولي التي خلت من الأحداث ويفتتح إنجيله بحادثة العماد المقدس.
|