رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
بداية الصراع بين البابا كيرلس ونسطور لم يمض زمان طويل على انتشار آراء نسطور من القسطنطينية إلى ولايات أخرى، ومنذ بداية سنة 429 م. أن كيرلس رئيس أساقفة الإسكندرية(1)، وجد أنه من الضروري أن يقدم تعبيرًا واضحًا وبسيطًا للعقيدة الأرثوذكسية في عظة عيد القيامة، لكن بدون ذكر نسطور والأحداث التي حدثت في القسطنطينية، معلنًا بأن ليس اللاهوت بذاته، ولكن اللوغوس الذي اتحد مع الطبيعة البشرية، هو الذي وُلد من مريم(2). وقد جرت محاولة خاصة لنشر النسطورية بين رهبان مصر الكثيرين، وتم إرسال مبعوثين لهذا الغرض، نشطاء في هذا المجهود. (كان نسطور أحيانًا كنوع من المراوغة يقول إنه كما أننا نقول عن يسوع أنه الله على سبيل التكريم فقط، فحتى لو قلنا أن العذراء هي والدة الإله فيكون ذلك على سبيل التكريم أيضًا).. وفى خطاب عقائدي متكامل إلى الرهبان(3)، يظهر كيرلس الآن كيف أنه حتى أثناسيوس هذا العظيم قد استخدم التعبير "والدة الإله" وأن الكتب المقدسة ومجمع نيقية قد قالت بالاتحاد التام بين الطبيعتين في السيد المسيح.. إن اللوغوس بذاته لا يمكن أن يدعى المسيح(4)؛ وأيضًا لا ينبغي أن ندعو السيد المسيح حامل الإله qeoforoV متخذًا الناسوت كأداة، ولكن ينبغي أن يُدعى "الله بالحقيقة صار إنسانًا". إن جسد السيد المسيح ليس جسد أي شخص آخر، ولكنه جسد الكلمة؛ أي أن طبيعة المسيح البشرية لا تنتمي لأي شخص بشرى، ولكن الشخصية التي تنتمي إليها هو اللوغوس.. وفي الختام فقد قارن أيضًا بين موت السيد المسيح وموتنا. يقول بخصوصنا نحن، أنه الجسد فقط الذي يموت، ولكننا نقول على الرغم من ذلك أن الإنسان مات.. وهكذا الحال مع المسيح. فاللاهوت بذاته لم يمت، ولكن اللوغوس ينتمي إلى طبيعته البشرية في المكانة الأولى، وهكذا يمكننا القول "أنه قاسى الموت". كإنسان قاسى الموت ولكن كإله فقد أبطل الموت مرة أخرى؛ ولم يكن يستطيع أن يكمِّل خلاصنا بطبيعته الإلهية إذا لم يحتمل الموت من أجلنا في طبيعته البشرية. بلغت رسالة كيرلس هذه إلى القسطنطينية أيضًا، وأثارت نسطور ليستخدم عبارات عنيفة بشأن زميله السكندري. وقام كيرلس بتوجيه خطاب قصير إلى نسطور قال فيه: لم يكن هو (كيرلس) ورسائله، ولكن نسطور أو صديقه هما السبب في الفوضى الكنسية السائدة حاليًا(5).. وقد بلغ الأمر إلى أبعد من ذلك في أن البعض لا يدعون المسيح بعد الله، إنما أداة لله وإنسان حامل الله. عند مثل ذلك الانتهاك للإيمان، لم يكن ممكنا له أن يلزم الصمت، ويستطيع نسطور نفسه أن يقول ما يقوله في الرد على كليستين Coelestine الأسقف الروماني وأساقفة آخرين ممن سألوه عما إذا كان نسطور حقيقة قد كتب وقال الأشياء التي تبلغ عنه حاليًا. وعلاوة على ذلك فقد وصلت من كل ولايات الشرق تقارير ليست في صالح نسطور، ولذلك كان عليه أن يهدئ مرة أخرى جميع الذين أسئ إليهم من استخدام تعبير qeotokoV. ([a]) [a]Cf. Hefele, C.J., p. 19 quoting Mansi, t. iv. p. 883 sq. ; and in the Works of Cyril, l.c. Epist. ii. p.19 sq. أجاب نسطور على ذلك في سطور قليلة احتوت، في مجملها، على مديح في نفسه(6).. في الرسالة الأولى لنسطور لم يتعرض البابا كيرلس للعقيدة لكنه أرسل لنسطور يقول: لم نبدأ نحن بالهجوم بل أنتم عندما قلتم محروم من يقول أن العذراء هي والدة الإله. وعاتب نسطور لأنه كان حاضرًا في الكاتدرائية وقتما قال كاهنه هذا الكلام وهو لم يعترضه أو يوقفه؟ وقال إننا ندافع عن إيمان الآباء. لكنه لم يتعرَّض في هذه الرسالة لأي شروحات عقائدية. أما رسالة البابا كيرلس الثانية إلى نسطور فتسمى الرسالة العقائدية epistola dogmatica (وهى الرسالة الرابعة في عداد الرسائل التي من القديس كيرلس وإليه) وقد اعتمدها مجمع خلقيدونية نفسه، كما اعتمدت بالإجماع في الجلسة الأولى من مجمع أفسس 431 م. فى خطاب جديد إلى نسطور (مقصود به هذه الرسالة العقائدية)، حدد كيرلس العقيدة الأرثوذكسية قائلًا: [الكلمة لم يصر جسدًا بطريقة تجعل طبيعة الله تتغير أو تتحول... على النقيض من ذلك فإن اللوغوس قد اتحد أقنوميًا مع الجسد sarx المتحرك المحيا بالنفس العاقلة yuch Logikh وهكذا صار إنسانًا بطريقة يتعذر تفسيرها.. إن الطبيعتين المتميزتين قد اتحدتا في اتحاد حقيقي.. ليس كما لو كان الاختلاف في الطبائع قد اختفى بالاتحاد (بدأ هنا يوضح أن الاختلاف في الطبائع استمر بعد الاتحاد)، ولكن على العكس، بأنهما قد شكّلا الرب يسوع المسيح الواحد والابن بالاتحاد غير المنطوق به بين اللاهوت والناسوت.. اللوغوس اتحد مع الطبيعة البشرية في رحم مريم؛ وهكذا وُلد بعد أن أخد جسدًا. وهكذا أيضًا تألم إلخ .. وحيث أن اللوغوس في نفسه غير قابل للألم، فقد احتمل هذا في الجسد الذي اتخذه"(7). (إذًا آلام جسده تنسب إليه). أجاب نسطور.. إننا لا ينبغي أن نقول أن الله وُلد وتألم أو أن مريم كانت والدة الإله؛ لأن ذلك يعتبر وثنيًا وأبوليناريًا وأريوسيًا.. أما كيرلس.. فقد أرسل الشماس بوسيدونيوس Possidonius إلى روما، وأعطاه مذكرة خاصة بيَّن فيها الخطأ النسطوري والعقيدة الأرثوذكسية المعارضة لها. عندما أرسل البابا كيرلس عامود الدين إلى البابا كليستين أسقف روما (الذي نعتبره قديس) رسالة يشرح فيها العقيدة، رد البابا كليستين على البابا كيرلس برسالة في منتهى الروعة، قال فيها: لقد غَسَلَت نقاوة تعاليمك كل الأقذار والأوساخ وظلمة العقل التي جلبتها علينا النسطورية. وفي نفس الرسالة قال له اعقد مجمعًا مسكونيًا، ولو لم يرجع نسطور عن أفكاره الخاطئة في خلال عشرة أيام، وقِّع عليه الحرم عن كنيستك وكنيستي أيضًا.. والمعنى الذي تحمله هذه الرسالة هو أنه لولا تعاليم البابا كيرلس لضاعت الكنيسة، هذا ملخص هذه الرسالة. كما قال البابا كلستين أنه موافق على كل ما سيقوله البابا كيرلس وعلى أن البابا كيرلس يمثِّل كنيسة روما والإسكندرية معًا. وأعطى تعليمات لمندوبيه الذين حضروا مجمع أفسس(8) بأن يوافقوا في المجمع على كل ما يقوله البابا كيرلس. وفي اتضاعه كتب إلى البابا كيرلس قائلًا إن نهر تعاليمك النقية قد غسل أقذار تعاليم نسطور وأزاح الظلمات عن عقولنا وأذهاننا. وكأنه يعترف أن البابا كيرلس غسل له عقله من ظلمة هرطقة نسطور أو من الضباب الذي أصاب العقول بسببها، فكانت كلمات البابا كيرلس نورًا مضيئًا أزاح الظلمة. كان هذا هو الحال وقت انعقاد مجمع أفسس، ولكن للأسف الشديد أن لاون الأول الذي كان شماس البابا كليستين سلك سلوكًا مغايرًا. فأية مفارقة هذه بين ما يقوله كليستين لكيرلس وما عمله شماسه في خليفة كيرلس (البابا ديسقورس) الذي حافظ على تعاليمه ودافع عنها وضحى بكرسيه (أي منصبه) في سبيل ألا يتنازل عن حرف واحد من تعاليم البابا كيرلس عامود الدين. فبمقدار وفاء البابا ديسقورس لباباه بمقدار خيانة لاون لباباه، لذلك يستحق ديسقورس أن يلقب بطل الأرثوذكسية. ديسقورس كان يرى في النسطورية خطر داهم جدًا، وقد استغل أوطاخي الموقف وحاول أن يبدو أنه أحد ضحايا التيار النسطوري الموجود في الشرق، وبذلك بدا في عيني ديسقورس أنه برئ. ولكن ديسقورس لم يقصد أبدًا أن يؤيد تعاليم أوطاخي الخاطئة. أضف إلى ذلك أن البابا ديسقورس قد تخطى تعبيرات القديس كيرلس اللاهوتية بتعبير مذهل (أنا أتعجب كيف أتى به) في سبيل أن يؤكد أنه ليس أوطاخيًا على الإطلاق. ففي أيام البابا كيرلس لم تكن هرطقة أوطاخي قد ظهرت بعد لذلك كانت تعبيراته مسترسلة، سهلة، وليست متخذة حرص ضد الأوطاخية في كل الأوقات (وإن كان قد اتهم في بعض الأوقات بأنه يمزج الطبيعتان فدافع عن هذه النقطة، ولكن هذا في مرحلة متأخرة من رسائله). أما البابا ديسقورس فعندما حضر إلى مجمع خلقيدونية طلبوا منه أن يقول "طبيعتين من بعد الاتحاد". قال: إن هذا مستحيل ولكن ممكن أن أقبل تعبير "من طبيعتين بعد الاتحاد". هذا التعبير لم يقله البابا كيرلس أبدًا، ولعلكم تستغربون هل معنى هذا أن البابا ديسقورس ترك تعليم كيرلس عامود الدين؟ الإجابة هي: لا بالطبع، ولكن البابا كيرلس قال تعبيرين: "طبيعة واحدة متجسدة بعد الاتحاد" و"أنه من طبيعتين" وأن هذه الطبيعة الواحدة هي طبيعة مركبة composite nature وأقنوم مركب composite hypostasis. فمن ذكاء البابا ديسقورس أنه جاء بتعبير لم يذكره القديس كيرلس، لكن أكّد به عقيدة القديس كيرلس، فقال: من الممكن أن أعترف أن المسيح "من طبيعتين بعد الاتحاد". لو أنه قال من طبيعتين في الاتحاد، لكان من الممكن أن تذوب إحداهما في الأخرى، لكن "من طبيعتين بعد الاتحاد" أي أن الطبيعتان استمرتا موجودتين في الاتحاد وكوّنتا معًا طبيعة واحدة.. فقال "أؤمن بطبيعة واحدة متجسدة لله الكلمة من طبيعتين بعد الاتحاد" out of two natures after the union أي ظل الاتحاد مكوّن من طبيعتين، ولم تتلاشى إحدى الطبيعيتن. عندما اتهموا القديس كيرلس بأنه أذاب طبيعة في الأخرى بقوله "طبيعة واحدة متجسدة لله الكلمة" μία φύσις του Θεού Λόγου σεσαρκωμένη. Mia fusiV tou Qeou Logou sesarkwmenh جاوبهم القديس كيرلس بأن كلمة "متجسدة" تثبت استمرار الناسوت أي الطبيعة الإنسانية، بمعنى إن الناسوت لم يذب في الطبيعة الإلهية، كما أن عبارة "الله الكلمة" تؤكّد استمرار اللاهوت أي الطبيعة الإلهية. لذلك تكلم القديس كيرلس عن الاستمرارية continuity وقال: The two natures persist (to exist) after the union قال القديس ديسقوروس أيضًا في مجمع خلقيدونية، إنه لو علّم أحد تعليمًا ضد تعليم الآباء (إن كان أوطاخي أو غيره)، ليس فقط ينال الحرم، بل يُرسل للجحيم. لئلا تظنوا أنه بعد أن برأ أوطاخي سنة 449 م. ظل يدافع عنه في خلقيدونية سنة 451 م. وعلى الرغم من قوله هذا، وبعد أن كانوا قد أجلسوا البابا ديسقوروس في الجلسة الأولى على كرسي رئاسة المجمع، إلا إنه فوجئ بمؤامرة مدبرة، وبدأت الهتافات في صف لاون بابا روما. وشعر البابا ديسقوروس أن هذا المجمع عبارة عن مؤامرة سياسية لتأييد كسر نذر بولكاريا وزواجها من مركيان(9). وشعر أن هذا المجمع كان هدفه هو إرضاء لاون الأول بابا روما وتبرئة طومس لاون. وعند تبرئتهم لطومس لاون، قال الأساقفة اليونانيين الذين يجيدون اليونانية أن هذا الطومس هو ضد تعليم البابا كيرلس عمود الدين، ونحن لا نقبل طومس لاون. نحن نقبل فقط تعليم البابا كيرلس عامود الدين، ونحرم أوطاخي. جاء الأساقفة ذوو النية الصادقة إلى مجمع خلقيدونية لكي يحرموا هرطقة جديدة ظهرت، هي هرطقة أوطاخي، التي لم تكن قد انكشفت حقيقتها بعد في وقت مجمع أفسس الثاني 449 م. بسبب مخادعة أوطاخي، لذلك اجتمع مجمع خلقيدونية ليحرم الأوطاخية –كما اجتمع مجمع أفسس من قبل ليحرم النسطورية- وبهذا المفهوم ذهب البابا ديسقورس للمجمع ومعه 14 أسقف مصري ليؤيّد حرم أوطاخي، ففوجئ بمظاهرة لتأييد لاون وطومسه. بدأ الأساقفة اليونانيين يعارضون طومس لاون، فطلب المجمع من هؤلاء الأساقفة أن يدرسوا الطومس لمدة خمسة أيام كلٍ على حِدة، ولكن هذا تم تحت تهديد ضباط الإمبراطور إن لم يوافقوا على الطومس، وبالفعل قبل استكمال الخمسة أيام أعطوا رأيهم بالموافقة على الطومس وقالوا إنه يتفق مع تعاليم البابا كيرلس عامود الدين. وردت في طومس لاون تعبيرات تحمل معنيين أو تحتمل تفسيرين، أحدهما من الممكن أن يُؤخذ على محمل نسطوري، والآخر من الممكن أن يُقبل بكونه سليم إيمانيًا(10). والبابا ديسقوروس لم يحرم الطومس إلا عندما وجد أن لاون قد حالل أسقفان نسطوريان من كبار أعمدة النسطورية. فتيقظ إلى أن التعبيرات التي تحمل المعنيين متساهلة مع النسطورية. لذلك عندما ضغط ضباط الإمبراطور على الأساقفة اليونانيين، اضطروا لأن يرجّحوا المعنى البريء بالطومس، وقالوا يُقبل طومس لاون كوثيقة من وثائق المجمع، ولكن ليس هو إيمان مجمع خلقيدونية، ويُقبل فقط على أساس إيمان القديس كيرلس. وقال الأساقفة الحاضرون أنهم يضعون النص العقائدي لمجمع خلقيدونية على أساس طومس الأب المكرم لاون. إلا أن النص العقائدي لمجمع خلقيدونية كان أفضل حالًا من طومس لاون، ولكن كانت به بعض النواقص: لأنه بعد أن وردت عبارة "من طبيعتين" في النص اليوناني، وردت عبارة "في طبيعتين" في النص اللاتيني، وبعد انقضاء المجمع تم تغير النص اليوناني وكتبت عبارة "في طبيعتين". كما أن هذا النص ذكر upostasiV أقنوم واحد لله الكلمة المتجسد لكن لم يذكر شيء عن الاتحاد الأقنومي. وقد هوجم مبدأ الطبيعة الواحدة بسبب الأوطاخية، وتقرر أن من يمزج الطبيعتين وينادى بالطبيعة الواحدة يكون محرومًا. ثم حكموا بعزل البابا ديسقوروس. ولكن رئيس المجمع أناطوليوس بطريرك القسطنطينية الذي تولى رئاسة المجمع بعد البابا ديسقورس (وقد كان للأسف أحد تلاميذ البابا كيرلس عامود الدين) قال في المجمع عبارات في صف البابا ديسقوروس وهي: أن البابا ديسقورس لم يُعزل لأسباب عقائدية لكنه قد عُزل لأسباب إدارية وقانونية: * حيث إنه حرم فلافيانوس بطريرك القسطنطينية ويوسابيوس أسقف دوريليم. * وأنه لم يقرأ طومس لاون في مجمع أفسس الثاني 449 م. * وخطأه في إدارته لمجمع أفسس الثاني 449 م. * وموقفه ضد البابا الروماني الذي اعترف له مجمع خلقيدونية وأعطاه مكانة لم تكن موجودة أصلًا في تراث الكنيسة. فقد أصدر مجمع خلقيدونية بعض قرارات أعطت للبابا الروماني وضع أكبر من حجمه. ومن ذلك التاريخ فصاعدًا بدأت الغطرسة الرومانية التي أدّت في النهاية إلى عصمة بابا روما، وإلى صكوك الغفران، ومحاكم التفتيش، وثورة الإصلاح البروتستانتي، وأدّت أيضًا إلى الانشقاق الحادث بين القسطنطينية وروما سنة 1054 م. نتيجة بدعة انبثاق الروح القدس.. فبعد أن انفردت روما سنة 1054 م. عن أي كنيسة أخرى، بدأت تنحرف وظهر منها بدعة المطهر، واستمرت في بدعة انبثاق الروح القدس، ثم أصدرت بدعة خلاص غير المؤمنين، وبدعة الزواج بغير المؤمنين. ثم كل الهرطقات الكاثوليكية التي حدث بعدها الانشقاق البروتستانتي في القرن السادس عشر، وثورة الإصلاح، والتي صارت بدورها منبعًا للبدع والهرطقات التي ملأت العالم كله مثل الأدفنتست وشهود يهوه والمورمون و.. إلخ. بالطبع "قبل الكسر الكبرياء" فكل الهرطقات التي ظهرت في العالم كانت من الكنيسة الكاثوليكية مباشرة أو من الكنائس التي كانت قبلًا كاثوليكية ثم تحوّلت مثل كنيسة انجلترا التي انشقت سنة 1538 م.، ومارتن لوثر الذي حُرم سنة 1521 م.، الذي كان راهبًا كاثوليكيًا وتزوج براهبة، ومنه خرجت بدعة الأدفنتست وشهود يهوه والمورمون (يؤمن المورمون بأن الله الآب كان رجلًا وقد تزوج وأنجب أطفال، ثم تحوّل إلى إله، وكان يسوع المسيح من ضمن الأطفال الذي أنجبهم الآب!!). لم تخرج أي هرطقة من كرسي الإسكندرية أو كرسي القسطنطينية، لأنهم لم يدَّعوا لأنفسهم أحقية رئاسة الكنيسة في العالم كله، بمعنى أنه لم تلزم كنيسة الإسكندرية أو كنيسة القسطنطينية كل الكنائس بالخضوع لكرسي الإسكندرية أو كرسي القسطنطينية. وعلى الرغم من أن نسطور كان بطريركًا للقسطنطينية ألا أن النسطورية لم تستمر في القسطنطينية. وبعد عزل بطريرك القسطنطينية نسطور استمرت النسطورية في الشرق في الكنيسة الأشورية النسطورية، بعيدًا عن القسطنطينية، في منطقة ليست تحت سلطان القسطنطينية وذلك نتيجة لانتشار تعليم ثيئودور الموبسويستي. أما القسطنطينية بكاملها فقد رفضت النسطورية إلى يومنا هذا. كما أن الأريوسية قد اندحرت تمامًا وإن كانت قد ظهرت في الإسكندرية. وأيضًا قد صدر حكم ضد مقدونيوس وأبوليناريوس وسابيليوس ونسطور و.. إلخ. ورفضتهم كنائسهم وتحولت إلى كنيسة أرثوذكسية ترفض التعاليم الخاطئة. أما من جهة الغرب -كنيسة روما- فالهرطقات التي خرجت منها هي من نفس بلادها: مثل كالفن في سويسرا، لوثر في ألمانيا. كلها بلاد تحت حكم الكنيسة الكاثوليكية وداخل بلادها. لدرجة إنه قد حدثت حرب داخل ألمانيا واستولى البروتستانت على جزء من ألمانيا، وظل جزء من ألمانيا كاثوليكي إلى يومنا هذا، حتى أن الكنائس البروتستانتية في ألمانيا حاليًا تحتوى ما يخص الكاثوليك من تماثيل وغيرها وحتى طراز البناء كاثوليكي. |
|