العطش إلى الحب
شغلت كلمة "الحب" قلب الإنسان منذ وجوده، وستبقى تشله ما دام يوجد، ولا أكون مبالغًا إن قلت أنها الأمر الوحيد الذي يرافقنا حتى بعد الموت. إذ "المحبة لا تسقط أبدًا" (1كو8:13).
يبقى الإنسان يبحث عن الحب متعطشًا إليه، يشتاق إلى حب الغير له وأن يسكب حبه على الغير. فالمؤمن المتعبد يطلب حتى متى بلغ أعلى درجات النسك الصادق والتوحد الأصيل أن يهيم ذائبًا في محبة الله، مقدمًا قلبه جمر نار متقدًا حبًا! والزوج يتوق أن يحب زوجته ويكون موضوع حبها، والأب والمعلم والإبن والأخ والصديق الكل يطلبون أن يحبوا ويُحبُوا. أقول حتى الشهوانيون والمجرمون وقساة القلوب يحنون إلى الحب ويشتهونه، حتى وإن لم يمارسوه.
هذا واختلط الحب في أذهان الكثيرين، فلا يعرفون أن يميزوا بينه وبين الميل العاطفي أو الاجتماعي أو الشهوة، بل وكثيرًا ما يُخفون روح النفعية وحب الأنا ego تحت ستار الحب، فيخدع الإنسان حتى نفسه، معطيًا صورة مقدسة لدوافع موجهة توجيهًا شريرًا.