25 - 10 - 2012, 07:40 PM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: النبوات عن السيد المسيح
هو الله والإنسان فى آنٍ واحد السيد المسيح قدّم صورةً مشرقةً للإنسان الكامل فى كل صفاته الفريدة كإنسان. وقدّم صورة حقيقية لله حينما قال "الذى رآنى فقد رأى الآب" (يو14: 9). وحينما قال إنه هو الطريق "أنا هو الطريق" (يو14: 6) فلعله كان ضمناً يقصد أنه هو طريق الإنسان إلى الله لأنه كان إلهاً وإنساناً فى آنٍ واحد: + هو بين البشر عمانوئيل "الذى تفسيره الله معنا" (مت1: 23) وهو عند الآب نائب عن الإنسان وعن البشرية جمعاء لكل من يؤمن به ويقبل خلاصه العجيب. + فهو بالنسبة للبشر: الله الذى حلّ فى وسطهم. وهو بالنسبة للآب السماوى: الإنسان الذى قدّم طاعة كاملة أرضى بها قلب الآب، ودخل إلى الموضع الذى لم يدخل إليه ذو طبيعة بشرية. دخل إلى الأقداس مرة واحدة فوجد فداءً أبدياً. السماء والأرض تتعانقان على الصليب حينمـا قال: "أنا هو الطريق" (يو14: 6) رأيناه طريقـاً نحو السمـاء، وهو معلّـق على الصـليب مثل السُلّـم الذى رآه الآب يعقوب منصوباً على الأرض ورأسه يمس السماء. والرب واقف عليه بمجد. رأيناه معلّقاً بين السماء والأرض فى تقدُمة الذبيحة التى خلّص بها العالم. كان هو تقدمة البشرية إلى الله، وكان فى نفس الوقت هو عطية الله للبشرية. ولذلك على الصليب نرى السماء والأرض تتعانقان؛ نراه "طريقاً كرّسه لنا حديثاً حياً بالحجاب أى جسده" (عب10: 20). كان فى صورة الله (فى2: 6) قال معلمنا بولس الرسول " فليكن فيكم هذا الفكر الذى فى المسيح يسوع أيضاً. الذى إذ كان فى صورة الله لم يحسب مساواته لله إختلاساً. لكنه أخلى نفسه آخذاً صورة عبد صائراً فى شبه الناس. وإذ وُجد فى الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب" (فى2: 5-8). كلمة "صورة" التى وردت فى النص السابق عن صورة الله وصورة العبد باللغة اليونانية وهى (مورفى ) بمعنى الصورة مع الطبيعة، وليس (إيكون ) اليونانية بمعنى مجرد الصورة الخارجية بدون الطبيعة. فالصورة الخارجية لا تحمل نفس الطبيعة: مثل واحد إلتقطت له صورة -هذه الصورة مادتها مجرد ورق وألوان. ولكن صاحب الصورة هو إنسان. ففى هذه الحالة الصورة طبيعتها غير طبيعة الأصل؛ وإن كانت تُعلن عن الأصل... إنها مجرد صورة، وتُسمى - ومثال آخر: الإنسان؛ فهو على صورة الله ولكن طبيعته غير طبيعة الأصل. فاالإنسان مخلوق والله خالق.. هناك فرق واضح فى الطبيعة. أما كلمة (مورفى) التى قيلت عن الإبن الوحيد فى علاقته مع الآب فهىتعنى الصورة التى تحمل الطبيعة نفسها. فالإبن الكلمة حمل صورة أبيه القدوس، وحمل نفس طبيعته وجوهره بغير إنقسام. وفى تجسده أيضاً حمل نفس طبيعتنا البشرية -بغير خطية- جاعلاً إياهاً واحداً مع لاهوته. ولهذا فقد إستخدم أيضاً القديس بولس فى نفس النص السابق كلمة (مورفى ) للإشارة إلى صورة العبد التى إتخذها كلمة الله. أخلى نفسه "إذ كان فى صورة الله"... "أخلى نفسه" (مبدأ الـ أى الإخلاء)، معناه إنه قَبلَ أن يوجد فى هيئة غير محاطة بالمجد المنظور (His visible glory). لكن لا تعنى إنه فرّغ المحتوى الخاص بطبيعته الأصلية بحيث إنه يفقد طبيعته؛ فكلمة "أخلى نفسه" تعنى إنه وُجد فى هيئة غير محاطة فى ظهوره فى الجسد بمجده المنظور الذى تراه الكائنات العاقلة مثل الملائكة محيطاً بلاهوته... الأمر الجميل؛ أنه مع هذا يقول القديس يوحنا "رأينا مجده مجداً كما لوحيدٍ من الآب مملوءاً نعمةً وحقاً" (يو1: 14). السيد المسيح أخلى نفسه من المجد المنظور الذى يليق بطبيعته الإلهية التى هى نفسها طبيعة الآب والروح القدس. فبالرغم من أنه عندما إلتحف بالناسوتية أخفى هذا المجد المنظور، ظل أيضاً محتفظاً بمجده غير المنظور فى البُعد الروحى الذى قال عنه يوحنا "رأينا مجده مجداً كما لوحيدٍ من الآب مملوءًا نعمةً وحقاً". وشعاع من المجد قال عنه بطرس الرسول رأينا مجده إذ كنا معه فى الجبل "إذ أقبل عليه صوت كهذا من المجد الأسنى" (2بط1: 17) فهذا شعاع من المجد المنظور على جبل التجلى قَبْل الصليب لكى يقدّم للتلاميذ معونة تسندهم فى وقت التجربة الرهيبة. لكن العجيب؛ أنه وُجد فى صورة عبد. وليس هذا فقط، بل "إذ وُجد فى الهيئة كإنسان، وضع نفسه وأطاع حتى الموت" (فى2: 8)، كلمة "هيئة" باليونانى (سكيماتى ) مثلما نقول"إسكيم الرهبنة" أى "شكل الرهبنة". مجرد أنه أخلى نفسه كإله بالتجسد، فهذا عمل عظيم جداً. ولكنه لم يكفه هذا، بل بعد أن أخلى نفسه فمن حيث تصرّفه كإنسان قال: "وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب". فهو أخلى نفسه ولم يكتفِ بذلك بل وضع نفسه كإنسان فى طاعة للآب، ووضع نفسه تحت الجميع حتى أنه غسل أرجل تلاميذه... فحتى كإنسان كان متضعاً ووديعاً لكى يكون هو المَثل والقدوة. |
||||
|