رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||
|
|||||||||
ما هي الفضيلة؟ وما مصادرها؟
ما هي الفضيلة ؟ وما معنى عبارة "إنسان فاضل" ؟ الفضيلة قد تعنى البر والنقاوة. والإنسان الفاضل هو الإنسان الخيّر، البار، الذي يحب الخير ويفعله... وقد تعنى الفضيلة أيضًا قوة في النفس، تمكّنها من الانتصار على كل نوازع الشر وإغراءاته، وتسير في طرق الله... وربما تعنى الفضيلة: الارتفاع فوق مستوى الذات: بحيث يخرج الإنسان من التركيز على نفسه فقط، إلى الاهتمام بالآخرين. والى محبة الله والناس. نقول هذا لأن الخطيئة كثيرًا ما تكون إنحصارًا حول الذات. حيث يريد الإنسان أن يرفع ذاته ، ويُشبع رغبات ذاته ويمتعها.. والفضيلة هي أيضًا إرتفاع فوق مستوى اللذة: لأن غالبية الخطايا قد تكون مصحوبة بلذه حسيه، أو لذة نفسية. فتدور حول ملاذ الجسد أو الفكر أوالنفس، وتصبح لونًا من إشباع الذات، وبطريقة خاطئه. فالذى يحب المال أو المقتنيات، إنما يجد لذة في المال وفي المقتنيات. وكذلك من يحب الزينة أو الطعام، ومن يحب المناصب والشهرة، إنما يجد لذة في كل هذا... ومن يحب الجسد يجد لذته في الجسد. ومن ينتقم لنفسه يجد لذة في الانتقام... الخطيئة اذن هي سعى وراء اللذة، أما الفضيلة فهى ارتفاع فوق مستوى اللذة حتى تجد إشباعًا لها في السعادة الروحية . والسعادة غير اللذة، وكذلك الفرح غير اللذة. اللذة غالبًا ترتبط بالحسّ ، بالجسد والمادة. أما السعادة والفرح فيرتبطان بالروح. ولذلك فالفضيلة اذن تكون ارتفاعًا فوق الخضوع للمادة. مصادر الفضيلة: 1- المصدر الأول للفضيلة هو الحفاظ على المبادئ والقيم. فالإنسان الروحى المتمسك بالمبادئ والقيم، يمكنه أن يحيا حياة الفضيلة، لأن القيم التي يؤمن بها تحصنه فلا يستطيع أن يخطئ مهما حورب بالخطية، مثال ذلك يوسف الصديق .أما الإنسان الخاطئ فلا قيم عنده. والفضائل ليست لها قيمة حقيقية في نظره.إنه يكذب مثلًا، لأن الصدق لا قيمة له في نظره. وبسبب ضياع القيم، يقع في الاستهتار واللامبالاه. فلا الواجبات لها قيمة، ولا النظام العام، ولا القانون ولا التقاليد. فهو لايعبأ بشئ منها. 2- من مصادر الفضيلة أيضًا: قوة الإرادة والعزيمة: فقد لا يستطيع أن يسلك في الفضيلة، لانه مغلوب من نفسه. فمهما أحب الخير، لايفعله لأنه ضعيف الإرادة. وبسبب الضعف يقع في الخطية لأنه لا يستطيع أن يقاومها. والوقوع في الخطية يؤدى إلى مزيد من الضعف. ولهذا فإن كثيرين- لكي يحيوا في الفضيلة- يسلكون في تداريب روحية لتقوية إرادتهم. لذلك نقول عن الإنسان الفاضل إنه إنسان قوى.. قوى في الروح، وفي الفكر، وفي العزيمة والتنفيذ. إنه قوى في الأنتصار على النزعات الداخلية، وقوى في الأنتصار على الحروب الخارجية. أما الذي تستعبده عادة رديئة، فهو ضعيف. والذي لايستطيع أن يتحكم في لسانه، ولا في أعصابه، ولا في فكره، هو إنسان ضعيف. وبسبب هذا الضعف يبعد عن الفضيلة. وحتى إن تاب عن الخطيه يرجع اليها مرة اخرى.. 3- ومن مصادر الفضيلة، الحكمة والمعرفة. وهى المعرفة التي تميز بدقة بين الخير والشر، وبين اللائق وغير اللائق... والحكيم يسلك بالضرورة في حياة الفضيلة، بينما نصف الخاطئ بأنه جاهل مهما كان من العلماء! إنه جاهل بطبيعة الخير والشر وجاهل بمصيره الأبدى، وجاهل بما تجلبه الخطية من نتائج سيئة. جاهل لا يعرف خيره من شره، ولا نفعه من ضره. وبالمثل نقول عن الملحد إنه إنسان جاهل حتى لو كان من الفلاسفة! ولا نقصد بكلمة (جاهل) المعنى السطحى للكلمة التي تعنى إنه لم يتعلم في مدارس أو على ايدى اساتذة. إنما هو جاهل من جهة الحكمة الالهية، وجاهل من جهة المعرفة الحقيقية. وهو يحتاج إلى توعية وارشاد. وكلما يتعمق الإنسان في الحكمة، فعلى هذا القدر يتعمق في فهم الامور، ويعرف ما ينبغى أن يفعل... 4- ولعل من أهم مصادر الفضيلة: مخافة الله فالإنسان الذي توجد مخافة الله في قلبه، لا يمكن أن يخطئ. وكما قيل في المزمور"رأس الحكمة مخافة الله". إن الإنسان الروحى يخاف أن يكسر وصايا الله ()، ويخاف من اليوم الذي يقف فيه أمام الديان العادل. إنه يخاف من العقوبة، ويخاف أن يفقد نقاوته وطهره. ويخاف أيضًا على سمعته، ويخاف من أن يكون عثرة لغيره. وهو أيضًا يبعد عن الخطية حتى بالفكر وبالنية، لأنه يخاف الله الفاحص الفلوب والعارف بالنيات. وبالمخافة يسلك في طريق الفضيلة، وبممارسة الفضيلة يحبها. وهكذا يسلك فيها عن حب وليس لمجرد الخوف... 5- من مصادر الفضيلة أيضًا: الجهاد الروحى فالحياة الفضلى على نوعين: نوع يولد الإنسان بها، كما يقول المثل العامى"مالك متربى؟ قال من عند ربى". وقد يرث الفضيلة والطبع الهادئ الطيب عن والديه، أو بالتربية السليمة والقدوة الحسنة. أما النوع الآخر من الفضيلة، فهو ما يجاهد الإنسان لكي يصل اليه.. وحتى الذين يولد بالفضيلة، يحتاج إلى جهاد لكي يحافظ عليها... ذلك لأن الشيطان عدو الخير لايشاء أن يتركه في راحة، بل يحاربه محاولًا أن يفقده في فضائله. لهذا يلزم للإنسان أن يجاهد لكي يصمد امام حروب العدو، ولكي يثبت في الخير ولا يتزعزع... أيضًا يجاهد لكي يصل إلى أكمل مستوى في حياة الفضيلة. هنا الجهاد للنمو في عمل الخير، وليس لمجرد مقاومة الخطيئة.. 6- من مصادر الفضيلة أيضًا: النعمة الالهية.. فمهما جاهد الإنسان، قد يفشل إن لم تساعده نعمة الله وتقويه. على أنه يجب عليه أن يتجاوب من عمل النعمة. وبهذا يثبت نيته الطيبة في محبة الخير. والاعتماد على نعمة الله لايعنى تكاسلنا وتراخينا... 7- من مصادر الفضيلة أيضًا الضمير الحى. وكما قال أحد الحكماء: إن الفضيلة بطبيعتها مغروسة فينا. وبهذا تكون الخطية هي مقاومة هذا الغرس الالهى، أي الضمير الذي يدعو إلى الخير، ويبكت على الشر. إنه يمثل الشريعة الطبيعية، غير المكتوبة التي تبكتنا إن بعدنا عن الفضيلة . لذلك نجد أن الذي يخطئ، يشعر بالخجل والخوف والارتباك، طالما كان ضميره حيًا: هذا اذا ارتكب إثمًا لا توافق عليه القيم المغروسة فينا بالفطرة |
|