رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الشعب في مصر فَجَاءَ إِسْرَائِيلُ إِلَى مِصْرَ، وَيَعْقُوبُ تَغَرَّبَ فِي أَرْضِ حَامٍ [23]. * "يعقوب تغرب في أرض حام". الإنسان البار لا يقدر أن يقطن على الدوام على الأرض، إنه مُجَرَّد سائح. القديس جيروم جَعَلَ شَعْبَهُ مُثْمِرًا جِدًّا، وَأَعَزَّهُ عَلَى أَعْدَائِهِ [24]. تعرض نسل يعقوب أو إسرائيل للعبودية في مصر، لكن بقدر ما أذلوهم كانوا ينمون جدًا ويثمرون، بل وصاروا أكثر قوة وعزة من أعدائهم، إذ كانت بركة الرب معهم. * "إنه جعل شعبه مثمرًا". حوالي 75 نفسًا نزلوا إلى مصر، وخرج من مصر 600 شخصًا. القديس جيروم حَوَّلَ قُلُوبَهُمْ لِيُبْغِضُوا شَعْبَهُ، لِيَحْتَالُوا عَلَى عَبِيدِهِ [25]. إذ تزايد عددهم من عائلة ضخمة إلى شعب يتزايد وينمو، امتلأ المصريون بالغيرة مع الخوف منهم والحسد، فامتلأ الملك ورجاله كراهية من نحوهم. هذه البغضة كانت بسماح من الله ليطلعهم إلى الأرض الموعد. إنه لم يبعث فيهم روح البغضة نحو شعبه، إنما رفع يديه عن قلوبهم ليكشف ما في داخلها، ويتركهم يُعَبِّرون عما في داخلهم من كراهية عمليًا. أَرْسَلَ مُوسَى عَبْدَهُ، وَهَارُونَ الَّذِي اخْتَارَهُ [26]. يبرز المرتل أن سرّ نجاح موسى وهرون هو دعوة الله لهما، وإن كان لكل منهما دوره الخاص به، لتحقيق خطة الله نحو شعبه. أَقَامَا بَيْنَهُمْ كَلاَمَ آيَاتِهِ، وَعَجَائِبَ فِي أَرْضِ حَامٍ [27]. لقد أعلن بتصريحات خاصة لحساب شعبه، مؤكدًا إياها بعجائب لتحقيقها. أَرْسَلَ ظُلْمَةً فَأَظْلَمَتْ، وَلَمْ يَعْصُوا كَلاَمَهُ [28]. يبدأ المرتل بالضربة التاسعة الخاصة بحلول الظلمة، وفي هذا يختلف عما ورد في (خر 7-11؛ ومز 78). يرى البعض أن الظلمة تشير بوجه عام إلى أية كارثة يصعب احتمالها، فتُدعَى ظلمة. ويرى آخرون أنه بدأ بهذه الضربة لأنها حرَّكتْ الشعب بكل قوة للامتثال لطلب موسى وهرون مهما كلَّفهم الأمر للخلاص من هذه الكارثة، ولكن فرعون بعد خضوعه لطلب الشعب للخروج من المأزق عاد وتراجع كما حدث مع الضربات السابقة لها. * لم يأتِ عليهم بأسودٍ ونمورٍ وضباعٍ تأكلهم، ولا بقتلهم مرة واحدة، بل كان يجلدهم رويدًا رويدًا بنكبات تبدأ بأمورٍ خفيفة، وذلك للآتي: أولًا:ليجلبهم إلى التوبة بوفرة رحمته. ثانيًا: لتَظْهَر قوته أنه يقدر بالآت بسيطة ودنيئة يحارب جموعًا أقوياء. ثالثًا: لئلا يبقى عُذْر لمن يقول إنه لو عالجهم الله بوفرة رحمته ولم يهلكهم لكانوا يلينون من قسوتهم. رابعًا: لكي يعرف الإسرائيليون أيضًا قدرة الله ومحبته لهم ويتذكرون إحسانه. وإذا عدموا المواهب الإلهية يشعرون بذنوبهم ويندمون. خامسًا:ليعرف الكل إنه إله، وحده خلق العالم، مُسَخِّر العناصر لطاعته. وأيضًا ليصير الأمر مشهورًا في كافة الأمم. الأب أنسيمُس الأورشليمي حَوَّلَ مِيَاهَهُمْ إِلَى دَمٍ، وَقَتَلَ أَسْمَاكَهُمْ [29]. هذه هي الضربة الأولى حيث تحركتْ الطبيعة نفسها لتقف أمام الإنسان المُقاوِم للأمر الإلهي (خر 7: 19-25). تحوَّلتْ المياه التي في البحر والنهر وفي الآبار والأغادير، حتى التي في أوعيتهم إلى دم، ولئلا يظنوا بأن اللون فقط قد تغيَّر وليس جوهر الماء، لذلك ماتت جميع الحيتان التي في البحر والنهر تأكيدًا للتحوُّل. أَفَاضَتْ أَرْضُهُمْ ضَفَادِعَ، حَتَّى فِي مَخَادِعِ مُلُوكِهِمْ [30]. جاء في المزمور 78: 45 "أرسل عليهم... ضفادع فأفسدتهم"، حيث أفسدت الضفادع الميتة الكثيرة الهواء نفسه، فسبب هلاكًا للبعض. ذكر على وجوه الخصوص دخول الضفادع إلى بيوت الأسرة الملكية، تأكيدًا أن الجند لم يستطيعوا أن يحموا القصر الملكي حتى من الضفادع. أَمَرَ فَجَاءَ الذُّبَّانُ وَالْبَعُوضُ فِي كُلِّ تُخُومِهِمْ [31]. يتحدث هنا عن الضربتين الثالثة والرابعة. جَعَلَ أَمْطَارَهُمْ بَرَدًا وَنَارًا مُلْتَهِبَةً فِي أَرْضِهِمْ [32]. يرى البعض أن الله سمح بنوع من البَرَدْ لم تعتده مصر، إذ تعتمد على نهر النيل لا على الأمطار، وإن النار هنا تشير إلى رعود عنيفة وبروق غير معتادة. جاء في سفر الحكمة (أصحاح 16) أن الطبيعة خالفت قوانينها، فكلما سقط بَرَد لم يكن يطفئ النيران المشتعلة بل يزيدها، وكلما التهبت النيران بالأكثر يزداد البَرَد. ضَرَبَ كُرُومَهُمْ وَتِينَهُمْ، وَكَسَّرَ كُلَّ أَشْجَارِ تُخُومِهِمْ [33]. تحولت حدائقهم إلى مناطق برية قاحلة، حيث ضرب الله كل أشجارها. أَمَرَ فَجَاءَ الْجَرَادُ وَغَوْغَاءُ بِلاَ عَدَدٍ [34]. فَأَكَلَ كُلَّ عُشْبٍ فِي بِلاَدِهِمْ. وَأَكَلَ أَثْمَارَ أَرْضِهِمْ [35]. هذه هي الضربة الثامنة (خر 10: 12-15). قَتَلَ كُلَّ بِكْرٍ فِي أَرْضِهِمْ، أَوَائِلَ كُلِّ قُوَّتِهِمْ [36]. هذه هي الضربة العاشرة والأخيرة (خر 12: 29-30). كانت التجربة غاية في الرعب، لأنها تمت في منتصف الليل، وسط الظلام الدامس. فَأَخْرَجَهُمْ بِفِضَّةٍ وَذَهَبٍ، وَلَمْ يَكُنْ فِي أَسْبَاطِهِمْ عَاثِرٌ [37]. لقد أعطاهم الرب نعمة في أعين المصريين، عندما سألوهم فضة وذهبًا قدموهما لهم بغير تردد. هذا ولم يوجد بينهم عاثر أي ضعيف أو مريض يعجز عن القيام برحلة الخروج. هكذا أخرجهم الرب بيدٍ قوية وذراعٍ رفيعة. * أمرهم أن يستعير كل منهم من جاره المصري أوانٍ ذهبية وفضية، وخرجوا من مصر، بينما كان المصريون يدفنون أبكارهم. خرجوا فرحين من العبودية القاسية. أما الحزن والبكاء، فكان من نصيب المصريين بسبب هلاك أبكارهم. ولذلك قال موسى: "هذه الليلة هي للرب" (خر 12: 42) التي وعد أن يفتدينا فيها. وكل هذه الأشياء إنما هي سرّ النفس التي اُفتديتْ بمجيء المسيح، لأن كلمة "إسرائيل" تُفَسَّر بمعنى العقل الذي يعاين الله، فإنه يتحرر من عبودية الظلمة، أي من المصريين روحيًا . القديس مقاريوس الكبير * أما ثيابهم وأحذيتهم وأبدانهم فقد فقدت ضعفها الطبيعي. فثيابهم وأحذيتهم لم تبل بعامل الزمن، وأرجلهم لم تتورم رغم كثرة السير. ولم يذكر قط أن بينهم كان أطباء أو دواء أو أي شيء من هذا القبيل. وهكذا قد انتُزِعَ كل ضعفٍ من بينهم. فقد قيل: "فأخرجهم بفضة وذهب، ولم يكن في أسباطهم عاثر (هزيل)" (مز 105: 37)... أشعة الشمس في حرارتها لم تضربهم، لأن السحابة كانت تظللهم، وتحيط بهم كمأوى مُتَحَرِّك يحمي أجساد الشعب كله. ولم يحتاجوا إلى مشعل يبدد ظلام الليل، بل كان لهم عمود النار كمصدر إضاءة لا يُنطَق به يقوم بعمليْن: الإضاءة مع توجيههم في طريق رحلتهم... قائدًا هؤلاء الضيوف الذين بلا عدد في وسط البرية بدقة أفضل من أي مُرشِدٍ بَشَرِي. ولم يرحلوا فقط على البرّ بل وفي البحر كما لو كان أرضًا يابسة... فقد قاموا بتجربة جريئة تخالف قوانين الطبيعة. إذ وطئوا البحر الثائر، سائرين فيه كما على صخرٍ يابسٍ صلبٍ. فإذ وضعوا أقدامهم فيه، صارت مادته كالأرض اليابسة... وإذ وصل إليه الأعداء عاد إلى ما كانت عليه طبيعته، فصارت للأولين مركبة وللأعداء قبرًا... فقام البحر الذي لا يفهم بدور مُحْكَم كأعقل وأذكى إنسان، قام بدور حارس مرة، وبدور منتقم مرة أخرى، مُعْلِنًا هذا العمل المتناقض في يوم واحد. القديس يوحنا الذهبي الفم * كل من كان فيكم "ثيؤفيلس" (لو 1: 3) فهو "عزيز" (ممتاز) وقوي جدًا. هذا ما تعنيه كلمة θεοφιλος في اليونانية. ليس من ثيؤفليس من هم ضعيف. يقول الكتاب عن شعب إسرائيل عند خروجهم من مصر: "لم يكن في أسباطهم ضعيف" (مز 105: 37). أستطيع في جسارة أن أقول إن كل واحدٍ هو ثيؤفيلس نشيط، لديه غيرة وقوة من عند الله ومن كلمته. يستطيع أن يتعرف على الحق، وعلى تلك الكلمات التي بها يتعلم، ويفهم كلمة الإنجيل في المسيح. الذي له المجد والسلطان إلى دهر الدهور. العلامة أوريجينوس فَرِحَتْ مِصْرُ بِخُرُوجِهِمْ، لأَنَّ رُعْبَهُمْ سَقَطَ عَلَيْهِمْ [38]. حوَّط الله حول شعبه، وحفظهم بطرق متعددة عجيبة، حتى فرحتْ مصر بخروجهم. بقدر ما كان فرعون ورجاله وشعبه يقاومون خروجهم بإصرار، صاروا فرحين بخروجهم. عوض مقاومة الخروج صاروا يسندونهم ويُقَدِّمون لهم التسهيلات برضا ليخرجوا. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
مزمور 108 | مع ما يمر به الشعب من مخاطرٍ |
مزمور 89 | الشعب والميثاق الإلهي |
مزمور 78 | حث الشعب على أن يكون أمينًا لله |
مزمور 21 - تسبيح وحمد الشعب |
( مزمور 6,4:22) عار عند البشر ومحتقر الشعب |