رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
شهداء ليون شُهداء ليون عام 177 م: ”The Martyrs of Lyons“ في صيف 177 م حدثت واحدة من أفظع الضيقات في تاريخ الكنيسة الأُولى، وقد حُفِظَت لنا هذه القصة، في التاريخ الكنسيليوسابيوس القيصري (الكِتاب الخامِس في الفصول من 1 – 3).. وهذه الضيقة بسبب ما تصِفه من بساطة وإخلاص وقبول عذابات مُرعِبة جزءًا لا يُضارع في تاريخ الكنيسة. وهذه رسالة كنيسة ليون التي تتحدث عن أعمال شُهدائها:- ”كانت تقودنا نعمة الله إلى ساحِة الجهاد والاستشهاد، وعندما تتحدث عن أحد شُهداء ليون الجديرين بالإعجاب يُدعى يونتيسيوس، نقول: أنه وصل إلى مِلء المحبة من نحو الله ومن نحو القريب، أي من نحو الآخرين أيَّا كانوا، لقد بلغ إلى كمال حقيقي في أسلوب حياته، حتى أنه، بالرغم من حداثته، قد حقَّق المثل الأعلى، يسير في كل طريق ووصايا الله وأوامره دائِمًا بلا لوم، مُبادِرًا بلا كلل إلى خدمة القريب، مُتقِدًا بالغيرة في بذل حياته كلها لله حارًا بالروح... وبقية الشُهداء ظلوا راسخين في الإيمان غير مُتزعزعين رغم شدة العذاب وتنوعه " هؤلاء، فإنَّ الذي خفَّف من وطأة الألم عليهم فرحِة الاستشهاد ورجاء المواعيد المُنتظِرة ومحبتهم للملك المسيح وللروح الباراقليط "“. وفي الواقِع لم يكن الشُهداء بلا افتقادات من النعمة الإلهية بل كان الروح القدس لهم مُشيرًا... حتى أنَّ أسقف طاعِن في السِن (بوثين) بالغ من العُمر تسعين سنة، كان جسده يدِب فيه الذُبول بسبب الشيخوخة، لكن السيِّد المسيح حفظ روحه قوية لينتصِر في حرارِة الروح ورغبة الاستشهاد... والعبدة الضعيفة الواهية بلاندينا أخمدت بشجاعة أولئِك الذين كانوا يتناوبون على تعذيبها بكل نوع من الصباح حتى المساء، حتى أنهم أنفُسهم أقرُّوا أنهم هُزِموا، لكن هذه المُطوبة وكأنها بطل شديد البأس، داومت على الجهر باعترافها بالإيمان مرة أخرى مُتشدِّدة بينبوع الماء السمائي المُحيي الخارِج من جنب المسيح.. وكان جسدها الجدير بالشفقة شهادة حيَّة لما حدث، ومع هذا كان المسيح الذي يتألَّم فيها يعمل الأعاجيب الكبيرة، مع أنها عبدة ضعيفة مُزدرى بها، إلاَّ أنها توشحت بالمُصارِع الذي لا يُقهر ربنا يسوع المسيح، فرحة مُتهلِلة كمدعُوة إلى حفلة عُرس وليس للإلقاء للوحوش في حديث مُتبادِل مع رب المجد، فصارت لإخوتها كعِظة صامتة.. ولا يمكن لمرور الزمان أن يحجِب مجد شُهداء ليون، بل وتُعتبر بلاندينا Blandina من بطلات الاستشهاد في العالم كله، وكان الشُهداء يقبلون التعذيب الجسدي على أنه أمر طبيعي، سواء ألقوا بهم في حجرات السجن المُظلِمة القذِرة، أو أمام هدير صيحات الجمهور الغاضِب في المُدرجات الرومانية. ويروي أحد الناجين عن الشماس سانكتوس Sanctus، أنَّ أوصاله كانت تحترِق، ولكنه لم ينحنِ ولم يخضع لأنه كان يتقوى بالنبع السمائي، نبع ماء الحياة النابِع من جسد المسيح، وهكذا كان الأمر مع باقي الشُهداء. وتُعتبر رسالِة ليون من أشهر ما كُتِب في الأدب المسيحي، فقد جعلت للشُّهداء طغمة مُنفرِدة، وكان الموت فقط هو ما يجعل المسيحي شهيد كامِل Perfect Martyr، ورفض الشُهداء أن يُلقبوا بلقب ”شهيد“ قبل أن ينالوا إكليل الشهادة، وكانوا ينظُرون لأنفُسهم على أنهم مجرد مُعترِفين حقيرين Humble Confessors لأنهم لم يُكمِّلوا شهادتهم بعد، وقد أفصحت نهايِة الرسالة عن الوداعة والاتضاع والحب الذي تحلَّى به هؤلاء البَرَرَة: ”ولكن إذا ما دعاهم أحد "شُهداء" سواء في رسالة أو خُطبة كانوا يُوبخونه، لأنهم كانوا يُقدِّمون لقب الشهادة فقط للمسيح الشهيد الصادِق الأمين، الحقيقي وحده، البِكر من الأموات، رئيس الحياة وملك الدُّهور، وكانوا يُذكِّروننا دائِمًا بالشُهداء الذين أكملوا شهادتهم فعلًا، ويقولون: ”هؤلاء هم شُهداء فعلًا، الذين تعطَّف المسيح ومنحهم أن يضُمهم إليه عند اعترافهم، بعد أن خُتِموا ودمغوا شهادتهم بخِتم رحيلهم من العالم، لكننا نحن مُعترِفون ذليلون وحقيرون“.... وكان شُهداء ليون يترجون الأُخوة بدموع طالبين منهم أحر الصلوات من أجل تكريسهم ونذرهم وإتمام شهادتهم وكمالها، وقد أظهروا فعلًا قُوَّة الشهادة، وكانت شجاعتهم باسِلة أمام الوثنيين، مُعلِنين نُبلهُم وشجاعتهم بتحمُّلهم وعدم خوفهُم... ولكنهم في ذات الوقت كانوا يرفُضون لقب " شهيد " لأنهم كانوا مملوؤن من خوف الله“. والخشبة التي رُبِطت إليها بلاندينا في المُدرج شُبِّهت لعينيها بالصليب، ورأى المُعترِفون بأعينهم الخارجية في مشهد آلام بلاندينا، السيِّد الذي صُلِب من أجلهم... أمَّا بلاندينا فرأت مجد الفردوس عيانًا... |
|