رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
امتداد الكنِيسَة إلى العَالم أجمع إن قصة الكنيسة من القرن الأول الذي فيه كتبت أسفار العهد الجديد حتى اليوم، لا يمكن تدوينها في صفحات قليلة (انظر الخارطات رقم 19- 24 وحقب التاريخ 1 و2). لكن ما دام القصد من إصدار هذا الأطلس هو استعماله من قبا الكنائس التي ظهرت كنتيجة الامتداد الكنيسة في هذا العصر، فلا بدَّ من كتابة ما يلي: اضطهاد الكنيسة يسجّل سفر أعمال السفر ما جرى مع الرسل بعد حلول الروح القدس يوم الخمسين، وينتهي بعد وصول بولس كسجين إلى رومة وإمضائه سنتين هناك. لا نعرف بالتأكيد ماذا جرى لبولس بعد ذلك، ويظهر أنه أطلق من سجنه وواصل تجوّله، ثم ألقي عليه القبض مرة ثانية وبقي سجيناً لفترة قصيرة حتى أعدم، وكان هذا في زمن نيرون. لم يتوقف انتشار البشارة المسيحية بموت بولس وسائر الرسل بل استمرّ، ونشأت كنائس في القرن الثاني للميلاد في فرنسا، ومصر، وبلدان شمال افريقيا، بالإضافة إلى البلدان التي كان بولس قد زارها من قبل. ونشأت كنيسة مسيحية في أديسا (التي سماها العرب الرها، ويدعوها الأتراك أرفا) والتي تقع في منتصف المسافة بين ديار بكر في تركيا وحلب في سوريا. وفي التقليد الكنسي القديم أن الرسول توما أوصل البشارة إلى الهند والصين. وفي الهند على الساحل الجنوب الغربي اليوم جالية مسيحية كبيرة تعتبر توما المؤسَّس الأول لكنيستهم. إن الانتشار التبشيري الأول كان عجيباً، وقد حدث بانتقال الإيمان من فرد إلى فرد. وواجهت الكنيسة مع امتدادها اضطهاداً من الدولة الرومانية ابتدأ على يد نيرون حوالي 64 م. بعد حادث حرق رومة، الذي تحمَّل المسيحيون تبعته ظلماً، فتعرَّض كثيرون منهم للقتل بطرحهم للوحوش أو بحرقهم مربوطين على أعمدة في الساحات العامة والطرق. ظلَّ الاضطهاد يفتك بالمسيحيين في جميع أنحاء الإمبراطورية، وعلى الأخص في أثناء حكم ديشيوس وديوكلتيانس، إلى أن أصدر فلسطين مرسوم ميلان سنة 313 م. فأوقف بموجبه اضطهاد المسيحيين. لقد كان صبر الشهداء وثباتهم حافزاً لانضمام مؤمنين جدد إلى المسيح والكنيسة، وصادق قول ترتليان أن "دم الشهداء هو بذار الكنيسة". إكرام الكنيسة بعد اهتداء قسطنطين إلى الإيمان انتقلت الكنيسة من الذل والهوان إلى الكرامة والاطمئنان. فصارت تنشئ أماكن فخمة للعبادة وأصبح الاساقفة ذوي قوة ونفوذ. لكن المشادّات العقائدية مزّقت وحدتها، وصارت تضع قوانين إيمان تحدّد بها عقيدتها ضد الآراء الخاطئة. لكن الانقسام، مع ما فيه من ضرر، عاد بالفائدة إلى بعض الأماكن. فقد فصلت الكنيسة النساطرة (اتباع نسطور) من شركتها واعتبرتهم ضالين فانسحبوا إلى الشرق ووصل مبشّروهم إلى الصين وانتشر الإيمان في تلك البلاد عدة قرون. ولم تكن غيرة المسيحيين في الغرب أقل من هذا. فقد دخل الإيمان المسيحي الجزر البريطانية في القرنين الثاني والثالث. وفي القرن الرابع بشر باتريك أهل إيرلندة، ومن إيرلندة خرج كولومبا فبشّر سكوتلاندة. وأرسل أوستن من رومة ليبشّر الإنكليز والسكسون في جنوب إنكيلترا. بالطريقة ذاتها وصلت البشارة المسيحية في القرن الثامن إلى ألمانيا. وفي القرن التاسع إلى البلدان الإسكندنافية السويد والنروج وجوارهما، وفي القرن التاسع والعاشر وصلت البشارة إلى روسيا. لقد انتقل الإيمان بالمسيح من بلد إلى آخر كما تنتشر النار، فكان المؤمنون يوصلون بالإيمان إلى جيرانهم بينما يذهب آخرون ليبشروا في بلدان بعيدة. وهكذا لم تنطفئ نار البشارة مع أنها لم تكن متّقدة كل الوقت كما كانت في البداية. لم يتوقّف انتشار المسيحية في القرون الوسطى على الرغم من المضار التي أحدثتها الحروب الصليبية. إذ لم تكن تلك الحروب تعبر بصدق عن الخلق المسيحي. لقد أظهرت الجيوش الصليبية في كثير من الأحوال وحشية لم ينصّ عليها الإنجيل. وفي القرن الثالث عشر ذهب ريموند لل إلى شمال إفريقيا ليبشر المسلمين بالمسيح فقتل، وفي القرن ذاته ذهب جون دي مونت كارفينو ليبشّر في الصين. وذهب ماتيو ريتشي في القرن السادس عشر إلى الصين أيضاً. في هذا القرن ذاته ذهب فرنسيس اكسفاروس (زفير) إلى الهند واليابان. كان هذا عصر الإصلاح البروتستانتي وعصر الإصلاح المعاكس. لقد كثرت الإرساليات الكاثوليكية فيه ولم تنقص بينما كان البروتستانت مشغولين في مشاكلهم الداخلية وفي نشر عقائدهم في أوروبا. كان لا بدّ من الانتظار حتى أواخر القرن الثامن عشر عندما ظهرت النهضة الانجيلية الحقيقية وابتدأ البروتستانت بمشروع تبشير البلدان غير المسيحية. صحيح أن ديفيد برينارد بشّر الهنود الحمر في أميركا في أوائل القرن الثامن عشر، وبشر الموارفيون في جزر الهند الغربية وغرينلاند، لكن العالم البروتستانتي لم يشعر بالحاجة الملحَّة لتبشير العالم إلا بعد أن ذهب وليام كاري إلى الهند سنة 1793 م. بعد هذا بدأت الجمعيات التبشيرية تبرز بسرعة وسط الكنائس الإنجيلية. ووجد روبرت موريسون باباً للدخول إلى الصين، وشقّ ديفيد ليفنغتسون طريقه إلى أواسط إفريقيا ليبشّر سكان مجاهل تلك القارة. ثم ذهب جيمس تشامبرز وآخرون غيره إلى جزر المحيط الهادي. لقد تقاطر العشرات بل المئات من الرجال والنساء المكرسين لخدمة المسيح فدخلوا آسيا وإفريقيا ليخبروا السكان عن غنى المسيح الذي لا يستقصى. |
|