يقدم لنا القديس بالاديوس صورة رائعة لعدم اتكال القادة الروحيين على شيخوختهم، فقال عن الشيخ العظيم مقاريوس السكندري: [انتهزتُ فرصةً في أحد الأيام، وجلستُ عند باب الشيخ الذي كان حينئذٍ قد تقدّم جدًا في أيامه إذ بلغ المائة عام. وكنتُ أتصور أنه أكبر سنًّا من جميع الناس وأكثرهم قداسةً، وكان قد فقد أسنانه كلها. كان بمفرده إلاّ أنني ظللتُ أُنصتُ، فسمعته يتكلم ويتحرك إذ كان يصارع مع نفسه ومع الشيطان. فكان يقول لنفسه: ’ماذا تريد أيها العجوز الشرير؟ لقد صار لك زيتٌ وخمرٌ فماذا تريد أيضًا أيها العجوز الأشيب الشَّرِه؟‘ هكذا كان ينتهر ذاته. ثم يقول للشيطان أيضًا: ’هل أنا لا زلتُ مدينًا لك بشيء؟ إنك لن تجد فيَّ شيئًا يخصك! ابعد عني‘. وكما لو كان يُهمهِم ما انفكّ يقول لنفسه: ’تعال أيها الأشيب العجوز الشهواني أيها الفرس الخائن، إلى متى أبقى معك‘؟]