الكسل والتراخي قد يطفئ الروح
فالإنسان الروحي يتميز بالجدية والحماس في كل ممارسته الروحية، فإن بدأ يتكاسل عند الإنسان ربما يخترع له أسبابًا يخترع له أسبابًا كثيرة، ويجد له حججًا وأعذارًا، وبالوقت قد يتحول إلى عادة أو إلى طبع. وقد يأتي وقت يحاول أن يقوم فيه من كسله فلا يستطيع!
ومن ضمن علاج الكسل: التغصب.
فيغضب الإنسان على العمل الروحي، ويغضب نفسه على ترك الكسل، حتى إن لم تكن له أية رغبة تدفعه إلى عمل مقدس... لذلك يقول ماراسحق: اغصب نفسك على صلاة الليل، وزدها مزاميرًا. فإن كنت متعبًا مثلًا بالنوم، لا تستسلم للتعب وتنام بدون صلاة. بل أغضب نفسك أن تقف وتصلى. وأطل صلاتك... وهكذا تغصب نفسك على قراءة الكتب الروحية وعلى الصوم وعلى السهر...
وإذا دعاك الروح إلى أي عمل مقدس، فلا تتباطأ ولا تؤجل فالتأجيل لون من الكسل ومن حب الجسد.
وهو يؤدى إلى إطفاء الروح، وإلى إطفاء اشتياق القلب إلى الوجود في حضرة الله، وهو يمنع الروح من تناول غذاءها الذي يقويها. ويدخل فيه أيضًا تأجيل التوبة، أو تأجيل الاعتراف والتناول. لقد التهب قلب فليكس الوالي، لما تحدث القديس بولس عن البر والتعفف والدينونة. ولكنه إطفاء هذه الشعلة المقدسة بتأجيله، وقوله اذهب الآن ومتى حصل لي وقت أستدعيك" (أع24: 25). بعكس ذلك الابن الضال في توبته... لما شعر بسوء حالته الرغبة، قال أقوم الآن واذهب إلى أبى وفي الحال قام وذهب إلى أبيه ولم يطفئ حرارة الرغبة في التوبة بالتأجيل. الراهب العمال الحار في الروح، إذا ضرب جرس نصف الكسل، ينهض بسرعة من فرشاة ويذهب إلى الكنيسة. فإن تكاسل أو تراخى، يعود إلى نومه. لا تحاول أن تغطى كسلك بالأعذار والحجج.
بل حاول أن تنتصر على نفسك وأن تنتصر على هذه الأعذار، وتثبت عدم جديتها. وخذ الحياة الروحية بنشاط وحرارة، ولا تطفئ الروح الذي فيك... وثق أنك إن تكاسلت، سيجد الشيطان فرصته، ويساعدك على مزيد من التهاون في روحياتك. يمكن أن يقول لك: ما فائدة الصلاة وأنت متعب، وليست لديك رغبة. ولاشك أنها ستخلو من الخشوع اللائق بالوجود في حضرة الله! والكسل لا تصلح له المناقشة ولا الحوار، ولا تقديم الأعذار، ولا يعالجه سوى أن تغصب نفسك على النشاط. حتى إن بدأت الصلاة بغير رغبة، فستأتي الرغبة بعد لحظات. ولاشك أن النعمة سوف تفتقدك وتمنحك حرارة روحية. كذلك لا تتراخ في طرد الأفكار الخاطئة.
إن تراخيت في طردها، ستقوى عليك وستزيد، وتأخذ سلطانًا عليك بسبب تكاسلك، وبسبب إبقائك عليها.
وأيضًا لأن عدم طردك لهذه الأفكار بسرعة، إنما يحمل رغبة داخلية في الاسترسال مع الفكر بسبب خطية كامنة تتغذى بالأفكار... وأنت بالتباطؤ طرد الأفكار، إنما تطفئ الروح.
المفروض في الإنسان الحار بالروح، إن تكون له حرارة في الايجابيات والسلبيات.
الحرارة في الايجابيات هي الحرارة في كل عمل روحي يشترك فيه مع الروح القدس. والحرارة في مقاومة السلبيات، هي الحرارة في طرد الأفكار الشريرة الخاطئة الغريبة، والحرارة في مقاومة الكسل والتراخي، وفي مقاومة كل شهوة خاطئة.
__________________