رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إنجيل الله بـــولـــــس واليومَ الذي فيه وصل إلى تسالونيكي حين بدأ الرسول يتذكَّر الماضي واليومَ الذي فيه وصل إلى تسالونيكي، ذكر 'الإنجيلب خمس مرّات في 1 تس ومرَّتين في 2 تس. منذ البداية، تحدَّث الرسول عن إيمان التسالونيكيّين بالإنجيل الذي حمله إليهم. قال: »إنَّ إنجيلنا ما صار إليكم فقط في الكلام، بل في القوَّة وفي الروح القدس، وفي يقين تامّ، كما تعلمون كيف كنّا بينكم لأجل خيركم« (1 تس 1: 5). الإنجيل هو الخبر الطيِّب، هو البشرى والبشارة بحدث سعيد. الإنجيل هو إعلان النصر بالنسبة إلى المدينة، واعتلاء العرش بالنسبة إلى الإمبراطور. في العهد القديم، حامل الإنجيل أعلن نهاية المنفى ومجيء ملكوت الله: »ما أجمل على الجبال وقع قدمَيْ المبشِّر الذي يذيع سلامًا وينشر بشائر الخبر القائل لصهيون: ملك إلهُك« (إش 52: 7). مثل هذا البلاغ يحمل التعزية وغفران الخطايا وعودة الله إلى شعبه. »اصعدي إلى جبل شامخ يا حاملة البشارة، ارفعي صوتك بقوَّة با مبشِّرة أورشليم، اهتفي ولا تجزعي« (إش 40: 9). والرسول حمل »إنجيلاً« إلى تسالونيكي. هو انتصار على الموت والخطيئة. لم نَعُد على مستوى الكلام الخادع والمواعيد الكاذبة . بهذا الإنجيل تبرز القوَّة وعملُ الروح القدس. قد تبرز »القوَّة« في معجزات يجريها الرسل باسم يسوع المسيح. ولكنَّ قوَّة الله تبرز في الكرازة بالإنجيل. قال الرسول: »إنجيل المسيح هو قدرة الله لخلاص كلِّ مؤمن« (رو 1: 16). وقال إلى أهل كورنتوس: »وكان كلامي وتبشيري لا يعتمدان على أساليب الحكمة البشريَّة في الإقناع، بل على ما يظهره روح الله وقوَّته« (1 كو 2: 4). والإنجيل أيضًا كلام على ملكوت الله الذي أعلنه يسوع في بداية رسالته: »تمَّ الزمان واقترب ملكوت الله. فتوبوا وآمنوا بالإنجيل« (مر 1: 15). هذا الإنجيل هو إنجيلنا، نحمله إلى الناس لنزرع لديهم الإيمان والمحبَّة والرجاء، فنكتشف لديهم النشاط والجهاد والثبات (1 تس 1: 3). هذا ما كانت عليه كنيسة تسالونيكي. من أجل هذا فرح الرسول بما عمله الروح القدس مع أنَّ الرسالة كانت قصيرة، فاحتاج الرسول بعض الوقت لكي يُكمِّل تربية هؤلاء المؤمنين الجدد في إنجيل الله. قال الرسول: »فمع كلِّ ما لقينا في فيلبّي من العذاب والإهانة كما تعرفون، كانت لنا الجرأة أن نقول لكم إنجيل الله في جهاد كثير« (1 تس 2: 2). فالإنجيل أبعد ما يكون عن كلام بشريّ وفلسفة من الفلسفات وكأنَّ يسوع معلِّمٌ مثل المعلِّمين في عصره أو كما يقولون اليوم: صاحب فكر مثل بودا وسقراط وأرسطو. لا يمكن أن يكون الإنجيل في خطِّ ما وصل إلينا من تعاليم. هذه تقف على مستوى البشر، أمّا الإنجيل فيرفعنا إلى الله فنكتشف وجه الله من خلال وجه يسوع المسيح كما عاش على الأرض ومات وقام. وبولس أعلن منذ البداية أنَّ الحكمة التي يعلنها تختلف عن »الحكمة« اليونانيَّة: هذه جهالة تجاه حكمة الصليب، هي كلام تجاه العمل والتضحية على ما قال الرسول: »أحبَّنا الربّ وضحّى بنفسه لأجلنا«. وفتح الرسول قلبه لهؤلاء المؤمنين. فحملُ الإنجيل ليس بالأمر الهيِّن، بسبب المعارضة هنا وهناك. ماذا حصل في فيلبّي أوَّل مدينة أوروبيَّة حمل إليها الرسول البشارة؟ دخل الرسولان السجن وهُدِّدا بأن يُرمَيا للوحوش. هل توقَّف بولس ورفيقه عن العمل؟ كلاّ. بل وصلا إلى تسالونيكي ولم تكن الحالة هناك بأفضل، »ملأ الحسد قلوب اليهود فجمعوا من الرعاع رجالاً أشرارًا هيَّجوا الناس وأثاروا الشغب في المدينة« (أع 17: 5). وهكذا أُجبر بولس وسيلا على ترك المدينة ليلاً (آ10). ذاك هو الجهاد المطلوب من المرسلين: »إذا اضطهدوكم في مدينة فاهربوا إلى غيرها« (مت 10: 23). ويواصل الربُّ كلامه: »لن تُنهوا عملكم في مدن إسرائيل كلِّها حتّى يجيء ابن الإنسان«. أجل مجيء الربِّ قريب ولا وقت يضيِّعه الرسول. والربُّ نبَّه تلاميذه: »ها أنا أرسلكم كالخراف بين الذئاب« (لو 10: 3). وواصل بولس الجهاد بعد تسالونيكي في أثينة وفي كورنتوس. ومن كورنتوس كتب رسالته إلى أهل تسالونيكي: أين صار هذا الإنجيل الذي غرسه؟ فسِفرُ الأعمال يقول لنا إنَّ عمل الرسول لم يدُم طويلاً. تحدَّث عن »ثلاثة سبوت« (أع 17: 2). غير أنَّ الرسول أقام بعض الوقت في تسالونيكي: عمل في مهنته التي هي حياكة الخيام. قال متكلِّمًا عن نفسه: »فأنتم تذكرون أيُّها الإخوة، جهدنا وتعبنا، فكنا نبشِّركم بشارة (إنجيل) الله ونحن نعمل في الليل والنهار لئلاّ نثقِّل على أحد منكم« (1 تس 2: 9). هذا ما اعتاد عليه بولس في مدينة يصل إليها، كما فعل في كورنتوس: أقام بولس عند أكيلا وبرسكلَّة »يعمل عندهما، لأنَّه كان من أهل صناعتهما، صناعة الخيام« (أع 18: 3). في النهار يعمل، وفي الليل يعلِّم. في أيّام الأسبوع يشتغل بيديه ليقوم بحاجات الجماعة، ويوم السبت يجادل اليهود واليونانيّين في المجمع محاولاً إقناعهم« (18: 4). أجل أقام الرسول في تسالونيكي أكثر من ثلاثة أسابيع فاستفاد من الوقت ليضمَّ إلى الإنجيل بعض اليهود، ثمَّ خائفي الله، وخصوصًا الوثنيّين: »قبلتمونا حين جئنا إليكم، اهتديتم إلى الله وتركتم الأوثان لتعبدوا الله الحيَّ الحقّ« (1 تس 1: 9). وبما أنَّ المدَّة طالت، احتاج الفريق الرسوليّ بعض المساعدة فجاءته من فيلبّي: »ففي تسالونيكي نفسها أرسلتم إليَّ مرَّة ومرَّتين بما احتجتُ إليه« (فل 4: 16). ولكن سواء طالت إقامة الرسول في تسالونيكي أو قصرت، فقد اقتُلع اقتلاعًا فأحسَّ بالألم في قلبه. فمضى مُكرهًا، قلقًا على هؤلاء المسيحيّين الجدد الذين تُركوا وحدهم في مواجهة الاضطهاد. فكتب إليهم الرسول يشجِّعهم. ذكَّرهم بما حصل لإخوتهم في أورشليم واليهوديَّة (1 تس 2: 15-16). ومن أين قوَّتهم؟ من كلام الله الذي يعمل فيهم (آ14). وما هو رجاؤهم؟ »تنتظرون مجيء ابنه (ابن الله) من السماوات، وهو الذي أقامه الله من بين الأموات، يسوع الذي ينجِّينا من غضب الله الآتي« (1 تس 1: 10). |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
بـــولـــــس والدينونة عند مجيء المسيح |
بـــولـــــس وانتظار المجيء |
بـــولـــــس ومجيء الرب القريب البعيد |
بـــولـــــس كمــا فـي رسـائلــه |
تسالونيكي |