منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 18 - 03 - 2023, 05:46 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,445

أيوب | لا رجاء في هذا العالم



لا رجاء في هذا العالم

وَلَكِنِ ارْجِعُوا كُلُّكُمْ وَتَعَالُوْا،
فَلاَ أَجِدُ فِيكُمْ حَكِيمًا [10].
يطالبهم أيوب أن يرجعوا عما يفكرون فيه، وليدركوا أنه ليس بينهم حكيم واحد، لأنهم يسألونه التوبة من أجل عودة الرخاء إليه والرفاهية في العالم، ظانين أن هذا فيه تعزيات المتألمين. إنهم غير حكماء، لأنهم حوّلوا أعينهم عن تعزيات السماء إلى رفاهية العالم. سعادة الصديقين في رجائهم في الأبدية، لا في نوالهم خير زمني.
كأنه يقول لهم إنه من الحماقة أن يسمع لهم ويجيب طلبتهم فيهبهم ما هو زمني.
*"حسنًا، تعالوا الآن، انهضوا جميعكم، إذ لا أجد الحق فيكم" (أي 17: 10 LXX). كأنه يقول: تعالوا وأنتم متعاونون معًا، ولتدخلوا في حوار حار ضدي.
يعرف أيوب أن واحدًا مفردًا يقتفي أثر ألف، واثنين يمكنهما أن يهزما عشرات الألوف (تث 32: 32). فلا حاجة إلى عدد عظيم من المصارعين، خاصة متى تسلحوا بالكذب.
إنني أرى على نحوٍ جازمٍ أنه لا يوجد الحق فيكم، لهذا بالتأكيد أحرضكم جميعًا على المعركة.
يليق بالإنسان أن يدهش للروح الجريء في كلمات أيوب. فبعدما وطأ أصدقاؤه عليه تحت الأقدام حتى أننا لا نقدر أن نتصور كيف تألم، غير أنه لم يهدأ عن مناظرتهم ولا تخلى عن صبره الذي جعله مرعبًا لأعدائه.
الأب هيسيخيوس الأورشليمي
جاء النص في كتابات البابا غريغوريوس (الكبير):"لكن بالنسبة لكم جميعًا فلتغيروا طريقكم وتأتوا الآن" [10]. وكأن أيوب يجيبهم بالقول: إن كنتم تسألونني التوبة عن خطايا لم ارتكبها، فإنكم تسقطون في خطية السب والاتهام الظالم. إني أنصحكم أن ترجعوا عن طريقكم هذا، وسلوككم الشرير، حينئذ تأتون إليّ، ويمكن التفاهم معًا.
يرى البابا هنا أن أيوب يدعوهم لعملين: الأول السلبي وهو الكف عن الخطية، والثاني إيجابي وهو عمل الصالح، هذا ما عناه بأن يغيروا طريقهم الشرير، ويأتوا إليه حاملين الأعمال الصالحة.
* يسألنا بولس أن نكون أمواتًا للعالم، فإن هذا الموت نافع لنا، بكونه بدء حياة جديدة. هكذا أيضًا يأمرنا أن نكون جهلاء للعالم، لكي بهذا ندخل إلى الحكمة الحقيقية. تصيرون جهلاء لهذا العالم عندما تحتقرون الحكمة الأرضية، وتثقون أنها لا تساهم في إدراكنا للإيمان.
القديس يوحنا الذهبي الفم
* حكمة هذا العالم هي تلك التي تنقصها نعمة الله، إنها بشرية في سماتها تمامًا.
الأب ثيؤدورت
* يلزمهم أن يغيروا طريقهم، وأن يأتوا. يتم التغيير بالإيمان، والمجيء بالممارسة، أو يلزمهم أن يتغيروا بترك الأعمال الشريرة، ويأتوا بممارسة الأعمال الصالحة. كما هو مكتوب: "كفْ عن الشر، واصنع الخير" (مز 37: 27).
"لعلي لا أجد إنسانًا واحدًا حكيمًا بينكم" [10]. ماذا يعني هذا أنه يوصيهم بالحكمة، وفي نفس الوقت يشتاق ألا يجدهم حكماء، سوى أنهم لا يقدرون أن يأتوا إلى الحكمة الحقيقية حين ينخدعون بثقتهم في حكمتهم الذاتية الباطلة؟
كُتب عن هذا: "لا تكن حكيمًا في عيني نفسك. (راجع إش 5: 21). قيل أيضًا: "لا تكونوا حكماء عند أنفسكم" (رو 12: 16).
في هذا يقدم الكارز العظيم (بولس) مشورة لأولئك الذين وجدهم حكماء جسديًا، وهي لكي ينالوا حكمة حقيقية يلزمهم أولًا أن يصيروا أغبياء، قائلًا: "إن كان أحد يظن أنه حكيم بينكم في هذا الدهر فليصر جاهلًا لكي يصير حكيمًا" (1 كو 3: 18). ويقول الحق نفسه: "أحمدك أيها الآب، رب السماء والأرض، لأنك أخفيت هذه عن الحكماء والفهماء، وأعلنتها للأطفال" (مت 11: 25). هكذا لأن الذين هم حكماء في عيون أنفسهم لا يقدرون أن يأتوا إلى الحكمة الحقيقية، فإن الطوباوي أيوب، إذ كان تواقَا لتغيير سامعيه، بالحق اشتهي ألا "يوجد أي إنسانٍ حكيم بينهم". وكأنه يقول بصراحة: "تعلموا أن تكونوا جهلاء في أنفسكم، لكي تكونوا حكماء حقيقيين في الله".
البابا غريغوريوس (الكبير)
* لا تدع كثرة الحكمة تصير حجر عثرة لنفسك، وفخًا في طريقك، بل أن الثقة بالله بثبات تصنع لك بداية الطريق المملوء دمًا (طريق الجهاد الروحي ضد الخطية)، لئلا تُوجد في عوزٍ على الدوام وعاريًا من معرفة الله، لأن الخائف الذي يراقب الريح لا يزرع أبدًا.
مار إسحق السرياني


أَيَّامِي قَدْ عَبَرَتْ.
مَقَاصِدِي إِرْثُ قَلْبِي قَدِ انْتَزَعَتْ [11].
يسألون أيوب توبته عن شره وريائه لكي يعود إليه ما فقده. أما بالنسبة له، فليس لهذه الأمور موضع في قلبه. فأيامه قد عبرت أو مسرعة إلى النهاية، ومقاصد قلبه القديمة من أعمال للإصلاح واهتمام بالفقراء قد نُزعت عنه. لقد صار أيوب يرى الموت ليس ببعيدٍ عنه، فلا يفكر فيما لا يستطيع عمله.
يرى البابا غريغوريوس أن أيوب يرمز للكنيسة المُضطهدة. إذ تشتد الضيقة عليها جدًا يرتفع بالأكثر فكرها نحو السماء، فلا تنشغل بالأمور الأرضية ولا حتى بالخدمة الاجتماعية البحتة، لكن تُحصر في المجد الأبدي. وما نقوله عن الكنيسة كجماعةٍ مقدسةٍ، يتحقق في حياة كل عضوٍ فيها، متى واجه الضيق بالتفكير في السماويات.
* "أيامي تعبر، أفكاري تتبدد، توجع قلبي" [11]. ترى الكنيسة المقدسة أن فترات حياتها تعبر في فترات نهارٍ وليلٍ، فعندما تكون في شدة يكون لها ليل، وعندما تكون في رخاء يكون لها نهار. فإن النور يشرق في هدوء السلام. أحيانًا تصغي إلى خدمة الأمور الزمنية... هكذا الطوباوي أيوب، سواء كان بصوته أو بصوت الكنيسة الجامعة بعد اختبار أن أيامه قد عبرت، أكمل: "أفكاري تبددت، توجع قلبي". عندما يذهب المجد المؤقت من أذهان الصالحين، فإنه حتى الالتزامات بالأمور الأرضية أيضًا تُنزع عنهم... أحيانًا في التزاماتهم الأرضية يلتزمون بالنزول إلى التفكير في الأمور الدنيا، ويشعرون في داخلهم أنهم في عذابٍ. وأيضًا يحدث أن نفس العمل العدائي للاضطهاد يتحول بالنسبة لهم إلى تهليلٍ عظيمٍ بسبب راحة القلب التي ينالونها.
البابا غريغوريوس (الكبير)
* "نفسي في يدي"... تكون نفس أي إنسان بين اليدين حين يكون في وسط مخاطر... إذن يقول البار: بالنسبة لي فإني أموت كل يوم، أنا في خطر دائم من أجل (ارتباطي) بكلامك، ومن أجل الحق... لكنني لم أنسَ ناموسك، لأن خطر الموت لا يقدر أن ينسيني ناموسك.
يمكننا أن نفهم هذه العبارة بطريقة أخرى، وهي أن نفسي دائمًا في كفي، أي أنها دائمًا تمارس الأعمال الصالحة، لأن "اليد" أو "الكف" تُطلق دائمًا على العمل.
العلامة أوريجينوس
* تحصل على عالم النور عوض ألمٍ مريرٍ تتحمله لأجله ليومٍ واحدٍ.
إن صبرت على الجوع قليلًا من أجل حبه، تلتهب عندئذٍ رغبتك لرؤية وجهه.
إن ظهرت الظلمة على وجهك من الأعمال لأجله، يجمّلك بمجده إلى الأبد بلا نهاية.
إن تعريت مما هو لك، يلبسك نوره، ويخفي عنك ما هو لك.
إن تركت ما تملكه، تقتنيه في نفسك أبديًا.
الشيخ الروحاني (يوحنا الدّلياتي)
* عناء كل السنين الطويلة لهذه الحياة الحاضرة يختفي عندما ننظر إلى أبدية المجد العتيد، وكل أحزاننا ستتلاشى بالتفكير في البركة العظيمة، وتصير كالبخار الذي يضمحل وكأنها لم تكن؛ تشبه البرق الذي حالما يختفي.
القديس يوحنا كاسيان
*لقد زهد (الشهداء) كل الأشياء التي على الأرض، ونظروا بعيني الإيمان ملك السماء وطغمات الملائكة تقف أمامه. لقد رسموا في أذهانهم السماء وبركاتها التي لا يُنطق بها. لقد نقلوا أفكارهم إلى السماء، ولم يعطوا اهتمامًا بعد ذلك لأي أمرٍ يمكن أن يروه بأعينهم الجسدية...
لم يتأثروا بالأمور المنظورة قط (أدوات العذاب)، بل عبروا بجوارها، إذ حسبوها أحلامًا وظلالًا، ونالت عقولهم أجنحة بسبب رغبتهم في الأمور العتيدة.
* لا نخاف من الفقر أو المرض أو أية ضيقة كهذه، فإننا نعرف أننا في طريقنا إلى حياة أفضل، والتي هي منيعة ضد الموت والدمار، ومتحررة من كل ظلمٍ.
القديس يوحنا الذهبي الفم


يَجْعَلُونَ اللَّيْلَ نَهَارًا،
نُورًا قَرِيبًا لِلظُّلْمَةِ [12].
يحدثونه عن الليل حيث أيامه كادت أن تعبر كأنه نهار، لكنه ليس نهارًا مبهجًا بنوره، وإنما نوره قريب من الظلمة. بينما لم يكن يتوقع شيئًا ما على الأرض، ركزوا حديثهم على الرخاء في العالم كمكافأة الرب للأبرار، بهذا يهيئون له العالم في أذهانهم بيتًا للراحة، أما هو فيرى الموت نصب عينيه، ولا رجاء له في أمور العالم الزمنية. إنه يرحب بالموت كبيتٍ يستقر فيه. هناك في القبر يُعد فراشه.


إِذَا رَجَوْتُ الْهَاوِيَةَ بَيْتًا لِي،
وَفِي الظَّلاَمِ مَهَّدْتُ فِرَاشِي [13].
قُلْتُ لِلْقَبْرِ: أَنْتَ أَبِي،
وَلِلدُّودِ: أَنْتَ أُمِّي وَأُخْتِي [14].
في مرارة يتطلع أيوب إلى استبدال أصدقائه في العالم بالقبر، فيصير له أبًا، إذ هو أكثر رحمة منهم، وعوض وعودهم بالبركات الزمنية يجد في الدود أمه وأخته. شكا أيوب من أن أقاربه قد خذلوه، وصاروا غرباء عنه (أي 19: 13، 14)، لذلك يذكر هنا أقرباء لا يفارقونه ولا يتنكرون له وهم الموت والدود.
يرى الأب هيسيخيوس الأورشليمي أن أيوب دعا الفساد أمًا وأختًا، لأنه بسبب الخطية صدر الحكم ضد الإنسان أن ينحل ويفسد ويعود إلى ترابه.
* إن فهمنا هذا بالمعنى الروحي، فإن الطبيعة ليست بالأمر غير اللائق أن تُدعى أمنا، والعادة تُدعى أختًا لنا، فإننا وُلدنا من الواحدة، ونمونا مع الأخرى. ذات الأم والأخت هما الدود، فإنه بسبب الطبيعة الفاسدة والعادة الشريرة نُلزم بنوعٍ من الدود أو الأفكار المثيرة، تأكل الذهن. فإن طبيعة الجسد الفاسدة والعادة الشريرة تولدان اهتمامات عديدة في قلب ضعفنا، لذا بحق دُعيت دودًا.
البابا غريغوريوس (الكبير)
* ليتنا نتخلص من قذارة الخطية، فيظهر الجمال الأول الذي للفضيلة. يقول داود النبي في المزمور: "يا رب بجمالك أعطيت جمالي قوة" (مز 8:29). لنتطّهر حتى تظهر صورة الله فينا، وهذا هو ما يريده الله منّا، أن نكون بلا دنس ولا نقص ولا عيب.
الأب دوروثيؤس
* يحزن جميع القديسين بتنهدات يومية من أجل ضعف طبيعتهم هذا. وبينما هم يستقصون أفكارهم المتنقلة ومكنونات ضمائرهم وخلواتهم العميقة يصرخون متضرعين: "لا تدخل في المحاكمة مع عبدك، فإنه لن يتبرر قدامك حيّ" (مز 143: 2)....
ها أنت ترى إذن كيف يعترف جميع القديسين بصدق أن جميع الناس كما هم أيضًا خطاة، ومع ذلك لا ييأسون أبدًا من خلاصهم، بل يبحثون عن تطهيرٍ كاملٍ بنعمة الله ورحمته...
لا يوجد أحد، مهما كان مقدسًا، في هذه الحياة بلا خطية. وقد أخبرنا أيضًا تعليم المخلص الذي منح تلاميذه نموذج الصلاة الكاملة...، إذ يقول: "وأغفر لنا ذنوبنا، كما نغفر نحن أيضًا للمذنبين إلينا" (مت 6: 12).
إذن إذ قدم هذه كصلاةٍ حقيقيةٍ يمارسها قديسون، كما يجب أن نعتقد دون أدنى شك، فمن يمكنه أن يبقى عنيدًا ووقحًا ومنتفخًا بكبرياء الشيطان، فيظن أنه بلا خطية.
الأب ثيوناس
* كما أن القديس هو هيكل الله، هكذا الخاطئ يقيم من نفسه قبرًا.
القديس جيروم




فَأَيْنَ إِذًا آمَالِي؟
آمَالِي مَنْ يُعَايِنُهَا! [15]
يرى أيوب أن كل آماله السابقة تنحدر معه إلى القبر فيرثيها. حقًا إن كان لنا في هذه الحياة فقط رجاء، فنحن أشقى جميع الناس (1 كو 15: 19). ليس من يستطيع أن يرى آمالنا التي تعزينا، إذ نترجى، لا الأشياء الوقتية التي تُرى، بل الأبدية التي لا تُرى (2 كو 4: 18).
الآمال التي قدمها له أصدقاؤه تنزل معه إلى القبر، لتُدفن معه ولا تعود. هم مائتون يقدمون ما هو فانٍ.
* "ماذا إذن هو رجائي؟" [15]. أو أين هو رجاء الإنسان الذي فيه يتحقق هذا الطريق من الضعف؟ "أين سأرى خيراتي؟" عندما نرحل منه.
الأب هيسيخيوس الأورشليمي
* "الآن أين هو توقعي؟" [15]. ماذا يمكن أن يكون توقع البار سوى الله الذي يبرر البار، والذي نزل بإرادته إلى عقوبة بشرية، وببرَّه حرر أسرى الموت؟ فإنهم لن يتوقفوا عن توقعهم بقية التوقعات المملوءة رجاءً. إنهم يعرفون أن هذا آت، لكنهم يطلبون سرعة المجيء. لذلك لم يقل: "أين هو توقعي؟" بل أضاف كلمة "الآن"، مظهرًا أنه يود أن يتحقق ما سيأتي يومًا دون تأخير.
"ومن يتأمل في صبري؟" [15]... يشهد الحق: "إن أنبياء وملوكًا كثيرين اشتهوا أن يروا هذه الأمور التي ترونها ولم يروا" (لو 10: 24). وهكذا "من يتأمل في صبري؟" نفخات الرغبة الحارة صارت مكشوفة... ليقل: "من يتأمل في صبري؟" فإن ما يحسبه مدبر الأمر (الله) أنه مدة قصيرة يراه من يحب أنه مدة طويلة.
البابا غريغوريوس (الكبير)
* ينبغي علينا أن نضع في السماء ما نخسره الآن على الأرض. فالعدو يستطيع أن ينقب منازلنا، لكنه هل يقدر أن يكسر باب السماء؟! إنه يقتل الحارس هنا، لكن هل يستطيع أن يقتل الله حافظها؟!
* لو أخبركم مهندس معماري أن منزلكم يسقط حالًا، أفلا تتحركون سريعًا قبل أن تنشغلوا بالنحيب عليه؟! هوذا مؤسس العالم يخبركم باقتراب دمار العالم، أفلا تصدقونه...؟! اسمعوا إلى صوت نبوته: "السماء والأرض تزولان" (مت35:24)... استمعوا إلى مشورته!
القديس أغسطينوس


تَهْبِطُ إِلَى مَغَالِيقِ الْهَاوِيَةِ،
إِذْ تَرْتَاحُ مَعًا فِي التُّرَابِ [16].
* "أو هل سينزلون معي إلى الجحيم، أو سننزل معًا إلى التراب؟" [16]. إذن لماذا نقيم المباني؟
لماذا نرتبك بأغطية ثمينة للسرائر والملابس المختلفة؟ لماذا نضيف حقلًا إلى حقلٍ (إش 5: 8)؟ لماذا نطلب الغنى الذي لا يذهب معنا؟
ولماذا لا نصدق تدبير الديان، ولا نذعن له، القائل: "لا تكنزوا لكم كنوزًا على الأرض، حيث يُفسد السوس والصدأ، وحيث ينقب السارقون ويسرقون، بل اكنزوا لكم كنوزًا في السماء حيث لا يُفسد سوس ولا صدأ، حيث لا ينقب سارقون ولا يسرقون" (مت 6: 19-20). فإن ملائكتنا تحرس كنوزنا، ولا سيما رب الملائكة.
الأب هيسيخيوس الأورشليمي
* "ألا تظنون أنه على الأقل ستوجد راحة لي هناك؟"... هنا ما يفيدنا التأمل بخوفٍ شديدٍ كضمانٍ لنا للراحة الأبدية، فإنه حتى أيوب كان مرتعبًا من ذلك... "إن كان البار بالجهد يخلص، فالفاجر والخاطي أين يظهران؟" (1 بط 4: 18) فإن الطوباوي أيوب عرف أنه سينال راحة بعد ضربات الضيق، لكنه إذ يهز قلوبنا بالخوف، بدا كمن هو في شكٍ من جهة مكافأة الراحة الأبدية بقوله: "ألا تظنون؟"
البابا غريغوريوس (الكبير)
* يرى البعض أن منازلهم التي يقيمون فيها هي مملكتهم، وبالرغم من علمهم أن الموت محتم، وأنه يومًا ما سيجبرهم على تركها، ففي قلوبهم يشعرون أنهم يمكثون إلى الأبد. إنهم يفتخرون بحجم منازلهم، والمواد الممتازة التي صُنعت منها. يجدون متعة في زخرفة منازلهم بألوان زاهية، وفي انتقاء الأثاث الأكثر صلابة والأفضل لملأ الغرف. يتخيلون أنهم باقتناء منزل معمر... سيجدون فيه سلامهم، أي كلما تأكدوا أن حوائطه وأسطحه تظل متينة إلى أجيال كثيرة.
أما نحن فعلى النقيض، نعلم أننا مجرد ضيوف نعيش مؤقتًا على الأرض. ندرك أن المنازل التي نقطنها هي بمثابة فنادق على الطريق إلى الأبدية. إننا لا ننشد سلامًا أو أمنًا من الحوائط المادية من حولنا أو الأَسقف فوق رؤوسنا. بل بالحري نريد أن نحيط أنفسنا بحوائط النعمة الإلهية. ونتطلع إلى السماء عاليًا كسقفٍ لنا. أما الأثاث في حياتنا فيجب أن يكون أعمالًا صالحة، نعملها بروح الحب.
القديس يوحنا الذهبي الفم
رد مع اقتباس
 


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
أيوب | نظرة رجال العهد القديم
أيوب | رخاء الأشرار
أيوب | رخاء الأشرار في هذا العالم
وتطمئن لأنه يوجد رجاء أيوب 11 : 18
وتطمئن لأنه يوجد رجاء. أيوب 11: 18


الساعة الآن 08:50 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024