رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مفتاح العهد الجديد (9).. زمن أسفار العهد الجديد ثانيا: الوضع الجغرافي والاجتماعي ..أورشليم السبت 10 مايو 2014 كتاب لقداسة البابا تواضروس الثاني كتب في فترة حبريته أسقفا عاما للبحيرة ترتفع أورشليم 2600 قدم عن شاطئ البحر 3875 قدما عن البحر الميت, وتبعد عنه 15 ميلا فقط, وهي مدينة مقدسة لليهود والمسيحيين والمسلمين. ومع أن اسمها يعني مدينة السلام فإنها غالبا ما كانت ساحة حرب لكثير من الأمم والديانات, ومنذ تنبأ يسوع بخرابها, وانتقل الحكم فيها من ديانة إلي أخري أكثر من تسع مرات, ولقد حصرت عشرين مرة علي الأقل في الثلاثمائة سنة الماضية, وفي كل مرة تقريبا كان خرابها عظيما بما أجبر أصحابها علي بنيانها من جديد, وقد بقيت مرتين علي الأقل حقبة طويلة في حالة الخراب: أولا بعد أن خربها نبوخذ نصر الثاني حوالي سنة 586 ق.م, وثانيا بعد أن استولي عليها هدريانوس حوالي سنة 132م. ومن المستحيل اليوم إعادة بناء كنيسة القدس أو الهيكل الذي كان موجودا في أيام السيد المسيح بنيانا كاملا لأن وديان أورشليم قد ملأتها أيدي الأعداء بأتربة التلال التي كانت تحيط بها وبخراب الشوارع والبناء الذي كان فيها, ولقد تحققت نبوءة يسوع عن خراب الهيكل سنة 70م. عندما استولي تيطس علي أورشليم وهدم هيكلها ودك أسوارها وحصونها. وبعد الثورة الناجحة التي قام بها بارخوشيا حوالي سنة 132م. خرب الإمبراطور الروماني هدريانوس المدينة تخريبا كاملا وقامت فوق خرابها مدينة وثنية جديدة باسم أبيلية كابيتولينا مملوءة بالهياكل والمزارات الوثنية. ولم يسمع عن أورشليم إلا القليل جدا في المائتي سنة التي تلت هذه الحوادث حتي أمر قسطنطين سنة 326م الأسقف اليوناني مكاريوس أن يكشف عن المكانين اللذين صلب المسيح فيهما ودفن. فبنيت عندئذ كنيستان عظيمتان, إحداهما تدعي كنيسة القبر المقدس قامت في نفس المكان الذي تقوم فيه سميتها الآن, والأخري كنيسة الصلب التي لا تجد لها أي أثر اليوم. ولقد افتتح الفرس المدينة سنة 614م. وعاد هيراقليوس فاستولي عليها سنة 629م. وبعد ثماني سنوات من ذلك دخلها المسلمون وبقيت في حوزتهم حتي استولي عليها الصليبيون وبقوا فيها 88 سنة إلي أن طردهم منها صلاح الدين الأيوبي سنة 1187م. وقد وضعت جامعة الأمم فلسطين بعد الحرب الكبري الأولي تحت الانتداب الإنجليزي, هذ الانتداب الذي انتهي سنة 1949م. ولقد بني سليمان القانوني سنة 1542م الأسوار الحالية التي تضم أورشليم القديمة, فبقيت كما هي حتي سنة 1858م حين بدأ ببنيان أورشليم الحديثة التي امتدت اليوم وأصبت تشغل خارج الأسوار, مساحة تفوق بكثير مساحة المدينة الموجودة في داخلها, ومنذ سنة 691م أدخل المسلمون الصخرة- التي يظن أنها كانت قسما من هيكل سليمان ومن الهيكل الثاني الذي بناه عزرا ونحميا- إلي الحرم المقدس وفيه الصخرة لذي بناه أولا عبد الملك سنة 691م وقد زيدت مبانيه بالتتابع فيما بعد. وإن الحجارة التي حطمتها وفتت أطرافها هجمات الأعداء الكثيرة التي سددت نحوها والتي بواسطتها أعيد اليوم بناء أسوار أورشليم, نعم إن هذه الحجارة نفسها تصرخ مع المسيح قائلة كما فعلت منذ أكثر من تسعة عشر قرنا: إن أورشليم مدينة السلام لم تتعلم بعد ما هو لسلامها!. الناصرة- حيث تربي يسوع. تقع مدينة الناصرة في الجليل الأسفل شمال فلسطين ولم تذكر كلمة ناصرة في العهد القديم أو في التلمود أو في كتابات يوسيفوس المؤرخ ولذلك فهي لا تحظي بأي اهتمام بالنسبة للشعب اليهودي أما في العهد الجديد فقد ذكرت الناصرة 29 مرة وأول إشارة لها في الكتب التاريخية جاءت في كتابات يوليوس الأفريقي (170-240م) ونقلها عنه يوسابيوس القيصري. معني كلمة ناصرة: كلمة ناصرة تأتي في الأصل العبري من اسم فرع الشجرة أو الغصن, ولكن ليس بمعني الأعضاء الملازمة لحياة الشجرة من أولها بل الغصن ثانوي ضعيف ينبت جانبيا من قرب الجذر, واسمه بالعربية مرادف تماما للاسم العبري نسر وهو في العبري نتسر أو نتزر. الناصرة في العهد الجديد: ومدينة الناصرة هي موطن العذراء مريم والقديس يوسف وهي المكان الذي تربي فيه السيد المسيح (لو2:39) منذ طفولته حتي بدأ خدمته في سن الثلاثين, ولذلك دعي النبي الذي من ناصرة الجليل (مت21:11, أع10:38), كما أن تلاميذه لقبوا أيضا بالناصريين (أع 24:5) وهكذا دعي بولس الرسول مقدم شيعة الناصريين والملاك الذي بشر النسوة بقيامة الرب قال لهن: أنتن تطلبن يسوع الناصري المصلوب (مر16:6), والرب نفسه استخدم هذا اللقب عندما ظهر لشاول في الطريق من أورشليم إلي دمشق (أع 22:8). أما عن شعب الناصرة فقد رفضوا تعاليم السيد المسيح بل حاولوا أن يطرحوه من أعلي الجبل (لو4:17-28, مت13:54-58, مر6:16). والناصرة كانت مدينة غير معروفة حتي أن نثنائيل عندما دعاه فيلبس ليري المسيا الذي كتب عنه موسي لم يتخيل أنه من الممكن أن يخرج من الناصرة شئ صالح (يو1:46). ويدعي ناصريا واللقب الذي ارتضي أن يتخذه المسيح لنفسه بحسب النبوة هو لقب يفيد الضعف والاتضاع: ويدعي ناصريا, وهذا اللقب هو نفس اللقب الذي به دعي تلاميذه, وهو تعبير عن المسكنة. وهكذا لم يختر المسيح المذود مسقطا لرأسه فقط بل اختار الناصرة أحقر المدن ليعيش فيها ثلاثين سنة من حياته! ولكن أي فخر للناصرة التي صارت لقبا لشعوب برمتها ولأعظم ملوك الأرض طرا. وهكذا نصيب كل ما هو حقير وكل ما هو مزدري به وكل تافه وكل مسكين إن هو صار من نصيب الرب! ألم يصير المذود والصليب وجماعة صيادي السمك كلهم إلي هذا المجد عينه!. أما النبوة التي يشير إليها متي الرسول في هذا الشأن فهي واردة في إشعياء النبي: ويخرج قضيب من جذع يسي, وينبت غصن من أصوله (إش 11:1), وقبلها مباشرة يصف إشعياء كيف أن الرب سيقطع أولا الأغصان كلها فلا يبقي إلا أصل الساق وحدها, ثم ينبت من هذا الأصل عبدي الغصن (زكريا3:8). هوذا السيد رب الجنود يقضب الأغصان برعب (بقسوة- أي من أصلها), والمرتفعو القامة يقطعون, والمتشامخون ينخفضون (إش10:33). أما إرميا النبي فيوضح هذا الاسم أو هذا اللقب ويقصره علي المسيح شخصيا هكذا: ها أيام تأتي, يقول الرب, وأقيم لداود غصن بر, فيملك وينجح ويجري حقا وعدلا في الأرض (إر23:5), أما زكريا فيجعل اسمه وليس لقبه فقط هو الغصن, وبذلك يكون أقرب من أنبأ باسم الرب ولقبه أن يدعي ناصريا. هوذا الرجل الغصن اسمه, ومن مكانه ينبت, ويبني هيكل الرب, فهو يبني هيكل الرب وهو يحمل الجلال ويجلس ويتسلط علي كرسيه, ويكون كاهنا علي كرسيه (زك6:12-13). ويلاحظ أن في هذه النبوة ينكشف مصدر القول النبوي الذي قاله المسيح عن نفسه: أنقضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة أيام أقيمه(يو2:19), كذلك لا يفوتنا هنا أن نذكر أن المسيح الغصن أو الناصري قال أيضا: كل غصن في لا يأتي بثمر يقطعه, وكل ما يأتي بثمر ينقيه ليأتي بثمر أكثر (يو15:1) وفي هذا التعبير العبري الإنجيلي بحسب أسلوب القديس متي الرسول: تقرأ هكذا: كل ناصري في! أي كل نتسر في!. الناصرة في العصر الحالي: وتقع مدينة الناصرة الحالية في نفس مكان الناصرة القديمة وهي تبعد حوالي 15 ميلا من بحر الجليل وحوالي عشرين ميلا من البحر المتوسط, وهي إلي الشمال من أورشليم بحوالي 64 ميلا وتطل علي سهل يزرعيل حيث يمر الطريق الرئيسي لفلسطين من الشرق للغرب, وعبر هذا السهل مرت جيوش الغزاة في العصور السالفة لتحتل شعوب المنطقة, وكان من نتيجة ذلك إنه كان في زمن العهد الجديد ثلث سكان الجليل فقط من اليهود وكان معظم السكان في أيام المسيح خليطا من أجناس مختلفة يغلب عليهم النمط اليوناني في الحياة. ووجود آثار معابد يونانية وأخري وثنية في الجليل تشهد علي الحياة الدينية المختلطة في هذه المنطقة. وفي أثناء العصر الروماني كانت مدينة سيفوريس Sepphoris الواقعة علي بعد أربعة أميال من الناصرة تمثل عاصمة الجليل, ومن المحتمل أن يكون السيد المسيح قد قام بزيارة العاصمة المحلية وشاهد تأثير الحضارة اليونانية والرومانية في إيمان الآباء. وكان من نتيجة الاكتشافات الأثرية أخيرا عند Sepphoris أن أزيلت الأتربة عن مدرج Amphitheatre وبازيليكا من القرن الثاني. ومن أشهر الأماكن الأثرية بالناصرة الآن بئر مريم ومكان البشارة ودكان يوسف النجار والمجمع حيث تعلم السيد المسيح, وكنيسة الجرف. وتضم الناصرة الآن كنيسة قبطية وأخري لليونان الأرثوذكس كما أن بها عدة كنائس وأديرة كاثوليكية وكنائس ومعاهد بروتستانتية. وبقدر ما لهذه الأماكن الآن من مكانة خاصة, فإنها لم تحظ بتكريم المسيحيين حتي عصر الملك قسطنطين (366م) عندما أعلنت الملكة هيلانة أن هذه الأماكن مقدسة. كما يذكر القديس إبيفانيوس أن قبل عصر قسطنطين لم يكن يسمح لغير اليهود بالسكني فيها (ولذلك كان عدد المسيحيين قليلا قبل عصر قسطنطين إذ اقتصر علي بعض العائلات المسيحية). بئر مريم: مكان واحد ليس عليه جدل وهو بئر مريم الموجود- في كنيسة البشارة لليونان الأرثوذكس, المسماة كنيسة الملاك جبرائيل- وبما أنه البئر الوحيد في الناصرة, فمن المحتمل أنه كان مصدر المياه في أيام السيد المسيح. وفي أيامنا هذه فإن المياه تدفع في أنابيب إلي بئر موجود علي الطريق الرئيسي والذي غالبا ما يعرف- بطريق الخطأ- أنه بئر مريم ولم تشيد أي كنيسة فوق البئر حتي العصر البيزنطي (ما بين القرنين الرابع والسادس), ومن المحتمل إن اختيار هذا المكان علي أنه مكان بشارة الملاك للقديسة مريم يعتمد علي إحدي الكتابات المنسوبة للقديس يعقوب (من الأبوكريفا) والذي ينص علي أن العذراء سمعت بشارة الملاك أولا عند بئر الناصرة. وقد بنيت كنيسة اليونان الأرثوذكس الحالية في نهاية القرن الثامن عشر فوق مكان كنيستين سابقتين إحداهما بيزنطية والأخري في العصور الوسطي في زمن الصليبيين. بازيليكا البشارة: مكان آخر لظهور الملاك للعذراء هو بازيليكا البشارة, وقد اكتمل هذا البناء علي 1955م فوق آثار كنيسة بنيت عام 1730م بواسطة الرهبان الفرنسيسكان, وهذه فوق بقايا كنائس بيزنطية ومبان صليبية, وتمثل بازيليكا البشارة بقبتها الهندسية المغشاة بالنحاس أكبر صرح مسيحي في فلسطين. |
|