رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
سلسلة الوسائط الروحية 8 سلسلة الوسائط الروحية 8الصلاة... ما هي؟ وكيف توصل إلي الله؟ بقلم قداسة: البابا شنودة الثالث ليست كلا صلاة تعتبر واسطة روحية, يمكن أن توصلك إلي الله... هنا وأتذكر ما قيل عن إيليا النبي إنه صلي صلاة (يع 5: 17). كانت صلاة حقيقية, استطاعت أن تغلق السماء وأن تفتحها, وأن تقتدر كثيرا في فعلها (يع 5: 16). فما هي الصلاة إذن؟ ما تعريفها؟ الصلاة هي جسر يوصل بين الإنسان والله. شبهوها بسلم يعقوب الواصلة بين السماء والأرض (تك 28: 12). إنها ليست مجرد كلام, إنما هي صلة.. هي صلتك بالله, قلبا وفكرا. الصلاة هي إحساسك بالوجود في الحضرة الإلهية. وبدون هذا الإحساس لان تكون الصلاة صلاة... هي مشاعر قلب متجه إلي الله, يشعر بوجود الله معه, أو بأنه واقف أمام الله. كما قال إيليا النبي حي هو رب الجنوب, الذي أنا واقف أمامه (1مل 18: 15).. وأمام الله ينسي الإنسان كل شيء, ولا يبقي في ذهنه سوي الله وحده. ويتضاءل كل شيء, ويصبح الله هو الكل في الكل وليس غيره... الصلاة هي عمل القلب, سواء عبر عنها اللسان أو لم يعبر. هي رفع القلب إلي الله. لأن القلب يتحدث مع الله بالشعور والعاطفة, أكثر مما يتحدث اللسان بالكلام. وربما يرتفع القلب إلي الله بدون كلام. لذلك فإن تنهد القلب أمام الله صلاة. وحنين القلب إلي الله صلاة. وعواطف الحب نحو الله صلاة. فالصلاة هي الصلة بين الله والإنسان. وإن لم توجد هذه الصلة القلبية, فلن ينفع الكلام شيئا. إن أحببت الله تصلي. وإن صليت تزداد حبا لله. فالصلاة هي عاطفة حب, نعبر عنها بالكلام. نري هذا الحب وهذه العاطفة بكل وضوح في مزامير داود النبي, إذ يقول: يا الله, أنت إلهي, إليك أبكر. عطشت نفسي إليك (مز 63: 1). كما يشتاق الإيل إلي جداول المياه, هكذا تشتاق نفسي إليك يا الله. عطشت نفسي إلي الله, إلي الإله الحي.. متي أجئ وأتراءي قدام الله (مز 42: 1, 2)... إنه شوق إلي الله, عطش إليه. كما تشتاق الأرض العطشانة إلي الماء... كثيرون يصلون, ولا يشعرون بتعزية. لأن صلواتهم خالية من الحب... مجرد كلام! هؤلاء رفض الله صلواتهم. وقال عنهم هذا الشعب يكرمي بشفتيه. أما قلبه فمبتعد عني بعيدا (1ش 29: 13). وكرر السيد المسيح نفس التوبيخ بالنسبة إلي اليهود (مت 15: 8) (مر 7: 6). إذن اخلط صلاتك بالحب. وتكلم فيها مع الرب بعاطفة. فالصلاة هي اشتياق النفس إلي الوجود في حضرة الله. هي اشتياق المحدود إلي غير المحدود, اشتياق المخلوق إلي خالقه, واشتياق الروح إلي مصدرها وإلي شبعها... والصلاة المقبولة هي التي تصدر من قلب نقي فالكتاب يقول ذبيحة الأشرار مكرهة الرب, وصلاة المستقيمين مرضاته (أم 15:8) (أم 21: 27). وقد رفض الرب صلاة الأشرار, فقال لهم حين تبسطون أيديكم, استر وجهي عنكم, وإن أكثرتم الصلاة, لا أسمع. أيديكم ملآنة دما (أش 15: 1). ومن الناحية الأخري يقول الكتاب طلبة البار تقتدر كثيرا في فعلها (يع 5: 16). إذن ماذا يفعل الخاطئ المثقل بآثامه؟ يصلي ليساعده الله علي التوبة. ويتوب لكي يقبل الله صلاته.. يصلي ويقول: توبني يارب فأتوب (إر 31: 18). فالصلاة هي باب المعونة, الذي يدخل منه الخاطئ إلي التوبة. وقد قال مارإسحق من قال إن هناك بابا آخر للتوبة غير الصلاة, فهو مخدوع من الشياطين... إذن لا تنتظر حتي تتوب ثم تصلي!! إنما اطلب التوبة في صلاتك, من ذلك الذي قال بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئا (يو 15: 5). الصلاة هي فتح القلب لله, لكي يدخل ويطهره. تذكرنا بصلاة العشار, الذي رفع قلبه في انسحاق أمام الله, طالبا الرحمة (لو 18: 13) وهكذا خرج مبررا. عليك إذن أن تصلي لكي تحصل علي نقاوة القلب, وأنت تقول للرب في صلاتك: انضح علي بزوفاك فأطهر, واغسلني فأبيض أكثر من الثلج (مز: 50)... أليس هو القائل أعطيكم قلبا جديدا, واجعل روحا جديدة في داخلكم.. واجعل روحي في داخلكم, وأجعلكم تسلكون في فرائضي (حز 36: 26, 27)... اطلب منه في صلاتك تحقيق هذا الوعد. الصلاة هي تدشين للشفتين وللفكر, وهي تقديس للنفس, بل هي صلح مع الله... الإنسان الذي بينه وبين الله خصومة, طبيعي أنه لا يتحدث معه. لا يصلي. لا يجد دالة للحديث مع الله. فإن بدأ يصلي, فمعني هذا أنه يريد أن يصطلح مع الله.. وإذا صلي, يستحي من حديثه مع الله, ويخجل من أن ينجس فكره الذي كان مع الله منذ حين. يصل إذن إلي استحياء الفكر, وهذه ظاهرة روحية صحية. وهكذا بالصلاة تبطل الأفكار الردية, كلما داوم الإنسان علي الصلاة, ويدخل بها في جو روحي, ويبعد عن قوات الظلمة. الصلاة هي رعب للشياطين, وأقوي سلاح ضدهم. فالشيطان يخشي أن يفلت هذا المصلي من يده. يخشي أن ينال بصلاته قوة يحاربه بها كما أنه يحسده علي علاقته هذه مع الله, التي حرم هو منها... لذلك فالشيطان يحارب الصلاة بكل الطرق. يحاول أن يمنعها بأن يوحي للإنسان بأن مشاغل كثيرة تنتظره وليس لديه وقت, أو يشعره بالتعب وبثقل في الجسد. وإن أصر علي الصلاة, يحاول أن يشتت فكره ليسرح في أمور عديدة. أما أنت يا رجل الله, فاصمد في صلاتك مهما كانت الحروب. وركز فيها فكرك وكل مشاعرك... وكما قال الرسول قاموا إبليس فيهرب منكم (يع 4: 7). ولا تستسلم لأفكاره. واعرف أن محاولته منع صلاتك, إنما تحمل اعترافا ضمنيا منه بقوة هذه الصلاة كسلاح ضده. فلا تلق سلاحك, بل حارب به. واستمر في الصلاة مهما شردت أفكارك. ولابد أن ييأس العدو من جهادك الروحي ويتركك. كما أن النعمة لن تتخلي عنك, بل ستكون معك... وفي صلاتك, افتح أعماق نفسك لتمتلئ من الله... اطلب الله نفسه, وليس مجرد خيراته. قل له كما سبق أن قال داود طلبت وجهك, ولوجهك يارب ألتمس. لا تحجب وجهك عني (مز 119). تأكد أن نفسك التي تشعر بنقصها, ستظل في فراغ إلي أن يكملها الله نفسه. إنها تحتاج إلي حب أقوي من كل شهوات العالم. وهي عطشانة, وماء العالم لا يستطيع أن يرويها (يو 4: 13). قل له يارب: لست أجد سواك كائنا يفهمني... وأطمئن إليه: أفتح له تلبي, وأحكي له كل أسراري, وأشرح له ضعفاتي فيسمعها ولا يحتقرها. وأسكب أمامه دموعي, وأبثه أشواقي.. أشعر معه أنني لست وحدي, وإنما معي قلب يحتويني وقوة تسندني... بدونك يارب, أشعر أنني في فراغ, ولا أري لي وجودا حقيقيا. أنت هو عمانوئيل, الله معنا... روحي تشتاق إلي روحك الكلي, تشتاق إلي ما هو أسمي من المادة والعالم وكل ما فيه... نعم, إن في داخلي اشتياقا إلي غير المحدود, لا يشبعه سواك..! هذه هي صلاة الحب, وهي أعلي من مستوي الطلب.. فأنت قد تصلي ولا تطلب شيئا.. قد تكون صلاتك علي ما أعطاه لك الله من قبل. تشكره علي عنايته بك, ورعايته لك, وعلي ستره ومعونته وكل إحساناته, لك ولكل أصحابك وأحبابك.. وقد تكون صلاتك تسبيحا لله, مثل صلاة السارافيم قدوس قدوس, قدوس, رب الجنود. السماء والأرض مملؤتان من مجدك وكرامتك (إش 6). قد تكون صلاتك مجرد تأمل في صفات الله الجميلة, كما في صلوات القداس الغريغوري, وكما في كثير من المزامير وصلوات الساعات. وكما قال القديس باسيليوس الكبير لا تبدأ صلاتك بالطلب لئلا يظن أنه لولا الطلب ما كنت تصلي. اعتبر صلاتك مجرد تلذذ بعشرة الله, أو كما يسميها بعض الآباء مذاقة الملكوت مجرد وجودك في حضرة الله متعة, حتي لو لم تفتح فمك بكلمة واحدة, حتي لو لم يتحرك ذهنك بأي فكر, كطفل في حضن أبيه ولا يطلب شيئا سوي أن يبقي هكذا... تري ما الذي يمكننا أن نطلبه في ملكوت السموات؟! لا شيء طبعا. لأن هناك لا ينقصنا شيء حتي نطلبه. إنما نتمتع بما قال عنه المرتل ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب (مز 34: 8). الصلاة هي مذاقة الملكوت هذا, نذوق هنا علي الأرض ما سوف نتمتع به في السماء... لذلك قيل عن الصلاة إنها طعام الملائكة هي طعام أرواحهم, وهي غذاؤهم الذي يشبعهم. وهكذا أيضا بالنسبة إلي أرواح القديسين, وكانت علي الأرض غذاء للآباء المتوحدين والسواح... يتغذون فيها بمحبة الله وعشرته, ومتعة أرواحهم به. كما قال داود النبي للرب أما أنا فخير لي الالتصاق بالرب (مز 73: 28). مبارك هو إلهنا الطيب الذي منحنا أن نصلي.. تواضع منه أن يسمح لنا بأن نتحدث إليه... وتواضع منه أن يصغي إلينا.. من نحن التراب والرماد, حتي نقترب إلي الله, ونقف أمامه ونتحدث إليه... ونضم أنفسنا إلي صفوف الملائكة الواقفة أمام عرشه تسبحه وتبارك اسمه, وتتبارك بالوجود في حضرته. حقا إنه تواضع من الخالق, أن يسمح لنا نحن مخلوقاته بهذه الدالة: أن نكلمه ويسمعنا لذلك عار كبير, وخطية كبري, أن تقول: ليس لدي وقت للصلاة!! هل يجرؤ العبد أن يقول إنه ليس لديه وقت للكلام مع سيده؟! عجب بالأكثر أن المخلوق ليس لديه وقت للحديث مع خالقه!! إن أمورا عديدة وتافهة تجد لها وقتا... ومحادثات لا قيمة لها, تجد لها وقتا. لماذا إذن تحتج بضيق الوقت في الحديث مع الله؟! إن داود النبي كان ملكا وقائدا وقاضيا للشعب, وله أسرة كبيرة, ومع ذلك يقول للرب سبع مرات في النهار سبحت علي أحكام عدلك (مز 119) عشية وباكر ووقت الظهر وفي نصف الليل نهضت لأشكرك... وسبقت عيناي وقت السحر, لأتلو في جميع أقوالك (مز 119). المشكلة لا تكمن إذن في الوقت, وإنما في الرغبة. إن كانت لديك رغبة في الصلاة, فلاشك ستجد وقتا... ثم يجب أن تعرف أن الصلاة بركة لك. وأنك فيها تأخذ, ولست تعطي... هل تظن أنك تعطي الله وقتا حينما تصلي؟! وهل الله محتاج إليك أو إلي صلواتك؟! أم أنت تأخذ في الصلاة قوة ومعونة وبركة, وتأخذ لذة روحية ومتعة بعشرة الله, وحلا لمشاكلك..؟! يجب أن تتغير فكرتك عن الصلاة, لكي تدرك تماما أنك ضائع بدونها, وأنها عكازك الذي تستند إليه. إن عرفت هذا, ستعتمد عليها كواسطة روحية أساسية في حياتك. وبعد, أتراني أستطيع في هذا المقال أن أحدثك عن كل ما يتعلق بالصلاة؟! كلا, وإنما بعد كل هذا أتركك لتصلي, ولكي تذكرني أيضا في صلاتك... |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
سلسلة الوسائط الروحية (11) |
سلسلة الوسائط الروحية(5) |
سلسلة الوسائط الروحية 7 |
سلسلة الوسائط الروحية 12 |
سلسلة الخدمة(19) |