منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 03 - 05 - 2014, 06:33 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

إلصاق تهمة مقتل هيباتيا بالبابا كيرلس عمود الدين

وعلى عكس المسيحيين الذين صورهم شيطانه أو عزازيله، لم يمكنه إلهه المألوه أن يتغلب عليه، ووضعهم كأشرار الرواية، والكنيسة التي صورها له عزازيله الشرير بالشيطانية المتخلفة! فقد صور الفيلسوفة الوثنية هيباتيا بصورة إلهية ملائكية، بل ككائن إلهي وفي الصورة التي تخيلها الراهب للمسيح! وذات نور سمائي! وهذا عكس الأوصاف التي وصفها بها الكاتب والمؤرخ الإنجليزي كنجزلي الذي أخذ د. زيدان فكرة روايته عنه! وكممثلة للخير والجمال والنقاء والبر، يتكامل فيها عنصري الأنوثة والعلم بل والسمو والرقي فيقول بلسان الراهب: "من قبل أن تنطق الأستاذة (هيباتيا) بشي، ظل قلبي يرتجف ويزداد خفقانه، حتى خشيت أن يسمع الجالسون حولي دقاته المضطربة.. هيباتيا امرأة وقور وجميلة، بل هي جميلة جدا. أو لعلها أجمل امرأة في الكون. كان عمرها في حدود الأربعين، وكان أنفها جميلا جدا وفمها، وصوتها، وشعرها، وعيناها... كل ما فيها، كان أبهي من كل ما فيها. ولما تكلمت زاد بهاؤها تألقا. عرفت بعدما رايتها بشهور، أنها اشتغلت بالعلم من صغرها، علي يد أبيها الرياضي الشهير ثيون، وعرفت أنها ساعدته، وهي بعد مراهقة، في شروحه التي دونها علي أعمال كلوديوس بطليموس صاحب كتاب الجغرافيا، والكتاب الكبير في الفلك"[128].
"هيباتيا... أكاد أن اكتب اسمها الآن، أراها أمامي وقد وقفت علي منصة الصالة الفسيحة، وكأنها كائن سماوي هبط إلى الأرض من الخيال الإلهي، ليبشر الناس بخبر رباني رحيم. كانت لهيباتيا تلك الهيئة التي تخيلتها دوما ليسوع المسيح، جامعة بين الرقة والجلال.... في عينيها زرقة خفيفة ورمادية، وفيها شفافية. في جبهتها اتساع ونور سماوي، وفي ثوبها الهفهاف ووقفتها، وقار يماثل ما يحف بالإلهة من بهاء.. من أي عنصر نوراني خلقت هذه المرأة؟... كانت تختلف عن بقية الناس؟.. فأن كان الإله خنوم هو الذي ينحت أجسام الناس، فمن أي صلصال طاهر نحتها، وبأي عطر سماوي سبكها؟... يا الهي، أنني اجدف.."[129].
"كنت أتابعها بنظرات لاهثة، وقد نظرت هي نحوي أثناء كلامها مرتين، فروعتني عيناها. كنت قد درست الفلسفة سنين في أخميم غير أني لم اسمع من غيرها، مثل هذا الذي قالته. كانت تشرح لنا بلغة يونانية راقية، كيف يمكن للعقل الإنساني أن يستشف النظام الكامن في الكون، وأن يصل بالفهم إلى معرفة جواهر الأشياء، وبالتالي يميز أعراضها وصفاتها المتغيرة... كان يجري علي لسانها عبارات من مبادئ الفلسفة، عبارات طالما سمعتها من غيرها، لكنها نطقت بها وكأنها تفتح عقلي وتدسها فيه. حتى المشهور من كلام الفيثاغورسيين، مثل قولهم: العالم عدد ونغم.. شعرت من عمق إحساسها بالعبارة، ومن رهافة نطقها بها، أن الكائنات كلها إيقاعات منظومة واحدة... وعلي هذا النسق، فهمت من عباراتها ما لم افهمه قبلها من أهل الفلسفة".

إلصاق تهمة مقتل هيباتيا بالبابا كيرلس عمود الدين
" قبل نهاية المحاضرة، خايلتني فكرة أن ابقي تابعا لهيباتيا بقية عمري، أو خادما يسير وراءها. وفكرت في أنني لو عدت إلى أوكتافيا، واعتذرت إليها عن خداعي لها طيلة الأيام الثلاثة، فقد تسامحني. سأتعلل لها بأنني خشيت أن افقدها، فأثرت الصمت، لأنني ارتبكت، ولسوف تسامحني اوكتافيا، وتقبلني ثانية، فأعيش معها، وأنسي الأوهام التي تملؤني وتسير خطاي إلى حيث لا اعلم" (ص137).
ثم يصور له عزازيله أو شيطانه رفض الكنيسة بصورة متخلفة للفلسفة والفلاسفة فيقول: "لما أخبرته (احد رجال الدين) يوم السبت بنيتي الخروج غدا للذهاب لمحاضرة هيباتيا صاح في: يا أخي، هذا لا يجوز أبدا... واخبرني فزعا، بأن هذا الفعل لو اقترف، فهو مما لا يغتفر.. ونصحني إلا اذكر اسمها مرة ثانية. أضاف ما معناه: أنها خطية عظمي، ألن تسمع خطبة الأحد من البابا كيرلس، الأسقف الأعظم من اجل الذهاب لرؤية شيطانه.. لن يغفر لك هذا الذنب إذا اقترفته، أما من ناحيتي، فلا تخش شيئا. سوف اعد ما سمعته منك مزاحا ثقيلا، ولن احدث به أحدا أبدا"[130].
ويضيف أنه لو عرف رجال الكنيسة أنه يذهب لمحاضرات هيباتيا لعاملوه كالمرتد عن الإيمان: "سوف يعدونني مارقا، ويعصفون بي مثلما عصفوا بالذين ارتدوا عن الديانة أيام الإمبراطور جوليان. والمسيحية اليوم، هي الدين الرسمي للإمبراطورية كلها. لن أنجو من وشايات الجماعة الرهيبة المسماة محبي الآلام، وسوف القي بسببهم مصير أبي، ويسعدون هم مثلما سعدت امي.. ولكنني أتحرق شوقا لرؤية هيباتيا غدا، ولسوف أناقشها في المسائل الفلسفية، فيزداد تقديرها لي، وهي علي كل حال تقدر كل إنسان. أنها مصداق لمعني اسمها هيباتيا في اللغة اليونانية: السامية... هي تكبرني بعشر سنوات فقط أو خمسة عشر عاما، وهو فارق ليس بالكبير... فلتتخذني ابنا لها أو أخا اصغر، أو يأتي يوم فتحبني، ويكون الحال بيننا مثلما ذكرت اوكتافيا من أن النساء اللواتي أحببن رجالا اصغر منهن سنا، جعلن منهم السعداء... ولكن، لا سعادة ولا غبطة في هذا العالم"[131].
هكذا يفتري على الكنيسة دون أي سند أو دليل إلا ما يوحي له به شيطانه أو عزازيله الشرير الذي لم يعينه إلهه المألوه عليه؟؟! ولنسأله أن كان له أي إلمام بتاريخ الكنيسة أن يقول لنا: من أين أتي بما نسبه زورا وتضليلًا بأن البابا كيرلس عمود الدين وصف هيباتيا بالشيطانة وأن الاستماع لها كان يعتبر في نظر الكنيسة والبابا ذنبًا لا يغتفر؟! هل يمكن أن يصل التلفيق إلى هذا الحد من التجني على الحقيقة والتاريخ؟! كما نسأله ونقول له: كيف عصف رجال الكنيسة "بالذين ارتدوا عن الديانة أيام الإمبراطور جوليان "؟! أن الكنيسة لم تقرر أي عقوبة ضد الذين ارتدوا عن الإيمان ولم تكن تملك ذلك لأنهم ارتدوا في عصور كانت الكنيسة المسيحية مضطهدة بشدة بأوامر من الحكام ولما توقف الاضطهاد لم تفعل شيئًا ضد العائدين منهم ثانية إلى الإيمان، بل في البداية كان يطرح السؤال؛ هل يحتاج المرتد للمعمودية مرة ثانية أم أن عودته كافية لكونه مؤمنًا، وأنتصر الرأي الثاني.
ويصور المواجهة بين الحاكم أورستُس وكأن السبب فيها هو غطرسة وشدة البابا كيرلس عمود الدين: "كانوا يقولون أن الحاكم أورستُس طرد رجلا مسيحيا من مجلسه، فغضب البابا ويقولون أن الحاكم يعارض ما يريده البابا من طرد اليهود بعيدا عن الإسكندرية، بعدما طردهم الأسقف ثيوفيلوس إلى ربع اليهود الكائن بالجهة الشرقية، وراء الأسوار. ويقولون أن الحاكم كان يفترض فيه أن يصير لأهل ديانتنا، إلا أن الشيطانة هيباتيا تدعوه إلى غير ذلك. ويقولون أنها تشتغل بالسحر، وتصنع الآلات الفلكية لأهل التنجيم والمشعوذين.. قالوا أشياء كثيرة، لم يطمئن إليها القلبي.
اخذ الأسقف يعيد الصلاة، حتى اخذ الناس النشيج وهم يرددون الدعاء وراءه... ثم صار صوت ناريا متأججا وهو يقول لهم: يا أبناء الله، يا أحباء يسوع الحي، أن مدينتكم هذه، هي مدينة الرب العظمى. فيها استقر مرقس العظيم. وعلى أرضها عاش الآباء، وسالت دماء الشهداء، وقامت دعائم الديانة. ولقد طهرناها من اليهود، المطرودين. أعاننا الرب على طردهم، وتطهير مدينته منهم. ولكن أذيال الوثنيين الأنجاس، مازالت تثير غبار الفتن في ديارنا. أنهم يعيثون حولنا فسادا وهرطقة، يخوضون في أسرار كنيستنا مستهزئين، ويسخرون مما لا يعرفون، ويلعبون في مواطن الجد ليشوهوا إيمانكم القويم، يريدون إعادة بيت الأوثان الكبير الذي أنهدم على رؤوسهم قبل سنتين، ويودون تعمير مدرستهم المهجورة التي كانت تبث الضلال في العقول، ويفكرون في إعادة اليهود من الربع الذي سكنوه إلى داخل أسوار مدينتكم. لكن الرب، يا جند الرب، لن يرضى بذلك أبدا. ولسوف يحبط مساعيهم الدنيئة، وسوف يبدد أحلامهم المريضة، وسوف يرفع قذر هذه المدينة العظمى، بأيديكم أنتم. مادمتم بحق، جنود الرب. ما دمتم بحق جنود الحق.. لقد صدق ربنا يسوع المسيح، حين نطق بلسان من نور، فقال: الحق يطهركم! فتطهروا يا أبناء الرب، وطهروا أرضكم من دنس أهل الأوثان. اقطعوا السنة الناطقين بالشر. ألقوهم مع معاصيهم، في البحر، واغسلوا الآثام الجسمية. اتبعوا كلمات المخلص، كلمات الحق، كلمات الرب. واعلموا أن ربنا المسيح يسوع، كان يحدثنا نحن أبناءه في كل زمان، لما قال: ما جئت لألقى في الأرض سلاما، بل سيفا!".
وهنا يفتري لا على القديس كيرلس فقط بل على المسيح نفسه عندما يستخدم قوله: "ما جئت لألقى في الأرض سلاما، بل سيفا!" أما جهلا بمفهوم ومغزى كلام المسيح أو تجاهلا لحق هو يعلمه! وفي كلتا الحالتين فقد خذله عزازيله الشرير وأوقعه فيما لا يجب أن يقع فيه من يحصل على درجات علميه مثله! فقد كان الرب يسوع المسيح، عندما قال هذا الكلام، يتحدث عن اقتراب صلبه وما سيحدث للتلاميذ أثناء كرازتهم للعالم بالإنجيل فقال لهم: "فمتى أسلموكم فلا تهتموا كيف أو بما تتكلمون. لأنكم تعطون في تلك الساعة ما تتكلمون به. لأن لستم انتم المتكلمين بل روح أبيكم الذي يتكلم فيكم. وسيسلم الأخ أخاه إلى الموت والأب ولده. ويقوم الأولاد على والديهم ويقتلونهم. وتكونون مبغضين من الجميع من اجل اسمي. ولكن الذي يصبر إلى المنتهى فهذا يخلص. ومتى طردوكم في هذه المدينة فاهربوا إلى الأخرى... ولا تخافوا من الذين يقتلون الجسد ولكن النفس لا يقدرون أن يقتلوها. بل خافوا بالحري من الذي يقدر أن يهلك النفس والجسد كليهما في جهنم... ولكن من ينكرني قدام الناس أنكره أنا أيضا قدام أبي الذي في السموات لا تظنوا أني جئت لألقي سلاما على الأرض. ما جئت لألقي سلاما بل سيفا. فاني جئت لأفرّق الإنسان ضد أبيه والابنة ضد أمها والكنة ضد حماتها. وأعداء الإنسان أهل بيته. من أحب أبا أو أما أكثر مني فلا يستحقني. ومن أحب ابنا أو ابنة أكثر مني فلا يستحقني. ومن لا يأخذ صليبه ويتبعني فلا يستحقني. من وجد حياته يضيعها. ومن أضاع حياته من اجلي يجدها. من يقبلكم يقبلني ومن يقبلني يقبل الذي أرسلني" (مت10:19-40)، إذا فالرب يسوع يتكلم عن اضطهاد سيقع على التلاميذ وعن قتال سيحدث للمؤمنين بالمسيح من أخوتهم ووالديهم.. الخ في البيت الواحد بسبب إيمان البعض ورفض البعض للإيمان بالمسيح، وليس عن حرب يمكن يشنها المسيحيون باسم المسيح! وقد أكد ذلك عندما حاول تلميذه بطرس أن يدافع عنه بالسيف "فقال له يسوع رد سيفك إلى مكانه. لأن كل الذين يأخذون السيف بالسيف يهلكون. أتظن أني لا استطيع الآن أن اطلب إلى أبي فيقدم لي أكثر من اثني عشر جيشا من الملائكة" (مت25: 52و53).

إلصاق تهمة مقتل هيباتيا بالبابا كيرلس عمود الدين
ويواصل د. زيدان نقل كلام شيطانه أو عزازيله الشرير، الذي لم يعينه إلهه المألوه عليه، فيقول: "اهتزت الجموع مهتاجة، حتى كاد اهتياجها يبلغ الغاية... وراح كيرلس يكرر بهديره الحماسي الآسر، قول يسوع المسيح: ما جئت لألقى في الأرض سلاما، بل سيفا! فيزداد هياج الجموع، ويقارب بحدته حدود الجنود. بدا الناس، يرددون وراءه العبارة ولم يكفوا إلا حين قطع الترداد بصرخة كالرعد، ذلك الضخم المعتاد على إنهاء خطب يوم الأحد النارية، أعنى بطرس قارئ الإنجيل توما بكنيسة قيصرون الذي أنفجر من بين الجموع قائلا: بعون السماء، سوف نطهر أرض الرب من أعوان الشيطان. سكت الأسقف، فسكن الناس إلا بطرس القارئ.. ثم أخذ بعضهم يعيد وراء عبارته، وأضاف إليها احدهم الترنيمة المرعبة: بسم الإله الحي سنهدم بيت الأوثان، ونبنى بيتنا جديدا للرب... بعون السماء سوف نطهر أرض الرب من أعوان الشيطان... بسم الإله الحي سنهدم بيت الأوثان.
استدار الأسقف، فتناول صولجان، ورفعه في الهواء ليرسم به علامة الصليب، فاجتاح الكنيسة هوس الجموع... تداخلت الهتافات واصطخبت، عمت العقول، وعمت القلوب منذورة بحادث جسيم.
كان بطرس القارئ أول من تحرك نحو الباب، ثم تحرك من خلفه الناس جماعات وهم يرددون عبارته الجديدة: بعون السماء سوف نطهر أرض الرب"[132].
وهنا يلفق عبارة مقدسة ويحولها إلى عبارة مرعبة عندما قال: "وأضاف إليها احدهم الترنيمة المرعبة: بسم الإله الحي سنهدم بيت الأوثان، ونبنى بيتنا جديدا للرب"! وهنا نقول له، فضلا عن أن ذلك لم يحدث ولم يقل به أحد من المؤرخين، ونسأله هل استخدام عبارة "الله أكبر" التي استخدمها المسلمون عند فتح مكة، بل وعندما استخدمها المصريون عند عبور قناة السويس واقتحام خط بارليف في نصر أكتوبر 1973م وإعادة سيناء كانت عبارة مرعبة بهذا المفهوم؟! أتق إلهك المألوه يا دكتور لعله يعينك على عزازيلك الشرير ويخلصك منه فيعود إليك صفاء نفسك!
ثم يصور المسيحيين بقيادة الشماس بطرس وبتحريض من البابا كيرلس عمود الدين وهم يقتلون هيباتيا بطريقة بشعه ثم يقول:
" اكتب يا هيبا اكتب باسم الحق المختزن فيك
- يا عزازيل... لا قدر.
- اكتب ولا تجبن، فالذي رأيته بعينك لن يكتبه احد غيرك، ولن يعرفه احد لو أخفيته.
وفي الوقت الذي يصور فيه بشاعة المسيحيين وهم يقتلون هيباتيا يصور عشيقته أوكتافيا وهي تضحي بنفسها لإنقاذ هيباتيا فتموت تحت الأقدام! أي يصور قادة الكنيسة بالإرهابيين المتوحشين والعشيقة الوثنية بالشهيدة المتفانية التي تضحي بنفسها من أجل غيرها فيقول: "المرأة المسرعة نحونا كان ثوبها وشعرها يرفان وراءها، وكنا قد اقتربنا من ناحية البحر... أقبلت المرأة تجرى نحو الجمع، حتى ارتمت فوق هيباتيا، ظانة أنها بذلك سوف تحميها. فكان ما كان متوقعا. أندست فيها الأذرع، فرفعتها عن هيباتيا، وألقتها بقوة إلى جانب الطريق. اصطدم رأسها بالرصيف. وأنشج وجهها، فتلطخ بالدم والتراب. حاولت المرأة أن تقوم، فضربها احدهم على رأسها بخشبة عتية، بأطرافها مسامير فترنحت المرأة وسقطت من فورها على ظهرها، أمامي، والدم يتفجر من أنفها وفمها، ويلطخ ثوبها عند سقوطها أمامي، صرخت من هول المفاجأة..
فقد عرفتها.. هي لم تعرفني، فقد كانت تنتفض وهي تلفظ أخر أنفاسها وهكذا ماتت أوكتافيا، يوم الهول، تحت أقدامي، من دون أن تراني.
رجعت خطوات حتى التصق ظهري بجدار بيت قديم، لم أستطع انتزاع عيني عن جثة اوكتافيا التي أهاجت دماؤها الصخب، فاشتدت بجند الرب تلك الحمى التي تمتلك الذئاب حين توقع صيدا وصارت عيونهم الجاحظة مثل عيون المسعورين، وهاجت بواطنهم طلبا لمزيد من الدم والافتراس... تجمعوا فوق هيباتيا، حين وقف بطرس ليلتقط أنفاسه. امتدت إلى يدها يد مازعة، ثم امتدت أباد أخرى إلى صدر ردائها الحريري الذي تهرأ، واتسخ بالدماء والتراب..
أمسكوا بإطار الثوب المطرز وشدوا فلم يتخلع، وكاد بطرس يقع فوق هيباتيا من شدة الشدة المباغتة"[133].
ويكمل وصفه في تصوير قسوة المسيحيين ودمويتهم التي تخيلها بخياله المريض فيقول "على ناصية الطريق الممتد بحذاء، صاحت عجوز شمطاء تلوح بصليب: اسحلوا العاهرة... وكأن العجوز نطقت بأمر الهي!
صارت هيباتيا عارية تماما، ومهانة تماما لا اعرف من أين أتوا بالحبل الخشن الذي لفوه حول معصمها، وأرخوه لمترين أو ثلاثة، ثم راحوا يجرونها به وهي معلقة من معصمها... وهكذا عرفت يومها معنى كلمة السحل التي أوحت به المرأة إلى بطرس القارئ وأتباعه"[134].
ويستفيض في وصف قسوة قتل هيباتيا وهو يريد أن يرسخ الفكرة في ذهن القارئ
بطريقة تحرض القارئ على المسيحيين في عدة صفحات متتالية[135].
ويختم الكاتب هذه السرد عندما يصل إلى الغاية التي خطط لها منذ البداية وهي إلقاء الراهب للصليب على الأرض وكأن الصليب هو سبب كل البلايا، فيقول بلسان الراهب: "بعد كبوتين، اجتهدت حتى وقفت منتصبا. بيدي اليسرى أمسكت الصليب المعلق فوق صدري وانتزعته، فأنقطع الخيط الذي كان يلفه حول عنقي، وتركته يسقط على الأرض وسط ذهول الثلاثة. الراهب أنحنى فالتقطه، والصبي تراجع خطوتين نحو الجدار، والمرأة انتحبت... ومضيت مبتعدا عنهم، فارا منهم، ومن كل شيء... وبلا تدبر لمسعاي. لم التفت لشيء في طريقي، حتى خرجت من بوابة الشمس ساعة المغيب... فور خروجي من البوابة، شققت رداء الرهبان عن صدري، فتخدل على جنبي. مررت من ربع اليهود الممتدة بيوته عند السور الشرقي. كانت كلابهم تنبح خلفي، وتكاد تأخذ بردائي المتهدل ورائي، وكان الليل ثقيل السواد.
لم أجد احد في طريقي، لا من اليهود ولا من غيرهم، فكان الكون خلا تماما من الحسيس، والأنيس عن الأنس والجن والملائكة والشياطين. وكان الرب غائب عنى، أو كان يستريح من خلق جديد، صنعه في ستة أيام أخرى. كنت وحدي أجوس بين الطين، والرمال وأطراف البحر والبحيرات، والأرض والسبخة... مبتعدا عن الإسكندرية... هناك رميت على صفحة الماء ردائي الكنسي المشقوق وغطاء رأسي، وبقى على جلبابي الداخلي المصنوع من الكتان.
لما رميت الرداء، أنزاح بعض الثقل عن روحي"[136].
" وأعطيت لنفسي في لحظة الإشراق المفاجئ هذه، اسما جديدا.. هو الاسم الأول الذي اعرف به إلى الآن... هيبا... وما هو، إلا النصف الأول من اسمها" (ص165).
وهنا يستبدل اسمه المسيحي باسم "هيبا" مختصر "هيباتيا"، ويلقي برداء الرهبنة والصليب أرضًا معلنا تركه النهائي للإيمان المسيحي وأتباعه لفكر هيباتيا، بل كما يبدو فيما بعد، التخلص من أي اثر للإيمان إلا بما يقوده إليه عزازيل وما وجد فيه سلوته وعزاؤه وهو ممارسة الجنس، الذي رأى فيه الجنة المفقودة التي خرج بسببها آدم وحواء من جنة عدن!! والذي شرحه باستفاضة في ممارسته مع أوكتافيا ومارتا والذي كان يتمنى أن يفعله مع هيباتيا!!
هذه هي وجهة نظر الكاتب، د. زيدان، واضحة لا لبس فيها فلحظة الإشراق بالنسبة لراهبه المزعوم هي إلقاء الصليب على الأرض ونزع الثوب الرهباني والتخلص من الرهبنة والمسيحية في آن واحد والتركيز على ممارسة الجنس!؟؟
كان من المقبول أن يقول لنا أنه تصدى لمن يرتدون الصليب دون أن يستحقوا ذلك، وأن يوبخ من يلبسون الثوب الرهباني بدون استحقاق، ولكن أن تكون لحظة الإشراق بالنسبة لراهبه الذي خلقه شيطانه أو عزازيله الشرير، الذي لم يستطع إلهه المألوه أن يعينه عليه، هي الإلقاء بالصليب على الأرض وتمزيق الثوب الرهباني وإلقائه في البحر! أليس في أقواله هذه قمة الازدراء بالمسيحية والرهبنة؟! بل وما يخرجه عن دائرة الحياد تماما ويضعه في مصاف المزدرين بالمسيحية وعقائدها ورموزها!
رد مع اقتباس
 


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
كيرلس عمود الدين| تصميم
البابا كيرلس عمود الدين وكتاباته
البابا كيرلس عمود الدين
البابا كيرلس عمود الدين
رأي كيرلس عمود الدين في نمو المسيح


الساعة الآن 04:28 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024