رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
استفانوس ومن هو !! ؟ إن الاسم " استفانوس " يعنى " تاج " أو " إكليل " وليس من السهل أن نعلم الكثير عنه خارج ما كتب فى سفر أعمال الرسل . هو أول جندى من جنود المسيح فاز بالتاج أو الإكليل ، فما أسرع ما نراه كومضة من النور الباهر فى أحشاء الظلام، أو كالبرق الذى يلمع فى الليل الحالك، ويترك نوره أثراً عميقاً فى الكيان والذاكرة،... رآه بولس وهو يموت ، فعاشت الرؤية فى كيانه وأعماقه ، ولم يستطع نسيانها أو التخلص منها . وأغلب الظن أنه عاش يراها إلى اللحظة الأخيرة!!.. ومع أنه مر بالتاريخ والكنيسة مثل هذه الومضة ، إلا أن وهج حياته القصيرة عاش ويعيش خالداً على مدى الحياة !! .. لم يكن يهودياً - كما هو ظاهر من اسمه - من يهود فلسطين ، بل أغلب الظن أنه كان من يهود الشتات أو المهجر إذا جاز التعبير، أما اسم أبيه أو أمه فلا نعلمهما ، ... ويذهب البعض فى أنه كان صائغاً من أتباع الإمبراطورة ليفيا وعبداً لها، وأنه قد منح الحرية ، ولهذا فهو واحد من اليهود الغرباء الذين زاروا أورشليم وقبلوا المسيحية ، ويقول آخرون ، على ما يذهب أبيفانيوس ، إنه كان واحداً من السبعين الذين اختارهم المسيح للتبشير والخدمة ، .. ويعتقد غيرهم أنه جاء إلى المسيح بواسطة عظة بطرس يوم الخمسين ، وعلى أية حال هو واحد من خدام اللّه الذين لم تطل خدمتهم بالمعيار الزمنى أكثر من ثلاث سنوات ، ولكن اللّه يريد أن يعطينا هذا اليقين . إن خدمة المعمدان خالدة مع أنها لم تستمر أكثر من شهور معدودات ، وإن أخوين أحدهما يعقوب بن زبدى مات أول الرسل ، ووخدم الكنيسة بموته ، وثانيهما يوحنا أخوه ، وقد عاش آخر الكل ، وبقى إلى ما يقرب من نهاية القرن الأول وخدم الكنيسة بحياته ، وللّه فى حكمته ما يعلو على هذا الذهن البشرى ، .. وقد كان حسب التصور أن الكنيسة ليس فى أبنائها وشبابها فى خطاها الأولى ، من هو أفضل أو ألمع من استفانوس ، .. لكن النجم اللامع كان عليه أن يخطف الأبصار ثم يمضى متوجاً إلى مجده السريع العظيم!!.. ترى كيف نصفه ، وما مفتاح حياته !! ؟ يبدو أن خير كلمة تصف حياته بأكملها هى كلمة "ملاك".. عندما وقف أمام المجمع للمحاكمة قيل عنه : " فشخص إليه جميع الجالسين فى المجمع ورأوا وجهه كأنه وجه ملاك " ( أع 6 : 15 ) .. لقد بدا على مهابة رائعة ، تجاوزت مظهر الناس ، وارتقت إلى مصاف الملائكة،... والرجل الذى يبدو وجهه كوجه ملاك، ... لابد أن يكون هو بذاته ملاكاً بين الناس،... وهو ملاك فى كل شئ .. إنه الملاك الذى يقف دائماً على النبع ، ويشرب إلى درجة الارتواء ، .. وصفه الكتاب بالقول : "مملوءاً من ... الروح القدس" (أع 6 : 5) ، إن شجرة حياته تمد أصولها إلى الغدير ، عند مجارى المياه ، فإذا رأيت فيه الجمال كل الجمال ، وإذا رأيت فيه الاخضرار كل الاخضرار ، وإذا رأيت فيه البهاء كل البهاء ، ... فالسر أنه لم يأخذ قليلا من الروح القدس ، أو جدولا ضحلا من الملء الإلهى ، بل أخذ الملء كله ، ... إن كل مؤمن يأخذ من اللّه شيئاً،... لكن الفرق بين مؤمن ومؤمن ، هو الفرق بين من يسكن فيه روح اللّه ومن يمتلئ بروح اللّه ... إن الملاك هو الذى يأتينا من عالم خفى غير منظور ، ... واستفانوس كان ملاكاً بهذا المعنى أنه أقرب إلى العالم غير المنظور ، وهو يعيش بالبصيرة أكثر مما يعيش بالبصر ، ولأجل ذلك فالترجمة الصحيحة لحياته فى علاقته بالروح القدس هى الملء أيضاً بالإيمان : " مملوءاً من الإيمان " ( أع 6 : 5 ) وما الإيمان إلا أن يطل المرؤ ببصيرته ويتشدد لأنه يرى من لا يرى ، ... هو انطلاق الرؤيا إلى العالم الأسمى والأعظم والأجل ، العالم الأبدى ، ... وكان استفانوس يعيش مع هذا العالم وبعمق فى حياة الإيمان ، ... لقد رأيناه فى اللحظة الأخيرة يرى السموات مفتوحة ، ولنا أن نتأكد تماماً أنه عاش وعينه على الدوام مفتوحــــة على العالم الأبدى !! .. قال المرنم القديم : " أرفع عينى إلى الجبال من حيث يأتى عونى " .. وكان دانيال يتزود كل يوم ، صباحاً وظهراً ومساء من وراء الكوى المفتوحة فى السبى من عالم الأعظم الذى لم يغب عن عينيه وهو يتطلع تجاه أورشليم ، وعاش بالرؤيا البعيدة فى العالم غير المنظور ، وعاش استفانوس ، وعيناه على السماء المفتوحة التى منها يأتى الملاك وإليها يذهب !! .. وكان استفانوس ملاكاً متوجاً فى سيرته أمام الناس . لقد كان أول السبعة المشهود لهم " مشهوداً لهم " ( أع 6 : 3).. لو سألت الذين تعاملوا معه ، وعاش بينهم ، ما رأيكم فى استفانوس ؟ لكان الجواب القوى الصحيح : هذا الرجل " ملاك " بكل ما فى الكلمة من معنى ، إنه لا يبصر يتيماً دون أن ينحنى عليه فى رقة بالغة ، ولا يرى أرملة تبكى ، دون أن تذرف عينيه دموعاً لتعاستها وآلامها ، .. ولا يمكن أن يبصر جائعاً يتلوى من الجوع دون أن يطعمه ويشبعه ، ولا يستريح حتى تعود الابتسامة إلى شفتيه ، ألم أقل لكم إنه ملاك يتمشى بين الناس،... على أنه أكثر من ذلك كان له لسان الملائكة فى الحجة والبلاغة ، ... إذ كانت فصاحته لا تبارى، حاج الكثيرين من اليهود فى مجامعهم ، فعجزت حجتهم عن البلوغ إلى مستوى حجته ، وقصر بيانهم عن الوصول إلى بيانه، أفحمهم ولم يستطيعوا أن يقاوموا الحكمة والروح الذى كان يتكلم به ، كان واحداً من أئمة البيان إذا جاز القول أو التعبير ، وكان الخطيب المصقع الذى ظهر فى الميدان واتجه إليه الإعجاب من المريدين ، والخصومة من الحاقدين ، ولعل بيانه هذا هو الذى جعله فى الطليعة يكاد الرسل يتوارون وراءه أمام الجميع فى أورشليم ، ... وكان استفانوس فى قوة التدبر والتدبير ، ... كانت حكمته واسعة فى مواجهة المتطلبات المتعددة ، وكان صاحب المشورة النافذة والحكمة السماوية النازلة من فوق ، ... وكانت له قدرة الملائكة فى صنع العجائب والمعجزات ، وما كثر ما جرت على يديه آيات وعجائب رآها الجميع ومست حياة الكثيرين !! .. كان رجلا خارقاً غير عادى ، إذا جاز التعبير ، وهو كنجمة الصبح التى تلمع فى الظلام، وما أسرع ما تختفى ، ولكن جمالها أن تنفرد بين النجوم باللمعان !! .. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
رجم استفانوس |
استفانوس «رقد» ( أع 7: 60 ) |
(استفانوس) |
استفانوس |
استفانوس |