رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
وهو مُجرَّب آه ما أقساه امتحان على قلب الأب أن يُوضع في صراع بين محبة العاطي (الله) ومحبة العطية (إسحاق)، فبأي منهما سيضحي؟ نحن نقرأها الآن بأريحية شديدة لكن حاول أن تكون مكانه، كم كان يُعتصر ألمًا، ولمدة ثلاثة أيام ليصل إلى الموضع الذي عينه له الرب (تكوين٢٢: ٤). هل كان لديه فرصة للرجوع؟! بالتأكيد: نعم. هل كان لديه رغبة للرجوع؟ قطعًا: لا؛ لأنه خائف الله الذي طلب. كان إبراهيم في مستوى إيماني عالٍ فلم يبخل بالعطية على العاطي. وهنا سأخرج قليلاً من رفوف عقل إبراهيم، وبنعال مخلوعة سأقترب من سيدي وإلهي؛ لأحاول أن أفهم هل لدى الله مغزى من طلب مثل هذا؟ نعم، عزيزي، فكل سلوك إلهي مَحسوب وبدقة. فعلى مدار سفر التكوين لم نسمع أن الله طلب من أحد تقديم ذبائح، بل هم من أنفسهم قدموا، وكانت تقدماتهما من الحيوانات. ولكن هنا قصد الله أن يطلب من أبو المؤمنين محرقة، ولكن بشرية، محبوبة ووحيدة قلب أبيها؛ ليأخذ أنظارنا لأن المحرقة الحقيقية هي في الأساس بشر وليس حيوان، وحيد أبيه وابن محبته، ومن غيره إلا ذلك الذي صار جسدًا وحَلَّ بيننا. لقد كان تكوين ٢٢ بمثابة بروفة لحدث الصليب؛ فطاعة إبراهيم سمحت لله أن يعطينا لمحة عن عواطفه يوم قَدَّمَ ابنه، فمكتوب: «اَلَّذِي لَمْ يُشْفِقْ (يبخل) عَلَى ابْنِهِ، بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ، كَيْفَ لاَ يَهَبُنَا أَيْضًا مَعَهُ كُلَّ شَيْءٍ؟» (رومية٨: ٣٢). فإن كان إبراهيم في يومه على جبل المريا تألم بين شقي رحى محبته لله ومحبته لإسحاق، ولكن قد وَجَدَ مَنْ يشفق عليه، وهو ملاك الرب بكبش بدل إسحاق (تكوين٢٢: ١٣)، فأقول - بكل احترام - على رابية الجلجثة لم يكن رحمة حين كان الله بين رحى محبته للابن ومحبته للبشرية الساقطة، فلم يبخل علينا به، بل ضربه لأجلنا. يا له من اسكتش يرسم لنا ملامح قلب الله يوم صليب ربنا يسوع، بل وطاعة ربنا يسوع في سلوك إسحاق الخاضع لمشيئة أبيه. والآن نعود إلى رفوف عقل إبراهيم لنبحث عن قناعة أخيرة في محطتنا. |
|