رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
في البَدءِ كانَ الكَلِمَة والكَلِمَةُ كانَ لَدى الله والكَلِمَةُ هوَ الله. ويوحنا لم يصف المسيح ب "الكلمة" إلاّ في مقدَّمة إنجيله فقط. والجدير بالذكر أن "كلمة الله" كان تعبيرا متداولاً بين اليهود. وكلمة الله في الكتاب المقدس هي فعّالة ومُبدعة وديناميكية كما يصفها صاحب المزامير "يُرسِلُ إلى الأَرض كَلِمَتَه فيُسرعُ قَولُه في عَدْوه" (مزمور 147: 15). أمَّا عبارة " لَدى" الحرف اليوناني πρὸς (معناه عند أو اتجاه أو مع ويتضمن علاقة وتمييز) فلا تشير إلى التعايش فقط، بل التشارك الفعّال الموجَّه. ويدل لفظ "الكلمة" هنا عن أقنوم يتميّز عن الله الآب، وهو متحد به اتحادا تاماً، كما يدل أيضا على وجوده الأزلي. "الكلمة" كان ولا يزال الأقنوم المُتميز عن أبيه؛ وأمَّا عبارة "الله " في الأصل اليوناني θεὸς (معناها الاله وقد وردت بدون أداة تعريف) فتشير إلى التأكيد لأنها جاءت في أول الجملة. ومن هذا المنطلق يكون "الكلمة" هو الله بمعنى انه مساو للآب على مستوى الطبيعة الإلهية ومشترك معه في الجوهر، وبحكم هذه الصلة فهو الله. وكون المسيح كلمة الله فهو الله، لأنه لا يعرف أفكار الله ليُعلنها إلا الله كما قيل "فمَنِ الَّذي عَرَفَ فِكْرَ الرَّبّ أَو مَنِ الَّذي كانَ لَه مُشيراً؟" (رومة 11: 34)، "ولا مِن أَحدٍ يَعرِفُ الآبَ إِلاَّ الابْن" (متى 11: 27). أمَّا عبارة " الكَلِمَةُ كانَ لَدى الله " فتشير إلى الابن الذي هو أقنوم مُميَّز عن أقنوم الآب، ومع ذلك بينهما اتحاد كامل واتفاق تام في كل قضاء وعمل، ولهما نفس المجد والعظمة والكرامة كما جاء في صلاة يسوع الكهنوتية " مَجِّدْني الآنَ عِندَكَ يا أَبتِ بِما كانَ لي مِنَ المَجدِ عِندَكَ قَبلَ أَن يَكونَ العالَم " (يوحنا 17: 5). أمَّا عبارة " الكَلِمَةُ هوَ الله" فتشير إلى القول الثالث في شأن المسيح ومعناه أنه ليس ملاكاً أو مخلوقا آخرا، لكنه مساوٍ للآب في الجوهر أي لديه صفات الآب نفسها وقوته واستحقاقه الإكرام والطاعة والعبادة التي يستحقَّها الآب. وتُثبت هذه الآية صحة التثليث لتمييزها أقنومين، وتبيِّن أنهما متساويان. وتكشف هذه الآية أيضا ثلاثة أمور: أزلية الكلمة، أقنوميته وأتحاده بالآب، ولاهوته أي كونه والآب واحداً في الجوهر. |
|