من يقبل إلي لا أخرجه خارجًا:
من المعايير التي نضعها للتأكد من مدى صدق التوبة، أن يسأل الشخص ذاته بصدق: هل إذا أُتيحت لي الفرصة من جديد لهذه الخطية فسوف أسقط؟ أم إنني لست متأكدًا؟ أم أنني لن أسقط بنعمة المسيح؟ فالإجابة الأولى تعني أنه لا توجد توبة أصلًا، أما الثانية فتعني أن التوبة ليست كاملة وأما الثالثة فتعني أن التوبة كاملة وصادقة. (حتى لو سقط الشخص بعد ساعات فالمهم مشاعره الآن وهو يقدم التوبة).
أحس القديس إيسيذورس بالصدق في أقوال موسى ونيته، فابتدأ في أن يعظه كثيرًا بما كان يُسلم لجماعة الموعوظين قديمًا قبل اقتبالهم المعمودية، وهم ينتظرونها بشوق كبير، كل ذلك قبله موسى في أسابيع قليلة، لقد كان مثل الأرض العطشى المتشوقة لهذا الزرع والنبع الإلهي، كانت دموعه تروي هذا الزرع المقدس وهكذا زرع الله من خلال فلاح النفوس الجائعة (إيسيذورس) هذه الشجرة المقدسة التي لموسى الأسود.
كانت توبته هي المحراث الذي قلب الأرض وطرد الأحجار والأجسام الصلبة الساكنة لسنين طوال في قلبه، حيث ذُعر من حجمها وشكلها وخطورتها، مثل الورم المستأصل والحصوات المستخرجة من جسم مريض، فاشمأز منها، وإن كان قد شعر بالراحة بالتخلص منها، هذا وقد كان كرهه لماضيه شديدًا، مما دفعه بقوة في توبته ومسيرته.