الكتاب المقدس هل يُعقَل تحريفه؟
كنيسة القديسين مارمرقس والبابا بطرس - سيدي بشر - الإسكندرية
نسخ الكتاب المقدس
النسخة الفاتيكانية
والآن أريد أن أشير إلى أقدم النسخ التي تم إكتشافها:
1 – النسخة الفاتيكانية " B(.3): كُتبت غالبًا في الأسكندرية، ومن المعروف إن النص السكندري يتميز بالدقة، وقد كُتِبت باليونانية بأمر الملك قسطنطين سنة 328م على أفضل أنواع الرقوق المصنوعة من جلد الظباء وذلك عندما أصدر قسطنطين أمره بنسخ 50 نسخة من الكتاب المقدس على نفقة الدولة، ونقلت من مصر إلى الفاتيكان في زمن غير معروف، وذكرت ضمن محتويات مكتبة الفاتيكان سنة 1475م، وعندما تعرضت إيطاليا للغزو الفرنسي على يد نابليون بونابرت نقلت هذه المخطوطة إلى باريس ثم أعيدت إلى الفاتيكان، وتتكون من 759 ورقة تشمل العهد القديم بما فيه من الأسفار القانونية الثانية، وفقد منه سفر التكوين إصحاحات 1 – 46، والمزامير من 105 – 137. . كما شملت العهد الجديد باستثناء الرسائل الرعوية الثلاث وسفر الرؤيا، وتتكون الصفحات المدَّون عليها الأسفار الشعرية من عمودين، وباقي المخطوطة من ثلاثة أعمدة، وعدد السطور يتراوح بين 40، 44 سطرًا في كل عامود، وهي محفوظة للآن في مكتبة الفاتيكان تحت رقم "يوناني 1209".
2 – النسخة السينائية: "o1":
ومعروفة بالمخطوطة "ألف" وهي مكتوبة بخط جميل مع بعض الزخارف، وتحوي الصفحة أربعة أعمدة، وكل عمود يتكون من نحو 48 سطرًا، ويرجع تاريخها إلي سنة 350م، وقد إكتشفها " فريدريك قسطنطين تشندروف" Lobegott Friedrich Constantin (von) Tischendorf الذي قام بزيارة دير سانت كاترين في سيناء ثلاث مرات، وقام سنة 1844 م بالزيارة الأولة للدير،
وأمضى عدة أسابيع في البحث والتنقيب دون جدوي، وفي النهاية وجد في سلة المهملات بعض الرقوق تمهيدًا لحرقها، ومغطاة بمخطوط أنيق مضبوط أكثر من أي مخطوط رآه من قبل، ويشمل نصوص قديمة للكتاب المقدس، فحصل على 43 ورقة فقط وهي المحفوظة الآن في جامعة ليبرج.
وفي الزيارة الثانية
للدير سنة 1853م لم يعثر إلاَّ على قصاصة تحتوي على 11 سطرًا من سفر التكوين.
وفي الزيارة الثالثة والأخيرة
للدير سنة 1859 م وكان مزودًا بتوصية من إمبراطور روسيا الأرثوذكسي، وقد أمضى وقتًا طويلًا ولم يعثر على ضالته المنشودة، فقرَّر أن يغادر الدير يوم 4 فبراير، وفي عصر ذلك اليوم تمشى مع أمين الدير وتبادلا الحديث، ودعاه أمين الدير لتناول مشروب معه في قلايته، وصرَّح له بأنه يقرأ من الترجمة السبعينية، وأطلعه على مجلد ملفوف بقماش أحمر، وما أن تصفَّحه تشندروف حتى كاد يرقص فرحًا، ولكنه أخفى مشاعره وتظاهر بعدم الاهتمام، وفي نهاية الجلسة طلب أن يأخذه إلى غرفته ليتصفحه فسمح له أمين الدير، وعندئذ تأكد أنه أمام كنز عظيم، وبعد مجهود كبير مع رئيس الدير استطاع أن يحمل المخطوط إلى روسيا.
3 – النسخة الأسكندرية "A (.2)":
عُثِر عليها في الأسكندرية، ومدوَّن في صفحتها الأولى أنها نُسخت بيد سيدة شريفة مصرية إسمها تقلا، وهي مكتوبة باللغة اليونانية في أربع مجلدات ضخمة من الرقوق، وتشمل 773 ورقة من إجمالى نحو 822 ورقة.
وتشمل العهد القديم بما فيه من أسفار المكابيين الأول والمكابين الثاني وطوبيت ويهوديت وحكمة يشوع بن سيراخ وحكمة سليمان، والصفحة بها عمودان وتتراوح السطور من 46 – 52 سطرًا، ويرجع تاريخها إلى سنة 450م.
وظلت المخطوطة محفوظة في الإسكندرية، وعندما تولى كيرلس لوكاريوس بطريرك الروم الأرثوذكس بالإسكندرية بطريركية القسطنطينية سنة 162.م أخذها معه.
وفي سنة 1624م سلَّمها للسفير البريطاني في تركيا لإهدائها لجيمس الأول ملك بريطانيا الذي قام بأعظم ترجمة من اليونانية إلى الإنجليزية، ولكن قبل وصول المخطوطة لبريطانيا كان الملك جيمس قد فارق الحياة، فأهداها السفير لإبنه الملك شارل الأول سنة 1628 م.
وظلت محفوظة في المكتبة إلى أن نقلت سنة 1853م للمتحف البريطاني بجانب المخطوطة السينائية.
4– النسخة الأفرامية " C (.4) " : وتشمل العهد الجديد كله ماعدا رسالة تسالونيكي الثانية ويوحنا الثانية، بالإضافة إلى أكثر من نصف العهد القديم، وسبب تسميتها بالإفرامية إن الكتابة عليها كانت قد بهتت فى القرن الثاني عشر، ولندرة الرقوق قام أحد النساخ بمحو الكتابة القديمة على قدر ما استطاع، وسجل عليها عظات مارإفرام السرياني بالترجمة اليونانية، وقد استطاع العلماء بالطرق العلمية الحديثة إزالة عظات مارإفرام وقراءة الكتابة الأصلية، وهي الآن محفوظة في المكتبة الوطنية في باريس تحت " مجلد يوناني رقم 91 " ويرجع تاريخها إلى نحو 450 م.
نادر: ولا ننسي يا منير النسخة الأخميمية التي إكتشفها العالِم " شستر بيتي " في بلدنا 1930 / 1931م ويرجع تاريخها للقرن الثالث الميلادي، وهي محفوظة في لندن أيضًا ومعروفة ب Papprus 45, 46, 47 ، فالبردية " P45 " تحوي 1/7 الإناجيل الأربعة تقريبًا مع سفر الأعمال، والبردية " P46 " تحوي جزءًا كبيرًا من رسائل معلمنا بولس الرسول باستثناء الرسائل الرعوية، والبردية " P47 " تحتوي علي ثلث سفر الرؤيا تقريبًا.
وهناك مخطوطة جون رايلاند John Ryland التي تشمل جزءًا من إنجيل يوحنا ويرجع تاريخها إلي الفترة من 117 – 135م وهي محفوظة في مكتبة جون رايلاند بمنشستر (مانشستر) بإنجلترا.
الأخ زكريا: وهناك بردية البهنسا التي يرجع تاريخها إلي سنة 250 م، وقد تم إكتشافها في البهنسا وتحتوي علي إنجيل متي، وهي محفوظة في متحف بنسلفانيا بالولايات المتحدة.
وهناك أيضًا المخطوطة البيزية " D (.5) ":
وتضم الأناجيل الأربعة وسفر الأعمال، ويرجع تاريخها إلي القرن السادس الميلادي، وقد أهداها " تيودور بيزا " سنة 1581م لمكتبة جامعة كمبردج، وتحتوي الصفحة علي عمود واحد، والنص مدوَّن باللغة اليونانية ويقابلها في الصفحة المقابلة النص باللغة اللاتينية، وجاء ترتيب الأناجيل متي ثم يوحنا ثم لوقا ثم مرقس.. وما أكثر المخطوطات التي تم إكتشافها، ومازالت تخرجها الأرض من باطنها ويكفي أن نعرف أنه يوجد نحو 5300 مخطوطة كاملة للعهد الجديد باللغة اليونانية، ونحو 24 ألف مخطوطة لأجزاء من العهد الجديد، فلا عذر إذًا لمن يرفض الكتاب الخالد، ومن يريد الإستزادة يرجع للكتب المتخصصة ومنها دائرة المعارف (ج 3 ص 282 -289).
طائفة الكتبة في دير الأنبا بيشوي
بيتر: وفي القرن الرابع الميلادي كان هناك 400 راهبًا في دير الأنبا بيشوي يكرسوا كل وقتهم لنسخ الإنجيل فقط وفي العهد القديم كان هناك طائفة الكتبة، وكان عملها الأساسي نسخ الأسفار المقدسة، وكان هؤلاء الكتبة يراعون الحيطة والحذر الشديد، فمثلًا: من التعليمات التي كان يلتزم بها النسَّاخ ما يلي:
أن يكون الناسخ رجلًا حكيمًا يقدّر ما يكتبه.
يغسل الناسخ جسده بالماء جيدًا.
يلبس الملابس اليهودية، ويجهز قلبه بالأفكار الخشوعية .
يستخدم درجًا مجهزًا من جلد حَيَوان طاهر، وأن يكون الشخص الذي جهز هذا الدرج شخص يهودي.
يستخدم الناسخ حبرًا مصنوعًا من كربون الفحم وعسل النحل النقي، وكانوا يحصلون على الكربون من الهباب الناتج من إشتعال مصابيح الزيت أو من أسفل القدور.
قبل أن يبدأ الناسخ في كتابة صفحة يعد كل حرف في هذه الصفحة ويدونه في الهامش، وبعد أن ينتهي من كتابة الصفحة يحصي كل حرف فيها ويطابقه بمثيله من النسخة المنقول منها.
لا يعتمد الناسخ على ذهنه في كتابة ولو كلمة واحدة.
ينطق الناسخ الكلمات بصوت عال وهو يكتبها حتى يشغل حاستي النظر والسمع.
لو تكلم ملك مع الناسخ أثناء عمله لا يلتفت إليه.
عندما يرد اسم الجلالة "الله" يسجد قبل كتابة الاسم، ويكتبه بقلم خاص.
يترك الناسخ مسافة شعرة بين كل حرف وحرف، وتسعة حروف بين كل فقرتين، وثلاثة سطور بين كل سفرين.
كل عمود يكون عرضه بمقدار ثلاثون حرفًا، ويشمل ما بين 48 – 60 سطرًا
يتولى مراجعة النسخة مجموعة تقوم بعملها بمنتهى الدقة، فلو وجدوا في النسخة أكثر من ثلاثة أخطاء مُصحَّحة تُعدم حرقًا بالنار.
وحتى بعد تشتُّت اليهود من فلسطين وخلال الفترة من 299-500 م. كان يقوم بمسئولية النسخ طائفة المازوريين، وسُميت النسخ التي قاموا بنسخها بالنسخ المازورية.