الذين يحضرون عقب صدمات عاطفية
حدث ذلك كثيرا بين الخدام الذين دفعهم الفشل في مشروعات الارتباط إلى التفكير في الرهبنة. ربما لظنهم أنهم كانوا من نصيب الرهبنة فلما سلكوا على نحو مُغاير فشلوا، وهم الآن إنما يصححون بذلك مسارهم! ولكن الرهبنة -وكما سبق القول- لا تصلح كبديل، أو أن تكون الرهبنة فكرا موازيا لأفكار أو سبل أخرى، بل هي فكر يغشى الإنسان كله لسنوات سابقة على الالتحاق بالدير، فإن كان من غير المناسب ترجيح الرهبنة على الزواج بأي نسبة مهما كانت عالية، فكيف تأتى الرهبنة كبديل لمشروع ارتباط لم ينجح، بل أن محاولة الارتباط أو مجرد التفكير فيها، لها مدلولاتها عند القائمين على الرهبنة، فهم يتساءلون: إن كان الأخ قد فكر في الارتباط فإن فكرة الرهبنة بالتالي في هذه الحالة قد جاءت متأخرة وهو أمر يعنى أن الفكرة لم تختمر طويلا، وإن كانت فكرة الرهبنة قديمة فلماذا عدل الأخ عن ذلك وفكر في الارتباط، إن الثبات أمر هام بالنسبة لكل من الشاب ورئيس الدير، وبالتالي فإن عدم ثبات الفكرة: هو أمر يثير المخاوف.
يضاف إلى ذلك ضرورة أن يتخذ الإنسان القرار وهو في حالة نفسية طبيعية، فالفرحة الغامرة المفاجئة قد تدفعه إلى الإسراف في الوعود مما لا طاقة له به، وكذلك قد يؤدى الإحباط الشديد والشعور بالفشل إلى اتخاذ ما قد يندم عليه من قرارات قد تهدد حياته الروحية (مثل هيردوس الذي وعد في غمرة نشوته بإعطاء أي شيء لابنة هيروديا وقد كلفه ذلك قتل يوحنا وكان يحبه).