23 - 03 - 2014, 01:51 PM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب أنوار القيامة - الأنبا بيشوي
إعلان فائق للطبيعة قبل أن يقول السيد المسيح هذا الكلام؛ قال لتلاميذه: "وَأَمَّا الْمُعَزِّي الرُّوحُ الْقُدُسُ الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ" (يو14: 26)، فالإيمان فوق العقل وليس ضد العقل، فهو ليس ضد العقل لأنه غير مستحيل. وهناك فرق بين التعبيرين فوق العقل وضد العقل. ولكي يقبل الإنسان أمورًا فوق العقل يحتاج إلى إعلان فائق للطبيعة، لذلك قال السيد المسيح لبطرس عندما اعترف بأن المسيح ابن الله الحى "طُوبَى لَكَ يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا إِنَّ لَحْمًا وَدَمًا لَمْ يُعْلِنْ لَكَ لَكِنَّ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ" (مت16: 17). فالإيمان؛ ليس هو مجهود بشرى من الإنسان ليفهم من هو الله، لكنه إعلان الآب السماوي عن ذاته بروحه القدوس في داخلنا الذي يشهد عن الابن الوحيد الجنس مخلّص العالم. وبهذا الإعلان يصالحنا مع الآب ويعطينا حياة البنوة فنحيا معه إلى الأبد. فالمسألة ليست بكاملها عمل بشرى أو مهارة من الإنسان، إنما هي بالدرجة الأولى إعلان من الله في حياة الإنسان. فالأمور الفائقة للطبيعة تحتاج إلى إعلان فائق للطبيعة لكي يعرفها الإنسان ويفهمها. لذلك نظرًا لأن ملكوت الله فائق للطبيعة، سيعطينا الله في القيامة من الأموات جسدًا فائقًا للطبيعة حتى نستطيع الدخول إلى الملكوت حيث إن طبيعة هذا الجسد لا تستطيع الحياة في جو الملكوت النورانى الروحانى، ولكنه يحتاج لجسد يتعامل بإمكانيات مختلفة. فلكى ينقل الله الإنسان من الحياة الجسدية في الأرض إلى حياة الملكوت لابد أن يعطى له الإمكانية.. فإن أراد أحد الصعود بك إلى سطح القمر وهو يحبك فسوف يعطيك الأجهزة والملابس الواقية، ويعطيك الإمكانية التي تستطيع أن تمشى بها على سطح القمر، وهذا ما حدث عندما صعدت مركبة الفضاء، وذهبت إلى سطح القمر ونزل منها رواد الفضاء وساروا على سطح القمر، كانت لهم ملابس (أردية) خاصة، وكانوا مجهزين بتجهيزات خاصة. فإذا كان الإنسان الذي في أنفه نسمة، استطاع أن يفهم هذه الأمور لأن الله أعطاه شيء من الحكمة والعقل، واستطاع أن يصل إلى هذا المستوى،فكم يكون الله نفسه ينبوع الحكمة ووالد الحكمة الأزلية ابنه الوحيد، خالق الحكمة في المخلوقات، فلابد أن يعطينا إمكانية نتعامل بها مع كل وضع نحتاجه: فلكي نرث ملكوت الله، سيعطينا أجساد القيامة أجساد روحانية أجساد لها أعين روحانية تستطيع أن تعاين الملكوت. ولكي نعلم أسرارًا روحانية، فلابد أن يعطينا إعلانًا فائقًا للطبيعة. لذلك قال لبطرس: "إِنَّ لَحْمًا وَدَمًا لَمْ يُعْلِنْ لَكَ" ويقصد بذلك أن يقول لبطرس أن الجمجمة التي بداخلها المخ والشرايين والأوردة والأجهزة العصبية ليست كافية لكي تعلم أنى أنا المسيح ابن الله الحى، ولكن يوجد في اعترافك إعلان فائق للطبيعة. فإن أراد أحد أن يرى عظام الذراع لا يستطيع أن يراها بعينه المجردة، ولكن باستخدام جهاز أشعة إكس X ray يمكن رؤية ما لم تستطع العين المجردة أن تراه، لذلك فوجود كسر أو شرخ بالعظام أو وجود مسمار بلاتين لا يُرى بالعين العادية ولكن الأشعة يمكن أن تبين كل هذا. فالإعلان؛ لا يستطيع العقل الطبيعي أن يدركه. فإذا حاول العقل فهم شيء فوق طبيعته، فينظر كما لحائط ولا يرى شيئًا. ولكن حينما يأتي الإعلان الفائق السماوي مثل أشعة نورانية فائقة يجعل الشيء الغير واضح في عقل الإنسان الطبيعي واضحًا جدًا أمام أولاد الله، فهو عبارة عن إعلان فائق للطبيعة لكي يعطى للعقل فرصة المعرفة الإلهية.. فالإيمان ليس ضد العقل ولكنه فوق العقل. فعبارة "ضد العقل" تقال حينما يكون شيء خطأ وغير منطقي، أما "فوق العقل" فهو يحتاج إلى مستوى من الإعلان يرفع العقل أكثر من قدراته الطبيعية، وهذا الإعلان يعطيه الآب السماوى. |
||||
|