رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
( مقدمة في الميلاد وصوم الميلاد ) ابتداء لابد أن نشير الى أن العهد الجديد هو كله عيد ، والمومنين يعيشون عيدا دائما منذ بلغ ملء الزمان وتجسد كلمة الله يسوع مبتدئا ملكوت الله على الارض ، والذي لا نهاية له.حيث تحتفل الكنيسة المقدسة ببزوغ نور الملكوت بعد ان اكمل الرب يسوع عمل الفداء وقام من بين الاموات ، كاسرا شوكة الموت ، ومشرقا شمس الملكوت التي لا تعرف غروبا ابدا . فالكنيسة تعيش العيد الدائم والحياة الابدية في ملكوت الله من خلال ممارساتها اليومية للاسرار المقدسة ، وهي تحول الزمن بساعاته وايامه وسنيه الى ملكوت دائم وأبدي متحقق بالرجاء ، اذ نحن نعيش في هذا العالم وفي الدهر الاتي حياتنا مع الله ،وفي حضرة الله . لكن الكنيسة المقدسة نظمت وعلى مدار السنة الطقسية الواحدة ، تواريخ لاعياد مقدسة وتذكارات لتستعيد مع أبنائها أن تعيش الحدث ونعمه الخلاصية حسب التدبير الالهي ، مع الايمان بتواجد الله وسط شعبه في كل مناسبة وعيد من خلال القداس الالهي الذي يرافق كل عيد وتذكار ومناسبة . وتبقى أعياد الكنيسة وعلىمدار السنة الطقسية ، عيدا واحدا مستمرا ودائما ، فهي ليست منفصلة عن بعضها ، بل كلها وقفات طقسية تعبر الكنيسة من خلالها عن فرحها الروحي بكل مناسبة من المناسبات التي تستذكرها في حياة الرب يسوع ، عريس الكنيسة ، على الارض ، لتنال بذلك للمؤمنين تجديدا للنعم الالهية التي تنطلق بالمؤمن لنيل الخلاص . وتتمركز السنة الطقسية في محورين رئيسيين هما الميلاد والقيامة ، وسوف ندرس خلال الاشهر الستة القادمة ( الدورة 20 ) محور الميلاد بمعانيه ودلالاته اللاهوتية ليكون المؤمن على بينة من ذلك ويعيش الاحداث ويحياها ايمانيا ، بما يجب وكما يجب أن تكون عليه حياة المؤمن . الكنيسة المقدسة تتهيأ بمؤمنيها لاستقبال حدث الميلاد العظيم ، ميلاد الرب يسوع بالجسد ، وظهور مجده العظيم ( والكلمة صار جسدا وحل بيننا ، وراينا مجده مجد وحيد من الاب مملوء نعمة وحقا . يو 1 : 14 ) ، فولادة الرب يسوع تعني أن الله صار بشرا ولبس جسدا ، الها كاملا وانسانا كاملا ما خلا الخطية . وقبل ولادة الرب بالجسد لم يكن العالم يعرف الله الا جزئيا ، لكن الله عرف بالكامل بتجسد وولادة الرب يسوع اذ اصبح ملموسا ومرئيا للعالم، فالمسيح له المجد هو التعبير الكامل لله في صورة بشرية ( الله لم يره أحد قط ، الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبّر .يو 1 : 18 ) ، اذ أن الله ( كلمنا في هذه الايام الاخيرة في ابنه الذي جعله وارثا لكل شيء ، عب 1 : 2 .) . وتبدأ رحلة الاستعداد للميلاد بتهيئة المؤمن ليكون مستعدا روحيا لفهم معاني الميلاد ورموزه ودلالاته ، حين يقف عند أحداث الميلاد العجيب ، وهذا الاستعداد يبدأ بالصيام المقدس قبل الميلاد والذي فرضته الكنيسة المقدسة على المؤمن ، ومن الواجب الالتزام به ، فالصوم يعني اخضاع الجسد والسمو بالروح كي نقترب الى الله ونتواجد في حضرته ، كما فعل موسى النبي قبل أن يقف في حضرة الله ويستلم الوصايا العشرة على جبل سيناء ، وكما فعل ايليا النبي قبل أن يلتقي الله على جبل حوريب ، وكما يجب أن يفعل الكاهن حيث يصوم قبل أن يخدم الاسرار الالهية في القداس الذي يعني التواجد في حضرة الله ، وكما تفعل الكنيسة ذاتها في شخص المؤمن الذي يجب أن يصوم قبل تناول القربان المقدس ، والذي يعني اتحاد المؤمن بالله . كلنا يجب أن نصوم قبل الميلاد استعدادا لاستقبال الميلاد ، الذي هو التقاء الله بالانسان ، هو اتحاد الله بالانسان ، هو تجسد كلمة الله . نحن لا نستطيع أن ندرك هذا الامر العجيب الخطير في حياة البشرية ، الا اذا تهيأنا بالصوم لنسمو روحيا فوق الدنيويات ، فالصوم ركن مهم جدا من اركان العبادة ، وله القدرة على تحويل الطاقات الجسدية للانسان الى طاقات روحية ، والمؤمن حين يصوم يكون على استعداد للرحلة الى مغارة بيت لحم ، حيث يلتحم الصوم بالصلوات والصدقات والالحان والتراتيل العذبة والتاملات الروحية ، ليبلغ المؤمن حالة الفرح الروحي ويشترك مع طغمات النورانيين وهم يهتفون ويرددون السيمفونية الخالدة والتي أنعشت القلوب على مر الدهور : المجد لله في العلى وعلى الارض السلام وفي الناس المسرة . هكذا يسمو المؤمن بالروح ليصبح في وضع مناسب يشترك معه في الاحتفال بولادة الكلمة ، ولادة النور والمحبة ، يقف الى جانب الرعاة في مغارة التواضع في دواخله ،ليسجد ببساطه الرعاة لمولود المذود ،بايمان صادق تغمره الفرحه الروحية العارمة والاستنارة بمعطيات الميلاد ومعانيه . وهكذا يشاطر المؤمن المجوس ، في حكمة انجيلية ( وراس الحكمة مخافة الرب ) حين يقدم هداياه لمولود بيت لحم ، ذهبا ولبانا ومرا : الذهب تمثله الصدقات والمساعدات والخدمة التي تقدم للمحتاجين في هذا العالم الصاخب القاسي المتلاطم الامواج . واللبان أي البخور ، يمثله السلوك المسيحي السليم قي المجتمع وحياة البر والتقوى والمحبة التي يعيشها المؤمن بين الناس ، وهو ينشر رائحة يسوع الزكية في المجتمع وينقل نوره الالهي الى العالم ، فيتمجد اسم الرب . أما المر فهو الضيقات والمعانات والتجارب التي يتحملها المؤمن بفرح من أجل اسم يسوع المسيح في هذا العالم ، وهي أيضا هدية يقدمها المؤمن ليسـوع حين يعرف كيف يعبرها بكل صبـر وأناة وفرح وايمان ، محتملا ذلك من أجل اسم يسوع الاقدس ، حاملا الصليب كما أراد الرب ، ليكون مستحقا الدخول الى العرس السماوي . وحين يفعل المؤمن كل ذلك ، ويقدم هداياه لرب المجد يسوع ،عندها يكون سائرا في الطريق الحق الذي يوصله الى ميناء السلام والطمأنينة والتواجد في حضرة الله ، ليعيش الملكوت على الارض ويكون متحدا بالله ومتواجدا دائما في حضرته ، وهذا هو معنى الميلاد الحق . |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
تداريب هامة لصوم الميلاد ! كيف تستعد له ؟ لماذا نصوم صوم الميلاد ؟ البابا تواضروس |
لماذا نصوم صوم الميلاد ؟ |
لماذا نصوم صوم الميلاد |
مقدمة عن الميلاد |
عيد الميلاد المجيد: أ) مقدمة |