|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تفسير الكتاب المقدس بعهديه لأبونا انطونيوس فكرى ارجو التثبيت لحين الأنتهاء من تفسير الأنجيل كله تابع
تفسير الكتاب المقدس بعهديه لأبونا انطونيوس فكرى ارجو التثبيت لحين الأنتهاء من تفسير الأنجيل كله تابع تفسير سفر ارميا الإصحاح الحادى والثلاثون يستمر هذا الإصحاح فى رسالة العزاء لشعب الله المسبى فى بابل أو شعب الله فى كل مكان الذى ينتظر مجىء المسيح ليحرره من عبودية إبليس. ويؤكد هنا للمسبيين أنه فى الوقت المحدد سيعودون هم وأولادهم لأرضهم ويكونون أمة عظيمة سعيدة. وهذا التأكيد موجه للكنيسة التى سيأتى لها المسيح ويكوَن منها جسداً لهُ فتزدهر وتنمو. فالمسيح فيه وحده تحقيق هذه الوعود بالكامل. الأيات 1-9 :- 1- في ذلك الزمان يقول الرب اكون الها لكل عشائر اسرائيل و هم يكونون لي شعبا. 2- هكذا قال الرب قد وجد نعمة في البرية الشعب الباقي عن السيف اسرائيل حين سرت لاريحه. 3- تراءى لي الرب من بعيد و محبة ابدية احببتك من اجل ذلك ادمت لك الرحمة. 4- سابنيك بعد فتبنين يا عذراء اسرائيل تتزينين بعد بدفوفك و تخرجين في رقص اللاعبين. 5- تغرسين بعد كروما في جبال السامرة يغرس الغارسون و يبتكرون. 6- لانه يكون يوم ينادي فيه النواطير في جبال افرايم قوموا فنصعد الى صهيون الى الرب الهنا. 7- لانه هكذا قال الرب رنموا ليعقوب فرحا و اهتفوا براس الشعوب سمعوا سبحوا و قولوا خلص يا رب شعبك بقية اسرائيل. 8- هانذا اتي بهم من ارض الشمال و اجمعهم من اطراف الارض بينهم الاعمى و الاعرج الحبلى و الماخض معا جمع عظيم يرجع الى هنا. 9- بالبكاء ياتون و بالتضرعات اقودهم اسيرهم الى انهار ماء في طريق مستقيمة لا يعثرون فيها لاني صرت لاسرائيل ابا و افرايم هو بكري. فى (1) الله يعد شعبه إسرائيل، المملكة الشمالية والجنوبية معاً وأيضاً إسرائيل الروحى، إسرائيل الله (غلا16:6) أى الكنيسة، أنه سيدخل معهم فى عهد من جديد بعد أن إنسكب غضبه على الأشرار (24،23:30) وبعد رجوع الشعب من بابل إنضم يهوذا مع إسرائيل فعلاً بعد أن عوقبت بابل. وبعد الصليب إجتمع ليس إسرائيل فقط مع يهوذا بل العالم كله. ونلاحظ أن إنضمام يهوذا لإسرائيل يشير لإنضمام العالم كله أى الأمم لليهود بعد المسيح. فإسرائيل بعد إنقسامها عن يهوذا وإنفصالها لم يعد الله فى وسطها فليس لهم هيكل ولا كهنوت لذلك جعلهم يربعام بن نباط أول ملك لهم بعد الإنفصال يعبدون عجلاً ذهبياً. إذن فهم يشيرون للعالم الوثنى الغارق فى عبادة الأوثان ولكنهم مازالوا شعب الله. وبعد المسيح سيجتمع شمل جسد المسيح ثانية (المسيح جعل الإثنين واحداً أف14:2). وفى (2) سيصنع الله للناجين من بابل كما صنع للناجين من مصر وكما قصد بهم دائماً حين إختارهم كشعب فهو دائماً يفيض عليهم ببركاته. ولذلك يذكرهم بما صنعهُ مع أبائهم فى خروجهم من مصر حين كانوا شعب متبقى من السيف، سيف فرعون، الذى قتل أطفالهم أولاً، وهذا السيف هددهم حتى وصولهم إلى البحر الأحمر وهكذا قصد الشيطان قتل وهلاك كل أولاد آدم، أولاد الله. وكما نجا أبكار الشعب بدم الخروف، خروف الفصح هكذا الكنيسة خلصت بدم المسيح. ثم دخلوا البرية، برية سيناء حيث ظنوا أنهم منسيين مثل حالهم الأن فى بابل فهم يظنون أن الله قد نسيهم تماماً بينما الله كان يعد لهم راحة فى أرض كنعان. وهكذا فى العهد القديم كان الله يُعد الخلاص بالمسيح والآن يُعَد لنا أمجاد السماء حيث الراحة الأبدية. فهو لم ينسانا. وحين تضيق بنا الأمور يجب أن نثق أن الشمس خلف الغيمة وأن هناك كنعان بعد البرية وهناك خلاص بعد إنقضاء فترة السبعين سنة ومجىء المسيح لخلاص وتحرير شعبه. وفى (3) تراءى لى الرب. من بعيد= يقولها اليهود فى السبى أنهم نظروا خلاص الرب مع أبائهم فى مصر ولكن كان هذا من بعيد أما الآن فلا نرى خلاصاً. ويقولها من كان ينتظر مجىء المسيح ولكنه كان يظن أن مجيئه بعيداً ويقولها كل متضايق أنا أثق أن الله يمكن أن يعين البشر ولكنه بعيد. ولكن يرد الله أحببتك محبة أبدية أحببتك فأصبر وأنتظر الرب لأنى رحمتك ورحمتى أبدية = أدمت لك الرحمة = ولن أنساكِ أبداً. حتى إن نسيت الأم رضيعها فأنا لا أنساكم (أش15:49) فالله يحبنا ويرحمنا محبة ورحمة أبدية حتى لو بدا لنا لبعض الوقت أن محبته ورحمته غير ظاهرة. ومن يحبه الرب هذا الحب يدخل معهُ فى عهد ويقربه منهُ ويبنيه (5،4) ويشبهها هنا بعذراء (التوبة تحول الزانى لبتول) أعاد الله زينتها بعد أن فقدتها وأعاد لها أفراحها ودفوفها. فمن يشعر بمحبة الله هذة يسبحه طول العمر. ولكن من هو فى السبى لا يستطيع أن يسبح. لذلك كان لسان حالهم فى السبى "علقنا قيثاراتنا على الصفصاف (لا نستطيع أن) نسبح تسبحة الرب فى أرض غريبة" وهكذا كل من هو فى سبى الخطية مستعبد من شهواته لا يستطيع أن يسبح بفرح ولكن حينما يحرره الله منها يسبحه. وهكذا سبحت مريم ورقصت حين سبح موسى مع كل الشعب بعد خروجهم من مصر أرض العبودية وهكذا سيسبح السمائيين بعد وصولهم للسماء (رؤ1:14-3).ولاحظ أنه حين نخدم الله ونعيش لهُ تلازمنا أفراحه. وسوف تغرس كروماً (الخراب والحزن تحولا لثمار وأفراح) فى السامرة حيث أصبح هناك سلام بينهما، بين يهوذا والسامرة أو بين اليهود والأمم فالسامرة هنا رمز للأمم الذين كانوا فى عداء مع اليهود ولكن تلاميذ المسيح الذين خرجوا من اليهود من أورشليم ذهبوا وبشروا فى السامرة بعد أن بدأوا بأورشليم فهم غرسوا كروماً أى مؤمنين فى السامرة. يغرس الغارسون ويبتكرون = أى أن الغارسون سيفرحون بالباكورات أى بالمؤمنين الذين سيؤمنون بكرازتهم. وهذا نفس المعنى الذى فى (6) فالنواطير أى حراس الكرم. فهم بشروهم وكرزوا لهم وهم حراس إيمانهم ويدعونهم دائماً إلى الصعود إلى صهيون = إلى الكنيسة كنيسة الرب إلهنا. وهذا عمل خدام المسيح دائماً حراسة شعبه من العدو إبليس وجمع أولاد الله للكنيسة (7) حينما يجتمع الشعب فى الكنيسة عليه أن يصلى لله أن يخلص بقية شعبه. بل يخلص الجميع ويدعو غير التائبين للإيمان والتوبة وفى (8) الله سيجمع الجميع حتى غير الصالح وغير القادر للمشى = الأعرج ومن هو غير قادرعلى رؤية الطريق = الأعمى. فمن يقوده الله لن يصبح أعرج ولا أعمى، فالله سيصير قوته بل سيجمع أيضاً للكنيسة الحُبلى والماخض معاً = لاحظ أن الأعرج والأعمى والحبلى والماخض كل هؤلاء يبدو أن عودتهم من بابل عبر الطريق الصعب إلى أورشليم، يبدو انها مستحيلة ولكن "هل يستحيل على الرب شىء" والحُبلى تشير لمن هو مثقل بالخطايا والشهوات (يع15:1). فمن يدعونا هو يقوينا ويزيل العقبات من الطريق. بل أن الله سيجمع شتاتهم، فهم كانوا قد تفرقوا فى كل أنحاء الأرض، مما يستدعى التفكير فى صعوبة جمعهم لأورشليم ثانية لكن حتى هذا سيدبرَه. ويجمعهم والمعنى الروحى فبعد الخطية تشتت الإنسان بعيداً عن الله. وها هو الوعد المعزى أن الله سيجمع الكل من كل مكان. وفى (9) وسط وعود الفرح نسمع أنهم بالبكاء يأتون وبالتضرعات أقودهم = فنحن كنيسة المسيح علينا أن لا نكف عن البكاء على خطايانا والتضرع إلى الله ليرحمنا ويغفر فنحن مازلنا فى حرب ضد إبليس طالما نحن فى العالم. وبالصلاة والتضرع يشتعل فينا الروح القدس = أسيرهم إلى أنهار ماء. وحين يقود الله يقودنا فى طريق مستقيم فهو الطريق، حتى لا نعثر ولا نضل والسبب أن الله هو أب ونحن أبكاره نفس سبب خروجهم من مصر "إسرائيل إبنى البكر" = أفرايم هو بكرى. ونحن فى المسيح نصير أبكاراً. وهنا وعد آخر بزيادة الكنيسة عددياً، حتى بالرغم من أن الظاهر يبدو قليل. جمع كثير يرجع إلى هنا. الأيات 10-17 :- 10- اسمعوا كلمة الرب ايها الامم و اخبروا في الجزائر البعيدة و قولوا مبدد اسرائيل يجمعه و يحرسه كراع قطيعه. 11- لان الرب فدى يعقوب و فكه من يد الذي هو اقوى منه. 12- فياتون و يرنمون في مرتفع صهيون و يجرون الى جود الرب على الحنطة و على الخمر و على الزيت و على ابناء الغنم و البقر و تكون نفسهم كجنة ريا و لا يعودون يذوبون بعد. 13- حينئذ تفرح العذراء بالرقص و الشبان و الشيوخ معا و احول نوحهم الى طرب و اعزيهم و افرحهم من حزنهم. 14- و اروي نفس الكهنة من الدسم و يشبع شعبي من جودي يقول الرب. 15- هكذا قال الرب صوت سمع في الرامة نوح بكاء مر راحيل تبكي على اولادها و تابى ان تتعزى عن اولادها لانهم ليسوا بموجودين. 16- هكذا قال الرب امنعي صوتك عن البكاء و عينيك عن الدموع لانه يوجد جزاء لعملك يقول الرب فيرجعون من ارض العدو. 17- و يوجد رجاء لاخرتك يقول الرب فيرجع الابناء الى تخمهم. فى (10) الكارزين أو الرسل ومن جاء بعدهم عليهم أن يُسمعوا خبر الخلاص للأمم كلها وللجزائر أى أقصى الأرض. ولاحظ أن الله هو مبدَد إسرائيل = فهو الذى شتتهم وإرسلهم للعدو بسبب خطاياهم. ولكن شكراً لله هذا ليس نهاية الموضوع. فالله يجمعه ويحرسه كراعٍ = حين يجمع الجميع فى جسده. وفى (11) نبوة ناطقة بالفداء الذى عملهُ المسيح. ومعنى الفداء فى المفهوم اليهودى :- حين يرهن إنساناً إبنه أو يبيعه لسداد دين عليه، يأتى فادى، وهو إنسان قريب ويدفع الثمن ليفك الرهن ويحرر إبن المستعبد وهكذا فإبليس إستعبدنا لأننا كنا مديونين بما قبلناه من يده من شهوات وملذات فجاء المسيح ودفع الثمن بدمه "عالمين أنكم أفتديتم لا بأشياء تفنى... بل بدم كريم" (1بط18:1) ولأن إبليس أقوى من الإنسان فلم يكن ممكناً أن يفدى الإنسان إنساناً آخر ففداه الله وفكنا من يد الذى هو أقوى منا (أى أبليس). وفى (12) ومن تحرر يرنم ويسبح ويجرون إلى جود الرب على الحنطة وعلى الخمر = الجسد والدم لنشبع ونرتوى روحياً. وعلى الزيت = الزيت يشير للروح القدس فنحن نجاهد لكى نمتلىء من الروح القدس. ومن يمتلىء ويفرح بالله سيعرف يقيناً أن هذا العالم هو نفاية (فى8:3) وعليه يُقَدم نفسه ذبيحة حية (رو1:12) والذبائح كانت تقدم من أبناء الغنم والبقر. وفى مزمور 29 "قدموا للرب أبناء الكباش" حسب الترجمة السبعينية "وقدموا للرب مجداً وعزاً" حسب الترجمة البيروتية. والمعنى أنه حينما نقدم أنفسنا ذبائح حية وحينما نقدم ذبائح التسبيح والشكر لله = "عجول شفاهنا" (هو2:14) يكون هذا لمجد الله. فنحن نمجد الله برفض كل إغراءات العالم وخطاياه بل برفض الحياة إذا كانت ستعوقنا عن الشهادة لله (مثل الشهداء) = "من أجلك نمات كل النهار" والكارزين والخدام يجرون على أبناء الغنم والبقر = حتى يؤمنوا ويعرفوا فيقدموا أنفسهم ذبائح حية ويفرح بهم خدامهم (فى 17:2) ومن يعرف كيف يقدَم نفسه ذبيحة حية تصبح نفسه كجنة رياَ ولا يعودون يذوبون بعد. فالجسد وإن كان ضعيفاً ومقدم كذبيحة إلا أن النفس مبتهجة كجنة وتسبح فى مرتفع صهيون = أى فى السموات فالله "أقامنا وأجلسنا معهُ فى السماويات". ومن تذوق هذه النعمة السماوية لا يمكن أن يذوب مرة أخرى فى السبى ولا يعود مرَة أخرى للخطية. ويشبع الجميع كهنة وشعباً (14) والكل يفرح (13) ويسبح (أحول نوحهم إلى طرب = حزنكم يتحول إلى فرح (يو20:16). وفى الأيات (15-17) يبدو أن الرامة كانت المكان الذى جمع فيه بنوزارادان المسبيين إستعداداً لنقلهم إلى بابل، ومن هناك ردَ أرمياء. وكأن راحيل هنا تبكى على أولادها الذين ذهبوا للسبى ولا تريد أن تتعزى لأنهم ليسوا بموجودين بل هم فى السبى. وكان قبر راحيل بين الرامة وبيت لحم. وقد راى فى هذه الأية متى البشير أنها تطبيق لقتل هيرودس لأطفال بيت لحم مت18،16:2). وقد تشير راحيل للكنيسة الأم فهى أم يوسف وبنيامين ويوسف يشير لإبنه أفرايم رمز المملكة الكبرى إسرائيل وبنيامين يشير للملكة الصغرى يهوذا فبنيامين بقى فى يهوذا. والكنيسة الأم تبكى على عبودية أولادها لإبليس. ولكن فى (17،16) رجاء فى الخلاص ولا يجب أن تحزن الكنيسة بعد فالمسيح حرر أولادها من السبى. الأيات 18-26 :- 18- سمعا سمعت افرايم ينتحب ادبتني فتادبت كعجل غير مروض توبني فاتوب لانك انت الرب الهي. 19- لاني بعد رجوعي ندمت و بعد تعلمي صفقت على فخذي خزيت و خجلت لاني قد حملت عار صباي. 20- هل افرايم ابن عزيز لدي او ولد مسر لاني كلما تكلمت به اذكره بعد ذكرا من اجل ذلك حنت احشائي اليه رحمة ارحمه يقول الرب. 21- انصبي لنفسك صوى اجعلي لنفسك انصابا اجعلي قلبك نحو السكة الطريق التي ذهبت فيها ارجعي يا عذراء اسرائيل ارجعي الى مدنك هذه. 22- حتى متى تطوفين ايتها البنت المرتدة لان الرب قد خلق شيئا حديثا في الارض انثى تحيط برجل. 23- هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل سيقولون بعد هذه الكلمة في ارض يهوذا و في مدنها عندما ارد سبيهم يباركك الرب يا مسكن البر يا ايها الجبل المقدس. 24- فيسكن فيه يهوذا و كل مدنه معا الفلاحون و الذين يسرحون القطعان. 25- لاني ارويت النفس المعيية و ملات كل نفس ذائبة. 26- على ذلك استيقظت و نظرت و لذ لي نومي. فى خروج 7:3 "قال الرب إنى قد رأيت مذلة شعبى الذى فى مصر وسمعت صراخهم من أجل مسخريهم إنى علمت أوجاعهم فنزلت لأنقذهم من يد المصريين" والله هنا سَمِعَ أفرايم ينتحب كما سمع شعبه فى مصر يصرخ. فقلب الله يئن مع أنين أولاده. وهنا أشار الله لأفرايم بالذات ربما بسبب الحادثة المذكورة فى (1أى22،21:7) حيثُ قُتِلَ أولاد إفرايم فبكى وناح. حتى عزاه الله بأولاد آخرين وفى هذا إشارة لهلاك أولاد الله بالخطية. ولكن خطيتهم جعلتهم يستعبدون فبكوا وأنَوا وسمع الله لهم وهنا الكلام بصيغة المفرد فبعد عمل المسيح أصبح الكل واحداً (يو20:17-23). وهنا إفرايم يبكى على خطيته ويقول ويعترف أن الله أدبه، لأنه كان كعجل غير مروض لم يعتاد بعد على نير المسيح. هو إذن يذكر تمرده فى شبابه. هو تمردنا وعصياننا قبل المسيح. هو تذمر إسرائيل فى البرية، وهو تمرد أى إنسان قبل أن يتوب. ولكن الله يسمع صوت بكاء كل هؤلاء وينتظر أن نقول لهُ توبنى يا رب فأتوب. إذن هو يبدأ وما علينا سوى أن نستجيب. وفى (19) بعد رجوعى ندمت = بعد أن عَرف المسيح نَدم على الوقت الذى إنقضى فى الخطية وصفقت على فخذى = كما يخبط الإنسان على صدره إذ يدهش لصدور هذه الخطايا منهُ. وهو خجلَ من خطايا صباه. نحن بدون نعمة الله سنظل شاردين دائماً. حين نعود ونتلامس مع محبته وغفرانه، نحزن أننا أحزننا قلبه المحب يوماً "خطيتى أمامى فى كل حين" ولنلاحظ أنه عند العودة أى التوبة يشعر أفرايم بمراحم الله ويفهم حكمته الحقيقية فى التأديب (18). وإذ يشعر بثقل الخطايا يبدأ يصرخ إلى الله طالباً أن يعطيه توبة (19،18) وما أن يطلب التوبة حتى يبدأ الله أن يكشف لهُ محبته (20) وقد يشير هذا لإيمان إسرائيل فى آخر الأيام. وفى أية (20) يظهر حنان الله نحو أفرايم فالله إقتناه كطفل ثم صار إبن ضال وفقد صورته الأولى حتى أن الله تساءل هل أفرايم إبن عزيز لدىَ أو ولد مسَر = هل هذه هى الصورة التى أردتها لهُ حتى اسر بها، هل هذه هى صورتى التى خلقته عليها ولكن حين ناح إفرايم على نفسه تحسَر الله عليه. ولكن الله لم ينساه لحظة واحدة = لأنى كلما تكلمت به أذكره ذكراً. هو دائماً فى فكره يذكره بالخير حتى لو تكلم ضده بالتهديد ولكن أحشاء الله تئن عليه وسيرحمه. ولنلاحظ أن الله حتى لو عاقب شعبه تظل مراحمه نحوهم ولا يطردهم من أمام عينيه ويظل يخطط لخيرهم فتأديبه ممتزج بمراحمه. وفى (21) الصوى = هى علامات يضعها المسافرون لتكون علامات لهم فى الطريق. وهذا لهُ معنيان فالأول: هم الأن ذاهبون للسبى، وعليهم أن يعرفوا لماذا ذهبوا فى هذا الطريق "أذكر من أين سقطت وتب" (رو5:2) ماذا كان السبب وراء سبيهم حتى يمتنعوا عن ذلك الطريق بعد عودتهم. والثانى : لتكون هذه علامات لأولادهم فالذين ذهبوا للسبى لن يعودوا ثانية لكن أولادهم سيعودون بخبرات الأباء. إذن هى علامات وأنصاب للهداية فى الطريق من بابل لأورشليم وهذه فائدة الإرشاد الروحى ونجد فى هذه الأية تشجيع لعودة المسبيين لأورشليم وعودة كل إنسان تائب ليترك طريقه الشرير. إرجعى يا عذراء إسرائيل = فبالتوبة صارت بتول ثانية كما يقول الأباء "التوبة تحوَل الزانى لبتول" وهاهو الله يسميها عذراء ثانية وأعاد خطبتها لنفسه. وفى رجوعهم يشكرون الله الذى أعد هذا الخلاص بعد أن يروا علامات أبائهم والألام التى ساروا فيها فى طريق العبودية ثم الخلاص الذى أعدَه لهم الله وفى (22) حتى متى تطوفين أيتها البنت المرتدة = هذا عمل الخطية فهى تجعل الإنسان مرتد عن الله وهذا المرتد لا يجد راحة فى أى مكان فهو دائماً يطوف يحاول أن يجد راحة ولكن لن يجد راحة إلا فى حضن أبيه لذلك يدعوه الله متساءلاً إلى متى لن تدرك هذه الحقيقة خصوصاً بعد أن خلق الله شيئاً حديثاً فى الأرض. أنثى تحيط برجل = هذا حدث بعد التجسد حين كانت العذراء تحيط بالمسيح طفلاً فى رحمها ثم على يديها ثم أحاطت الكنيسة به كعروسه، كجسده ويفيض عليها من بركاته هذا هو الشىء الجديد. وفى ذلك الشكل الجديد "هوذا الكل قد صار جديداً" يلمح الناس فينا شكلاً جديداً متميزاً، فرح وسلام دائم وعدم إهتمام بالعالميات. وفى (23) سوف يبارك الكنيسة كل من يراها فى هذه الحالة. بعد أن كانت مسكناً للصوص صارت مسكناً للبر ألم يحدث هذا فى صدر المسيحية فى مصر حينما كان الوثنى عندما يقابل وثنى آخر مبتهجاً يقول لهُ "هل قابلت اليوم مسيحياً" وهذا ما قاله معلمنا بطرس "كونوا مستعدين لمجاوبة كل من يسألكم عن سر الرجاء الذى فيكم" وهى مسكن للبر لأن المسيح برنا " ساكن فى وسطنا وهى عالية مقدسة = جبل مقدس وفى (24) يهوذا = هى الكنيسة فيهوذا كان فيها كرسى داود والكنيسة يسكن فيها المسيح فهى كنيسته. هو يملك على قلوب شعبه. والفلاحون هم الخدام والرعاة، والذين يُسرَحون القطعان = الفلاح يرمى البذرة ويحرث الأرض والذين يسَرحون القطعان = هم الذين يرعون الشعب فالشعب هو قطيع المسيح. وفى (25) المسيح يملأ كنيسته من روحه القدوس الذى يشبع ويشفى ويروى النفس المعيية. وبعد أن رأى النبى فى رؤياه صورة الكنيسة المبهجة هذه كان كأنه فى حلم وإستيقظ وكان نومهُ لذيذاً (26) هو فرح النبى بالخلاص وملكوت الله. وهذا سر فرحنا الأن أننا ننتظر أفراح السماء ومجدها. إستيقظ = هذه نبوة عن قيامة المسيح الذى قام وفرح بالخلاص الذى عمله. الأيات 27-34 :- 27- ها ايام تاتي يقول الرب و ازرع بيت اسرائيل و بيت يهوذا بزرع انسان و زرع حيوان. 28- و يكون كما سهرت عليهم للاقتلاع و الهدم و القرض و الاهلاك و الاذى كذلك اسهر عليهم للبناء و الغرس يقول الرب. 29- في تلك الايام لا يقولون بعد الاباء اكلوا حصرما و اسنان الابناء ضرست. 30- بل كل واحد يموت بذنبه كل انسان ياكل الحصرم تضرس اسنانه. 31- ها ايام تاتي يقول الرب و اقطع مع بيت اسرائيل و مع بيت يهوذا عهدا جديدا. 32- ليس كالعهد الذي قطعته مع ابائهم يوم امسكتهم بيدهم لاخرجهم من ارض مصر حين نقضوا عهدي فرفضتهم يقول الرب. 33- بل هذا هو العهد الذي اقطعه مع بيت اسرائيل بعد تلك الايام يقول الرب اجعل شريعتي في داخلهم و اكتبها على قلوبهم و اكون لهم الها و هم يكونون لي شعبا. 34- و لا يعلمون بعد كل واحد صاحبه و كل واحد اخاه قائلين اعرفوا الرب لانهم كلهم سيعرفونني من صغيرهم الى كبيرهم يقول الرب لاني اصفح عن اثمهم و لا اذكر خطيتهم بعد. فرح النبى بالرؤيا السابقة وهنا الله يكشف لهُ المزيد عن الأيام السعيدة القادمة وفى (27) غرس الله آدم فى الجنة زرعاً جيداً ولكنه سقط وفسد ولكن هاهو الله يزرعهُ جديداً. "ندفن مع المسيح ونقوم معهُ خليقة جديدة" (رو6) بزرع إنسان (زرع إنسان يشير لتجديد النفس وزرع حيوان يشير لتجديد الجسد) هذا تم بتجسد المسيح فى أحشاء العذراء أخذاً جسدنا. وزرع حيوان = بعد أن أخذ المسيح ما هو لنا أى جسدنا أعطانا الذى لهُ. وحينما إكتشف ويكتشف أى شخص أية درجة رفعه لها المسيح يحتقر هذا العالم ويربط نفسه بنير المسيح، كحيوان مربوط بالنير ويقدم نفسه ذبيحة حية (أبناء الغنم والبقر أر12:31) ويتبع المسيح كغنم وهو الراعى. وكشاة سيقت للذبح. اى نتبع المسيح فى تسليم كامل. وفى (28) كما ضرب الربَ وأدب وطرد وقلع قبل المسيح، كما طرد آدم من الجنة ها هو يردنا للسماويات ويعيدنا للبنوة وفى (29) لأننا نحن أجزاء من آدم فحينما هلك آدم هلكنا معهُ وكان السؤال الدائم وما ذنبى! هل أخطأت أنا؟ ولكن الأن بعد الفداء والمعمودية تمحى خطية آدم فلا يعود أحد يموت بسبب الأباء. بل كل واحد يموت بخطية نفسه راجع (حز2:18) (30) بعد المسيح لا داعى أن يلوم أحداً آدم. والأيات (31-34) نقلها بولس الرسول فى رسالته للعبرانيين (عب7:8-13). ومن هذه الأيات عَرَف المسيحيون تسمية العهد الجديد (31). وفى (32) سمات العهد القديم أن الله أمسكَ بيدهم ليخرجهم من أرض مصر = بأيات ومعجزات وشق بحر ومَن ينزل من السماء. هنا الله يكشف نفسه لهذا الشعب بالعيان فهم لم تكن قامتهم الروحية تسمح بالإيمان بشىء غير مرئى فكان لابد لهذه الأيات. ومع هذا بحثوا عن إله مرئى ليعبدوه وصنعوا العجل الذهبى = نقضوا عهدى فرفضتهم. وفى (33) سمات العهد الجديد، عهد الإيمان الذى قال عنهُ السيد المسيح "طوبى لمن آمن ولم يرى" وفيه يتعامل الله مع الإنسان داخل القلب، يعرفونه بقلبهم وهو يفتح عيون قلوبهم ليروه ويروا أعماله ويفتح أذانهم فيسمعوا صوتهُ ويميزوه "من له أذنان للسمع فليسمع ما يقوله الروح للكنائس" وخراف المسيح تعرف صوته فتتبعه (يو4:10) لأنهم كلهم سيعرفوننى وهذا عمل الروح القدس (34) "الذى يعلمنا كل شىء ويذكرنا بكل ما قاله المسيح لنا" وهو الذى يفحص أعماق الله ويكشف لنا محبته (1كو2) وهو الذى يشهد لنا ببنوتنا لله. ونحن حصلنا على عطايا الروح القدس بعد أن صفح الله عن إثمنا ولم يعُدْ بذكر خطايانا وهذا حدث بالفداء والصعود إلى السماء بجسده " خير لكم أن أنطلق لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزى راجع التعليق على إصحاح 17 (فالوصايا تكتب على القلب حينما يسكب الروح القدس محبة الله فى قلوبنا (رو5:5) فننفذ الوصايا عن حب يو23،21:14). الأيات 35-40:- 35- هكذا قال الرب الجاعل الشمس للاضاءة نهارا و فرائض القمر و النجوم للاضاءة ليلا الزاجر البحر حين تعج امواجه رب الجنود اسمه. 36- ان كانت هذه الفرائض تزول من امامي يقول الرب فان نسل اسرائيل ايضا يكف من ان يكون امة امامي كل الايام. 37- هكذا قال الرب ان كانت السماوات تقاس من فوق و تفحص اساسات الارض من اسفل فاني انا ايضا ارفض كل نسل اسرائيل من اجل كل ما عملوا يقول الرب. 38- ها ايام تاتي يقول الرب و تبني المدينة للرب من برج حننئيل الى باب الزاوية. 39- و يخرج بعد خيط القياس مقابله على اكمة جارب و يستدير الى جوعة. 40- و يكون كل وادي الجثث و الرماد و كل الحقول الى وادي قدرون الى زاوية باب الخيل شرقا قدسا للرب لا تقلع و لا تهدم الى الابد. ربما يتساءل إنسان كيف يمكن تحقيق كل هذه الوعود. كيف يمكن أن يقيمنا الله ونحن أموات بالخطايا بل أنهُ هو الذى أصدر حكم الموت؟ حقاً كان حال الإنسان قبل الفداء ميئوساً منهُ ولكن هنا فى (35)، (37) الله يكشف عن قدراته فى خلق السموات والأرض وكيف يضبطها فهل يستحيل على الرب شىء، هل يستحيل على الرب أن يعيد إسرائيل بل كل نسل آدم عن أن يكونوا أمة أمامه، بعد أن رفضوا. حقاً لم يكن إنسان يتصور أن محبة الله تجعله يخلى ذاته أخذاً صورة عبد حتى يفدى أبناء البشر. حقاً يا رب لا يستحيل عليك شىء ومحبتك لنا لا يقف شىء فى سبيلها. وفى (38) تبنى المدينة = المدينة هى أورشليم هى الكنيسة، هى جسد المسيح. من برج حننئيل إلى باب الزاوية = حنفئيل أى حنان ومراحم الله وهى عالية كبرج والزاوية تشير للمسيح حجر الزاوية الذى ربط العهدين، أى ربط كنيسة العهد القديم بكنيسة العهد الجديد وربط ووحد السمائيين بالأرضيين واليهود بالأمم. فإتساع الكنيسة بإتساع مراحم الله وهى مبنية على مجىء المسيح وتجسده وكونه حجراً للزاوية. وفى (39) يخرج بعد خيط القياس = الله يعرف أولاده واحداً واحداً "الذين أعطيتنى لم يهلك منهم أحد إلا إبن الهلاك" أكمة جارب ويستدير إلى جوعة = أكمة جارب بالقرب من أورشليم جهة الغرب وجارب معناها برص، مرض البرص أو الجرب وجوعة معناها خفض وهو مكان بالقرب من أورشليم فى الجنوب الغربى. والمعنى أن خيط القياس سيجمع كل الذين تلوثوا بالخطية (البرص) وإنحطت درجتهم فبعد أن خلقهم الله سماويين إنحطوا وأصبحوا أرضيين لكن المسيح جاء لهذا "هو جاء ليشفى الأبرص وإرتفع ليرفعنا معهُ". هو قبل كل المرذولين وأعطاهم حياة سماوية وفى (40) صورة حية لما حدث، لعمل المسيح الذى حول الإنسان الذى مات بالخطية ولعنت الأرض بسببه وأصبحت وادى للجثث. ووادى قدرون إلى زاوية باب الخيل = وادى قدرون هو وادى يهوشافاط ومعنى يهوشافاط الله يقضى وكلمة قدرون عبرية ربما كان معناها أسود. والمعنى أن عمل المسيح هو أن أعطى حياة للجثث وقضاؤه بالموت على آدم تحمله هو نفسه. لذلك فى (يو1:18) خرج يسوع مع تلاميذه إلى عبر وادى قدرون حيث كان بستان دخله هو وتلاميذه وهناك سلمه يهوذا ليقضى عليه بالموت. وبذلك تحول الإنسان قُدساً للرب بعمل دم المسيح الذى يُقدِس. وهذا العمل حفظ الكنيسة للأبد لا تهدَم ولا تقلع. باب الخيل = المؤمنين هم الفرس الأبيض الذى يقوده المسيح (رؤ2:6) زاوية باب = المسيح هو حجر الزاوية وهو الباب الذى يدخل منه المؤمنين الذين كانوا أمواتاً. تعليق على الأصحاح هذا الإصحاح ينتمى للعهد الجديد. ومنهُ إشْتقَ إسم العهد الجديد وأُطلق على الإنجيل والفرق بين العهد القديم والعهد الجديد. 1. فى العهد القديم يقول "إفعل هذه فتحيا" إذن من سقط فى واحدة سقط فى الكل وبذلك يكون الكل مدان محكوم عليه بالموت. وهنا تنفيذ الوصايا التى فى الناموس هو مسئولية كل فرد الشخصية. تعتمد على قدرته فى المحافظة على العهد ولذلك فشل الإنسان وثبت عجزه من جيل إلى جيل. أما فى العهد الجديد "بدونى لا تستطيعوا أن تفعلوا شيئاً" فالخلاص هبة من الله. والروح القدس يعين ضعفاتنا. وهو عهد أبدى بين الله وبيننا. 2. عمل الله فى العهد الجديد داخل قلب الإنسان. فبدلاً من كتابة العهد القديم على ألواح حجرية خارجاً عن الإنسان كتبها على قلبه ونحفظ وصاياه بالمحبة "من يحبنى يحفظ وصاياى" لذلك ففى العهد الجديد يطيع الإنسان لرغبة شخصية فى الطاعة وليس قسراً أو كواجب. 3. هى ليست شريعة منقوشة بل خبرات شخصية يختبرها الإنسان بنفسه فيصير إيمانه حقيقياً ودور أى خادم ليس أن يعطى هذه الخبرة للمخدوم فهذا عمل الروح القدس، بل أن يقوده للإقتناع بضرورة هذه العلاقة الشخصية والخبرة الشخصية. وإذاً فمعنى كلمة " لا يعلمون بعد كل واحد صاحبه (34) لا تلغى دور المعلم والخادم. والروح القدس الذى يعمل فى الخادم ويعطيه إمكانية أن يكون معلما (أف11:4) يعمل فى المخدوم ليستمع ويقتنع. الإصحاح الثانى والثلاثون أتى لأرمياء فى سجنه، عمهَ ليبيع لهُ حقله وذلك بسبب الحصار، فعم أرمياء قطعاً محتاج للمال فى هذه الضيقة، بالإضافة لحالة اليأس التى تسود الجميع بسبب الحصار البابلى، فتصوروا أن بابل ستأخذ الأرض ويستولوا على كل شىء. وأرمياء قام بالشراء فعلاً بموافقة الله وذلك إثباتاً لنبواته أن مدة الحصار محدودة وسيذهب البابليين تاركين الأرض لأصحابها. ولكن أرمياء لم يضع يدهُ على الأرض بسبب 1) سجنه 2) بسبب السبى البابلى. وكتب أرمياء نسختين من صك الشراء 1) مفتوحة يقرأها أى إنسان 2) مغلقة ومحفوظة فى إناء وخزفى لأنه يعلم أن السبى سيبقى لعشرات السنين. وهذه القصة مليئة بالرموز. 1. أرمياء نفسه هو رمز للمسيح، وألام أرمياء البرىء البار رمز لألام المسيح. 2. الحقل الذى قام أرمياء بشرائه، هو رمز للكنيسة التى إشتراها المسيح بدمه، وكان عند اليهود، شراء الحقل بهذا الأسلوب يسمى فداء. 3. لم يضع المسيح يده بالكامل على كنيسته، بحسب قول بولس الرسول "على أننا الأن لسنا نرى الكل بعد مخضعاً لهُ" (عب8:2). وأرمياء لم يضع يده على الحقل بسبب السبى وبسبب سجنه، ولن يفك السبى قبل 70 عاماً والمسيح لن يخضع الكل لهُ، ويضع يدهُ بالكامل على كنيسته إلا بعد إنتهاء هذا العالم بصورته الحالية، فطالما نحن فى الجسد لن نستطيع إرضاء الله بالكامل. 4. أرمياء قام بالشراء وهو فى السجن، والمسيح قام بالفداء وهو فى الجسد. 5. كان هناك نسختين لصك الشراء واحدة مقروءة والثانية مغلقة، وصك الفداء أى عمل المسيح واضح ومقروء للمؤمنين ومختوم غير مفهوم لغير المؤمنين أو أن المختوم رمز للعربون الذى نحصل عليه الأن من أفراح السماء، والمفتوح هو إشارة لأمجاد السماء التى سنحصل عليها حين نرى الله وجهاً لوجه. 6. الإناء الخزفى إشارة لجسدنا الحالى 2 كو 7:4 نحصل فيه على سكنى عربون الروح "عربون الروح" (2كو22:1). الأيات 1-15 :- 1- الكلمة التي صارت الى ارميا من قبل الرب في السنة العاشرة لصدقيا ملك يهوذا هي السنة الثامنة عشرة لنبوخذراصر. 2- و كان حينئذ جيش ملك بابل يحاصر اورشليم و كان ارميا النبي محبوسا في دار السجن الذي في بيت ملك يهوذا. 3- لان صدقيا ملك يهوذا حبسه قائلا لماذا تنبات قائلا هكذا قال الرب هانذا ادفع هذه المدينة ليد ملك بابل فياخذها. 4- و صدقيا ملك يهوذا لا يفلت من يد الكلدانيين بل انما يدفع ليد ملك بابل و يكلمه فما لفم و عيناه تريان عينيه. 5- و يسير بصدقيا الى بابل فيكون هناك حتى افتقده يقول الرب ان حاربتم الكلدانيين لا تنجحون. 6- فقال ارميا كلمة الرب صارت الي قائلة. 7- هوذا حنمئيل بن شلوم عمك ياتي اليك قائلا اشتر لنفسك حقلي الذي في عناثوث لان لك حق الفكاك للشراء. 8- فجاء الي حنمئيل ابن عمي حسب كلمة الرب الى دار السجن و قال لي اشتر حقلي الذي في عناثوث الذي في ارض بنيامين لان لك حق الارث و لك الفكاك اشتره لنفسك فعرفت انها كلمة الرب. 9- فاشتريت من حنمئيل ابن عمي الحقل الذي في عناثوث و وزنت له الفضة سبعة عشر شاقلا من الفضة. 10- و كتبته في صك و ختمت و اشهدت شهودا و وزنت الفضة بموازين. 11- و اخذت صك الشراء المختوم حسب الوصية و الفريضة و المفتوح. 12- و سلمت صك الشراء لباروخ بن نيريا بن محسيا امام حنمئيل ابن عمي و امام الشهود الذين امضوا صك الشراء امام كل اليهود الجالسين في دار السجن. 13- و اوصيت باروخ امامهم قائلا. 14- هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل خذ هذين الصكين صك الشراء هذا المختوم و الصك المفتوح هذا و اجعلهما في اناء من خزف لكي يبقيا اياما كثيرة. 15- لانه هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل سيشترون بعد بيوتا و حقولا و كروما في هذه الارض. نجد هنا أن الملك سجن أرمياء بسببب نبواته ضدَه وضد أورشليم. وهذه الأحداث جَرَت فى السنة العاشرة لصدقيا. وبدأ الحصار فى السنة التاسعة لهُ وسقطت المدينة فى السنة الحادية عشرة. وكان المفروض أن يُقَدم الملك توبة بدلاً من أن يسجن صوت الحق وطبعاً التهمة الموجهة للنبى أنه يضعف معنويات الشعب. ولكن يبدو أن أرمياء كان لهُ شىء من الحرية أثناء فترة حبسه (كما حدث مع بولس الرسول فى رومية أع30:28) فأمكن لأصحابه وأقرباؤه أن يزوروه وإستطاع هو القيام بأعمال البيع والشراء. وغالباً فالملك قد حما النبى بسجنه هذا حتى لا يقتله رجال الملك (التفصيلات أصحاح37) (1-5). أما الأيات (6-15) فنجد فيها قصه اخرى عن شرائه ارض بمشورة الله ليثبت أنه فى وقت محدد ستنتهى هذه الألام وغالبا فقريب إرميا هذا كان يحتاج لهذا المبلغ من المال فقام ببيع أرضه لمن لهُ حق الشراء. فغالباً كان هو الولى الأقرب الذى له حق الفكاك وحق الإرث. وكان للأقرباء دون غيرهم هذا الحق، حق شراء الأرض وكان عليهم أيضاً حسب العرف والرأى العام واجب الشراء إذا كان القريب صاحب الأرض فى ضيقة مالية. ولكن هل يبدو منطقياً أن يشترى أحد فى هذه الظروف والكل ذاهب إلى السبى وأورشليم محاصرة والعدو سيستولى على كل شىء فتكون كل الأراضى عديمة القيمة. ولكن هنا إعلان عن ثقة إرمياء فى وعود الله بالعودة من السبى وليعلن هذا لكل الشعب. ونسمع هنا عن صكين أحدهما مختوم والآخر مفتوح = المختوم هو بعد أن يتم لفة وغلقه يختم والمفتوح مفتوحاً لكل من يريد أن يقرأ (هو أصل وصورة والأصل مختوم) ووضعهما فى إناء خزف = لأنه يريد حفظهما 70 سنة حتى العودة من السبى. ووضع الصك فى إناء خزف كى يبقى طويلاً. كانت عادة مألوفة بدليل ما وُجد فى مغارات بقرب بحر لوط لنسخ من أسفار العهد القديم ظلت مختزنة فى بطن الأرض أكثر من ألفى سنة. الأيات 16-25 :- 16- ثم صليت الى الرب بعد تسليم صك الشراء لباروخ بن نيريا قائلا. 17- اه ايها السيد الرب ها انك قد صنعت السماوات و الارض بقوتك العظيمة و بذراعك الممدودة لا يعسر عليك شيء. 18- صانع الاحسان لالوف و مجازي ذنب الاباء في حضن بنيهم بعدهم الاله العظيم الجبار رب الجنود اسمه. 19- عظيم في المشورة و قادر في العمل الذي عيناك مفتوحتان على كل طرق بني ادم لتعطي كل واحد حسب طرقه و حسب ثمر اعماله. 20- الذي جعلت ايات و عجائب في ارض مصر الى هذا اليوم و في اسرائيل و في الناس و جعلت لنفسك اسما كهذا اليوم. 21- و اخرجت شعبك اسرائيل من ارض مصر بايات و عجائب و بيد شديدة و ذراع ممدودة و مخافة عظيمة. 22- و اعطيتهم هذه الارض التي حلفت لابائهم ان تعطيهم اياها ارضا تفيض لبنا و عسلا. 23- فاتوا و امتلكوها و لم يسمعوا لصوتك و لا ساروا في شريعتك كل ما اوصيتهم ان يعملوه لم يعملوه فاوقعت بهم كل هذه الشر. 24- ها المتارس قد اتوا الى المدينة لياخذوها و قد دفعت المدينة ليد الكلدانيين الذين يحاربونها بسبب السيف و الجوع و الوبا و ما تكلمت به فقد حدث و ها انت ناظر. 25- و قد قلت انت لي ايها السيد الرب اشتر لنفسك الحقل بفضة و اشهد شهودا و قد دفعت المدينة ليد الكلدانيين. يبدو أن إرمياء فهم خطأ من طلب الله شراء الأرض أن الله مزمِع أن يصنع أعجوبة ويُهلك جيش بابل قريباً. فيقول لا يَعْسُر عليك أمر. وكان منطقه أنت قُلْتَ لى إشتر لنفسك الحقل (25) فما معنى أن أشترى الحقل إذا كانت المدينة ستسقط فى يد الكلدانيين. وهنا واضح شك أرمياء فى خراب المدينة، أو رجاؤه فى أن الله سيخلصها وهذه هى شهوة قلبه. ولذلك ذهبت أحلامه لعقد مقارنة مع خروج الأباء من مصر. وربما تصَور فى (23،18) أن الله جازاهم على أعمالهم ولكنه إكتفى بهذا. الأيات 26-44 :- 26- ثم صارت كلمة الرب الى ارميا قائلة. 27- هانذا الرب اله كل ذي جسد هل يعسر علي امر ما. 28- لذلك هكذا قال الرب هانذا ادفع هذه المدينة ليد الكلدانيين و ليد نبوخذراصر ملك بابل فياخذها. 29- فياتي الكلدانيون الذين يحاربون هذه المدينة فيشعلون هذه المدينة بالنار و يحرقونها و البيوت التي بخروا على سطوحها للبعل و سكبوا سكائب لالهة اخرى ليغيظوني. 30- لان بني اسرائيل و بني يهوذا انما صنعوا الشر في عيني منذ صباهم لان بني اسرائيل انما اغاظوني بعمل ايديهم يقول الرب. 31- لان هذه المدينة قد صارت لي لغضبي و لغيظي من اليوم الذي فيه بنوها الى هذا اليوم لانزعها من امام وجهي. 32- من اجل كل شر بني اسرائيل و بني يهوذا الذي عملوه ليغيظوني به هم و ملوكهم رؤساؤهم و كهنتهم و انبياؤهم و رجال يهوذا و سكان اورشليم. 33- و قد حولوا لي القفا لا الوجه و قد علمتهم مبكرا و معلما و لكنهم لم يسمعوا ليقبلوا ادبا. 34- بل وضعوا مكرهاتهم في البيت الذي دعي باسمي لينجسوه. 35- و بنوا المرتفعات للبعل التي في وادي ابن هنوم ليجيزوا بنيهم و بناتهم في النار لمولك الامر الذي لم اوصهم به و لا صعد على قلبي ليعملوا هذا الرجس ليجعلوا يهوذا يخطئ. 36- و الان لذلو هكذا قال الرب اله اسرائيل عن هذه المدينة التي تقولون انها قد دفعت ليد ملك بابل بالسيف و الجوع و الوبا. 37- هانذا اجمعهم من كل الاراضي التي طردتهم اليها بغضبي و غيظي و بسخط عظيم و اردهم الى هذا الموضع و اسكنهم امنين. 38- و يكونون لي شعبا و انا اكون لهم الها. 39- و اعطيهم قلبا واحدا و طريقا واحدا ليخافوني كل الايام لخيرهم و خير اولادهم بعدهم. 40- و اقطع لهم عهدا ابديا اني لا ارجع عنهم لاحسن اليهم و اجعل مخافتي في قلوبهم فلا يحيدون عني. 41- و افرح بهم لاحسن اليهم و اغرسهم في هذه الارض بالامانة بكل قلبي و بكل نفسي. 42- لانه هكذا قال الرب كما جلبت على هذا الشعب كل هذا الشر العظيم هكذا اجلب انا عليهم كل الخير الذي تكلمت به اليهم. 43- فتشترى الحقول في هذه الارض التي تقولون انها خربة بلا انسان و بلا حيوان و قد دفعت ليد الكلدانيين. 44- يشترون الحقول بفضة و يكتبون ذلك في صكوك و يختمون و يشهدون شهودا في ارض بنيامين و حوالي اورشليم و في مدن يهوذا و مدن الجبل و مدن السهل و مدن الجنوب لاني ارد سبيهم يقول الرب. ولكن الله يرد عليه بأن المدينة ستسقط أولاً لشرورها. أى أن السبب فى سقوطها خطاياهم مثل تبخيرهم للبعل على السطوح أى بلا خجل وليس فى الخفاء. وأداروا لله ظهورهم دليل على منتهى الإستهانة بالله. ولكن الله سوف يعيدهم ثانية بعد مدَة من الزمن. وسيضع الله خوفه فى قلوبهم. ولنلاحظ أن الخادم يضع فى عقولنا أفكاراً جيدة لكن الله وحده هو الذى يضع فى القلب. وبل يعطيهم الله قلباً واحداً. وهذا القلب الواحد لا يمكن أن يكون إلا فى طاعة الله وأن يبحث الإنسان عن مجد الله ناظرين لله وحده. والقلب الواحد معناه أن الكل سيكونون واحداً فى المسيح (يهود وأمم). وفى (44،43) الله يقنع أرمياء أن شراؤه للأرض التى لم يراها من قريبه والتى سيأخذها ملك بابل. لابد أن يثق فى أنها ستكون لهُ بالإيمان. وهذا ما يجب علينا أن نثق فيه. أن لنا كنعان سماوية حتى لو لم نراها الأن وعلينا أن نجاهد قانونياً حتى لا يمحى إسمنا من سفر الحياة الأبدية فنخسر كنعان السماوية. الإصحاح الثالث والثلاثون الأيات 1-9 :- 1- ثم صارت كلمة الرب الى ارميا ثانية و هو محبوس بعد في دار السجن قائلة. 2- هكذا قال الرب صانعها الرب مصورها ليثبتها يهوه اسمه. 3- ادعني فاجيبك و اخبرك بعظائم و عوائص لم تعرفها. 4- لانه هكذا قال الرب اله اسرائيل عن بيوت هذه المدينة و عن بيوت ملوك يهوذا التي هدمت للمتاريس و المجانيق. 5- ياتون ليحاربوا الكلدانيين و يملاوها من جيف الناس الذين ضربتهم بغضبي و غيظي و الذين سترت وجهي عن هذه المدينة لاجل كل شرهم. 6- هانذا اضع عليها رفادة و علاجا و اشفيهم و اعلن لهم كثرة السلام و الامانة. 7- و ارد سبي يهوذا و سبي اسرائيل و ابنيهم كالاول. 8- و اطهرهم من كل اثمهم الذي اخطاوا به الي و اغفر كل ذنوبهم التي اخطاوا بها الي و التي عصوا بها علي. 9- فتكون لي اسم فرح للتسبيح و للزينة لدى كل امم الارض الذين يسمعون بكل الخير الذي اصنعه معهم فيخافون و يرتعدون من اجل كل الخير و من اجل كل السلام الذي اصنعه لها. هنا نبوة معزية لأرمياء بينما هو ما زال فى السجن. فلا سجن ولا أى شىء يمنع كلمة الله وعزاؤه لأولاده. بل أنه كلما أغلق العالم وجهه أمام أولاد الله كلما أظهر لهم الله محبته (بولس الرسول ورسالة فيلبى ويوحنا اللاهوتى والرؤيا). وهنا الله يكرَر ما قاله سابقاً عن عودة شعبه المسبى لأورشليم فنحن لسنا فقط غير طائعين نحتاج لوصية على وصية بل غير مؤمنين نحتاج وعد وراء وعد. وكان كلام أرمياء ونبواته تشتمل على إنذارات بالخراب ووعود بالعودة فهو قد دُعِى ليس فقط للهدم والقلع بل للبناء والغرس أى يتنبأ بكلاهما لهذا الشعب. وفى (2) الرب صانعها = الرب صنع السماء والأرض، وهذا إشارة لصلاة النبى فى 17:32. وأنه هو الذى أسس أورشليم فى البداية وهو الذى حكم بخرابها وهو وحده القادر على بنائها ثانية. وهو الذى خلق الإنسان وهو الذى حكم عليه بالموت بعد خطيته وهو وحده القادر على إعادة تجديده كما جَدد أورشليم وهو سيصنع هذا للإنسان بفداء المسيح وهو وَحْدَهُ القادر أن ينفذ حين يَعِدْ فهو إسمه يهوه (خر3:6) وهذه الأخبار لهى معزية حقاً، والله عندهُ منها الكثير ولكن كيف نحصل على هذا العزاء؟ أدعنى فأجيبك (3) وبالصلاة يكشف الله محبته أكثر فأكثر ومن يريد عزاء مستمر من الله عليه أن يصلى دائماً بلا إنقطاع، والله سيظهر لمن يصلى عوائص = أى أشياء محتجبة عن المعرفة البشرية وإستعملت فى وصف المدن المحصنه المسوَرة (عد28:13) + (تث28:1) + (تث5:3) + (2صم6:20) + (أش15:2) وتترجم فى هذه الأيات مسيجة أو مسورة. وهكذا الحقائق الإلهية لا يستطيع أن يصل إلييها الناس بعقولهم الخاصة. والطريقة الوحيدة لإعلانها هى أن يعلنها الله لمن يحب. وهذا لن يأتى إلا بالصلاة. والعوائص التى يتكلم عنها فى هذه الأيات هى أن الله سيرُد الملك لداود (أى المسيح). ويرد السبى (أى الحرية فى المسيح): وقارن هذا بـ (1كو9:2-12) فالروح القدس يُعلِنْ لنا كل شىء فهو وحده الذى يفحص حتى أعماق الله ونحن حصلنا على الروح القدس. وفى (5،4) الله هو الذى سلَط بابل على أورشليم وحينما حاول شعب اليهود أن يحاربوا الكلدانيين أثاروا الكلدانيين بالأكثر وكان هذا مدعاة لأن يلحق الكلدانيين أكبر الضرر بأورشليم وشعبها وهيكلها ولكن فى (6) بعد أن وصلت أورشليم لهذه الحالة المتعذرة، فالله هو وحده الذى يستطيع شفاؤها من مرضها الذى هو الخطية وذلك بأن يتوبها فتتوب. فلا شفاء لنا سوى بالتوبة. وإذا قدَمت أورشليم توبة سيُعلن الله لها السلام والأمانة = والأمانة هى الحق. فكنيسة المسيح هى كنيسة الحق. فالحق يقودنا والسلام يريحنا "اما النعمة والحق فبيسوع المسيح صاراً" وفى (7) سيرد المسيح سبى هؤلاء المشتتون الضالون بعيداً عن المسيح، بعيداً عن الحق والسلام. وحدث هذا بعد السبى أن إجتمع فى اورشليم يهوذا مع إسرائيل، فمع أن الذين عادوا مع زربابل كانوا من أهل يهوذا وبنيامين ولاوى فقط إلا أنه بعد هذا إجتمع لها من كل الأسباط شعب كثير. وهذا ما عمله المسيح الذى جمع الكل فى كنيسته. وفى (8) وأطهرهم من كل إثمهم = كانوا فى العهد القديم يتطهرون بماء مقدس "تنضح على بزوفاك فأطهر". ولكن ما يطهرنا الآن فهو دم المسيح "الذى يطهرنا من كل خطية" فالله ما كان ليقبلنا إلا لو تطهرنا. وكان هناك إستحالة أن نتطهر بذواتنا. وفى (9) فتكون لى إسم فرحٍ للتسبيح = كما كانت خطاياهم إهانة لله ستكون توبتهم مجدا لله. فالله سيعود ويسكن أورشليم ويغمرها بعطاياه وإحساناته وستقابل أورشليم كل هذا بطاعتها لله وسيكون فى هذا مجد لله. وسترتعب الأمم منها = بسبب وجود الله فى وسطها. وسترتعب الشياطين منها، فهى "مرهبة كجيش بألوية" وفى القديم كان الشعب فى أرض مصر مستعبداً للمصريين ولكن الله كان فى وسطهم، وربما أن الشعب لم يشعر بهذه النعمة ولكن المصريين شعروا بهذا وإختشوا منهم (خر 12:1) حقاً فإن أرمياء لم يتنبأ فقط بالهدم والقلع بل للبناء والغرس. الأيات 10-16:- 10- هكذا قال الرب سيسمع بعد في هذا الموضع الذي تقولون انه خرب بلا انسان و بلا حيوان في مدن يهوذا و في شوارع اورشليم الخربة بلا انسان و لا ساكن و لا بهيمة. 11- صوت الطرب و صوت الفرح صوت العريس و صوت العروس صوت القائلين احمدوا رب الجنود لان الرب صالح لان الى الابد رحمته صوت الذين ياتون بذبيحة الشكر الى بيت الرب لاني ارد سبي الارض كالاول يقول الرب. 12- هكذا قال رب الجنود سيكون بعد في هذا الموضع الخرب بلا انسان و لا بهيمة و في كل مدنه مسكن الرعاة المربضين الغنم. 13- في مدن الجبل و مدن السهل و مدن الجنوب و في ارض بنيامين و حوالي اورشليم و في مدن يهوذا تمر ايضا الغنم تحت يدي المحصي يقول الرب. 14- ها ايام تاتي يقول الرب و اقيم الكلمة الصالحة التي تكلمت بها الى بيت اسرائيل و الى بيت يهوذا. 15- في تلك الايام و في ذلك الزمان انبت لداود غصن البر فيجري عدلا و برا في الارض. 16- في تلك الايام يخلص يهوذا و تسكن اورشليم امنة و هذا ما تتسمى به الرب برنا. هنا ينتقل الكلام فى منتهى الوضوح إلى المسيح وخلاص المسيح ففى (15) أنبت لداود غصن البر = فبعد أن إنتهى كرسى داود بسقوط صدقيا الملك وظهر لكل إنسان ان هذا الكرسى إنتهى، والشجرة الملكية ذَبلَتْ. فها هو المسيح كغصن ينبت لهذه الشجرة. وكلمة غصن = ناصرة لذلك دُعِىَ المسيح ناصرياً فهو المسيح الغصن أو الناصرى وهو غصن نما كغصن بر لينشر البر فى كنيسته فنحن نتبرر بدمه. ويكون هذا خلاصاً للكنيسة فى تلك الأيام يخلص يهوذا= فإسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم (مت21:1) ويفيض عليهم من سلامه = وتسكن أورشليم أمنة = " سلامى أترك لكم سلامى أنا أعطيكم " (16) وهذه الأيام هى التى يقيم فيها الرب = أى ينفذ ويحقق الكلمة الصالحة أى وعود الخلاص بالمسيح التى تكلم بها لإسرائيل أى لشعبه (14) والعالم والإنسان الذى كان خَرباً لأنه إنفصل عن الله (10) سيعود ويمتلىء بالروح القدس فيفرح ويسبح فهذه من ثمار الروح القدس. وتمتلىء الأرض غنماً أى مؤمنين (12) وفى أفراحهم يقدمون ذبيحة الشكر = التناول (11) وفى (13) يدى المحصى = هناك من يحصى القطيع حتى لا يكون هناك خروف ضال شارد "فالذين أعطيتنى لم يهلك منهم أحد إلا إبن الهلاك". والأيات تنتقل أيضاً من الرعاة المربضين الغنم (12) إلى المسيح راعى الرعاة الذى يجرى عدلاً وبراً فى الأرض. حقاً هذا هو عمل الخلاص فبعد أن علَق الناس قيثاراتهم على الصفصاف غير قادرين أن يسبحوا الله فى أرض غريبة (مزمور 37) فهذا حال كل مسبى فى بابل أو مسبى للخطايا ولإبليس عادوا الآن بعمل المسيح الخلاصى لأصوات الفرح فى الكنيسة يقدمون ذبيحة الشكر. 16:- الرب برنا = هى نبوة عن المسيح يفهم منها الإشارة للاهوته. الأيات 17-26:- 17- لانه هكذا قال الرب لا ينقطع لداود انسان يجلس على كرسي بيت اسرائيل. 18- و لا ينقطع للكهنة اللاويين انسان من امامي يصعد محرقة و يحرق تقدمة و يهيئ ذبيحة كل الايام. 19- ثم صارت كلمة الرب الى ارميا قائلة. 20- هكذا قال الرب ان نقضتم عهدي مع النهار و عهدي مع الليل حتى لا يكون نهار و لا ليل في وقتهما. 21- فان عهدي ايضا مع داود عبدي ينقض فلا يكون له ابن مالكا على كرسيه و مع اللاويين الكهنة خادمي. 22- كما ان جند السماوات لا يعد و رمل البحر لا يحصى هكذا اكثر نسل داود عبدي و اللاويين خادمي. 23- ثم صارت كلمة الرب الى ارميا قائلة. 24- اما ترى ما تكلم به هذا الشعب قائلا ان العشيرتين اللتين اختارهما الرب قد رفضهما فقد احتقروا شعبي حتى لا يكونوا بعد امة امامهم. 25- هكذا قال الرب ان كنت لم اجعل عهدي مع النهار و الليل فرائض السماوات و الارض. 26- فاني ايضا ارفض نسل يعقوب و داود عبدي فلا اخذ من نسله حكاما لنسل ابراهيم و اسحق و يعقوب لاني ارد سبيهم و ارحمهم. أثناء السبى كان يبدو أن ثلاث عهود من عهود الله قد كُسِرَت وهى: 1. ملك داود ونسله. 2. كهنوت هارون ونسلُه. 3. كون إبراهيم ونسله لهم وضع خاص. ولكن معنى هذه الأيات أن الله يقول: قد تكون هذه العهود قد توقفت لفترة ولكنها لم تكسر ولن تتوقف للأبد بل ستعود لها قوَتها فى بركات العهد الجديد وكرمز لها بركات العودة من سبى بابل. ونرى فى هذه الأيات. 1. ملك داود ونسله:- وهذا سيتحقق فى المسيح إبن داود ولن يملك على كرسى زمنى "فملكه ليس من هذا العالم" ولكنه يملك على قلوب محبيه من المؤمنين به. وطالما جلس المسيح عن يمين الآب ليحكم كنيسته فلن يُعْدَم داود نسلاً يجلس على كرسيه (لو33،32:1). ووعد الله لداود ثابت كشرائع السماوات، تعاقب الليل والنهار (25،20) فالليل والنهار هما إحدى عناصر نظام الكون والسماوات من حين فصل الله بين النور والظلمة. وهما نظام أبدى لذلك فى (21) عهد الله مع داود عهد أبدى. وهذا تحقق فى المسيح وكنيسته الأبدية. وفى تأمل عن الليل والنهار فهذا هو حال الكنيسة فهناك ليل إضطهاد يعقبه نهار فرح وخلاص وسيكون شعب الله كنجوم السماء = أى عدد المؤمنين. 2. عهد الكهنوت :- كان يبدو أنه توقف بهدم الهيكل وسبى الكهنة ولكنه عاد بعد السبى ولكنه سرعان ما تلوَث ثانية بل وصلبوا المسيح فإنتهى هذا الكهنوت نهائياً على يد الرومان ولكن هذا الوعد تحقق فى الكهنوت المسيحى الذى يقدم لله ذبيحة الشكر (الإفخارستيا) فى كنيسته للأبد وهذا معنى (18) فذبيحة الشكر (الجسد والدم) هى المحرقة والذبيحة وستقدم كل الأيام. وفى (21) إرتباط الوعد بملك المسيح بالوعد بالكهنوت فالمسيح هو رئيس كهنتنا وهو نفسه الذبيحة المقدمة بواسطة خادمى = أى الكهنة والإرتباط واضح أيضا فى (22) فنسل داود عبدى (المؤمنين) واللاويين خادمى = الكهنة.. سيزيد عددهم.وعلى من يقول ان جميع المؤمنين كهنة بالمفهوم العام والخاص، وانة لايوجد كهنة لتقديم ذبيحة الشكر أن يفسروا لنا لماذا لم تجمع هذه الأية بين نسل داود والكهنة = أى لماذا لم يقل نسل داود وسكت (3) كون ان إبراهيم ونسلةُ لهم وضع خاص :- فان هذا قد تحقق فى الكنيسة. وهنا رد على الكلدانيين الذين إحتقروا شعب يهوذا وإسرئيل = العشيرتين (24) بسبب السبى. وقد يكون من رَدد هذا الكلام هم الشعب غير المؤمن الذى تصَور أن الله قد رفضهم. وقد يكون هذا رد على الشياطين التى تصورت أن الله رفض شعبه للأبد حتى لا يكونوا بعد أمة أمامهم. ولكن فى (26،25) أن وعد الله لشعبه قائم كما أن فرائض السموات والأرض قائمة. الإصحاح الرابع والثلاثون الأيات 1-7:- 1- الكلمة التي صارت الى ارميا من قبل الرب حين كان نبوخذناصر ملك بابل و كل جيشه و كل ممالك اراضي سلطان يده و كل الشعوب يحاربون اورشليم و كل مدنها قائلة. 2- هكذا قال الرب اله اسرائيل اذهب و كلم صدقيا ملك يهوذا و قل له هكذا قال الرب هانذا ادفع هذه المدينة ليد ملك بابل فيحرقها بالنار. 3- و انت لا تفلت من يده بل تمسك امساكا و تدفع ليده و ترى عيناك عيني ملك بابل و تكلمه فما لفم و تذهب الى بابل. 4- و لكن اسمع كلمة الرب يا صدقيا ملك يهوذا هكذا قال الرب من جهتك لا تموت بالسيف. 5- بسلام تموت و باحراق ابائك الملوك الاولين الذين كانوا قبلك هكذا يحرقون لك و يندبونك قائلين اه يا سيد لاني انا تكلمت بالكلمة يقول الرب. 6- فكلم ارميا النبي صدقيا ملك يهوذا بكل هذا الكلام في اورشليم. 7- اذ كان جيش ملك بابل يحارب اورشليم و كل مدن يهوذا الباقية لخيش و عزيقة لان هاتين بقيتا في مدن يهوذا مدينتين حصينتين. هذه رسالة نبوية من إرمياء ضد الملك صدقيا وهو قالها قبل أن يسجن، بل هى كانت سبباً فى سجنه (4:32). وكان وقت هذه النبوة أن جيش بابل قد حاصر أورشليم ناوياً تخريبها ولم يتبق فى طريقه سوى لخيش وعزيقة أى أن الأمور كانت فى طريقها للنهاية وفى (3) وتذهب إلى بابل بينما قال حزقيال "وأتى به إلى بابل إلى أرض الكلدانيين ولكن لا يراها" فهو لن يراها لأنهم قلعوا عينيه بعد أن قتلوا أولاده أمامهُ. والله لم يسمح بقتله بالسيف ليعطيه فرصة للتوبة فهو كان فيه بعض الخير كإحترامه لأرمياء لذلك فالله يؤدبه كما أعطى لمنسى الملك فرصة فتاب وغفر لهُ الله. ويبدو أن صدقيا أستفاد أيضاً من هذه الفرصة وتاب لذلك يقول له النبى هنا تموت بسلام... ويندبونك (5) وقد يكون هذا الملك تصرف بطريقة جعلته محترماً فى أعين الكلدانيين فى بابل. والأهم أن الله نظراً لتوبته أعطاه نعمة فى عيونهم. بل وفى عيون شعبه المسبى فبكوه وندبوه حين مات حقاً إنه أفضل أن نموت فى سجن تائبين عن أن نموت فى قصر غير تائبين. والكرامة التى أخذها فى موته لم يأخذها يهوياقيم الشرير (18:22) وأنظر أمانة أرمياء فى إبلاغ هذه الرسائل الصعبة للملوك. وإنه من مراحم الله أن يكون لنا من ينبهنا لأخطائنا. وفى آية (5) يحرقون لك.. وبإحراق أبائكَ = فهى كانت عادة أن يحرقوا صنوف العطر والطيب. ما أعجب طرق الله حقاً! فلو إستمر صدقيا على كرسيه لما تاب ولما قبله الله. هذه فوائد التجارب. الأيات 8-22:- 8- الكلمة التي صارت الى ارميا من قبل الرب بعد قطع الملك صدقيا عهدا مع كل الشعب الذي في اورشليم لينادوا بالعتق. 9- ان يطلق كل واحد عبده و كل واحد امته العبراني و العبرانية حرين حتى لا يستعبدهما اي اخويه اليهوديين احد. 10- فلما سمع كل الرؤساء و كل الشعب الذين دخلوا في العهد ان يطلقوا كل واحد عبده و كل واحد امته حرين و لا يستعبدوهما بعد اطاعوا و اطلقوا. 11- و لكنهم عادوا بعد ذلك فارجعوا العبيد و الاماء الذين اطلقوهم احرارا و اخضعوهم عبيدا و اماء. 12- فصارت كلمة الرب الى ارميا من قبل الرب قائلة. 13- هكذا قال الرب اله اسرائيل انا قطعت عهدا مع ابائكم يوم اخرجتهم من ارض مصر من بيت العبيد قائلا. 14- في نهاية سبع سنين تطلقون كل واحد اخاه العبراني الذي بيع لك و خدمك ست سنين فتطلقه حرا من عندك و لكن لم يسمع اباؤكم لي و لا امالوا اذنهم. 15- و قد رجعتم انتم اليوم و فعلتم ما هو مستقيم في عيني منادين بالعتق كل واحد الى صاحبه و قطعتم عهدا امامي في البيت الذي دعي باسمي. 16- ثم عدتم و دنستم اسمي و ارجعتم كل واحد عبده و كل واحد امته الذين اطلقتوهم احرارا لانفسهم و اخضعتموهم ليكونوا لكم عبيدا و اماء. 17- لذلك هكذا قال الرب انتم لم تسمعوا لي لتنادوا بالعتق كل واحد الى اخيه و كل واحد الى صاحبه هانذا انادي لكم بالعتق يقول الرب للسيف و الوبا و الجوع و اجعلكم قلقا لكل ممالك الارض. 18- و ادفع الناس الذي تعدوا عهدي الذين لم يقيموا كلام العهد الذي قطعوه امامي العجل الذي قطعوه الى اثنين و جازوا بين قطعتيه. 19- رؤساء يهوذا و رؤساء اورشليم الخصيان و الكهنة و كل شعب الارض الذين جازوا بين قطعتي العجل. 20- ادفعهم ليد اعدائهم و ليد طالبي نفوسهم فتكون جثثهم اكلا لطيور السماء و وحوش الارض. 21- و ادفع صدقيا ملك يهوذا و رؤساءه ليد اعدائهم و ليد طالبي نفوسهم و ليد جيش ملك بابل الذين صعدوا عنكم. 22- هانذا امر يقول الرب و اردهم الى هذه المدينة فيحاربونها و ياخذونها و يحرقونها بالنار و اجعل مدن يهوذا خربة بلا ساكن. هذه النبوة ضد الرؤساء والشعب والملك، لخيانتهم لله. لأنهم بعد أن حرروا عبيدهم حسب الناموس أعادوهم للعبودية ثانية. والله سيعاقبهم لذلك بان يستعبدهم ملك بابل. ففى أيام الحصار أدرك الخوف جميع الناس، ورقَت نفوسهم الصلبة، وقامت حركة لإتمام وصية قديمة فى الناموس لم تقم مدة طويلة وهى عِتْقْ العبيد اليهود، ولعلهم لم يعتقوهم إلا: 1. لإرضائهم ليشتركوا فى أعمال الدفاع. 2. ما عاد هناك حقول ليعملوا فيها، فهم صاروا عبئاً على سادتهم ولكن فجأة إنسحبت الجيوش البابلية عن أورشيم لمواجهة فرعون مصر (21:34+ 5:37) ففرح الناس ولكنهم عوض أن يستمروا فى طريقهم الصحيح رجعوا إلى ما كانوا عليه وأعادوا العبيد بل وأساءوا معاملتهم. وهذا ما يحدث مع كثيرين، فإذا جاءت غيمة يقدمون توبة ولكن إذا إنقشعت الغيمة عادوا حالاً لما كانوا عليه. وكان الناموس يسمح بأن يباع الإنسان العبرانى كعبد لتسديد دين أو بسبب خطيته ولكن كانت أقصى مُدَة لإستعباد العبرانى 7 سنين يطلق بعدها حراً. وقد أعطاهم الله هذا الأمر مباشرة بعد خروجهم وحصولهم على الحرية من مصر. وذلك لأن الله يهتم بكرامة أولاده وحريتهم. وهم عليهم أن يحرروا إخوتهم كما حررهم الرب (أمثال السيد المسيح :- سيد سامح عبده فى 10.000 وزنة ولم يسامح العبد زميله فى 100 دينار) وسمح الله بان يباع شخص من شعبه ليفهم تماماً أن هذا رمزاً لإستعباد الجميع بسبب الخطية. ولكن إذا كان هناك عبد غير عبرانى لا ينطبق عليه شرط التحرير بعد 7 سنوات فهو ليس من شعب الله المحرر فلا معنى لتحريره فهو باقى فى العبودية. " إن حرركم الإبن فبالحقيقة أنتم أحرار" وبنفس المعنى علينا أن نغفر لإخوتنا ليغفر الله لنا. فمراحم الله نحونا يجب أن تحرك مراحمنا تجاه إخوتنا. وهذه هى شروط العهد مع الله. ولكن هذا الشعب غليظ الرقبة لم يطيع فى هذا الأمر، لا هم ولا أبائهم. ولنلاحظ أن إستردادهم لعبيدهم بعد إطلاقهم شابه محاولة فرعون إستعادتهم بعد إطلاقهم وأية (18) كان شق الذبيحة علامة عهد (راجع تك15) والمعنى لنقطع هكذا كهذه الذبيحة إن لم نلتزم بالعهد. وغالباً ما كان يُقدم هذا العجل المشقوق كذبيحة لله علامة إشراك الله فى هذا العهد. فكان الشعب قد وَعدَ الله ثم إرتد وهذا مما يسىء إلى الله بالأكثر. هم كانوا قد أقسموا غالباً فى الهيكل بأن يحرروا العبيد، مستخدمين طقس شق الذبيحة نصفين. الإصحاح الخامس والثلاثون إستخدم الله كل وسيلة فى محاولته دعوة الشعب للتوبة. فكان هناك كلام للتخويف من أثار الخطية وكان هناك وعود لو تابوا. ولكن هنا نجد وسيلة أخرى. محاولة من الله لتجعلهم يخجلون من عدم طاعتهم لله. ومثال لذلك بيت الركابيين الذين أطاعوا وصية جدهم الذى لم يروه ومقارنتهم بالشعب العاصى لله بالرغم من كل إحساناته عليهم. الأيات 1-11 :- 1- الكلمة التي صارت الى ارميا من قبل الرب في ايام يهوياقيم بن يوشيا ملك يهوذا قائلة. 2- اذهب الى بيت الركابيين و كلمهم و ادخل بهم الى بيت الرب الى احد المخادع و اسقهم خمرا. 3- فاخذت يازنيا بن ارميا بن حبصينيا و اخوته و كل بنيه و كل بيت الركابيين. 4- و دخلت بهم الى بيت الرب الى مخدع بني حانان بن يجدليا رجل الله الذي بجانب مخدع الرؤساء الذي فوق مخدع معسيا بن شلوم حارس الباب. 5- و جعلت امام بني الركابيين طاسات ملانة خمرا و اقداحا و قلت لهم اشربوا خمرا. 6- فقالوا لا نشرب خمرا لان يوناداب بن ركاب ابانا اوصانا قائلا لا تشربوا خمرا انتم و لا بنوكم الى الابد. 7- و لا تبنوا بيتا و لا تزرعوا زرعا و لا تغرسوا كرما و لا تكن لكم بل اسكنوا في الخيام كل ايامكم لكي تحيوا اياما كثيرة على وجه الارض التي انتم متغربون فيها. 8- فسمعنا لصوت يوناداب بن ركاب ابينا في كل ما اوصانا به ان لا نشرب خمرا كل ايامنا نحن و نساؤنا و بنونا و بناتنا. 9- و ان لا نبني بيوتا لسكنانا و ان لا يكون لنا كرم و لا حقل و لا زرع. 10- فسكنا في الخيام و سمعنا و عملنا حسب كل ما اوصانا به يوناداب ابونا. 11- و لكن كان لما صعد نبوخذراصر ملك بابل الى الارض اننا قلنا هلم فندخل الى اورشليم من وجه جيش الكلدانيين و من وجه جيش الاراميين فسكنا في اورشليم. هنا قصة مناقضة للغدر السابق (إستعادة العبيد ضد وصية الناموس) فهنا وفاء للأب أو الجد الكبير والإلتزام بوصيته. والركابيين كانوا قينيين وكانوا ينتسبون للمديانيين وكان يثرون حمو موسى منهم (قض11:4) وقد وقف حابر القينى وزوجته ياعيل بجانب إسرائيل فى حربهم مع الكنعانيين بزعامة سيسرا هذا الذى قتلته ياعيل حينما لجأ لخيمتها وفى (1أى55:2) نجد الركابيين معدودين من شعب يهوذا. ونجد يوناداب بن ركاب المشار إليه هنا فى (2مل15:10) وكان رَجُلاً معروفاً كرجل مكرس للعبادة كارهاً الوثنية محباً للرب وهو صاحب الوصية التى إلتزم بها الركابيين مع أن هذه الأحداث حدثت فى أواخر أيام يهوياقيم حين جاء جيش بابل على يهوذا أى بعد يوناداب بـ 300 سنة وكان يوناداب هذا عظيماً فى أيامه حتى أن الملك أركبهُ معهُ فى عربته الملكية ليظهر للشعب أن ملكهم ملك صالح فهو يُركب معه هذا الإنسان الورع الحكيم. ويوناداب طلب من أولاده وصايا بروح مسيحية وهى (1) لا يشربوا خمراً = أى يتركوا الأفراح العالمية ليفرحوا بالرب يبحثون وينشدون الفرح السماوى وليس فقط لا يشربوا خمراً بل حتى لا يزرعوا كروماً أى الإمتناع عن كل المحاولات للفرح العالمى. (2) يسكنوا خيام = أى الإحساس بالغربة كما نصلى فى القداس قائلين "ونحن الغرباء فى هذا العالم" ولا تبنوا بيتاً = حتى لا يكون لكم فى الأرض ما تتعلق به قلوبكم بل شهوتكم للسماء وكنزكم هناك أيضاً. وفى هذا شرط أكثر من النذير، لأنه يجب أن يزيد برنا عن الكتبة والفريسيين. ويوناداب لم يعطى هذه الوصايا لأولاده ليتحكم فيهم بل لأنه وجد طريق السعادة الحقيقية وأراد لهم أن لا يُخْدعوا بشهوة النظر وتعظم المعيشة ويقتنعوا بالقليل وأن يظل لهم فكر أبائهم. فلا يسقطوا من أفراح السماويات ويصبحوا شهوانيين. ويوناداب أعطى أولاده هذه الوصية حين رأى شكر أفرايم وإنحطاطهم فطلب من أولاده أن يعتزلوهم ولا يسكنوا معهم وهذا ليكون لهم راحة وسلام الفكر والذهن والقلب وتكون لهم أفراح حقيقية. بل أن حياة الغربة والتقشف تعطيهم إستعداداً للألم فإن جاءت فهم مستعدون لها. فإن كان لنا قليل لن نحزن عليه وهذا ما يطلبه الله منا أن نعتزل الشر والأفراح الدنيوية حتى نتمتع بأفراحه "من وَجَدَ نفسه يضيعها ومن أضاع نفسه من أجلى يجدها". الأيات 12-19:- 12- ثم صارت كلمة الرب الى ارميا قائلة. 13- هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل اذهب و قل لرجال يهوذا و سكان اورشليم اما تقبلون تاديبا لتسمعوا كلامي يقول الرب. 14- قد اقيم كلام يوناداب بن ركاب الذي اوصى بنيه ان لا يشربوا خمرا فلم يشربوا الى هذا اليوم لانهم سمعوا وصية ابيهم و انا قد كلمتكم مبكرا و مكلما و لم تسمعوا لي. 15- و قد ارسلت اليكم كل عبيدي الانبياء مبكرا و مرسلا قائلا ارجعوا كل واحد عن طريقه الرديئة و اصلحوا اعمالكم و لا تذهبوا وراء الهة اخرى لتعبدوها فتسكنوا في الارض التي اعطيتكم و ابائكم فلم تميلوا اذنكم و لا سمعتم لي. 16- لان بني يوناداب بن ركاب قد اقاموا وصية ابيهم التي اوصاهم بها اما هذا الشعب فلم يسمع لي. 17- لذلك هكذا قال الرب اله الجنود اله اسرائيل هانذا اجلب على يهوذا و على كل سكان اورشليم كل الشر الذي تكلمت به عليهم لاني كلمتهم فلم يسمعوا و دعوتهم فلم يجيبوا. 18- و قال ارميا لبيت الركابيين هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل من اجل انكم سمعتم لوصية يوناداب ابيكم و حفظتم كل وصاياه و عملتم حسب كل ما اوصاكم به. 19- لذلك هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل لا ينقطع ليوناداب بن ركاب انسان يقف امامي كل الايام. ما ضاعف من خطية يهوذا أن الركابيين سمعوا كلام أبيهم وهو إنسان مثلهم. واليهود عصوا الله الأبدى الذى لهُ عليهم سلطة مطلقة كأب لأرواحهم. ويوناداب هذا مات ولكن الله حى للأبد ويرى أعمالهم. ويوناداب لم يُرسل لأولاده أنبياء يذكرهم بما أوصاهم بهِ مثلما فعل الله ومازال يفعل ويوناداب لم يترك أرضاً ولا خيرات لأولاده أما الله فأعطاهم أرضاً تفيض لبناً وعسلاً وهو قادر أن يبقيها لهم إن حافظوا على العهد والله لم يربط شعبه بوصايا صعبة كما فعل يوناداب. ومع كل هذا فأوامر يوناداب أطاعها أولاده واوامر الله لم يطعها شعبه. لذلك بارك الله شعب الركابيين بل وعدهم بأقصى بركة وأعظم بركة أنهم لن يعدمون من يقف أمام الرب دائماً. أى سيكونون مؤمنين بالله دائما. ولنلاحظ إعجاب الله بهؤلاء الذين أطاعوا أبائهم وخشوا من إدخال شىء غريب أو شىء حديث على العبادة القديمة التى تسَلموها من أبائهم. أليس هذا هو فكر الكنيسة الأرثوذكسية التى لا تسمح بتغيير أى شىء توارثته عن الأباء وما نسميه التقليد. وأليس هذا رداً كتابياً على من يلغى فكر التقليد من الكنيسة بدعوى أن التقليد لم يأتى فى الكتاب ولنلاحظ أن هؤلاء الركابيين نفذوا أوامر أبيهم دون تساؤلات هل هى صالحة أم لا. الإصحاح السادس والثلاثون هنا محاولة أخرى ولكن عبثاً يسمعون. فهنا أرمياء يكتب كل عظاته التى قالها شفاهة من قبل. الأيات 1-8 :- 1- و كان في السنة الرابعة ليهوياقيم بن يوشيا ملك يهوذا ان هذه الكلمة صارت الى ارميا من قبل الرب قائلة. 2- خذ لنفسك درج سفر و اكتب فيه كل الكلام الذي كلمتك به على اسرائيل و على يهوذا و على كل الشعوب من اليوم الذي كلمتك فيه من ايام يوشيا الى هذا اليوم. 3- لعل بيت يهوذا يسمعون كل الشر الذي انا مفكر ان اصنعه بهم فيرجعوا كل واحد عن طريقه الرديء فاغفر ذنبهم و خطيتهم. 4- فدعا ارميا باروخ بي نيريا فكتب باروخ عن فم ارميا كل كلام الرب الذي كلمه به في درج السفر. 5- و اوصى ارميا باروخ قائلا انا محبوس لا اقدر ان ادخل بيت الرب. 6- فادخل انت و اقرا في الدرج الذي كتبت عن فمي كل كلام الرب في اذان الشعب في بيت الرب في يوم الصوم و اقراه ايضا في اذان كل يهوذا القادمين من مدنهم. 7- لعل تضرعهم يقع امام الرب فيرجعوا كل واحد عن طريقه الرديء لانه عظيم الغضب و الغيظ اللذان تكلم بهما الرب على هذا الشعب. 8- ففعل باروخ بن نيريا حسب كل ما اوصاه به ارميا النبي بقراءته في السفر كلام الرب في بيت الرب. الكتابة تنتشر أكثر وتستمر مؤثرة لفترة أطول ويمكن قراءتها مرات عديدة وهكذا كان بإرشاد الله ووحى الروح القدس كتابة الكتاب المقدس. وعدم الطاعة بعد ذلك يجعل الإنسان بلا عذر. وفى (5) أنا محبوس = غالباً ممنوعاً من الوعظ فى الإجتماعات العامة. ولذلك أملى على باروخ الكتاب وأرسلهُ ليقرأه باسمه علي الناس و فيما بعد صار باروخ هذا نبياً للشعب المسبي وله نبوة في الأسفار القانونية الثانية.وطريقة صنع الدرج هي لصق ورقة بورقة في آخرها في مؤخرة الورقة الأولي وهكذا ليصبح (رول) طويل ثم يلف ولاحظ ان يهوياقيم كان متجهاً للخراب حينما منع النبي من عمله وأسكت صوته. ولاحظ في (3) ان الله حينما كلم أرمياء قال لعلهم يسمعون. وحين أملي أرميا أقواله لباروخ قال لعل تضرعهم (7) فالصلاة هى بداية رجوعنا لله. فمن إقتنع بضرورة التوبة عليه أن يصلى ويتضرع لينال نعمة من الله. وكانت النبوات ضد إسرائيل وكل الشعوب المحيطة (2). الأيات 9-19 :- 9- و كان في السنة الخامسة ليهوياقيم بن يوشيا ملك يهوذا في الشهر التاسع انهم نادوا لصوم امام الرب كل الشعب في اورشليم و كل الشعب القادمين من مدن يهوذا الى اورشليم. 10- فقرا باروخ في السفر كلام ارميا في بيت الرب في مخدع جمريا بن شافان الكاتب في الدار العليا في مدخل باب بيت الرب الجديد في اذان كل الشعب. 11- فلما سمع ميخايا بن جمريا بن شافان كل كلام الرب من السفر. 12- نزل الى بيت الملك الى مخدع الكاتب و اذا كل الرؤساء جلوس هناك اليشاماع الكاتب و دلايا بن شمعيا و الناثان بن عكبور و جمريا بن شافان و صدقيا بن حننيا و كل الرؤساء. 13- و اخبرهم ميخايا بكل الكلام الذي سمعه عندما قرا باروخ السفر في اذان الشعب. 14- فارسل كل الرؤساء الى باروخ يهودي بن نثنيا بن شلميا بن كوشي قائلين الدرج الذي قرات فيه في اذان الشعب خذه بيدك و تعال فاخذ باروخ بن نيريا الدرج بيده و اتى اليهم. 15- فقالوا له اجلس و اقراه في اذاننا فقرا باروخ في اذانهم. 16- فكان لما سمعوا كل الكلام انهم خافوا ناظرين بعضهم الى بعض و قالوا لباروخ اخبارا نخبر الملك بكل هذا الكلام. 17- ثم سالوا باروخ قائلين اخبرنا كيف كتبت كل هذا الكلام عن فمه. 18- فقال لهم باروخ بفمه كان يقرا لي كل هذا الكلام و انا كنت اكتب في السفر بالحبر. 19- فقال الرؤساء لباروخ اذهب و اختبئ انت و ارميا و لا يعلم انسان اين انتما. أية (9) وكان فى السنة الخامسة = يبدو أن باروخ كان يعظ بكلام هذا الكتاب لكل من يسمع قبل هذه المناسبة المقدسة. لأن التعليمات بالكتابة أعطيت لأرمياء فى السنة الرابعة ليهوياقيم. وغالباً فالكتابة بدأت فى السنة الرابعة ولكنها إستمرت حتى السنة الخامسة. نادوا بصوم = ربما خوفاً من الغزو القادم أو بسبب قلة المطر. ولكن لا ندرى من الذى طلب هذا الصوم ولكن ما نحن متأكدين منهُ أنه كان صوماً ظاهرياً ولكن القلب كان مبتعداً بعيداً. "لهم صورة التقوى لكنهم ينكرون قوتها" والصوم بدون توبة لن يغير أحكام الرب ضدهم (يو10:3) وفى (10) لاحظ تصرُف الرؤساء. فهم دعوا الشعب للصوم والصلاة ولسماع كلمة الرب ولكنهم لم يصلوا معهم ولم يسمعوا بل جلسوا فى مخدع الكاتب حتى جاءت إليهم أنباء أقوال أرمياء فأين التقوى فى تصرفهم. ولكن يُحسب لهم أنهم تأثَروا بما سمعوا وإرتعبوا ولكنهم كانوا مثل فيليكس الوالى يرتعبون دون أن يؤمنوا. ولم يكن لهم الشجاعة أن ينفذوا ما جاء بهذا الكلام. وبدأوا فى الأسئلة التافهة كيف كتبت كل هذا الكلام (17) وكان رد باروخ سهلاً محرجاً لهم أرمياء كان يقرأ لى وأنا أكتب بالحبر = فكثير من الذين لا يريدون التوبة تكون لهم أسئلة تافهة. الأيات 20-32 :- 20- ثم دخلوا الى الملك الى الدار و اودعوا الدرج في مخدع اليشاماع الكاتب و اخبروا في اذني الملك بكل الكلام. 21- فارسل الملك يهودي لياخذ الدرج فاخذه من مخدع اليشاماع الكاتب و قراه يهودي في اذني الملك و في اذان كل الرؤساء الواقفين لدى الملك. 22- و كان الملك جالسا في بيت الشتاء في الشهر التاسع و الكانون قدامه متقد. 23- و كان لما قرا يهودي ثلاثة شطور او اربعة انه شقه بمبراة الكاتب و القاه الى النار التي في الكانون حتى فني كل الدرج في النار التي في الكانون. 24- و لم يخف الملك و لا كل عبيده السامعين كل هذا الكلام و لا شققوا ثيابهم. 25- و لكن الناثان و دلايا و جمريا ترجوا الملك ان لا يحرق الدرج فلم يسمع لهم. 26- بل امر الملك يرحمئيل ابن الملك و سرايا بن عزرئيل و شلميا بن عبدئيل ان يقبضوا على باروخ الكاتب و ارميا النبي و لكن الرب خباهما. 27- ثم صارت كلمة الرب الى ارميا بعد احراق الملك الدرج و الكلام الذي كتبه باروخ عن فم ارميا قائلة. 28- عد فخذ لنفسك درجا اخر و اكتب فيه كل الكلام الاول الذي كان في الدرج الاول الذي احرقه يهوياقيم ملك يهوذا. 29- و قل ليهوياقيم ملك يهوذا هكذا قال الرب انت قد احرقت ذلك الدرج قائلا لماذا كتبت فيه قائلا مجيئا يجيء ملك بابل و يهلك هذه الارض و يلاشي منها الانسان و الحيوان. 30- لذلك هكذا قال الرب عن يهوياقيم ملك يهوذا لا يكون له جالس على كرسي داود و تكون جثته مطروحة للحر نهارا و للبرد ليلا. 31- و اعاقبه و نسله و عبيده على اثمهم و اجلب عليهم و على سكان اورشليم و على رجال يهوذا كل الشر الذي كلمتهم عنه و لم يسمعوا. 32- فاخذ ارميا درجا اخر و دفعه لباروخ بن نيريا الكاتب فكتب فيه عن فم ارميا كل كلام السفر الذي احرقه يهوياقيم ملك يهوذا بالنار و زيد عليه ايضا كلام كثير مثله. أظهر الملك عدم رغبته وعدم صبره على التوبة وإظهاره إصراراً على عدم التوبة فهو لا يحتمل أن يخبره أحد بخطاياه. فهو لم يستدع أرمياء أو باروخ للتحقق منهما بل أحرق الكتاب وعمل الملك هذا أعطى شجاعة للرؤساء الذين كانوا قد إرتعبوا سابقاً عند سماعهم أقوال أرمياء(24،16) وظن هذا الأحمق أنه حين تحوَل إلى رماد أن أقوال الله إندثرت وزال تأثيرها. وهذا ما يفعله كثيرون حتى اليوم من الذين يُحرفون أقوال الكتاب المقدس أو يقولون أنها أساطير أو أنه لا يناسب العصر الحديث. هذا كله مقدمة للإرتداد العام والإيمان بالنبى الكذاب. وهؤلاء هم السابقين لهُ كما سبق يوحنا المعمدان المسيح. ومن يُحرَف الكتاب المقدس لهو اخطر من يهوياقيم الذى مزقه. وقارن موقف يهوياقيم وإحراقه للكتاب مع موقف يوشيا أبوه وتمزيقه ثيابه حين سمع كلمة الرب ولاحظ فى (26) الله خبأهما = فالله هو الذى يحمى أولاده إلى أن تجىء ساعتهم. وحين أعاد أرمياء كتابة كتابه زاد عليه تهديدات جديدة فحينما يعاند شخص الله يزداد غضب الله عليه. الإصحاح السابع والثلاثون الأيات 1-10 :- 1- و ملك الملك صدقيا بن يوشيا مكان كنياهو بن يهوياقيم الذي ملكه نبوخذراصر ملك بابل في ارض يهوذا. 2- و لم يسمع هو و لا عبيده و لا شعب الارض لكلام الرب الذي تكلم به عن يد ارميا النبي. 3- و ارسل الملك صدقيا يهوخل بن شلميا و صفنيا بن معسيا الكاهن الى ارميا النبي قائلا صل لاجلنا الى الرب الهنا. 4- و كان ارميا يدخل و يخرج في وسط الشعب اذ لم يكونوا قد جعلوه في بيت السجن. 5- و خرج جيش فرعون من مصر فلما سمع الكلدانيون المحاصرون اورشليم بخبرهم صعدوا عن اورشليم. 6- فصارت كلمة الرب الى ارميا النبي قائلة. 7- هكذا قال الرب اله اسرائيل هكذا تقولون لملك يهوذا الذي ارسلكم الي لتستشيروني ها ان جيش فرعون الخارج اليكم لمساعدتكم يرجع الى ارضه الى مصر. 8- و يرجع الكلدانيون و يحاربون هذه المدينة و ياخذونها و يحرقونها بالنار. 9- هكذا قال الرب لا تخدعوا انفسكم قائلين ان الكلدانيين سيذهبون عنا لانهم لا يذهبون. 10- لانكم و ان ضربتم كل جيش الكلدانيين الذين يحاربونكم و بقي منهم رجال قد طعنوا فانهم يقومون كل واحد في خيمته و يحرقون هذه المدينة بالنار. طلب صدقيا صلاة أرمياء تُدينه فإذا كان واثقاً أن أرمياء هو رجل الله وأن الله يستجيب لصلاته فلماذا لم يستجيب لطلب إرمياء ويقدم توبة. فهو يطلب صلاته لكنه يرفض مشورته. ونجد هنا قصة رفع الحصار مؤقتاً عن أورشليم. والسبب يبدو أن فرعون قد أرسل بعض قواته للمساعدة فى فك الحصار عن أورشليم لكنه لم يصعد هو شخصياً فواضح أنه غير مهتم بذلك. ولكن حفظاً لماء الوجه من أجل معاهداته مع يهوذا حيث شجعهم على عقد تحالف ضد بابل، قام بإرسال جيش صغير. ومن جهة ملك بابل لم يُحبذ أن يكون لقاؤه مع المصريين بجانب أورشليم حتى لا يفتح جبهتين فسيشدد هذا جيش يهوذا ليحاربه أيضاً. فإنسحب مؤقتاً ليضرب المصريين وبعد أن إنتهى منهم عاد لحصار أورشليم. ولكن حين إنسحب ملك بابل بجيشه عن أورشليم عَشم الشعب نفسه بأن الحصار قد إنتهى. وفى (9) لا تخدعوا أنفسكم = لاحظ أن الشيطان لا يستطيع أن يخدعنا إن لم نخدع نحن أنفسنا. وكان كلام أرمياء واضحاً أن المصريين سيعودون إلى أرضهم ولن يساعدونهم (حز17:17) + (أش7:30) فإذا لم يساعدنا الله فلن يستطيع إنسان أن يساعدنا وفى (10) معناها أن قرار الله نهائي وهو خراب أورشليم وسيحدث هذا بأى وسيلة. طعنوا = أى مجروحين ومصابين. الأيات 11-21 :- 11- و كان لما اصعد جيش الكلدانيين عن اورشليم من وجه جيش فرعون. 12- ان ارميا خرج من اورشليم لينطلق الى ارض بنيامين لينساب من هناك في وسط الشعب. 13- و فيما هو في باب بنيامين اذا هناك ناظر الحراس اسمه يرئيا بن شلميا بن حننيا فقبض على ارميا النبي قائلا انك تقع للكلدانيين. 14- فقال ارميا كذب لا اقع للكلدانيين و لم يسمع له فقبض يرئيا على ارميا و اتى به الى الرؤساء. 15- فغضب الرؤساء على ارميا و ضربوه و جعلوه في بيت السجن في بيت يوناثان الكاتب لانهم جعلوه بيت السجن. 16- فلما دخل ارميا الى بيت الجب و الى المقببات اقام ارميا هناك اياما كثيرة. 17- ثم ارسل الملك صدقيا و اخذه و ساله الملك في بيته سرا و قال هل توجد كلمة من قبل الرب فقال ارميا توجد فقال انك تفدفع ليد ملك بابل. 18- ثم قال ارميا للملك صدقيا ما هي خطيتي اليك و الى عبيدك و الى هذا الشعب حتى جعلتموني في بيت السجن. 19- فاين انبياؤكم الذين تنباوا لكم قائلين لا ياتي ملك بابل عليكم و لا على هذه الارض. 20- فالان اسمع يا سيدي الملك ليقع تضرعي امامك و لا تردني الى بيت يوناثان الكاتب فلا اموت هناك. 21- فامر الملك صدقيا ان يضعوا ارميا في دار السجن و ان يعطى رغيف خبز كل يوم من سوق الخبازين حتى ينفد كل الخبز من المدينة فاقام ارميا في دار السجن. أرمياء يقص علينا جزء كبير من تاريخه الشخصى فهو مفيد لكل الخدام فى كل العصور. وهنا كان أرمياء قد تعب من خدمته فآثر الراحة فى بلدته عناثوث = لينساب من هناك فى وسط الشعب = الذين إنتهزوا فرصة رفع الحصار مؤقتاً وخرجوا كل يبحث عن مصلحته، فخرج إرمياء فى وسطهم. فقبضوا عليه بتهمة مُلفقة وهى أنه سوف يذهب للكلدانيين وهى تهمة غير منطقية فكيف يذهب للجيش والجيش قد غادر أورشليم وثانياً فأرمياء لم يكف منذ 20 سنة يحذَر وينذر بأن للمدينة ستسقط فى يد بابل فلو كان خائناً أو كان يريد أن يحتمى بملك بابل لكان قد ذهب من وقت طويل قبل هذه الحادثة. ولكن لنلاحظ أنه خرج دون مشورة الله مثل هروب إبراهيم لمصر بسبب المجاعة، فحدثت هذه المشكلة. غير أن الله الذى سمح بسجنه كان يريد أن ينقذ حياته، فلو عاد الجيش الكلدانى ووُجد هو خارج المدينة لقتلوه مثل أى فرد عادى. إنك تقع للكلدانيين = أى تذهب لهم كجاسوس وفى أية (16) المقببات = غالباً هى أقبية تحت الأرض. ويبدو أن يوناثان الكاتب هذا كان رجلاً قاسياً وأسلموا لهُ أرمياء ليحبسه فى بيته وليعذبه. ورموه فى حجرة مظلمة باردة وهو نبى الله القديس بينما كانوا هم الخطاة فى راحة ولكن الأيام تتغير. وأرسل لهُ الملك غالباً بعد أن عاود الكلدانيين الحصار وأظهر لهُ بعض المودة (17) ولكن لاحظ أن الملك قابلهُ سراً وسألهُ عن كلمة من قبل الرب = وهو قاصد أن يسمع كلمة تعزية. وعجيب فهناك كثيرين لم يريدوا أن يسمعوا كلمة من الله وقت أفراحهم ثم يطلبوا عزاء وقت ضيقاتهم. ولكن من أجل شرورهم لا يعطيهم الرب. ولكن توجد كلمة أنك تدفع ليد ملك بابل. وقطعاً فأرمياء كان يتمنى أن يقول للملك تعزية ولكن هو لا يستطيع أن يغير كلام الله. ولكن حتى فى هذا الخبر السيىْء تظهر مراحم الله، فالله لم يرغب ان يفاجآ الملك بهذه الأحداث فتكون صدمته آشد. وفى (18) النبى يعاتب الملك ويطلب منه طلباً شخصياً فيبدوا آن يوناثان عذب النبى جداً. وآعطى الله نعمه للنبى فى عينى الملك فإستجاب لهُ بل أعطاه خبزاً بالرغم من المجاعة من مخازن بيت الملك وهذا أكثر مما طلبهُ. لاحظ أن الملك يستدعى أرمياء هنا لأنه رأى كذب الأنبياء الذين ظلوا سنيناً عديدة يتنبأون كذباً بأن بابل ستنهزم ولن تفعل شيئاً ضدهم. الإصحاح الثامن والثلاثون يبدو أنه تكرر سجن النبى عدة مرات والإفراج عنهً. الأيات 1-13 :- 1- و سمع شفطيا بن متان و جدليا بن فشحور و يوخل بن شلميا و فشحور بن ملكيا الكلام الذي كان ارميا يكلم به كل الشعب قائلا. 2- هكذا قال الرب الذي يقيم في هذه المدينة يموت بالسيف و الجوع و الوبا و اما الذي يخرج الى الكلدانيين فانه يحيا و تكون له نفسه غنيمة فيحيا. 3- هكذا قال الرب هذه المدينة ستدفع دفعا ليد جيش ملك بابل فياخذها. 4- فقال الرؤساء للملك ليقتل هذا الرجل لانه بذلك يضعف ايادي رجال الحرب الباقين في هذه المدينة و ايادي كل الشعب اذ يكلمهم بمثل هذا الكلام لان هذا الرجل لا يطلب السلام لهذا الشعب بل الشر. 5- فقال الملك صدقيا ها هو بيدكم لان الملك لا يقدر عليكم في شيء. 6- فاخذوا ارميا و القوه في جب ملكيا ابن الملك الذي في دار السجن و دلوا ارميا بحبال و لم يكن في الجب ماء بل وحل فغاص ارميا في الوحل. 7- فلما سمع عبد ملك الكوشي رجل خصي و هو في بيت الملك انهم جعلوا ارميا في الجب و الملك جالس في باب بنيامين. 8- خرج عبد ملك من بيت الملك و كلم الملك قائلا. 9- يا سيدي الملك قد اساء هؤلاء الرجال في كل ما فعلوا بارميا النبي الذي طرحوه في الجب فانه يموت في مكانه بسبب الجوع لانه ليس بعد خبز في المدينة. 10- فامر الملك عبد ملك الكوشي قائلا خذ معك من هنا ثلاثين رجلا و اطلع ارميا من الجب قبلما يموت. 11- فاخذ عبد ملك الرجال معه و دخل الى بيت الملك الى اسفل المخزن و اخذ من هناك ثيابا رثة و ملابس بالية و دلاها الى ارميا الى الجب بحبال. 12- و قال عبد ملك الكوشي لارميا ضع الثياب الرثة و الملابس البالية تحت ابطيك تحت الحبال ففعل ارميا كذلك. 13- فجذبوا ارميا بالحبال و اطلعوه من الجب فاقام ارميا في دار السجن. كان كلام أرمياء أن أورشليم ستسقط. وكان رأى الرؤساء صحيحاً أن هذا القول سيضعف معنويات الشعب ولكنهم كانوا يفكرون بطريقة سياسية محضة. فهم لم يفكروا بطريقة روحية ولم يفهموا محبة أرمياء لهم فالمحبة ليست هى الممالأة بل فضح خطاياهم ليتوبوا لكن الخطاة يكرهون الخدام الأمناء الذين يدعونهم للتوبة. وهناك ملحوظة :- قارن بين تصرف الرؤساء أيام يهوياقيم فهم إستمعوا لكلام باروخ وخافوا وتصرف الرؤساء أيام صدقيا، هذا التصرف الوحشى الذى ظهر فى هذه الأيات لتعرف أن الشعب ورؤساؤه زادت وحشيتهم وإستحقوا حكم الخراب. أما الملك فواضح أن موقفه مثل بيلاطس يُسلمه للرؤساء وهو قادر أن يمنعهم بدليل أنه أرسل بعد ذلك وأنقذ أرمياء من يدهم. ووضعه الرؤساء فى جب عميق ويقول يوسيفوس المؤرخ اليهودى أن الطين وصل إلى عنقه فحكم الموت فى يد الملك ولكنهم تركوه يموت فى بطء وسط الطين وبدون طعام. والذى شفع فى إرمياء رجل إثيوبى غريب لكنه لم يتطبع بطباع اليهود الوحشية. وهكذا مع المسيح فقد رفضه اليهود وقبله الأمم "ولا فى كل إسرائيل لم أرى إيماناً مقدار هذا" ولم يخاف من ظلم الرؤساء ولا بطش الملك. ونجد هنا أن الملك الذى إدعى إنه غير قادر، نجده يتحدى الرؤساء ويرسل 30 رجلاً لينقذ أرمياء من يدهم. حقاً فقلوب الملوك فى يد الله. فالله هو الذى أراد أن ينقذ أرمياء. وفى أية (11) الله لم ولن ينس لهذا العبد الكوشى رحمته وحنانهُ فهو لا ينسى كأس ماء بارد" وأن هذا العبد فى حنانه دلى ثياب رثة لأرمياء بالحبال حتى لا تضيع وسط الطين. والله يذكر ويسجل فى الكتاب المقدس هذه الحادثة، كما يذكر ويسجل لكل إنسان أى عمل شفقة يقوم به. والثياب الرثة كانت للحفاظ على إبطى إرمياء حتى لا تجرحه الحبال حينما يجذبونه لأعلى. (وكان للبيوت أبار خاصة لحفظ مياه الأمطار). الأيات 14-28:- 14- فارسل الملك صدقيا و اخذ ارميا النبي اليه الى المدخل الثالث الذي في بيت الرب و قال الملك لارميا انا اسالك عن امر لا تخف عني شيئا. 15- فقال ارميا لصدقيا اذا اخبرتك افما تقتلني قتلا و اذا اشرت عليك فلا تسمع لي. 16- فحلف الملك صدقيا لارميا سرا قائلا حي هو الرب الذي صنع لنا هذه النفس اني لا اقتلك و لا ادفعك ليد هؤلاء الرجال الذين يطلبون نفسك. 17- فقال ارميا لصدقيا هكذا قال الرب اله الجنود اله اسرائيل ان كنت تخرج خروجا الى رؤساء ملك بابل تحيا نفسك و لا تحرق هذه المدينة بالنار بل تحيا انت و بيتك. 18- و لكن ان كنت لا تخرج الى رؤساء ملك بابل تدفع هذه المدينة ليد الكلدانيين فيحرقونها بالنار و انت لا تفلت من يدهم. 19- فقال صدقيا الملك لارميا اني اخاف من اليهود الذين قد سقطوا للكلدانيين لئلا يدفعوني ليدهم فيزدروا بي. 20- فقال ارميا لا يدفعونك اسمع لصوت الرب في ما اكلمك انا به فيحسن اليك و تحيا نفسك. 21- و ان كنت تابى الخروج فهذه هي الكلمة التي اراني الرب اياها. 22- ها كل النساء اللواتي بقين في بيت ملك يهوذا يخرجن الى رؤساء ملك بابل و هن يقلن قد خدعك و قدر عليك مسالموك غاصت في الحماة رجلاك و ارتدتا الى الوراء. 23- و يخرجون كل نسائك و بنيك الى الكلدانيين و انت لا تفلت من يدهم لانك انت تمسك بيد ملك بابل و هذه المدينة تحرق بالنار. 24- فقال صدقيا لارميا لا يعلم احد بهذا الكلام فلا تموت. 25- و اذا سمع الرؤساء اني كلمتك و اتوا اليك و قالوا لك اخبرنا بماذا كلمت الملك لا تخف عنا فلا نقتلك و ماذا قال لك الملك. 26- فقل لهم اني القيت تضرعي امام الملك حتى لا يردني الى بيت يوناثان لاموت هناك. 27- فاتى كل الرؤساء الى ارميا و سالوه فاخبرهم حسب كل هذا الكلام الذي اوصاه به الملك فسكتوا عنه لان الامر لم يسمع. 28- فاقام ارميا في دار السجن الى اليوم الذي اخذت فيه اورشليم و لما اخذت اورشليم. هنا الملك يعامله بوقار وقابله عند المدخل الثالث (14) أى المدخل الرئيسى الذى يقود للهيكل ويبدو أن هذا كان لإظهار توقيره لبيت الله. وهنا نجده يسأل النبى ثانية بعد ان سمع هذا الكلام مراراً وعرف كلام الرب، ولكنه مثل بلعام يسأل ثانية لعله يسمع كلمة تتفق مع إرادته. فالإنسان الذى يُغير رأيهُ يتصور ان الله مثله. وفى (15) النبى يسأل الملك أن لايقتله،وهو كان مستعداً ان يموت شهيداً من أجل الله ولكن إذا كانت هناك وسيلة نحفظ بها حياتنا بحكمة على ان لا ننكر الله ولا كلامه فلماذا لا نستخدمها، وهكذا صنع بولس الرسول. وكانت نصيحة إرميا للملك هى نفسها لم يغيرها ولكن الملك لم يطيع لآنه إستخدم الحكمة الإنسانية. كانت حجة الملك (19) أنه يخاف من سخرية اليهود الذين لجاْوا سابقاًً لملك بابل ويبدو ان الملك كان قد منع هذا (أن يلجأ أحد من الشعب لملك بابل). وهو يخاف لو استسلم لملك بابل ان يهزأو به لآنه فعل مثلهم. وهذا ما يحدث مع كل واحد يريد ان يقدَم توبه ان يخلق لهُ الشيطان أعذاراً واهية ليمنعه مثال :- "لا أستطيع أن أكف عن الشتائم أو الإشتراك فى الكلام الخارج حتى لا يسخر منى زملائى". وقد يكون الملك قد تصور أن إستسلامهُ فيه نوع من الجبن ولكنه كان منتهى الشجاعة فهذا سوف يكون فيه أقل الأضرار عليه، ولأنقذ نفسه وبلده وشعبه. ولكن هذا كان يتطلب قدراً من الإيمان وإنكار الذات. وفى (22) يشجعه النبى بأنه فى حالة رفضه مشورته سيسقط فى يد ملك بابل وتهزأ منه النساء ويقلن غاصت فى الحمأة رجلاك = أى غاصت رجلاك فى الطين فأصبحت غير قادر على الحركة والتصرف. وسيقع نساؤه وأولاده فى يد بابل (23) ولكن الملك أصر على موقفه ولم يريد أن يخبر الروساء حتى لا تهتز سمعته كمتردد ولكن كان واضحاً تردده وجبنه وضعف شخصيته وخوفه من الرؤساء. الإصحاح التاسع والثلاثون كما صنع إشعياء من قبل هكذا فعل إرمياء. فإشعياء بعد أن إنتهت نبواته عن أشور روى قصة حصار أشور لأورشليم كتأكيد لنبواته. وهنا أرمياء يحكى قصة سقوط أورشليم حسب نبوته. الأيات 1-10 :- 1- في السنة التاسعة لصدقيا ملك يهوذا في الشهر العاشر اتى نبوخذراصر ملك بابل و كل جيشه الى اورشليم و حاصروها. 2- و في السنة الحادية عشرة لصدقيا في الشهر الرابع في تاسع الشهر فتحت المدينة. 3- و دخل كل رؤساء ملك بابل و جلسوا في الباب الاوسط نرجل شراصر و سمجرنبو و سرسخيم رئيس الخصيان و نرجل شراصر رئيس المجوس و كل بقية رؤساء ملك بابل. 4- فلما راهم صدقيا ملك يهوذا و كل رجال الحرب هربوا و خرجوا ليلا من المدينة في طريق جنة الملك من الباب بين السورين و خرج هو في طريق العربة. 5- فسعى جيش الكلدانيين وراءهم فادركوا صدقيا في عربات اريحا فاخذوه و اصعدوه الى نبوخذناصر ملك بابل الى ربلة في ارض حماة فكلمه بالقضاء عليه. 6- فقتل ملك بابل بني صدقيا في ربلة امام عينيه و قتل ملك بابل كل اشراف يهوذا. 7- و اعمى عيني صدقيا و قيده بسلاسل نحاس لياتي به الى بابل. 8- اما بيت الملك و بيوت الشعب فاحرقها الكلدانيون بالنار و نقضوا اسوار اورشليم. 9- و بقية الشعب الذين بقوا في المدينة و الهاربون الذين سقطوا له و بقية الشعب الذين بقوا سباهم نبوزرادان رئيس الشرط الى بابل. 10- و لكن بعض الشعب الفقراء الذين لم يكن لهم شيء تركهم نبوزرادان رئيس الشرط في ارض يهوذا و اعطاهم كروما و حقولا في ذلك اليوم. سقطت المدينة بعد أن إنتهت قوتها كما فقد شمشون قُوته. ولنلاحظ نهاية الإصحاح السابق أرمياء فى السجن ولم يعد يُزعج أحداً بنبواته ثم تسقط أورشليم وتخرب وهذا ما يحدث تماماً الآن. فصوت تبكيت الروح القدس داخلنا دائماً ينذر ويحذر. لكن إذاً قاومنا صوت الروح القدس يبدأ ينخفض وينخفض ثم يسكت فى النهاية ولكن النهاية تكون خراب لمن صنع هذا. فأرمياء كان هو صوت الله الذى أسكتوه وسجنوه. فلماذا كانت النتيجة؟ خراب رهيب. ولاحظ أن من يُسكت صوت الروح داخله لا يعود يسمع صوت تبكيت وهذا معنى "أنهم يشربون الإثم كالماء" وفى الفترة التى سكت فيها أرمياء ولم يزعجهم صوت تبكيته كانوا غالباً ما يتمتعون بسلام زائف فيه الكثير من تحجر القلب والضمير وفيه البر الذاتى وفيه صوت نسمعه كثيراً من الخطاة الذين لا يريدون التوبة، أن الله حنون جداً لا يمكنه أن يُعذَب أحداً. ولاحظ فى (3) دخل كل رؤساء ملك بابل وجلسوا فى الباب الأوسط = هذه تساوى "وذهب روح الرب من عند شاول وبغته روح ردىء من قبل الرب" (1صم14:16) فباب المدينة هذا الذى كان يجلس فيه إلياقيم وحلقيا أى من يحملون إسم الرب (ياه) يجلس فيه الآن من يحمل إسم نبووبيل الألهة الوثنية. وهكذا كل من يحزن الروح القدس ويبقى قلبه فارغاً من مواهب وثمار الروح القدس يمتلىء قلبهُ من ثمار الشياطين وهى الكأبة والحزن والقلق. بل قد ينزع الروح القدس "روحك يا رب لا تنزعه منى" وحينئذ يسكن فى هذا الإنسان الشياطين مثل شاول وهذا ما حدث للإنسان بعد سقوط فلقد إستعبدته الشياطين. وفى (7) أعمى عينى صدقيا فهو قد إمتنع أن يرى نور الله وأغلق عينيه أمام النور الواضح لكلمة الله. وخضع كل الشعب لملك بابل الطاغية (رمز الشيطان) وكلمة طاغية كلمة كلدانية تستعمل للسادة الكلدانيين كأن البابليين حينما يسودون يطغون أكثر من أى أحد آخر. ثم لاحظ نصيب الفقراء (10) وهذا لم يكن لهم يوماً ما "أنزل الأعزاء عن الكراسى ورفع المتضعين" (لو52:1). الأيات 11-18 :- 11- و اوصى نبوخذراصر ملك بابل على ارميا نبوزرادان رئيس الشرط قائلا. 12- خذه و ضع عينك عليه و لا تفعل به شيئا رديئا بل كما يكلمك هكذا افعل معه. 13- فارسل نبوزرادان رئيس الشرط و نبوشزبان رئيس الخصيان و نرجل شراصر رئيس المجوس و كل رؤساء ملك بابل. 14- ارسلوا فاخذوا ارميا من دار السجن و اسلموه لجدليا بن اخيقام بن شافان ليخرج به الى البيت فسكن بين الشعب. 15- و صارت كلمة الرب الى ارميا اذ كان محبوسا في دار السجن قائلة. 16- اذهب و كلم عبد ملك الكوشي قائلا هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل هانذا جالب كلامي على هذه المدينة للشر لا للخير فيحدث امامك في ذلك اليوم. 17- و لكنني انقذك في ذلك اليوم يقول الرب فلا تسلم ليد الناس الذين انت خائف منهم. 18- بل انما انجيك نجاة فلا تسقط بالسيف بل تكون لك نفسك غنيمة لانك قد توكلت علي يقول الرب. ما سبق من هذا الإصحاح يظهر قضاء الله على الأشرار. وفى هذه الأيات تظهر رحمته للأبرار. فنجد رحمة الله تحيط بأرمياء. بل أن الله يجعل هذا الملك الطاغية يحيط أرمياء بعنايته، ربما لمشورة أرمياء لصدقيا بأن يستسلم لملك بابل ونبواته بخراب أورشليم ولكن هذا السبب هو ظاهرى فقط لكن المهم أن الله إستخدم ملك بابل ليحافظ على أرمياء، مع ملاحظة أن أرمياء قد تنبأ أيضاً بخراب بابل. وهكذا بولس الرسول وجد إحتراماً من أغريباس الملك لم يجده عنه حنانيا الكاهن. وهذا ما حدث لأرمياء كان الله قد سبق وأنبأه به (11:15) ولاحظ أن أرمياء كان أميناً مع الله فلم يتخل عنه الله. وما صنعه الله لأرمياء صنعه لعبد ملك الكوشى وكافأه على عمل رحمته. وكانت هذه الحادثة قد حدثت أثناء سجن أرمياء ولكنها مذكورة هنا لإظهار مراحم الله لرجالهُ. والله ينبأ عبد ملك أنه سينجو من الخراب الآتى على أورشليم. حقاً من يضع ثقته فى الله لا يخزيه أبداً. الإصحاح الأربعون نجد فى الإصحاحات (40-43) قصة اليهود الباقين فى يهوذا بعد سبى إخوتهم وهى قصة محزنة جداً بعد أن كان هناك بعض الأمال فى بداية طيبة لهم لكنهم سريعاً ما ظهر عنادهم فى خطاياهم وأنهم لم يتواضعوا ولم يتوبوا فستكمل باقى العقوبات عليهم المنصوص عليها فى تث 28 الذى ذكر اللعنات والعقوبات التى تنزل عليهم وآخرها "ويردك الرب إلى مصر" (تث68:28) فبعد أن حررهم الله، عادوا لخطاياهم، لذلك يعيدهم الله للعبودية " إن حرركم الإبن... ". الأيات 1-6 :- 1- الكلمة التي صارت الى ارميا من قبل الرب بعدما ارسله نبوزرادان رئيس الشرط من الرامة اذ اخذه و هو مقيد بالسلاسل في وسط كل سبي اورشليم و يهوذا الذين سبوا الى بابل. 2- فاخذ رئيس الشرط ارميا و قال له ان الرب الهك قد تكلم بهذا الشر على هذا الموضع. 3- فجلب الرب و فعل كما تكلم لانكم قد اخطاتم الى الرب و لم تسمعوا لصوته فحدث لكم هذا الامر. 4- فالان هانذا احلك اليوم من القيود التي على يدك فان حسن في عينيك ان تاتي معي الى بابل فتعال فاجعل عيني عليك و ان قبح في عينيك ان تاتي معي الى بابل فامتنع انظر كل الارض هي امامك فحيثما حسن و كان مستقيما في عينيك ان تنطلق فانطلق الى هناك. 5- و اذ كان لم يرجع بعد قال ارجع الى جدليا بن اخيقام بن شافان الذي اقامه ملك بابل على مدن يهوذا و اقم عنده في وسط الشعب و انطلق الى حيث كان مستقيما في عينيك ان تنطلق و اعطاه رئيس الشرط زادا و هدية و اطلقه. 6- فجاء ارميا الى جدليا بن اخيقام الى المصفاة و اقام عنده في وسط الشعب الباقين في الارض. أية (1) هذه الآية تبدو وكأن لا تطبيق لها، فلا نجد فى هذا الإصحاح نبوة مرسلة لأحد ولكنها تشير إلى (7:42) حيث نجد رسالة من إرمياء إلى رؤساء وقادة الشعب أما الأيات بين 1:40، 7:42 ما هى إلا قصة هذه النبوة وذكرها هنا هو مدخل لهذه النبوة لتفهم مناسبتها. وكان قد سبق إطلاق سراح أرمياء بكرامة عظيمة (11:39–13) ولكننا نجد أرمياء فى (14:39) أنه عاش وسط الشعب فحين القى جيش بابل القبض على عدد من سكان أورشليم ليأخذوهم للسبى وجدنا أرمياء مرة ثانية أمام رئيس الشرط. فصغار الجنود لم يعرفوا شخصيته وإقتادوه إلى الرامة حيث قيادة الجيش وهناك عرفه قائد أو رئيس الشرط. وأية (2) اية مخجلة جداً لليهود فهذا القائد الوثنى أدرك إرادة الله قبل الشعب المفروض أنهم مؤمنين. وما زالت هذه الأية مخجلة لكثيرمن المسيحيين. فكم من غير المؤمنين يحبون المسيح أكثر من المسيحييين، لذلك قال غاندى الزعيم الهندى الوثنى " أحب المسيح وأكره المسيحيين. وفى (5) وإذ كان لم يرجع بعد = فى ترجمة أخرى " وإذ لم يلتفت إلى جهة من الجهات فهو لم يتخذ قراره منتظراً أن يُعلن الرب إرادته. فهو لا يتخذ قراراً دون أن يستشير الرب وغالباً ما كان يصلى لله طالباً أن يُعلن إرادته. وهو لو كان خائناً حقاً ممالئاً لملك بابل لطلب أن يذهب لبابل ليقبض ثمن خيانته مالاً وكرامة ولكنه عالم أنه إنما كان يتكلم بكلام الله وهو أدى ذلك بأمانة لا يطلب مقابلها ثمناً. نضيف لذلك إنه إنما كان عالماً بما سيحل ببابل من خراب فهى مركز للوثنية. وكان أرمياء هنا مثل موسى الذى فضَل أن يذل مع شعبه ومثل إبراهيم الذى لم يأخذ أجراً من ملك سدوم. وأقام فى وسط الشعب (6). الأيات 7-16 :- 7- فلما سمع كل رؤساء الجيوش الذين في الحقل هم و رجالهم ان ملك بابل قد اقام جدليا بن اخيقام على الارض و انه وكله على الرجال و النساء و الاطفال و على فقراء الارض الذين لم يسبوا الى بابل. 8- اتى الى جدليا الى المصفاة اسماعيل بن نثنيا و يوحانان و يوناثان ابنا قاريح و سرايا بن تنحومث و بنو عيفاي النطوفاتي و يزنيا ابن المعكي هم و رجالهم. 9- فحلف لهم جدليا بن اخيقام بن شافان و لرجالهم قائلا لا تخافوا من ان تخدموا الكلدانيين اسكنوا في الارض و اخدموا ملك بابل فيحسن اليكم. 10- اما انا فهانذا ساكن في المصفاة لاقف امام الكلدانيين الذين ياتون الينا اما انتم فاجمعوا خمرا و تينا و زيتا و ضعوا في اوعيتكم و اسكنوا في مدنكم التي اخذتموها. 11- و كذلك كل اليهود الذين في مواب و بين بني عمون و في ادوم و الذين في كل الاراضي سمعوا ان ملك بابل قد جعل بقية ليهوذا و قد اقام عليهم جدليا بن اخيقام بن شافان. 12- فرجع كل اليهود من كل المواضع التي طوحوا اليها و اتوا الى ارض يهوذا الى جدليا الى المصفاة و جمعوا خمرا و تينا كثيرا جدا. 13- ثم ان يوحانان بن قاريح و كل رؤساء الجيوش الذين في الحقل اتوا الى جدليا الى المصفاة. 14- و قالوا له اتعلم علما ان بعليس ملك بني عمون قد ارسل اسماعيل بن نثنيا ليقتلك فلم يصدقهم جدليا بن اخيقام. 15- فكلم يوحانان بن قاريح جدليا سرا في المصفاة قائلا دعني انطلق و اضرب اسماعيل بن نثنيا و لا يعلم انسان لماذا يقتلك فيتبدد كل يهوذا المجتمع اليك و تهلك بقية يهوذا. 16- فقال جدليا بن اخيقام ليوحانان بن قاريح لا تفعل هذا الامر لانك انما تتكلم بالكذب عن اسماعيل. (رؤساء الجيوش الذين فى الحقل = قادة المقاتلين من العصابات (المليشيات) ومنهم يوحانان) نجد فى هذه الأيات بعض الإزدهار للبقية الباقية من يهوذا بعد سنين من الألام. وكان جدليا إبن أحد الرؤساء (24:26) وكان أخيقام أبوه محباً ومدافعاً عن أرمياء. ويبدو أن جدليا كان إنساناً حكيماً وقد أقام اليهود فى أيامه فى سلام وجاء إليه اليهود الذين هربوا من وجه الكلدانيين ليعيشوا تحت حمايته. وحلف لهم جدليا (9) أى بدأ معهم عهداً جديداً بما لهُ من سلطة فوضه فيها نبوخذ نصر نفسه. وكان الناموس يمنع اليهود أن يقيموا معاهدة مع الوثنيين ولكننا نجد أن جدليا هنا يقول لهم لا تخافوا 1- لأن هذا أمر الله 2- إن سلكتم بالأمانة مع ملك بابل سيسلك هو أيضاً معكم بالأمانة وأية (10) معناها أنه سيقيم فى المصفاة ليتكلم هو مع الكلدانيين ولا يخافوا هم منهم. تيناً فى أوعيتكم = أى يجففوه مثل قمر الدين. ولكننا نجد مؤامرة جديدة ضد هذه الأمة الوليدة منشأها ملك العمونيين الذى يكره اليهود ويريد خرابهم ولذلك إتفق مع إسمعيل ليندس وسط رعايا جدليا. وكان إسمعيل من النسل الملكى (1:41) فكان طبيعياً أن يحقد على جدليا الجالس ليحكم. وكان هناك يوحانان الثائر النشيط الذى أستشعر رائحة الخيانة فأخبر جدليا بها. لكن جدليا لم يسمح بقتل إسمعيل لمجرد شك بدون دليل. لذلك كان جدليا مع أنه شخص تقى إلا أنه لا يصلح لقيادة شعب فى هذه الظروف الصعبة فهو قد أظهر من وداعة الحمام أكثر مما أظهر من حكمة الحيات. فعلى الأقل كان يجب أن يحتاط من إسمعيل. الإصحاح الحادى والأربعون الأيات 1-10 :- 1- و كان في الشهر السابع ان اسماعيل بن نثنيا بن اليشاماع من النسل الملوكي جاء هو و عظماء الملك و عشرة رجال معه الى جدليا بن اخيقام الى المصفاة و اكلوا هناك خبزا معا في المصفاة. 2- فقام اسماعيل بن نثنيا و العشرة الرجال الذين كانوا معه و ضربوا جدليا بن اخيقام بن شافان بالسيف فقتلوه هذا الذي اقامه ملك بابل على الارض. 3- و كان اليهود الذين كانوا معه اي مع جدليا في المصفاة و الكلدانيون الذين وجدوا هناك و رجال الحرب ضربهم اسماعيل. 4- و كان في اليوم الثاني بعد قتله جدليا و لم يعلم انسان. 5- ان رجالا اتوا من شكيم و من شيلو و من السامرة ثمانين رجلا محلوقي اللحى و مشققي الثياب و مخمشين و بيدهم تقدمة و لبان ليدخلوهما الى بيت الرب. 6- فخرج اسماعيل بن نثنيا للقائهم من المصفاة سائرا و باكيا فكان لما لقيهم انه قال لهم هلم الى جدليا بن اخيقام. 7- فكان لما اتوا الى وسط المدينة ان اسماعيل بن نثنيا قتلهم و القاهم الى وسط الجب هو و الرجال الذين معه. 8- و لكن وجد فيهم عشرة رجال قالوا لاسماعيل لا تقتلنا لانه يوجد لنا خزائن في الحقل قمح و شعير و زيت و عسل فامتنع و لم يقتلهم بين اخوتهم. 9- فالجب الذي طرح فيه اسماعيل كل جثث الرجال الذين قتلهم بسبب جدليا هو الذي صنعه الملك اسا من وجه بعشا ملك اسرائيل فملاه اسماعيل بن نثنيا من القتلى. 10- فسبى اسماعيل كل بقية الشعب الذين في المصفاة بنات الملك و كل الشعب الذي بقي في المصفاة الذين اقام عليهم نبوزرادان رئيس الشرط جدليا بن اخيقام سباهم اسماعيل بن نثنيا و ذهب ليعبر الى بني عمون. عجيب هذه الوحشية الدموية، لكنها هى السبب فى خراب أورشليم. ونجد أن إسمعيل أخذ معهُ عشرة رجال من الأمراء على شاكلته. وأكلوا خبزاً مع جدليا ثم قتلوه " الذى أكل خبزى رفع على عقبه. وكأن الدم الذى سفكه الكلدانيين لم يكن كافياً فقاموا بسفك المزيد من دم هذا الشعب بل هم خلطوا مع دماء الشعب دماء الكلدانيين. وجاء 80 رجل من إسرائيل غالباً (الـ10 أسباط) ليبكوا خراب أورشليم والهيكل ومعهم تقدماًتهم ليحرقونها ولكن يظهر فى طريقة حزنهم تأثرهم بالعادات الوثنية التى عاشوا فيها = مملوقى اللحى ومشققى الثياب ومخمشين = أى جرحوا أنفسهم، هؤلاء يحبون الله ولكن بطريقة وثنية. وسمع عنهم إسمعيل الدموى فخرج إليهم بدموع التماسيح يبكى خراب أورشليم مثلهم، وأراد أن يعرف مدى ولائهم لجدليا فإن ثبت ولاؤهم لهُ قتلهم. لذلك قال لهم هلم إلى جدليا (6) ولم يكن أحد قد عَرِف بقتل جدليا لأنَ المؤامرة كانت سرية. ولما ذهبوا ليروا جدليا وظهر حبهم له لماُ سمعوه عنه قتلهم. ووضع كل هذه الجثث فى حفرة كان الملك أسا قد صنعها حين حصن أسا مدينة المصفاة من وجه بعشا ملك إسرائيل (1مل22:15) ولتصبح قلعة متقدمة ضد بعشا. ومما يدل على جشع إسمعيل تركه لـ10 رجال ليمتلك مخازنهم وأخذ رجال ونساء سبايا معهُ إلى ملجأه عند ملك بنى عمون. الأيات 11-18 :- 11- فلما سمع يوحانان بن قاريح و كل رؤساء الجيوش الذين معه بكل الشر الذي فعله اسماعيل بن نثنيا. 12- اخذوا كل الرجال و ساروا ليحاربوا اسماعيل بن نثنيا فوجدوه عند المياه الكثيرة التي في جبعون. 13- و لما راى كل الشعب الذي مع اسماعيل يوحانان بن قاريح و كل رؤساء الجيوش الذين معهم فرحوا. 14- فدار كل الشعب الذي سباه اسماعيل من المصفاة و رجعوا و ساروا الى يوحانان بن قاريح. 15- اما اسماعيل بن نثنيا فهرب بثمانية رجال من وجه يوحانان و سار الى بني عمون. 16- فاخذ يوحانان بن قاريح و كل رؤساء الجيوش الذين معه كل بقية الشعب الذين استردهم من اسماعيل بن نثنيا من المصفاة بعد قتل جدليا بن اخيقام رجال الحرب المقتدرين و النساء و الاطفال و الخصيان الذين استردهم من جبعون. 17- فساروا و اقاموا في جيروت كمهام التي بجانب بيت لحم لكي يسيروا و يدخلوا مصر. 18- من وجه الكلدانيين لانهم كانوا خائفين منهم لان اسماعيل بن نثنيا كان قد ضرب جدليا بن اخيقام الذي اقامه ملك بابل على الارض. حين ظهر يوحانان الرجل الوطنى الشجاع وراء إسمعيل هرب إسمعيل فالخاطىء دائماً جبان ترعبه خطاياه. وقد هرب مع إسمعيل 8 من رجاله فيبدو أن إثنين منهم قتلوا فى المعركة أو تركوه وتخلوا عنه فى هذه المواجهة. ولكن يوحانان مع مميزاته السياسية لم يكن إنساناً روحياً ينتظر كلمة الله. فأراد أن يقود الشعب الذين إستردهم إلى مصر. ولأنه لم يكن إنساناً روحياً فهو قاد شعبه ولكن ليكمل خرابهم "أعمى يقود أعمى" ولأنه صمم على الذهاب إلى مصر عسكروا فى جيروت كمهام = وهى بالقرب من بيت لحم مدينة داود وهى كانت قطعة أرض أعطاها داود لكمهام إبن برزلاى. وقصده أن يذهب لمصر ليحميه المصريين وهذا إنحراف فاسد فى شعب الله منذ خروجهم من مصر. وكانت حجته أنه يهرب من الكلدانيين لئلا ينتقموا منه على قتل جدليا. ولنلاحظ تنقل الشعب على عدة قادة (يهود وكلدانيين...) فمن لا يتبع الله كسيد لهُ يسود عليه كثيرين. الإصحاح الثانى والأربعون الأيات 1-6:- 1- فتقدم كل رؤساء الجيوش و يوحانان بن قاريح و يزنيا بن هوشعيا و كل الشعب من الصغير الى الكبير. 2- و قالوا لارميا النبي ليت تضرعنا يقع امامك فتصلي لاجلنا الى الرب الهك لاجل كل هذه البقية لاننا قد بقينا قليلين من كثيرين كما ترانا عيناك. 3- فيخبرنا الرب الهك عن الطريق الذي نسير فيه و الامر الذي نفعله. 4- فقال لهم ارميا النبي قد سمعت هانذا اصلي الى الرب الهكم كقولكم و يكون ان كل الكلام الذي يجيبكم الرب اخبركم به لا امنع عنكم شيئا. 5- فقالوا هم لارميا ليكن الرب بيننا شاهدا صادقا و امينا اننا نفعل حسب كل امر يرسلك به الرب الهك الينا. 6- ان خيرا و ان شرا فاننا نسمع لصوت الرب الهك الذي نحن مرسلوك اليه ليحسن الينا اذا سمعنا لصوت الرب الهنا. يتضح من حديثهم مع أرمياء وحديثه معهم، أنه لم يكن يعرف تصميمهم على الذهاب لمصر. وقد أظهر النبى لهم كل رقة ووعدهم بالصلاة لأجلهم، ولعله هو نفسه لم يكن يعرف ما هو الأفضل، الذهاب أم البقاء. ولكن يبدو واضحاً بعد ذلك أنهم إنما كانوا يسألون الله، كمثل طريقة بلعام، أى يسألون الله وهم قد إتخذوا قراراً، فإن إتفق كلام الله مع رغبتهم نفذوه، وإن لم يتفق رفضوه. ولنلاحظ أن الله لا يُسمِعنا صوته إن لم نكن بنية صادقة نعتزم أن نطيعه حينما نعرف إرادته. ولنلاحظ أن رجوعهم لمصر بعد كل وعود الرب هو رجوع المؤمن التائب للعالم يلتمس عنده العزاء والمعونة. وأن رجوعهم لمصر هو رجوعهم لأرض العبودية والذل متجاهلين دم الفصح (دم المسيح) وعبور البحر الأحمر (المعمودية). الأيات 7-22 :- 7- و كان بعد عشرة ايام ان كلمة الرب صارت الى ارميا. 8- فدعا يوحانان بن قاريح و كل رؤساء الجيوش الذين معه و كل الشعب من الصغير الى الكبير. 9- و قال لهم هكذا قال الرب اله اسرائيل الذي ارسلتموني اليه لكي القي تضرعكم امامه. 10- ان كنتم تسكنون في هذه الارض فاني ابنيكم و لا انقضكم و اغرسكم و لا اقتلعكم لاني ندمت عن الشر الذي صنعته بكم. 11- لا تخافوا ملك بابل الذي انتم خائفوه لا تخافوه يقول الرب لاني انا معكم لاخلصكم و انقذكم من يده. 12- و اعطيكم نعمة فيرحمكم و يردكم الى ارضكم. 13- و ان قلتم لا نسكن في هذه الارض و لم تسمعوا لصوت الرب الهكم. 14- قائلين لا بل الى ارض مصر نذهب حيث لا نرى حربا و لا نسمع صوت بوق و لا نجوع للخبز و هناك نسكن. 15- فالان لذلك اسمعوا كلمة الرب يا بقية يهوذا هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل ان كنتم تجعلون وجوهكم للدخول الى مصر و تذهبون لتتغربوا هناك. 16- يحدث ان السيف الذي انتم خائفون منه يدرككم هناك في ارض مصر و الجوع الذي انتم خائفون منه يلحقكم هناك في مصر فتموتون هناك. 17- و يكون ان كل الرجال الذين جعلوا وجوههم للدخول الى مصر ليتغربوا هناك يموتون بالسيف و الجوع و الوبا و لا يكون منهم باق و لا ناج من الشر الذي اجلبه انا عليهم. 18- لانه هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل كما انسكب غضبي و غيظي على سكان اورشليم هكذا ينسكب غيظي عليكم عند دخولكم الى مصر فتصيرون حلفا و دهشا و لعنة و عارا و لا ترون بعد هذا الموضع. 19- قد تكلم الرب عليكم يا بقية يهوذا لا تدخلوا مصر اعلموا علما اني قد انذرتكم اليوم. 20- لانكم قد خدعتم انفسكم اذ ارسلتموني الى الرب الهكم قائلين صل لاجلنا الى الرب الهنا و حسب كل ما يقوله الرب الهنا هكذا اخبرنا فنفعل. 21- فقد اخبرتكم اليوم فلم تسمعوا لصوت الرب الهكم و لا لشيء مما ارسلني به اليكم. 22- فالان اعلموا علما انكم تموتون بالسيف و الجوع و الوبا في الموضع الذي ابتغيتم ان تدخلوه لتتغربوا فيه. بعد 10 أيام (7) = رقم (10) يشير للوصايا، ولأنهم كسروا وصايا الله فالله إنتظر عليهم عشرة أيام. فهم بخطاياهم صنعوا هوة بينهم وبين الله. وهنا هم المسئولون عن هذا البعد لريائهم فسؤالهم لله كان فيه رياء. ثم أن فترة الإنتظار تُعلن لهم أن النبى لم يتكلم من نفسه بل إنتظر الرب ليكلمه. وفى (10) ندمت على الشر = تعنى أن الله قرر أن يوقف الضربات ويبدأ فى إظهار مراحمه إعلاناً عن محبته لشعبه. وفى (14) لا نرى حرباً = هم يبحثون عن سلام مزيف فالسلام الحقيقى عند الله فى كنيسته. ومن يترك الكنيسة بسبب بعض المتاعب ليبحث لنفسه عن سلام بعيداً حيث الأبار المشققة التى لا تضبط ماء. ولا نجوع للخبز = هذا حال من يريد أن يشبع من العالم وملذاته تاركاً المسيح خبز الحياة ومن يأكله يحيا به. وفى (16) يظهر غبائهم أكثر إنهم إنما هم هاربون من وجه السيف = وكان ينبغى أن يفهموا أن السيف والمجاعة هى أسلحة الله ضدهم لدعوتهم للتوبة. وإن لم يتوبوا سيلحقهم السيف والمجاعة هناك فى مصرلأن الله سيكون وراءهم. وإن إستمعوا لصوت الله فحتى لو كانت أورشليم أرض حرب والرب فيها ستتحول لأرض سلام. وهذا ينطبق على المأسى العامة، فمن يظن أنه يهرب من مكانه بسبب مأساة تلاحقه، ستلاحقه هذه المأساة أينما ذهب، إن كانت هذه المأساة تجربة سمح بها الرب بسبب خطاياه. فالعالم الذى نعيش فيه هو برية وهروبنا من مكان لآخر هو إنتقال من برية إلى برية. ولا سبيل للسلام سوى التوبة والرجوع إلى الله. ووضع لهم الله هنا البركة واللعنة. 20 :- خدعتم أنفسكم = لأنكم تريدون مشورتكم وليس مشورة الله. الإصحاح الثالث والأربعون الأيات 1-7:- 1- و كان لما فرغ ارميا من ان كلم كل الشعب بكل كلام الرب الههم الذي ارسله الرب الههم اليهم بكل هذا الكلام. 2- ان عزريا بن هوشعيا و يوحانان بن قاريح و كل الرجال المتكبرين كلموا ارميا قائلين انت متكلم بالكذب لم يرسلك الرب الهنا لتقول لا تذهبوا الى مصر لتتغربوا هناك. 3- بل باروخ بن نيريا مهيجك علينا لتدفعنا ليد الكلدانيين ليقتلونا و ليسبونا الى بابل. 4- فلم يسمع يوحانان بن قاريح و كل رؤساء الجيوش و كل الشعب لصوت الرب بالاقامة في ارض يهوذا. 5- بل اخذ يوحانان بن قاريح و كل رؤساء الجيوش كل بقية يهوذا الذين رجعوا من كل الامم الذين طوحوا اليهم ليتغربوا في ارض يهوذا. 6- الرجال و النساء و الاطفال و بنات الملك و كل الانفس الذين تركهم نبوزرادان رئيس الشرط مع جدليا بن اخيقام بن شافان و ارميا النبي و باروخ بن نيريا. 7- فجاءوا الى ارض مصر لانهم لم يسمعوا لصوت الرب و اتوا الى تحفنحيس. مع أن كلام أرمياء كان فى منتهى الوضوح إلا أنهم إحتقروه لأنه ضد قرارهم المسَبق. فهؤلاء يحلمون بمصر ولن يمنعهم أحد من الذهاب لمصر حتى لو قال الله العكس. والسبب فى ذلك سجَله الكتاب فى أية (2) فهم رجال متكبرين = يرون أن قراراتهم هى أحكم قرار حتى لو ضد الله كما قال فرعون سابقاً، من هو الله لأطيعه، فالقلب المتكبر هو أشد أعداء الإنسان. هنا كانوا كمن يشرق النور أمامه فيغلق عينيه لكى لا يرى أو هو يرى ولكن لا يعترف. ومما يضاعف خطيتهم أن أرمياء أثبت أنه نبى حقيقى فقد تحققت كل نبواته. فلا مجال أن يقولوا هذه أوهام. ولكنهم فعلوها وقالوا باروخ هو السبب وراء مشورة أرمياء لكى يقعوا فى يد الكلدانيين. ولكن لو كان هناك إتفاق بين أرمياء وباروخ لمصلحة بابل، أما كانوا قد ذهبوا لبابل ليأخذوا نصيبهم من الكرامة عوضاً عن أن يجلسوا مع هؤلاء الفقراء اليهود. ولكن من لا يحب أن يطيع كلام الله فهو دائماً يثير أقوال رديئة ضدها. وهم ذهبوا لتحفنحيس وكان بها فى ذلك الوقت قصوراًً للملك ولكنهم فضلوا الإقامة فيها ربما لعظمتها ولكنها كانت مليئة بالأوثان ولم يعتزلوا حتى لا يتدنسوا. وتحفنحيس تذكر بعبوديتهم القديمة فى بناء المخازن. فهذه المدينة تبعد عن فيثوم حوالى 35 كيلو متر. ولو كان لهم روح الله لفضلوا البقاء فى خراب أورشليم عن اللجوء لأوثان مصر. الأيات 8-13 :- 8- ثم صارت كلمة الرب الى ارميا في تحفنحيس قائلة. 9- خذ بيدك حجارة كبيرة و اطمرها في الملاط في الملبن الذي عند باب بيت فرعون في تحفنحيس امام رجال يهود. 10- و قل لهم هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل هانذا ارسل و اخذ نبوخذراصر ملك بابل عبدي و اضع كرسيه فوق هذه الحجارة التي طمرتها فيبسط ديباجه عليها. 11- و ياتي و يضرب ارض مصر الذي للموت فللموت و الذي للسبي فللسبي و الذي للسيف فللسيف. 12- و اوقد نارا في بيوت الهة مصر فيحرقها و يسبيها و يلبس ارض مصر كما يلبس الراعي رداءه ثم يخرج من هناك بسلام. 13- و يكسر انصاب بيت شمس التي في ارض مصر و يحرق بيوت الهة مصر بالنار. فى هذه الأيات والإصحاح القادم نجد أرمياء يتنبأ فى مصر وسط الأمة الوثنية، ويتنبأ بخرابها ثم يتنبأ بخراب اليهود الذين لجأوا إلى مصر. فأرمياء لم يكف عن الصلاة من أجل شعبه والله يظهر لهُ ما سوف يحدث مستقبلاً لعلهم يتوبون. والمعنى أنهم حتى لو هربوا من سيف نبوخذ نصر فى أورشليم فسوف يلاحقهم فى مصر. فهذا السيف هو سيف الله. وفى أية (9) أُطمرها فى الملاط فى الملبِن = الملاط هو الطين والملبن هو مكان صناعة اللبن وشيه لعمل الآجر للبناء. وهذا يدُل غالباً أن هذا القصر كان تحت الإنشاء فلن يوجد أتون لشى الآجر فى منطقة قصر الملك إن كان قد تم تشييده. ولو كان القصر قد إنتهى تشييده ما إستطاع أرمياء أن يحفر فيه ويضع حجارة. فهو كان عليه أن يأخذ حجارة كبيرة (مثل التى تستخدم فى الأساس) ويطمرها فى الملبن الذى عند باب بيت فرعون. وهذا معناه أن أرمياء يضع أساس ملك بابل فى قصر فرعون. نبوة عن سيادة بابل على مصر وخراب مصر وكان عليه أن يصنع هذا أمام رجال يهود لعلهم يتوبون على مجيئهم إلى مصر وعن وثنيتهم، وخطاياهم. وحينما يأتى ملك بابل فعلاً سيعرف اليهود أن نبوة أرمياء كانت صحيحة وفى (10) ملك بابل عبدى = فهو ينفذ إرادة الله أو هو أداة التنفيذ. وفوق هذا القصر سيبسط نبوخذ نصر ديباجه = أى خيمته الملكية. وسيحرق ملك بابل ويحطم الهة مصر. وهكذا يستخدم الله ملك وثنى شرير ليضرب ويؤدب ملك وثنى شرير آخر. وفى (12) يلبس أرض مصر كما يلبس الراعى رداءهُ = هذه لها عدة معانى: 1. أى سيكون لهُ كل غنى مصر كزينة يلبسها ويتحلى بها. 2. أن مصر القوية والخبيرة فى الحروب سيتسيد عليها بسهولة جداً تشبة سهولة إرتداء الراعى لردائه وهو يلبس بسهولة جداً وفى وقت قصير جداً. 3. بل من كثرة ما إقتناه نبوخذ نصر فى حروبه ستكون لهُ ثروة مصرفوق ثروات الأمم التى أخذها كرداء راعى يرتديه الراعى فوق ملابسه وفى (13) بيت شمس = هو هيكل للشمس حيث يجمع كل عابدى الشمس والأنصاب = قد تكون الألهة الوثنية أو المسلات الفرعونية. ةلقد غزا نبوخذ نصر مصر فعلاً سنة 568 ق.م. الإصحاح الرابع والأربعون الأيات 1-14 :- 1- الكلمة التي صارت الى ارميا من جهة كل اليهود الساكنين في ارض مصر الساكنين في مجدل و في تحفنحيس و في نوف و في ارض فتروس قائلة. 2- هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل انتم رايتم كل الشر الذي جلبته على اورشليم و على كل مدن يهوذا فها هي خربة هذا اليوم و ليس فيها ساكن. 3- من اجل شرهم الذي فعلوه ليغيظوني اذ ذهبوا ليبخروا و يعبدوا الهة اخرى لم يعرفوها هم و لا انتم و لا اباؤكم. 4- فارسلت اليكم كل عبيدي الانبياء مبكرا و مرسلا قائلا لا تفعلوا امر هذا الرجس الذي ابغضته. 5- فلم يسمعوا و لا امالوا اذنهم ليرجعوا عن شرهم فلا يبخروا لالهة اخرى. 6- فانسكب غيظي و غضبي و اشتعلا في مدن يهوذا و في شوارع اورشليم فصارت خربة مقفرة كهذا اليوم. 7- فالان هكذا قال الرب اله الجنود اله اسرائيل لماذا انتم فاعلون شرا عظيما ضد انفسكم لانقراضكم رجالا و نساء اطفالا و رضعا من وسط يهوذا و لا تبقى لكم بقية. 8- لاغاظتي باعمال اياديكم اذ تبخرون لالهة اخرى في ارض مصر التي اتيتم اليها لتتغربوا فيها لكي تنقرضوا و لكي تصيروا لعنة و عارا بين كل امم الارض. 9- هل نسيتم شرور ابائكم و شرور ملوك يهوذا و شرور نسائهم و شروركم و شرور نسائكم التي فعلت في ارض يهوذا و في شوارع اورشليم. 10- لم يذلوا الى هذا اليوم و لا خافوا و لا سلكوا في شريعتي و فرائضي التي جعلتها امامكم و امام ابائكم. 11- لذلك هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل هانذا اجعل وجهي عليكم للشر و لاقرض كل يهوذا. 12- و اخذ بقية يهوذا الذين جعلوا وجوههم للدخول الى ارض مصر ليتغربوا هناك فيفنون كلهم في ارض مصر يسقطون بالسيف و بالجوع يفنون من الصغير الى الكبير بالسيف و الجوع يموتون و يصيرون حلفا و دهشا و لعنة و عارا. 13- و اعاقب الذي يسكنون في ارض مصر كما عاقبت اورشليم بالسيف و الجوع و الوبا. 14- و لا يكون ناج و لا باق لبقية يهوذا الاتين ليتغربوا هناك في ارض مصر ليرجعوا الى ارض يهوذا التي يشتاقون الى الرجوع لاجل السكن فيها لانه لا يرجع منهم الا المنفلتون. كان اليهود فى مصر مشتتين فى أجزاء متفرقة منها. وهنا يذكرهم الله بواسطة أرمياء بأن خراب أورشليم كان راجعاً لخطاياها. وما فائدة التذكير؟ أن الشيطان يحاربنا دائماً بأن يجعلنا ننسى الألام الناشئة عن الخطية ويذكرنا فقط بملذاتها مثال :- عند خروج الشعب من أرض مصر جعلهم الشيطان ينسون ذل العبودية فى مصر وقتل الذكور من أبنائهم، وسخرتهم للمصريين وضربهم بالسياط وجعلهم يتذكرون قدور اللحم والكرات. وهنا يذكرهم أن ملك بابل ما هو إلا أداة تنفيذ مشيئة الله بالغضب ضد الخطية. والله هنا يلومهم فى أنهم تركوه هو الإله الحى وذهبوا وراء آلهة وثنية. ولذلك منعهم الله من الذهاب لمصر حتى لا تكون شركاً جديداً لهم بأوثانها. أما المسبيين فى بابل فكانوا وسط أوثان بابل لكن كانوا فى حماية الله فهو الذى أرسلهم إلى هناك. أما من هم فى مصر فهم ضد رغبة الله فهم بدون حمايته. ولأنهم إنفصلوا عن الله صاروا عاراً ولعنة وسط الشعوب (8). وفى (9) هل نسيتم شرور أبائكم = أى هل نسيتم الضربات والألام التى إجتازوا فيها بسبب شرورهم. وشرور نسائكم = فالشر جماعى، الكل يخطئون. وربما فى هذا إشارة لنساء سليمان اللواتى كنَ السبب فى تبخيره للأوثان، ونساء الشعب الحالى كانوا بخطاياهم أيضاً ومحبتهم للأوثان سبباً مشجعاً لأزواجهن. وأية (11) أجعل وجهى عليكم للشر = هذه آية مُرعبة. فمن يتحدى الله يفنيه الله. وفى (14) قد يكون اليهود الذين لجأوا إلى مصر، قد لجأوا لها لقربها من أورشليم، إذاً يمكنهم العودة وقتما شاءوا، ولكن لأنهم ذهبوا بإرادتهم فالله لن يشاء لهم عودتهم ولن يروها أما المسبيين الذين هم على مسافة أبعد فسيعيدهم الله. حقاً المر الذى تختاره لى يا رب أفضل من الشهد الذى أختاره بنفسى، والطريق الذى يعطينى إياه الرب يكون معزياً أكثر من الطريق الذى أختاره لنفسى وأكثر أماناً وراحة. الأيات 15-19 :- 15- فاجاب ارميا كل الرجال الذين عرفوا ان نساءهم يبخرن لالهة اخرى و كل النساء الواقفات محفل كبير و كل الشعب الساكن في ارض مصر في فتروس قائلين. 16- اننا لا نسمع لك الكلمة التي كلمتنا بها باسم الرب. 17- بل سنعمل كل امر خرج من فمنا فنبخر لملكة السماوات و نسكب لها سكائب كما فعلنا نحن و اباؤنا و ملوكنا و رؤساؤنا في ارض يهوذا و في شوارع اورشليم فشبعنا خبزا و كنا بخير و لم نر شرا. 18- و لكن من حين كففنا عن التبخير لملكة السماوات و سكب سكائب لها احتجنا الى كل و فنينا بالسيف و الجوع. 19- و اذ كنا نبخر لملكة السماوات و نسكب لها سكائب فهل بدون رجالنا كنا نصنع لها كعكا لنعبدها و نسكب لها السكائب. نجد هنا عناداً عجيباً. وهنا الإتهام موجه للنساء ليس لأن الرجال كانوا فى تقوى وخوف الله، بل لأن الرجال كانوا فى إستهتار غير مهتمين بل موافقين = فهل بدون رجالنا كنا نصنع (19). بل إن الرجال قالوا إننا لا نسمع لك الكلمة التى كلمتنا بها بإسم الرب ولنلاحظ أنهم فى رفضهم السابق قالوا "الله لم يقل هذا" إنما هى مؤامرة بين أرمياء وباروخ والآن زادت نغمة التحدى بما معناه حتى لو قال الله ذلك لن نفعل، وذلك لأن الخاطىء الذى لا يقدم توبة ينمو فى الخطية أكثر وأكثر. وفى (16) ملكة السموات = قد يكون القمر أو الشمس الذى تنتشر عبادتها فى مصر. وكلمة الشمس مؤنثة فى العبرية وقد تكون السموات بكل ما فيها من نجوم. وأنظر دفاعهم فى (18،17) 1- أباؤنا فعلوا ذلك بل وملوكهم 2- الخير الذى كان لنا كان بسبب تبخيرنا لملكة السموات. ولنعرف أن شيوع الخطية ليس مبرراً لنا لنفعلها. فهناك وصايا سنحاسب على كسرنا لها حتى لو كسرها أباؤنا وملوكنا. وأيضاً هناك مغالطة فإن كانت ملكة السموات تحمى أحداً فلماذا لم تحميهم من خراب أورشليم. وهى أيضاً لن تحميهم من الخراب القادم. هذه المغالطات تذكرنا بما حدث فى بداية المسيحية حينما كان الوثنيين يرجعون المصائب التى تحل بهم للمسيحيين فكانت صرختهم "أقتلوهم وإرموهم للأسود". أية 18 :- هم يتصوروا أن إصلاحات يوشيا ومنع عبادة الأوثان كان للخراب. الأيات 20-30 :- 20- فكلم ارميا كل الشعب الرجال و النساء و كل الشعب الذين جاوبوه بهذا الكلام قائلا. 21- اليس البخور الذي بخرتموه في مدن يهوذا و في شوارع اورشليم انتم و اباؤكم و ملوككم و رؤساؤكم و شعب الارض هو الذي ذكره الرب و صعد على قلبه. 22- و لم يستطع الرب ان يحتمل بعد من اجل شر اعمالكم من اجل الرجاسات التي فعلتم فصارت ارضكم خربة و دهشا و لعنة بلا ساكن كهذا اليوم. 23- من اجل انكم قد بخرتم و اخطاتم الى الرب و لم تسمعوا لصوت الرب و لم تسلكوا في شريعته و فرائضه و شهاداته من اجل ذلكم قد اصابكم هذا الشر كهذا اليوم. 24- ثم قال ارميا لكل الشعب و لكل النساء اسمعوا كلمة الرب يا جميع يهوذا الذين في ارض مصر. 25- هكذا تكلم رب الجنود اله اسرائيل قائلا انتم و نساؤكم تكلمتم بفمكم و اكملتم باياديكم قائلين اننا انما نتمم نذورنا التي نذرناها ان نبخر لملكة السماوات و نسكب لها سكائب فانهن يقمن نذوركم و يتممن نذوركم. 26- لذلك اسمعوا كلمة الرب يا جميع يهوذا الساكنين في ارض مصر هانذا قد حلفت باسمي العظيم قال الرب ان اسمي لن يسمى بعد بفم انسان ما من يهوذا في كل ارض مصر قائلا حي السيد الرب. 27- هانذا اسهر عليهم للشر لا للخير فيفنى كل رجال يهوذا الذين في ارض مصر بالسيف و الجوع حتى يتلاشوا. 28- و الناجون من السيف يرجعون من ارض مصر الى ارض يهوذا نفرا قليلا فيعلم كل بقية يهوذا الذين اتوا الى ارض مصر ليتغربوا فيها كلمة اينا تقوم. 29- و هذه هي العلامة لكم يقول الرب اني اعاقبكم في هذا الموضع لتعلموا انه لا بد ان يقوم كلامي عليكم للشر. 30- هكذا قال الرب هانذا ادفع فرعون حفرع ملك مصر ليد اعدائه و ليد طالبي نفسه كما دفعت صدقيا ملك يهوذا ليد نبوخذراصر ملك بابل عدوه و طالب نفسه. الخطاه الوقحون يتكلمون بجرأة ولكن الله لهُ الكلمة الأخيرة وهو سيتبرر فى كلامه ويَصْمُتْ أمامه كل إنسان. وهنا يخبرهم أرمياء إن سبب شقائهم لهو تبخيرهم لملكة السموات. فحين يعرف الإنسان سبب الداء يستطيع أن يتلافاه. وهنا يعطيهم الله علامة على صدق نبوات وأقوال أرمياء وذلك بأن حفرع الفرعون المصرى الحالى سيسقط بيد أعداءه = وسوف تحدث هذه النبوة سريعاً كإشارة أن باقى النبوات ستحدث تباعاً. وقد سقط فعلاً حفرع بيد شريكه فى الحكم أحمس الثانى. وغالباً فإن حفرع هذا كان قد أغوى صدقيا على ثورته ضد ملك بابل مما أوقعه فى يد أعدائه ولذلك ها هو حفرع يقع فى يد أعدائه. |
|