رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الصليب..والقيامة للمتنيح الأنبا غريغوريوس لقد صلب الرب يسوع المسيح في الجسد.1بطرس2:24ومات بالجسد بانفصال الروح الإنسانية فيه عن جسده,من دون أن يفارق لاهوته ناسوته المتكون من روح ومن جسد.فاللاهوت حي ولايموت,ولكن الموت بالنسبة للمسيح الرب هو موت لناسوته فقط,وذلك بانفصال مؤقت بين الروح الإنسانية والجسد الإنساني اللذين يتألف منهما ناسوته أو إنسانيته.وعلي الرغم من الانفصال الذي تم علي الصليب بين الروح والجسد,إلا أن اللاهوت لم يفارق لا الروح ولا الجسد. فبالروح متحدا باللاهوت نزل المسيح إلي العالم السفلي ليبشر أرواح الموتي المنتظرة بالجحيم.1بطرس3:19,لعمل الفداء والخلاص,فأنار علي الأرواح المنتظرة الخلاص,وأشرق عليهم بنوره الإلهي, ولذلك سمي يوم السبت التالي ليوم الجمعة العظيمةجمعة الصلبوت ,بسبت النورلأن المسيح أشرق بالنور علي الجالسين في الظلمة وظلال الموتمتي4:16.وسمي أيضا ذلك السبت بسبتالفرحتوكيدا لما قاله المسيح له المجدلقد تهلل إبراهيم أبوكم مشتهيا أن يري يومي,وقد رأي وفرحيوحنا8:56. كذلك لم يفارق اللاهوت جسد المسيح,بدليل أنه بعد انفصال الروح الإنسانية من الجسد,بالموت,فخرج منه علي الفور دم وماءيوحنا19:34, .1يوحنا5:6,مما لايحدث من جسد ميت,الأمر الذي عاينه قائد المائة لونجينوسالمشرف المسئول علي عملية الصلب,عندما طعن جنب المسيح المصلوب بحربته,فصاح بصوت عظيم ومجد الله,مؤمنا بألوهة المسيح المصلوب قائلا:حقا كان هذا هو ابن اللهمتي27:54,مرقس15:39,وبدليل آخر هو أن جسد المسيح القدوس لم ينل منه في القبر,الفساد,بسبب اتحاد اللاهوت بهأعمال الرسل2:27-32.فلاهوت المسيح لم يفارق,في عملية الصلب والموت,لا روحة الإنسانية ولا جسده.لهذا يهتف المسيحيون عن إيمان وإعتقاد بأن لاهوت المسيح لم يفارق بالموت ناسوتهأي إنسانيتهلحظة واحدة أو طرفه عين.وليس موت المسيح بعد الصلب إلا انفصالا مؤقتا بين جوهري إنسانيتهوهما الروح والجسد,هذه الروح الإنسانية هي التي عناها الإنجيل بقوله عن المسيح المصلوب إنهأسلم الروحأو لفظ الروح متي27:50,مرقس15:37,لوقا23:46,يوحنا19:30.ن عم,لأن المسيح هو الله الظاهر في الجسد.1تيموثيئوس3:16وهوصورة الله الغير المنظوركولوسي1:15أي أن اللاهوت حل في الناسوت,والناسوت إنسانية كاملة والإنسانية تتألف لا من جسد فقط بل ومن روح إنسانية أيضا وبذلك صار المسيح يجمع في شخصه بين الله والإنسان لاهوت كامل متحد بإنسان كامل,اتحادا حقيقيا كاملا لكن من دون اختلاط ,ومن دون امتزاج ومن دون تغيير.فالمسيح هو الله متجليا في الأرض,متجسدا في شكل إنسان ولكن من دون أن يتغير بالتجسد لاهوته,أو يدخل علي لاهوته تغيير,لأن الله لايتغيريعقوب1:17. لقد صلب المسيح ,ومات بالجسد,أو ذاق الموت بالجسدالرؤيا1:18,ودفن بالجسد في القبر...وفي اليوم الثالث قام من بين الأموات...فقد قام كما كان قد قالمتي28:6,لوقا24:6-9. وعندما قام,لم يقف علي قبره أحد ليناديه بالقيامة كما وقف هو-له المجد-علي قبر لعازر وأقامه بسلطانه علي الحياة والموت بعد أن صار لأليعازر في القبر أربعة أياميوحنا11:44,43,39أما المسيح,المدفون جسده في القبر,فقد قام بسلطان لاهوته...إنه قام من القبر,والقبر كان ولايزال مغلقا وعلي بابه حجر عظيم,والحجر مختوم بأختام المملكة,والحراس واقفين وساهرينمتي27:66,مرقس15:46. ولم ينزل رئيس الملائكة ميخائيل ليدحرج الحجر عن باب القبر,إلا بعد أن قام المسيح أولا بسلطان لاهوته,وذلك لكي يعلن رئيس الملائكة أن القبر فارغ وأن سيده قد قام كما كان قد قالمتي28:2-7.مرقس16:2-7,لوقا24:2-9,يوحنا20:1. لقد قام المسيح من بين الأموات,لأنه ما كان يمكن أن يمسكه الموتأعمال الرسل2:24وما كان يمكن أن يمنعه القبر من القيامةأين غلبتك أيها الموت؟وأين ياموت شوكتك.1كورنثوس15:55. كل نبي مات ودفن وقبر,وجسده لايزال في القبر مدفونا,أما المسيح فهو وحده في صورة الإنسان الذي مات ودفن جسده ,لكن قبره فارغ لأنه قام بجسده حيا في القبر, ظاهرا للجميع مدة أربعين يوماأعمال1:3بعدها صعد إلي السماءمرقس16:19, لوقا24:51...صعد في العلانية ,من فوق جبل الزيتون,علي مرأي ومشهد من جميع تلاميذه ,وأكثر من خمسمائة مؤمن.1كورنثوس15:6,غير الكثيرين من المقيمين فوق الجبل وعلي سفح الجبل... وليس قبر المسيح فارغا فقط,ولكنه منذ قيامته من بين الأموات وقبره ينبلج منه في كل سنة نور,مازال يبصره في سبت النوركل من يحج إلي كنيسة القيامة بالقدس...وفي هذا تفسير لنبوءة النبي إشعياء قبل ظهور المسيح في الجسد بمئات السنين فقد أنبأ إشعياء عن صلب المسيح الفادي,من حيث هو وحده المخلص,الذي خلص الإنسان بموته عنه بدلا منه,وذلك في الجسد الذي اتخذه من طبيعة جسدنا وليكون فيه بديلا عنا.1بطرس4:1,فيفدينا بموته من الحكم الذي صدر من الله الآب,علي آدم وذريته..لكنه بعد أن تمم عمل الفداء قام من الموت حيا,وصعد إلي السماء ولم يدخلها بدم التيوس والعجول بل بدم ذبيحة نفسه فوجد فداء أبدياالعبرانيين9:12...ودخل إلي حيث مجدهلوقا24:26,دخل بجسده الذي من طبيعتنا إلي الأقداس السمائية,وجلس به علي العرش,وصار بدخوله إلي السماء كفادينا ضمانا لنا نحن أيضا بغفران خطايانا,وقبول الله الآب للإنسان الذي كان سابقا مطرودا من الفردوس لخطيئتهالتكوين3:24...قال النبي إشعياء...ويكون في ذلك اليوم أن أصل يسيأنا يسوع,أصل وذرية داود,كوكب الصبح المنير-الرؤيا22:16القائم راية للشعوب ,إياه تترجي الأمم,ويكون مثواه مجيداإشعياء11:10.والمثوي هو القبر والمدفن. لقد قام المسيح...بالحقيقة قام,ومع ذلك ظل الصليب رمز المسيح ورمز المسيحية كلها,وظل المسيح يرسم أمامنا مصلوبا...ويقول الكتاب المقدسأنتم الذين قد رسم أمام عيونكم يسوع المسيح مصلوباغلاطية3:1فمنذ صلب المسيح,وتمم بالصليب خلاصنا من عبودية الشيطان,وأسر الجحيم,وانفتح بالصليب طريق الحياة والخلود وباب الفردوسلوقا23:43,وصار الصليب للمسيحية رمزا وفخارا,وعلما وشعارا,وصار يرسم أمامنا في صدر الكنيسة وأعلي حجاب الهيكل,وفوق المنارات والقباب,وعلي الأبواب...بل صرنا نحمله علي صدورنا وفوق رءوسنا,ونرسمه علي وجوهنا وندقه بالوشم علي معاصمنا وأيدينا,ونرفعه عاليا علي بيوتنا,وسلاحا روحانيا نشهره ضد الشيطان,ولكي ندوس به الحيات والعقارب وكل قوة العدو الشرير...ونحن نردد دائماوأما أنا فحاشا لي أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح الذي به صار العالم مصلوبا بالنسبة لي,وصرت أنا مصلوبا بالنسبة إلي العالمغلاطية6:14...لماذا؟ لماذا ظل الصليب علي الرغم من القيامة,رمز المسيح...وشعار المسيحي...وعلم المسيحية؟لماذا....؟لأنه علي الصليب قام بناء المسيحية الشامخ...منذ سقط آدم الإنسان الأول وطرد من الفردوس وحكم الله الآب عليه بالموت عدلا,وبالتالي علي كل ذرية آدم الذين ولدوا منه بعد سقوطه,فشملهم الموت وشملهم الفساد فكما أن الخطيئة دخلت في العالم علي يد إنسان واحد,وبالخطيئة دخل الموت,فكذلك سري الموت إلي جميع الناس بالذي جميعهم خطئوا فيهوهو آدم,إذفي آدم مات الجميعرومية5:12 .1كورنثوس15:22...منذ سقط آدم,وعد الله البشرية بالمخلص والفادي التكوين3:15,الذي ليس بأحد غيره الخلاص لأن ما من اسم آخر تحت السماء قد أعطي للناس به ينبغي أن نخلصأعمال4:12ولما لم يكن وقت مجيئه قد حان,فقد شرع آدم بتوجيه من الله أن يترضي وجه الله بذبيحة من الحيوان يضع يده علي رأسها معترفا بخطاياه,ثم يسفك دمها علامة علي العداوة القائمة بين الله والناس,وإشارة إلي الفادي الذي لم يأت زمانه بعد وعنه قال أحد الأنبياء في القديمأراه ولكن ليس الآن,أبصره ولكن ليس قريباسفر العدد 24:17...لأنه كيف يستساغ أن يكون الحيوان وسيطا بين الإنسان وبين الله,والحيوان أقل مرتبة من الإنسان؟!وإذن لم يكن بذبح الحيوان غفران حقيقي,إنما كان ذبح الحيوان ضرورة مؤقتة تذكر الإنسان حتي لاينسي حاجته إلي الفداء وإلي الفادي الحقيقي الذي لم يأت زمانه بعد,...وعنه قال يعقوب أبو الأسباطلخلاصك انتظرت ياربالتكوين49:18,وقال النبي داودتاقت نفسي إلي خلاصك...كلت عيناي اشتياقا إلي خلاصك...رجوت خلاصك يارب..اشتقت إلي خلاصك يارب..مزمور118:174,166,123,81. وليس آدم وحده قدم الذبيحة من حيوان,اعترافا منه بخطيئته وإعلانا بحاجته إلي الفادي والمخلص,وإنما جميع أولاد آدم بغير استثناء...قايين, وهابيل, وشيث, ونوح...وأيوب... وإبراهيم,وإسحق,ويعقوب,وموسي,وبنو إسرائيل,وصموئيل, وداود...كلهم قدموا الذبيحة طلبا للفداء في الإيمان مات هؤلاء كلهم,ولم ينالوا المواعد,بل إنما رأوها عن بعد وصدقوها, وحيوها... العبرانيين11:13... هذا هو الخلاص الذي فتش وبحث عنه الأنبياء.1 بطرس1:10. وهنا التساؤل الكبير...لماذا قدم الناس جميعا ابتداء من آدم ,ذبيحة طلبا للفداء والخلاص...؟نعم جميع بني آدم قدموا الذبيحة بغير استثناء...حتي الذين شردوا من حظيرة الله الواحد الأحد,واتقوا وعبدوا المخلوق دون الخالقرومية1:25,وسجدوا لمخلوقات السماء,وأقاموا لأنفسهم أصناما وأوثانا عبدوها وسجدوا لها...حتي هؤلاء كانت الذبيحة ضرورية في عباداتهم...ولم تخل أمة ولا ديانة في كل الأرض,منذ آدم حتي اليوم من فكرة الذبيحة والفداء...لماذا؟لولا أن هذه الذبيحة هي الفداء الذي أعلنه الله لآدم,وصار البشر جميعا يطلبونه ابتغاء للخلاص,والعودة إلي الفردوس..فلما جاء الفادي الحقيقي,الذي لم تكن ذبيحة الحيوان إلا رمزا إليه وإشارة ,قام هو وحده بالفداء,الذي لم يكن أحد غيره من بني آدم قادرا علي أن يقوم به,وسفك دمه علي الصليب ,لا لخطيئة صنعها هو,وإنما تكفيرا عن خطيئة آدم وذريته صار هو بدلا منا في وضع الخاطيء,وبذلك كان كما أشار إليه يوحنا المعمدانهوذا حمل الله الذي يرفع خطيئة العالميوحنا1:29وكما قال عنه الرسول القديس بولسذاك الذي لم يعرف خطيئة جعله الله خطيئة من أجلنا لنصير نحن بر الله فيه.2كورنثوس5:21. لهذا كله لا نقبل بالصليب بديلا..سيظل الصليب علامة المسيح,وقد دعي اسمه يسوع المسيح لأنه خلص ويخلص شعبه من خطاياهم متي1:21 ولسوف يظهر أمامه عند مجيئه الثاني للقضاء والحكم ولكي يدين الأحياء والأموات,صليب من نور,يتقدمه كعلموعلامة له في السماءمتي24:30. وسيظل الصليب دائما وأبدا علامة للمسيحي والمسيحية. وإذا كان المسيح هو ملكنا,فله علي الأرض مملكته,كما له في السماء مملكة,لكن مملكته علي الأرض روحية لا زمانية,وقد قال لبيلاطس الحاكم الروماني:نعم أنا ملك كقولك.لكن مملكتي ليست من هذا العالميوحنا18:36,37ومملكته أو ملكوته علي الأرض هو الكنيسة. وإذا كانت المسيحية مملكة أسسها المسيح علي الأرض,ولكل مملكة علم فمملكة المسيح لها علم هو الصليب...والصليب يرمز للألم,لكنه الألم الذي يتبدل إلي خلاص,والألم الذي تعقبه القيامة... ونحن كمسيحيين لابد لنا أن نحمل صليبنامرقس8:34,ونسير مع المسيح في درب الصليب ,ولا نستحي منه ولا نخجل,ولا نرد الشر بالشر,أو الشتيمة بالشتيمة,بل بالعكس مباركين فنرث البركة عالمين أننا لهذا الأمر دعينا.1بطرس3:9فإن آلامنا في هذا الزمان الحاضر لاتستحق أن تقارن بالمجد العتيد أن يتجلي فينارومية8:18فمن ذا الذي يضركم إذا كنتم غياري علي الخير؟ولكن لو تألمتم في سبيل الحق فهنيئا لكم.1بطرس3:14,13. نعم لابد أن يكون بعد الصليب قيامة مجيدة,ونصرة جديدة. |
|