رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"وأنت أيها الرب إلهي لا تُعبد رأفاتك عني" [11]. إنه يلتفت إلى الأعضاء المجروحة... أنظر خلال وحدة الكنيسة الجامعة إلى أعضائك المتألمة، تطلع إلى أولئك المثقلين بخطايا الإهمال، ولا تُبعد رأفاتك عنهم. القديس أغسطينوس هكذا إذ يتحدث عن كلمة الله المتجسد الذي جاء يعلن الخلاص بصليبه، جاذبًا الأمم إلى التمتع ببركات الفداء العجيبة، أراد أن يحمل المؤمنون سماته، خاصة الحب العملي. هكذا يليق بنا كأعضاء جسده أن نبشر به ومعه بالفم كما بالقلب. نشهد بلساننا كما بسلوكنا ونياتنا الداخلية. لا نخاف من الشهادة للسيد المسيح المخلص علانية بشفاهنا، ولا تقف الشهادة عند الفم بل يلزم أن يروه متجليًا في حياتنا. لقد جاء مسيحنا ليعلن الرحمة الإلهية والحق الإلهي. بالصليب تمتعنا بكمال حب الله ومراحمه، كما تحقق عدله في كماله. هنا بالتوبة ننعم بالرأفات في استحقاقات الدم الذي وفَّيّ الحق أو العدل، وفي يوم مجيئه يتحقق العدل الإلهي حيث ينال كل جزاءه حسب عمله، فننعم بشركة أمجاده إذ نستتر فيه، ونختفي في صليبه واهب الحياة. ليت رحمته وحقه لا يفارقان عيوننا الداخلية، فيشعلا فينا نيران حبه داخلنا، ويسمرا مخافته فينا. نحبه كأولاد لهم ملء الدالة دون استخفاف بأبوَّته، ونخشاه كديّان فاحص القلوب والكلى دون تجاهل لعمل نعمته فينا. كما شهد مسيحنا للآب عن رحمته وحقه، لنشاركه ذات السمتين، فنحمل روح الحب الحقيقي بلا تهاون، وروح الحق بلا عنف. حبنا يحمل جدية، وحزمنا يحمل ترفقًا! إن كان مسيحنا قدّم نفسه ذبيحة طاعة للآب وحب لبني البشر، حاملًا شرورنا وآثامنا في جسده ليحقق الرحمة والعدل، فإنه من جانبنا ينبغي أن نعترف بخطايانا التي بلا عدد، وقد أحاطت بنا من كل جانب، وأفقدتنا بصيرتنا الداخلية، حتى قلبنا قد تركنا، أي صرنا كالأموات. بمعنى آخر كلما أدركنا بشاعة الخطية ومرارتها نختبر بالإيمان عذوبة الصليب وإمكانيته. |
|