رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مفتاح العهد الجديد (21) مفاتيح دراسية للبشائر الثلاث الأولي السبت 02 اغسطس 2014 كتاب لقداسة البابا تواضروس الثاني كتب في فترة حبريته أسقفا عاما للبحيرة أولا: الإنجيل للقديس متي الرسول ب - متزايد في اقتباساته من العهد الجديد ففي افتتاحية الإنجيل يذكر عن الرب يسوع أنه ابن داود ثم استمر يقتبس من نبوات العهد القديم ما يزيد علي مائة استشهاد أو اقتباس وكثيرا ما كان يوضح النبي القائل: لكي يتم ما قيل بالنبي... (1:22, 23) و(2: 15, 17, 23). كما يبدو القديس متي أنه الإنجيلي الأكثر تشديدا علي الشريعة والعادات اليهودية حيث ملأ بشارته بشواهد تظهر أن المسيح يكمل تاريخ إسرائيل. وكان القصد من وراء هذه الاقتباسات العديدة توضيح أن كل شئ كان مركزا في العلاقة بين الله وشعبه إسرائيل.. نجده حقيقيا وصادقا ونهائيا في حياة الرب يسوع. فالرب يسوع حقا هو المتمم لجوهر الكتب المقدسة كلها. فيه تحققت كل مقاصد الله, ولذا فالتاريخ يدور حوله أو بمعني آخر فإنه هو محور التاريخ كله.. ومن ثم كان مجيئه بالجسد نقطة التحول التي انحسر عندما زمن الاستعداد ليبدأ زمن تحقيق كل الوعود والنبوات, وقد ظهر هذا الأمر بعدة أبعاد منها: الاقتباسات.. (أكثر من 130فقرة من العهد القديم) منها 43 صريحة. الرموز الكتابية.. أي التلميحات الرمزية للعهد القديم وتطبيقها علي يسوع.. فمثلا: - تجربة المسيح تشبه تجربة بني إسرائيل في البرية (سفر التثنية) - في متي 12 يصرح إن ههنا أعظم من الهيكل (مت12:6). - الرمز من يونان وسليمان (12: 41, 42). المسيح صورة الله.. فهو المسيا= المسيح= ابن داود (لقب قومي), وهو صاحب مغفرة الخطايا (26:28), وهو ابن الإنسان وابن الله, وهو ملك, الملك الحقيقي, ملك اليهود (27:11, 29, 37, 42). ج- منفرد بالحديث عن الكنيسة وعالميتها: لذا يسميه البعض الإنجيل الكنسي إذ ينفرد باستعمال كلمة كنيسة (16:18, 18:17), ويبدو حريصا علي تنظيمها وعلي الحياة الأخوية وعلي التعليم الكنسي الذي يعرضه في خمس عظات محكمة البناء وبرغم اهتماماته اليهودية الواضحة وتقديمه الإنجيل بصورة مقبولة لدي اليهود إلا أنه يقرر دائما عالمية الكنيسة المسيحية بمعني أن المسيح لكل العالم, فمثلا نراه في الأصحاحات الأولي يقدم لنا قصة المجوس (وهم من الأمم وليسوا من اليهود) في تقديم عبادتهم للطفل يسوع وهداياهم. ونراه في عمق إنجيله يوضح الأخطاء الفاضحة التي كانت سائدة في المجتمع اليهودي علي اختلاف طوائفه مثل الويلات التي صبها السيد المسيح علي الفريسيين في (متي 23). ونراه في نهاية إنجيله يقدم وصية المسيح لتلاميذه بالكرازة لكل العالم- بلا حدود- وتم بذلك تأسيس العمل التبشيري في الكنيسة المسيحية (28:19). لقد أنشأ السيد المسيح الكنيسة وهي ملكوت الله علي الأرض, فاختار الاثني عشر وأعطاهم سلطانا (10:1) وأعطاهم مفاتيح الحل والربط (16:18, 19), وأرسل تلاميذه ليبشروا جميع الأمم في كل العالم (28: 19-20). د- مهتم بالاتجاه الأخروي (الإسخاتولوجي).. Eschatolgy ويتضح ذلك بالأكثر في (متي24, 25) أكثر من الأناجيل المتشابهة الأخري حيث يذكر مجموعة من الأمثال عن موضوع المجئ الثاني, والدينونة الأخيرة, بل وينفرد ببعضها مثل (مثل العشر عذاري). وكان الهدف من ذلك هو تشجيع المسيحيين للحياة المستعدة لمجئ المسيح مرة ثانية, حيث لا نعرف اليوم ولا الساعة (25:13). وربما كان عند البعض شك في مجئ المسيح ثانية ولذا قدم لهم هذه الأمثال (كمثل.. الأمناء, والوزنات) كتشجيع وتأكيد حقيقة المجئ الثاني. وبصفة عامة يهتم بصورة الملكوت السماوي (مت10:7) لكل السالكين حسب شريعة الخلاص. ونلاحظ طريقته اليهودية في التعبير إذ لا يقول ملكوت الله بل ملكوت السموات لأن اليهود لا يتلفظون بالاسم الإلهي. كما نلاحظ أن الخمس عظات التي جمعها القديس متي الرسول من تعاليم السيد المسيح والتي تكون قلب الإنجيل فإنها تتناول موضوعا جوهريا هو الملكوت بالتتابع التالي: بر الملكوت (5-7), المنادين بالملكوت (10), أسرار الملكوت (13), وبني الملكوت (18), وما يلزم من سهر وأمانة في انتظار ظهور الملكوت في النهاية (24-25). (4) المعالجة الدراسية للنص. يمكن تقسيم النص في الإنجيل للقديس متي الرسول بأكثر من أسلوب وسوف نقترح هنا أسلوبين.. الأول.. تقسيم الإنجيل إلي ثلاثة أجزاء علي أساس تاريخي جغرافي: (1, 2) أحداث الميلاد والطفولة (3-25) التعاليم والأعمال (26-28) أحداث الصلب والقيامة ----- (3-18) في الجليل (19-25) في اليهودية مع ملاحظة أن القديس متي الرسول لم يدون أعمال السيد المسيح وأقواله كما تتابعت في وقتها, بل جمعها بحسب وحدة معانيها فقدم بعضها وأخر بعضها الآخر. الثاني.. تقسيم الإنجيل إلي ستة أجزاء ليكون بمثابة الناموس الكامل الجديد الذي يكمل نقائص التوراة القديمة 1- (ص1-2).. تقول الآية الأولي من الإنجيل كتاب ميلاد يسوع ابن داود ابن إبراهيم.., ونلاحظ هنا أن كلمة ميلاد Genealogy ويقصد بها سلسلة نسب السيد المسيح. اسم السفر الأول من أسفار موسي الخمسة هو التكوين Genesis, والذي يروي كيفية تكوين وميلاد شعب الله إسرائيل من نسل إبراهيم وقصة هروب رؤساء الأسباط إلي مصر وتغربهم فيها, لذلك ليس من غير قصد يستشهد القديس متي بآية العهد القديم من مصر دعوت ابني (هو11:1, مت2:15). 2- (ص3-7).. فيها نري التوازي بين كرازة القديس يوحنا المعمدان في البرية, وبين خروج يسوع نفسه بعد المعمودية إلي البرية ليجرب من إبليس بنفس التجارب التي تعرض لها إسرائيل القديم في برية سيناء خلال الأربعين سنة التي يقابلها الأربعون يوما التي صامها السيد المسيح, ويصل هذا التقسيم إلي قمته في العظة علي الجبل والتطويبات التي تعتبر جميعها بمثابة العشر كلمات. التي هي أساس الشريعة القديمة, والقديس متي يلفت نظرنا إلي ذلك بقوله: لما رأي يسوع الجموع صعد إلي الجبل. فلما جلس تقدم إليه تلاميذه (الأسباط الاثنا عشر الجدد) (قارن مت19:28).. سمعتم أنه قيل للقدما.. أما أنا فأقول لكم... وهذا تنبيه مقصود من السيد المسيح أننا علي عتبة شريعة أو ناموس أكمل من ناموس جبل سيناء لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء ما جئت لأنقض بل لأكمل.. إلي أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتي يكون الكل (5:17-18), ورسالة العبرانيين تقدم لهذه الشريعة الكاملة هكذا لم تأتوا إلي جبل ملموس مضطرم بالنار, وإلي ضباب وظلام وزوبعة وهتاف بوق وصوت كلمات.. بل قد أتيتم إلي جبل صهيون.. وكنيسة أبكار مكتوبين في السموات, وإلي الله ديان الجميع (عب12:8-23). إذا نحن قريبون جدا من الحقيقة حينما نقول إن العظة علي الجبل هي التفسير المسيحي للناموس المعطي علي جبل سيناء, وهذا صحيح أيضا بالنسبة للممارسات والعادات التقوية, وأساليب العبادة القديمة, حيث عاشتها الكنيسة الأولي من اليهود المؤمنين مع تعديلات أو حذف ما لم يعد ضروريا مثل.. العشور, أنواع الأطعمة المحللة والمحرمة, حفظ السبت.. إلخ, بينما.. الصلاة, الصوم, والصدقة التي هي قاعدة السلوك عند اليهود كما يظهر في أسفر (طوبيت, يهوديت, ابن سيراخ) فقد أعطاها السيد المسيح في عظته علي الجبل عمقها ومد جذورها إلي أعماق النفس البشرية, إلي ما وراء الشكل والحرف. وهكذا أيضا.. فإن التلميذ الحقيقي.. لا يكتفي بالسماع والتعليم فقط (قارن رو2:17-23) ولا بالقول.. يارب, يارب.. بل يمارس ويختبر ويعمل ويعلم بالعمل والقدوة (مت17: 21-23). 3- اللاويون الجدد (ص10).. علاقة السيد المسيح بمن يحيط به من التلاميذ, كانت ممتدة ولها سمات تعلو فوق العلاقات المألوفة بين الإنسان والجماعة. لقد اختار بنفسه تلاميذه الاثني عشر, ولهذا مغزي عميق بالنسبة لليهود.. لقد كان يشحذ انتباههم إلي ما ستثيره الكرازة باسمه من انفصام في الأمة اليهودية, هو انفصام جذري يمس العلاقات المتوارثة من جيل إلي جيل لتعيد صياغتها من جديد, إنهم سيكونون هم نواة شعب الله الجديد. فلذلك أمدهم بقوي روحية فائقة قادرة علي إخراج الشياطين وشفاء أمراض, وتطهير برص. لكن في المقابل أعلن لهم أنه ستنتظرهم اضطهادات وآلام تبلغ حد الموت, لأنهم مثل حملان وسط ذئاب.. لماذا؟ هل هذه هي نتيجة الكرازة بالخبر السار والخلاص؟ الحقيقة أن بشري الإنجيل والخلاص تحمل كضرورة حتمية بدء الدينونة فالخلاص والدينونة ليسا عملين منفصلين للمسيح, بل هما محصلة نشاط وفاعلية العمل الواحد الذي أكمله الرب يسوع فالأصحاح العاشر من إنجيل القديس متي هو خطاب موجه للتلاميذ إعدادا لهم لانفصالهم عن الأهل والأقرباء واستعدادا للموت كل لحظة. فالذي يهتم بالكرازة لابد أن يترك كل شئ ويجحد كل شئ حتي نفسه أيضا. وهذا ما اصطلح علي تسميته بـالنسك الإنجيلي عند اللاويين الجدد فالذي يقبلهم يقبل المسيح, ومن سقاهم كأس ماء بارد لا يضيع أجره, ومن رفضهم حكم علي نفسه بالدينونة المرة.. حيث سيكون لسدوم وعمورة يوم الدين حالة أكثر احتمالا مما لمدينة الرافضين. هذا هو المقابل في العهد الجديد لسفر اللاويين القديم. |
|