رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
نغمة هذا السفر الخلاص ، بل معنى اسم اشعياء هو " خلاص من الرب " – والسلام ؛ وهو نتيجة الخلاص ؛ يمتد كخيط فضى فى الأصحاحات الواقعة ما بين اصحاح 9 حيث ينبىء عن " رئيس السلام " " لأنه يولد لنا ولد ونعطى أبنا وتكون الرياسة على كتفه ويدعى أسمه عجيبا مشيرا إلها قديرا أبا أبديا رئيس السلام ، .... " . إلى اصحاح 57 حيث ينادى بالسلام للبعيد والقريب : " سلام سلام للبعيد وللقريب قال الرب وسأشفيه ، .... " . ويمتد كنهر فى اصحاح [ 48 : 18 ] : " ليتك أصغيت لوصاياى فكان كنهر سلامك وبرك كلجج البحر " ، [ 66: 12] : " لأنه هكذا قال الرب ، ها نذا أدير عليها سلاما كنهر ومجد الأمم كسيل جارف فترضعون وعلى الأيدى تحملون وعلى الركبتين تدللون " . المســــــيح : الخلاص المجيد المعلن فى هذا السفر يدور حول شخص عرف : " بالآتى والمسيا الموعود " وها هوذا النبى يعطينا ، بوحى إلهى العلامة التى تميز شخص المخلص وتحصر فيه النبوات المتعلقة به لئلا تنسب إلى غيره ، ..... وهو كونه شخصا إلهيا يولد من عذراء ، فالوعد الوارد عنه فى اصحاح 7 يتصل بالوعد الوارد فى اصحاح 9 ، ونستخلص من الوعدين حقيقة ذلك الطفل ، فهو سيكون من جنسنا البشرى ، " لأنه يولد لنا ولد ونعطى أبنا " وسيكون من بيت داود ، ... عجيبا ، مشيرا ، إلها قديرا ، أبا أبديا ، رئيس السلام ، ...... كل هذه النبوات تحققت وتمت فى حادثة واحدة وهى ميلاد يسوع المسيح له المجد ، ... بمثل هذه الألقاب دعاه جمهور الجند السماوى وقت ولادته كما يظهر من تسبحتهم : " المجد لله فى الأعالى وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة " قال النبى " الشعب الجالس فى الظلمة أبصر نورا عظيما ، الجالسون فى أرض ظلال الموت أشرق عليهم نور عظيم " . وقال سمعان الشيخ أن : " عينى أبصرتا خلاصك " ، " نور اعلان للأمم ومجدا لشعبك " . وبعد ذلك بقليل وردت نبوة فجأة فى اصحاح 11 : 1 : " ويخرج قضيب من جذع يسى وينبت غصن من أصوله ويحل عليه روح الرب روح الحكمة والفهم روح المشورة والقوة روح المعرفة ومخافة الرب " .. هذا الوصف موافق للنبوة الواردة فى اصحاح 61 التى استشهد بها السيد المسيح على نفسه فى خطابه الذى ألقاه فى مجمع الناصرة : " روح الرب على " أما النبوات عن آلام السيد المسيح فتبدأ من اصحاح 49 : " هكذا قال الرب فادى إسرائيل قدوسه للمهان النفس لمكروه الأمة لعبد المتسلطين " ، ... يصرح إشعياء بأن ذاك الذى سيحتقره الشعب ويكرهونه تتعبد له الملوك ويجعل عهدا للشعب ، ... لم يعاند ولم يقاوم بل بذل ظهره للضاربين وخده للناتفين ، ولم يستر وجهه عن العار والبصق . ... هذا يؤدى بنا إلى ذكر ما ورد فى اصحاح 53 حيث صورة آلام السيد المسيح مستوفاة أكثر من أى نبوة أخرى من أسفار العهد القديم عن آلام السيد المسيح . فذكر فيه سبع مرات أنه حمل خطايانا ... مجروح لأجل معاصينا ... مسحوق لأجل آثامنا .... الرب وضع عليه اثم جميعنا .... ضرب من أجل ذنب شعبى .... جعل نفسه ذبيحة أثم ... آثامهم هو يحملها .... حمل خطية كثيرين . يتميز إشعياء بكثرة النبوات عن السيد المسيح : من جهة ميلاده من عذراء : [ 7 : 14 ] : " ولكن يعطيكم السيد نفسه آية ، ها العذراء تحبل وتلد أبنا وتدعو اسمه عمانوئيل " . من جهـــة لاهوتـــــه : [ 9 : 6 ] : " ويدعى اسمه عجيبا مشيرا إلها قديرا أبا أبديا رئيس السلام " . من نسل يسى : [ 11 : 1 ] : " ويخرج قضيب من جذع يسى وينبت غصن من أصوله ، " معلن الحق للأمم : [ 42 : 1 ] : " هوذا عبدى الذى أعضده مختارى الذى سرت به نفسى ، وضعت روحى عليه فيخرج الحق للأمم ، ... " . يسلك بالوداعة : [ 42 : 2 ] : " لا يصيح ولا يرفع ولا يسمع فى الشارع صوته " . واهب الرجاء للكل : [ 42 : 3 ] : " قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة خامدة لا يطفىء ، إلى الأمان يخرج الحق " . هروبه إلى مصر وإقامة مذبح كنيسة العهد الجديد هناك : [ 19 ] : " وحى من جهة مصر ، هوذا الرب راكب على سحابة سريعة وقادم إلى مصر فترتجف أوثان مصر من وجهه ويذوب قلب مصر داخلها ، .... " . الآمه وصلبه [ 50 : 6 ، 53 : 1 – 12 ] . فتح طريق الفرح للمفديين بقيامته [ 35 : 8 – 10 ] : " وتكون هناك سكة وطريق يقال لها الطريق المقدسة ، ..... " . تحدث أيضا عن الروح القدس وعطيته الفائقة فى العصر المسيانى : [ 11 : 2 ] : " ويحل عليه روح الرب روح الحكمة والفهم روح المشورة والقوة روح المعرفة ومخافة الرب " . وكذلك ما ورد فى الأصحاحات : [32 : 15 ؛ 40 : 7 ؛ 42 : 1 ؛ 44 ؛ 3 ؛ 61 : 1 ..... الخ أصوات نبوية وشعب مبارك تضمنت نبوات العهد القديم ، نبوات عن مجىء السيد المسيح إلى مصر ، ولا يفوتنا هنا أن نورد شيئــــا عن هذا الموضــوع ، من كتاب " العذراء مريم وتاريخ أجيال العذارى " ، اصدار دير الشهيد أبى سيفين بمصر القديمة ،، افرحـــى وتــــــــهللى يامصر وبنيها وجميع حدودها لأنه أتى إليك محب البشر الكائن قبل كل الدهور . [ ذكصولوجية عيد دخول السيد المسيح أرض مصر ] من خلال الواقع النبوى لهروب العائلة المقدسة إلى أرض مصر نلاحظ أن هذا الحدث العجيب الفريد كان رحلة مؤكدة ، محددة المعالم ، دقيقة الأعلان عن مقاصد إلهية فائقة .. فتعلن كلمات الوحى فى تأكيد أن الرب قادم فى سرعة لإتمام مهمة إلهية .. كما تفصح عن أعماق حب خاص ، ومكانة عالية فريدة لأمة مباركة من الرب .. من أجل تقواها ونقاوة إيمانها .. فقد حوت الإيمان القويم والرهبنة الأصيلة كصورة مضيئة لكمال حياة الإيمان . " إذا ملاك الرب قد ظهر ليوسف فى حلم قائلا قم خذ الصبى وأمه واهرب إلى مصر " . مت 2 : 13 لقد أتى البتول الإلهى إلى مصر تعظمه وتمجده أذرع البتول الفائقة ..فنهضت عذارى مصر وأوقدن مصابيحهن وأسرعن للقاء العريس الأبدى .. " هوذا الرب راكب على سحابة خفيفة وقادم إلى مصر " إش 19 : 1 عندما نزل الملك السماوى إلى محفل عرسه الأبدى ، أسرع ليصافح أولا نبلاء مجلسه .. فعند بزوغ أول شعاع لشروق فجر ذلك الملك الجبار ، مؤسس الدهور وصانع الأزمان وهو لابس جسد تواضعنا ، إختار أن يأتى سريعا إلى مصر وفى الصورة يبدو هاربا حسب تدبيره الإلهى المعلن مسبقا بلمسات الوحى البارعة الدقة لعظم مقاصده الربانية وعلمه السابق .. " خذ الصبى وأمه وأهرب إلى مصر الرب راكب على سحابة خفيفة وقادم إلى مصر " لقد لجأ السيد الرب الإله إلى محل راحته وموضع سكناه ، هاربا من وجه هيرودس حسب التدبير .. لكن قلب مصر كان فى صحوة ويقظة لمسارات الروح الخفى ، فوعى الحضور الإلهى بكل كيانه حتى كمل صوت الرب بالنبى القائل : " فترتجف أوثان مصر من وجهه ويذوب قلب مصر داخلها " إش 19 : 1 " فى ذلك اليوم يكون مذبح للرب فى وسط أرض مصر وعمود للرب عند تخمها . إش 19 : 19 " فيكون علامة وشهادة لرب الجنود فى أرض مصر إش 19 : 20 " فيعرف الرب فى مصر ويعرف المصريون الرب فى ذلك اليوم ويقدمون ذبيحة وتقدمة وينذرون للرب نذرا ويوفون به . إش 19 : 21 فعندما استقبل شعب مصر سر التقوى " الله الذى ظهر فى الجسد " وخبأه فى أعماق قلبه ، فجر فى داخله ينابيع المعرفة الحقيقية المحلقة فى آفاق لجج الحب الإلهى ، فأخذ من نهله فكرا مستنيرا وفطنة فاحصة وفما مملوءا بكل حكمة الروح المؤيد بقوة الحجة وحذق البرهان . وأصبحت مصر المهد الخصب الذى ترعرع فيه الأيمان الصلب القويم بالأبن الكلمة ، وصارت الخليقة كلها تنصت فى خشوع إلى الرنين المبهج لصوت الرب القدوس آتيا من وراء الأجيال ليتوج هامة خاصته بأفخر تاج مجد ، المرصع بأبهى جوهر نفيس قائلا بفمه القدوس : " مبارك شعبى مصر " إش 19 : 25 وبعد أن بارك الرب ربوع البلاد كلها حسب التدبير بهذه السيمفونية الأبدية الرائعة ، عاد إلى إسرائيل تاركا لمصر مهمة عظمى معلنة على مدى الأزمان ، تفسر السر العظيم لسرعة مجيئه المبكر إلى هذه البلاد المحبوبة .. ثم ظهر الملاك فى حلم ليوسف فى مصر قائلا : " قم وخذ الصبى وأمه واذهب إلى أرض إسرائيل " .... لكى يتم ماقيل من الرب بالنبى القائل : " من مصر دعوت ابنى " هو 11 : 1 إنه صوت الرب المهوب الحى إلى مدى الدهور والآباد القائل : من مصر دعوت ابنى .. يا لفخرك يا مصر .. ويا لعظم المســــئولية الملقاة على عاتقك .. فقد وضع الرب على عاتق مصـــر تقليدا سماويا لمسئولية الدفاع عن جوهر الأيمان بالإله المتجسد على مدى الأجيال ... وهكذا يظل صوت هذه النبوة من مصر دعوت ابنى إنشودة الملائكة وإكليل فخر الكنيسة المصرية ونبوة الأجيال إلى مدى الأجيال وإلى أن يأتى السيد الرب فى مجيئه الثانى . ويسجل التاريخ كيف انبرت كنيسة الأسكندرية منذ فجر العصور وإلى اليوم للتصدى لجميع التيارات المضادة والمزعزعة لأركان الأيمان المسيحى ، والدفاع عن لاهوت ابن الله فى كفاح مضن حتى الأستشهاد .. وسيظل صوت النبوة يتردد عبر كل الأجيال " من مصر دعوت ابنى " ... كما فاح عطر مقدس قوى صاعد من برارى مصر وكل تخومها ليملأ المسكونة بشذى عبق فاخر شاهدا لذروة حياة الأيمان .. فقد سجل عبر التاريخ كيف كانت مصر مهدا لحياة النسك والرهبنة ... وبالبركة السماوية التى خرجت من فم الرب صارت الخمير السماوى الذى يبارك العالم كله على مدى الأجيال ... ونرى وجه الكنيسة المصرية فى هذه الأيام مشرقا كأعظم مركز لنشر النور والمعرفة الإلهية الحقيقية لأبناء الملكوت المتفرقين فى شتات العالم أجمع ممثلا فى رأس الكنيسة الأعظم بابانا المحبوب صاحب الغبطة والقداسة البابا شنودة الثالث وما يبذله من مجهود منقطع النظير .. يجوب البحر والبر والجو فى أسفار وأسهار كارزا ومفصلا كلمة الحق بإستقامة .. ويظل صوت النبوة تردده الملائكة " من مصر دعوت ابنى " .. الرب يحفظ لنا حياته ذخرا وفخرا ورأسا لكنيستنا المقدسة إلى منتهى الأعوام . آمين |
|