رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المطلب العظيم الكل نسمعهم يقولون : نريد السلام ، الكل يبحث عن السلام ، ينادون بالسلام ، حروب ٌ تقام بحجة التحرر والحصول على السلام ، شعوب ٌ تُباد باسم السلام . مفاوضات وحوارات تنعقد لاجل السلام . اين السلام ؟ وأي سلام ٍ هذا الذي يبحث عنه الانسان ؟ على مدى السنين الطويلة المنصرمة والناس تستخدم كلمة سلام ، تتحدث عن السلام ، ومع ذلك العالم ابعد ما يكون عن السلام ، وطريق السلام لم يعرفوه . قد تقول معي : ما أن وُلدت ُ في هذه الحياة وانا اسعى وراء المطلب العظيم ، ربما تكون قد قضيت عدة سنوات تبحث محاولا ً في اثر شيء ٍ لا تملكه مع انه أهم شيء ٍ في الحياة ، وقد تحاول أن تنساه أواحيانا ً تحاول أن تنغمس في عملك بحيث يستغرق معظم وقتك وتفكيرك . هل تتفق معي انك قد تكون قد شعرت احيانا ً انك قد تحررت من السعي وراء ذلك الشيء الغامض غير المسمى ؟ بل قد توشك في اغلب الاحيان أن تنسى المطلب من اساسه ، لكنك ترى نفسك مرة ً تلو المرة مرغما ً على الرجوع والى مواصلة البحث عنه من جديد . هل تطلعت في ساعات الضيق والوحشة الى الناس من حولك وتسائلت فيما اذا كانوا مثلك يبحثون عن شيء ٍ لا يدركون كنهه ُ ، غير انهم يحسون بانهم في أمَسْ الحاجة اليه . قد يبدو احدهم انه اسعد حالا ً منك واقل اعبائا ً وهموما ً ، وقد يكون آخر قد ادرك مطلبه ُ بالزواج والحياة العائلية ، وآخر ذهب في بحثه الى بلاد ٍ اخرى ينشد الغِنى والنجاح وآخرون بقوا في الوطن وآلت أمورهم الى التوفيق ، وتنظر انت من بعيد الى هؤلاء وتقول : من المؤكد ان هؤلاء لا يبحثون عن المطلب العظيم . بقيتُ انا الانسان الوحيد الذي يسأل ويبحث ويتعثر هنا وهناك في سيره ِ في الطريق الموحش الذي ضاعت ملامحه . لا تقلق ، لست الوحيد فالجنس البشري بأسره ِ يشاركك سَيركَ في هذا الطريق ، كل الانسانية تطلب الحل لما يسود في العالم من اضطراب وضعف اخلاقي وفراغ روحي ، وتصرخ طالبة ً الارشاد والتعزية والسلام . يقال اننا نعيش في عصر القلق ، عصر الخوف والحيرة والاضطراب . نتحدث عن السلام لكننا غارقون في الحروب ِ ، نرسم خطط للأمن والاستقرار لكننا نعرف انه لا سلام ولا استقرار ، واصبحنا نتعلق بأرق من خيوط العنكبوت . تمر الأجيال وتأتي أجيال والكل مذعورين . في كل مرة ٍ نقول لأنفسنا : هذا هو الطريق الصحيح ، من المؤكد انه سيقودنا الى الغاية المنشودة ، ثم نتبين في كل مرة اننا على خطأ فيما نسعى من قول ٍ . يتصور البعض ان الحل في السياسة وينادون بالحرية السياسية وكل أملهم انه سيصبح العالم سيصبح مليئا ً بالسعادة ، وما أن حصلوا على هذه الحرية لم يجدوا ما كانوا يروجونه . والبعض سلك في طريق الثقافة واعتقدوا انهم اذا جمعوا ثقافة الى الحرية السياسية فسوف يصلون الى غايتهم . اندفعوا بجنون في هذا السبيل وبدا المستقبل أمامهم مشرقا ً لامعا ً ، ساروا فيه باقدام ٍ تحفّزها الرغبة والرجاء ، لكن الى اين أدّى بهم الطريق ؟ امتلئت الرؤوس بالعلوم وما زالت القلوب جائعة ، فارغة . وافتكر البعض ان الفرح والسعادة يأتيان عن طريق الاختراعات والكماليات والرفاهية ، فوجدوا انفسهم انهم أحوج الناس للسعادة وابعدهم عنها . اختار البعض طريق الشهرة والغِنى واللذة والقوة ، فاكتشفوا ان جميعها اشبه بالصحارى الرملية التي تبتلع المسافرين فيها . دعونا ننظر الى ما حققه الجنس البشري من تقدم ونتائج رائعة : قطع المحيطات خلال الساعات بدلا ً من الشهور ، صنع العقاقير التي تزيل افظع الامراض المستعصية ، رفع الابنية التي تناطح السحاب فيتضائل عندها برج بابل حتى لا يكاد يظهر لضئالته . استطلع الفضاء الخارجي ودرس ظواهره ُ وخوافيه ، فهل نقص مثقال ذرة من شعور الانسان بالفراغ الذي يملأ نفسه ؟ وهل استطاعت كل تلك الانجازات والمعجزات الحديثة أن تمنحه القناعة والرضى ؟ وهل يعزينا كل ذلك الفيض من الاكتشافات في الكون الواسع ؟ أم انه يجعلنا نشعر أكثر عجزا ً ووحدة ؟ فهل يوجد علاج للخوف الانساني والبغضاء والفساد في مختبر الكيمياء ومن منظار فلكي ؟ قد تسأل : أين اذا ً نحن الآن ؟ الى أين سنمضي ؟ دعني أخبرك اننا أناس فارغون ، رؤوسنا محشوة بالمعرفة ، لكن نفوسنا فارغة وارواحنا هزيلة . صار الضجر أحد الوسائل لمقياس الفراغ في النفس . ان النظريات الخداعة والآراء الغريبة لا تجد لنفسها مكانا ً في قلب ٍ عامر ٍ بروح الله ، ولكنها استطاعت التسرب بسهولة فائقة الى عقول وقلوب فارغة . نحن ينبغي ان نحدد بماذا نملأ فراغ حياتنا ، حاولنا بالحرية والثقافة والعلم والمستوى المعيشي الأفضل وباشياء ٍ كثيرة ولا زلنا نشعر بالفراغ لأن اشياء الروح وحدها هي التي تستطيع ان تمنحنا الشعور بالكمال والسلام الذين ننشدهما . لقد قال المسيح في انجيل لوقا 4 : 4 " لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ " الا اننا لم نسمع له ومضينا نطعم انفسنا بكل انواع الخبز حتى ادركَنا المرض . اننا نريد ان نتخلص من كل ما يؤذينا لكننا نبدو عاجزين فنستمر في التهام هذا الخبز الممرض ، نأخذه ونعطيه للآخرين ايضا ً . اننا نعيش اليوم في عالم قلبته الفوضى رأسا ً على عقب ، لكنها خطة مدبّرة وفق خطة صممها الشيطان ، إذ استطاع ان يخدعنا ويقنعنا بأن أمور العالم في تحسن بينما يسير كل ما حولنا من سيء الى اسوأ . وصلنا الى استنتاج مما ذكرناه ُ : ان الانسان حقق تقدما ً عظيما ً ومع ذلك لم يتوصل الى حل أعظم مشكلة واجهها الجنس البشري . ان الانسان عاجز على ان يحكم نفسه بالعدل والمساواة والعيش مع الآخرين في سلام . ان طبيعة الانسان الساقطة هي التي تملأه بالحقد والطمع والحسد ، ولعنة الخطية أي الانفصال عن الله قد حلّت على جسده ِ فجعلته فريسة الخوف من الموت . عبقريته مكنته ُ من تغيير كل شيء الا ذاته ، فالموت لم يتغير مع ان البشر حاولوا ان يحسنوا من مظهره فاستعملوا التوابيت الانيقة والاطياب والعطور ونظموا الجنازات الحافلة والمقابر الواسعة والاهرامات والقصور لتكون مقابر ، لكن حقيقة الموت القاسية ظلت ثقيلة الوطأ على قلب الانسان . لقد جرب الانسان كل الطرق لكنها كانت تقوده الى الدمار . هل تود ان تعرف الحقيقة الساطعة التي لا يمكن نكرانها ؟ انها السيد المسيح ، وحده هو ، هو أمسا ً واليوم والى الابد . كل شيء ٍ يتغير أما المسيح فيبقى هو ، هو . وسط الانسانية المتألمة المضطربة كامواج البحر يقف ثابتا ً ، هادئا ً ، متأهبا ً ليرحب بكل من يلجأ اليه ويقبل منه نعمة السلام والطمأنينة . اننا الآن نعيش في عهد النعمة . عهد يمكننا فيه حسب وعد الله أن نأتي الى السيد المسيح ونقبله ، فهو من قال : " وَتَطْلُبُونَنِي فَتَجِدُونَنِي إِذْ تَطْلُبُونَنِي بِكُلِّ قَلْبِكُمْ ." ( إرميا 29 : 13 ) ولكن انتبه ، ان هذا العهد لن يدوم الى الابد ، كما انك لن تعيش سوى فترة من العمر وينتهي بك الى الطريق الذي اخترته وانت على الارض ، فاقبل اليه حالا ً لتحظى بسلامه ِ وتنهال عليك نعمه ُ الوفيرة . فكر واختار . |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
المطلب الثاني لإتِّباع يسوع على حمل الصليب |
يسوع يلبّي هذه المطلب على وجه غير منتظر في صليبه |
خدك الذى قبل اللطمة |
آل خليفة يعلن «المطلب 14» لعودة العلاقات مع قطر |
خدك الذى يقبل اللطمة سيكون وسادة للمسيح |