رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
التألم مع المسيح انتقل بهم الرسول بولس فر رسالته للعبرانين من عدم الانسياق وراء البدع والهرطقات إلى ضرورة التأمل في آلام السيد المسيح المصلوب، وعوض الإنشغال بالأطعمة الزمنية يليق بنا أن نرفع قلوبنا إلى الذبيح السماوي القدوس! لقد أراد الرسول بالتأمل في الصليب أمرين: نزع المرارة التي لحقت بالعبرانيين الذين آمنوا بالمسيح لأنهم حُرموا من الطقوس اليهودية وطردوا من المحلة، وقبول الآلام مع المصلوب بفرح وسرور. يقول الرسول: "لَنَا مَذْبَحٌ لاَ سُلْطَانَ لِلَّذِينَ يَخْدِمُونَ الْمَسْكَنَ أَنْ يَأْكُلُوا مِنْهُ. فَإِنَّ الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي يُدْخَلُ بِدَمِهَا عَنِ الْخَطِيَّةِ إِلَى الأَقْدَاسِ بِيَدِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ تُحْرَقُ أَجْسَامُهَا خَارِجَ الْمَحَلَّةِ" وكأنه يقول إن كان في الطقس اليهودي يحرم على الكهنة الأكل من الحيوانات التي يدخل بدمها عن الخطية بيد رئيس الكهنة وتحرق أجسامها خارج المحلة، فبالأولى جدًا ألاَّ يقدر كهنة اليهود أن يتمتعوا بذبيحة السيد المسيح الذي صُلب خارج المحلة وارتفع إلى السموات! حُرموا مما ننعم به، جسد الرب ودمه المبذولين من أجلنا، حرمو من سرّ الأفخارستيا الواهب التقديس! هنا يطمئنهم الرسول أنهم ليسوا هم محرومين بل أصحاب الطقس اليهودي الذين لا يزالوا في الظل والرمز محرومين من أكل الذبائح الحيوانية التي يقدسها رئيس الكهنة عن الخطية ومن الذبيحة الحقة التي وهبها السيد لمؤمنيه. هذا العمل الطقسي أيضًا حمل رمزًا أن السيد المسيح يُطرد خارج المحلة ويُصلب خارج أورشليم، حتى نلتزم بالخروج معه وإليه لنحمل عار صليبه ونشترك معه في آلامه خلال طردنا من أورشليم "لِذَلِكَ يَسُوعُ أَيْضاً، لِكَيْ يُقَدِّسَ الشَّعْبَ بِدَمِ نَفْسِهِ، تَأَلَّمَ خَارِجَ الْبَابِ. فَلْنَخْرُجْ إِذاً إِلَيْهِ خَارِجَ الْمَحَلَّةِ حَامِلِينَ عَارَهُ" إن كان هؤلاء العبرانيين قد طردهم مجلس السنهدريم كمرتدين، فلا يخجلوا فقد سبق فطُرد مسيحهم قبلهم. إنه لمجد عظيم أن نُطرد معه ونبقى خارج المحلة عربون خروجنا من هذا العالم وتمتعنا بالمدينة العتيدة؛ "لأَنْ لَيْسَ لَنَا هُنَا مَدِينَةٌ بَاقِيَةٌ، لَكِنَّنَا نَطْلُبُ الْعَتِيدَةَ" الطرد من أورشليم الأرضية عربون الدخول إلى أورشليم العليا. يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [لقد صلب خارجًا كمدين، فلا نخجل نحن من طردنا خارجًا]. بخروجه كمذنب صار لنا شرف الطرد خارجًا؛ وإن لم يخرجنا الناس خلال مضايقتهم لنا نخرج نحن عن محبة الزمنيات، حاملين الصليب في داخلنا، مشتهين المجد السماوي. |
|