رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الرعاية (21) معرفة الطقس بقلم : قداسة البابا شنودة الثالث ينبغي علي الكاهن أن يكون ملما بطقوس الكنيسة. وإن لم يكن يعرف,فلا مانع من أن يسأل,أو أن يرجع إلي الكتب الموثوق بها ويدرس. ولا يليق بسبب عدم المعرفة,أن يقع في خطأ,يمسكه عليه أحد العلمانيين,أو يفقد الثقة به لهذا السبب.أو أن يكون هذا الخطأ يمس تقاليد الكنيسة وقوانينها. ولا يجوز للكاهن أن يعتمد علي مجرد معرفته الخاصة ويخطئ. كأن يأتي بشئ جديد غير مألوف,أو يبتدع طقسا من عندياته,أو أن يضيف كلمات من عنده إلي صلوات الكنيسة الطقسية,أو يترجم صلوات الكنيسة ترجمة خاصة به حسب مفهومه الخاص,أو أن يصلي بقداس لا تستعمله الكنيسة. والأسوأ من هذا أن يعلم الناس حسب مفهومهم الخاص. إن الطقس قد وضعه آباء قديسون قدامي.ونحن جميعا أمناء عليه.وليس من حق الكاهن أن يغيره أو يضيف عليه. حق الإضافة هو للمجمع المقدس وحده. هو المؤتمن أمام الله والكنيسة علي طقوس الكنيسة وتقاليدها وعقائدها.وإذا كان كل كاهن يمكنه أن يغير في الطقوس حسب مفهومه الخاص,ستفقد الكنيسة وحدة التعليم فيها,وتحدث بلبلة واختلافات بسبب ذلك. والكاهن الذي يفهم الطقس,يستطيع أن يصلي بروحانية أعمق. لأن كل حركة من حركاته,وكل عمل من أعماله,وراءه معني روحي يفهمه من روح الطقس وهدفه... الأب الكاهن وروحانية الطقوس روحانية الطقس تترك تأثيرا في النفس.ولذلك حتي إن لم يلق الكاهن عظة أثناء القداس,فإن مجرد روحانيته في أداء الطقس,تترك تأثيرها في نفوس الحاضرين في الكنيسة... صلاته من عمق قلبه,تؤثر في القلوب أكثر من العظة. يعجبني ما قيل عن إيليا النبي إنه:صلي صلاة,أن لا تمطر السماء فلم تمطر (يع5:17).فإن كان لصلاته هذا التأثير القوي في السماء,فكم يكون تأثيرها علي الأرض.إنه صلي صلاة,ولم يصل كلاما...صلاة بكل ما تحمل كلمة صلاة من معني...صلاة تحمل معني الصلة بالله.فيها العمق,وفيها الفهم والقصد... إن مجرد تحركات الكاهن في الكنيسة,لها تأثيرها أيضا. طريقة مشيه,ركوعه,سجوده,رفع يديه إلي فوق,لهجة صوته في الصلاة...الكاهن الذي يدخل إلي الكنيسة في خشوع,في خوف من الله,ويركع أمام الهيكل في رهبة وهو يقول:أما أنا فبكثرة رحمتك أدخل إلي بيتك,وأسجد قدام هيكل قدسك بمخافتك (مز5).ثم يفتح الستر مصليا,ويركع أمام المذبح في خشوع,ويقف وينحني مقبلا المذبح,ثم يبدأ الصلاة... حركة الكاهن أيضا,وهو يرفع البخور مارا وسط الشعب. وهو يقول من كل قلبه:بركة بخور باكر...بركة بخور البولس,تكون مع جميعكم...فيشعر الناس ببركة البخور وفاعليته,ويتهافتون عليه...ذلك أن الآب الكاهن يرفع البخور,تماما كما يرفع الصلاة....وفي العهد القديم كان هناك مذبح يسمي مذبح البخور مغشي بالذهب (خر37:16,25).يعتبر البخور عليه ذبيحة مقدمة إلي الله عن الشعب... إذن يرفع الكاهن البخور,وهو واثق من قوة البخور وفاعليته: كما رفع هرون البخور,فامتنع الوبأ الذي ضرب الله الشعب به فامتنع الوبأ,وتوقف غضب الله علي الناس (عد16:44-50). هذا البخور الذي قيل عنه في سفر الرؤيا إن ملاكا وقف عند المذبح ومعه مبخرة من ذهب,وأعطي بخورا كثيرا لكي يقدمه مع صلوات القديسين جميعهم علي مذبح الذهب الذي أمام العرش.فصعد دخان البخور مع صلوات القديسين من يد الملاك أمام الله (رؤ8:4,3). نعم,هذا البخور الذي أمر الله أن يكون بخورا عطرا (خر30:35) (خر37:29),تصعد رائحته الذكية أمام الله... ما مدي خشوع الكاهن وهو يرفع البخور؟ وما مدي ثقته بفاعلية هذا البخور وهو يقدمه؟ بهذا القياس يكون تأثيره الروحي وهو يرفع البخور,ويكون أيضا تأثيره الروحي أثناء رفع البخور...نفس الوضع أيضا وهو يبخر أمام الأيقونات,طالبا شفاعة القديسين الذين يبخر أمامهم.بأي عمق يفعل ذلك؟ وبأي روح؟ المشكلة إن بعض الآباء الكهنة يظنون أن هذا التبخير مجرد واجب يؤديه,مجرد طقس أو نظام كنسي دون أن يدخل إلي عمق روحانيته.سواء في الأواشي,أو أمام الأيقونات,أو أمام الإنجيل!! كذلك طريقة صلاة الكاهن:هل هي بسرعة أم ببطء,دمجا أم بلحن؟ بفهم وعمق,أم بغير فهم ولا عمق؟! كثيرا ما يكون الكاهن في عجلة,يريد أن ينتهي من القداس بسرعة,فيصلي لكي ينتهي في الموعد الذي يريده,دون أن يعني ما يقوله أثناء الصلاة,وسرعته تحث الشمامسة والمرتلين علي نفس السرعة... وهناك ألفاظ يقولها,وربما لا يقصدها أو لا ينفذها! مثال ذلك في أوشية الإنجيل:يقول:اذكر يارب الذين أمرونا وأوصونا,أن نذكرهم في صلواتنا وتضرعاتنا التي نرفعها إليك... فهل في ذلك الوقت يذكر في ذهنه أو يتذكر أولئك الذين قد أوصوه أن يذكرهم؟ يقول أيضا في نفس الأوشية المرضي اشفهم.والذين سبقوا فرقدوا,يارب نيح نفوسهم...فهل أثناء هذه الصلاة,يذكر في ذهنه أمام الله بعض أسماء المرضي أو الراقدين؟ لابد أن يدرك الكاهن مسئوليته عن الناس أثناء القداس: إنه لا يصلي فقط عن نفسه,كما يصلي أي إنسان في صلاته الخاصة,إنما هو يصلي بالأكثر عن شعبه كله وعن الكنيسة.إن الآباء كما يقول القديس بولس الرسول:وكلاء سرائر الله والمطلوب من الوكيل أن يكون أمينا (1كو14:2,1). إذن ما عمل الكاهن ++++ل,أثناء صلواته الطقسية؟ هو وكيل لله أمام الناس,ووكيل عن الناس أمام الله... استأمنه الناس أن يرفع صلواتهم وطلباتهم ويقدمها أمام الله...كل الناس,من كل نوع,وفي كل حالة من الاحتياج...يرفع الصلوات عنهم بصفة عامة وبصفة خاصة.كما يقول البعض للأب الكاهن:اذكرني يا أبانا في القداس.اذكر موضوعي الفلاني ومشكلتي الفلانية.وهو هنا,++++ل عن الناس,مفروض أن يذكر الكل في احتياجاتهم وهنا نسأل: ما مدي أمانة الكاهن في تقديم احتياجات الناس إلي الله؟ كم ينسي الكاهن أشخاصا يعتمدون كثيرا علي صلواته! ويظنون أنه مهتم تماما بمشاكلهم مثل اهتمامهم هم بها! بل قد تصل بهم الثقة أنهم يحسبونه يجاهد مع الله جهادا من أجلهم! فهل يخيب ظنهم؟ إن صلاة القداس هي أقدس صلوات الكنيسة.وحسن أن يجمع الأب طلبات الناس,ويعرضها أمام الله في صلواته أثناء القداس,بكل عمق,وبكل اهتمام.ويتابعها مع الله أيضا في كثير من صلواته الخاصة. نقطة أخري في صلوات الطقس,وهي تواضع الكاهن. لعل ذلك يظهر منذ البداية في صلاة الاستعداد التي يقول فيها:أنت يارب تعلم أني غير مستحق ولا مستعد ولا مستوجب لهذه الخدمة المقدسة التي لك.وليس لي وجه أن أقف وافتح فاي...بل بكثرة رأفتك اغفر لي أنا الخاطئ.وامنحني أن أجد نعمة ورأفة في هذه الساعة.... فهل هذا هو شعور الكاهن من بداية القداس؟ وهل يصحبه هذا الشعور طوال صلاة القداس؟ إنه أيضا بعد تقديم الحمل يقول:أعط يارب أن تكون هذه الذبيحة مقبولة عن خطاياي وجهالات شعبك.فهل يشعر فعلا أنه يقدمها أيضا عن خطاياه؟ وهل يذكر ذلك وهو يغسل يديه قبل القداس ويقول:انضح علي بزوفاك فأطهر,واغسلني فأبيض أكثر من الثلج مع باقي الصلوات. وهل هو أيضا يذكر ذلك وهو يضرب المطانية قبل البدء في قداس القديسين ويقول:أخطيت حاللوني وسامحوني...؟ وهل يذكر خطاياه أيضا,وهو يكرر أكثر من مرة أن تكون خدمته بغير وقوع في دينونة. وهل هو يعترف من كل قلبه وهو يقول قرب نهاية القداس: اذكر يارب ضعفي أنا الخاطئ,واغفر لي خطاياي الكثيرة,وبسبب خطاياي ونجاسات قلبي,لا تمنع شعبك نعمة روحك القدوس...؟ لاشك أن صلوات الكاهن الخديم باتضاع وانسحاق قلب,تترك تأثيرها العميق في نفوس الناس,وتكون أمثولة لهم وقدوة... كذلك عمقه الروحي أثناء رشم الصليب,ومباركة الناس. سواء ذلك أثناء رشم الشعب كله بعلامة الصليب,أو في رشم شخص معين,أو في منح البركة للكل,أو في رشم القربان المقدس... أمران مهمان يضعهما الكاهن في قلبه ونصب عينيه,وهما: إيمانه الكامل بقوة علامة الصليب وفاعليتها.وثانيا:اتضاعه الشخصي أثناء الرشم بعلامة الصليب,شاعرا أن البركة ليست منه هو,بل من الصليب.وأنه ليس مانح البركة بل موصلها... ويزداد هذا الشعور عمقا,وهو يرسم الحمل المقدس بعلامة الصليب,ويقول وباركه...فليس هو الذي يبارك الحمل برشم الصليب بيده عليه.إنما ذكر عبارة أخري يقول فيها:يا الذي بارك في ذلك الزمان,الآن أيضا بارك.... وينبغي أن يكون رشمه لعلامة الصليب,بتؤدة ووقار وخشوع وجدية...لأن البعض لا يرشمون الصليب بهذه الجدية. إن الشعب يدرك تماما الحالة التي يتلقي فيها الرشم بروحانية يحس فيها القوة التي ينالها من رشم الأب الكاهن له. كذلك ينبغي أن يهتم الأب الكاهن بالصلوات السرية التي يتلوها أثناء القداس الإلهي. أثناء صلوات سرية لا يسمعها أحد,ولكن الله يسمعها.ويجب أن يقولها الكاهن بفهم وعمق,ويقدس كل كلمة منها. منها الصلوات التي يقولها طالبا تأثير القراءات علي الشعب,كقراءة البولس أو الأبركسيس,أو الصلوات الخاصة بقراءة الإنجيل المقدس.ومنها صلوات سرية يقولها قبل الاعتراف الأخير.كذلك صلوات يصليها وهو يدور حول المذبح...كلها ينبغي أن تكون من عمق قلبه. ما أهم مشاعر الأب الكاهن,وهو يصلي الأواشي: سواء الأواشي التي يقولها خارج الهيكل,أو من علي المذبح؟ تصوروا حينما تصلي (أوشية السلامة) من أجل الكنيسة يصليها جميع الآباء الكهنة,في جميع الكنائس,في كل أنحاء الكرازة,من أجل سلامة الكنيسة من أقصاء المسكونة إلي أقصايها... ماذا يكون مفعول هذه الصلاة,إن صلاها الآباء بعمق من كل قلوبهم,وبتضرع صادق أمام الله,وتجاوب الشعب كله معهم,قائلين أيضا من عمق قلوبهم:يارب ارحم...ألا يستجيب الله لكل هؤلاء؟...أم أن البعض -للأسف الشديد- يظن أن الصلوات الطقسية مجرد روتين ونظام,وتلاوة محفوظة,وألحان...؟! لاشك أن الصلوات الطقسية,حينما يصليها الكهنة والشعب بروحانية وعمق,تقتدر كثيرا في فعلها (يع5:16). يكون لها تأثيرها في السماء,وعلي الأرض. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الرعاية (20) طريقة اختيار الكاهن الجديد |
الرعاية (19) الكاهن الروحي بعيد عن الغضب والنرفزة |
الرعاية اللطف وليس العنف |