رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تعليم التعليم في الكتاب المقدس هو تلقين الحكمة عن طريق الشريعة.لان غاية الشريعة هي التربية "مِنَ السَّماءِ أَسمَعَكَ صَوتَه لِيُؤَدِّبَكَ" (تثنية الاشتراع 4: 36)، ليس ذلك تعبيراً عن الإرادة الإلهية فقط، في صورة وصايا موضوعة، بل لكي تكون على يقين بأن الله قد أحبك ، ويريد أن يمنحك السعادة وطول الأيام في الأرض التي يعطيك الرب إلهك مدى الدهر "احفَظْ فَرائِضه ووَصاياه الَّتي أَنا آمُرُكَ بِها اليَومَ، لِكَي تُصيبَ خَيرًا أَنتَ وبَنوكَ مِن بَعدِكَ ولكَي تُطيلَ أَيَّامَكَ في الأَرضِ الَّتي يُعْطيكَ الرَّبَّ إِلهُكَ إِيَّاها جَميعَ الأَيَّام " (تثنية الاشتراع 4: 40). ويُعَدُّ الرب كمربٍّ صالح، في وعده بالمكافأة عن حفظ الشريعة. الشريعة مثلها مثل المحبة يجب أن تعني حضور كلمة المؤدّب ذاتها: إِنَّ هَذه الوَصِيَّةَ الَّتي أَنا آمُرُكَ بِها اليَومَ لَيسَت فَوقَ طاقَتِكَ ولا بَعيدةً مِنك. لا هيَ في السَّماءِ ...ولا هيَ عَبرَ البَحرِ ... بلِ الكَلِمَةُ قَريبَةٌ مِنكَ جِدًّا، في فَمِكَ وفي قَلبِكَ لتعمَلَ بِها" (تثنية الاشتراع 30: 11-14). ويسوع هو خير مثال على التربية بتعليمه ومثاله. إنه مربِّي إيمان الرسل، إذ قادهم تدريجياً إلى الاعتراف بأنه المسيح. إن بطرس "ابتداء من اليوم" الذي فيه اعترف بأنه المسيح، أخذ في تعديل تصرفه (متى 16: 21). وأثار يسوع حول شخصه سؤالاً من خلال تعليمه (متى 7: 28-29، مرقس 1: 27)، ومعجزاته (متى 8: 27، لوقا 4: 36). القى يسوع تعليمه طبقاً لتقبل سامعيه، كما في أمثاله، التي قصد بها، لا التعليم فحسب، بل وإثارة أسئلة لشرحها (متى 13: 10-13 و36)، حتى يتوصلوا إلى "فهمها" كما جاء في سؤاله للتلاميذ بعد تعليمه "أَفَهِمتُم هذا كُلَّه؟ "(متى13: 51). وجعل التلاميذ" يتحققون من عجزهم ومن قدرته على إعطاء الخبز في الصحراء (متى 14: 15-21)، ويستخلص من الخبز درساً كان ينبغي أن "يفهموه" (متى16: 8-12)، ويدعوهم لتقديم حساب عن العمل الذي تولُّوا تنفيذه "اجتَمَعَ الرُّسُلُ عِندَ يسوع، وأَخبَروه بِجَميعِ ما عَمِلوا وعلَّموا" (مرقس 6: 30). وبعد ذلك يستطيع، وقد اعترفوا به أنه المسيح، أن يكشف لهم سراً يصعب عليهم قبوله ألا وهو سر الصليب. وتصبح تربيته أكثر تشدداً في مطالبها، فيؤدّب بطرس الذي يجرؤ ويعاتبه "التَفتَ يسوع وقالَ لِبُطرس: ((إِنسَحِبْ! وَرائي! يا شَيطان، فأَنتَ لي حَجَرُ عَثْرَة، لأَنَّ أَفكارَكَ لَيسَت أَفكارَ الله، بل أَفكارُ البَشَر " (متى 16: 23)، ويرثي لعدم إيمان التلاميذ" أَيُّها الجِيلُ الكافِرُ الفاسِد، حَتَّامَ أَبقى مَعَكم؟ وَإِلامَ أَحتَمِلُكم؟ عَليَّ بِه إلى هُنا "! (متى 17: 17). لم يكتف يسوع أن يقول ما بجب عمله، قد أعطى المثال. وهكذا أعطانا مثالاً عن الفقر، فلم يكن له حجر يسند إليه رأسه كما صرّح لتلاميذه "إِنَّ لِلثَّعالِبِ، أَوجِرة، ولِطُيورِ السَّماءِ أَوكاراً، وأَمَّا ابنُ الإِنسان فَلَيسَ لَه ما يَضَعُ علَيهِ رَأسَه" (متى 8: 20). وأعطانا يسوع مثالا عن الأمانة نحو الرسالة، فأدّى به إلى الوقوف في مواجهة اليهود ورؤسائهم، ويطرد مثلاً الباعة من الهيكل، وجلبت هذه الغيرة عليه الموت "الغَيْرَةُ على بَيتِكَ ستَأكُلُني " (يوحنا 2: 17)، كما أعطى يسوع المثال عن المحبة الأخوية، فغسل هو نفسه أرجل تلاميذه، وهو المعلم "فإِذا كُنتُ أَنا الرَّبَّ والمُعَلِّمَ قد غَسَلتُ أَقدامَكم، فيَجِبُ علَيكُم أَنتُم أَيضاً أَن يَغسِلَ بَعضُكم أَقدامَ بَعْض. فقَد جَعَلتُ لَكُم مِن نَفْسي قُدوَةً لِتَصنَعوا أَنتُم أَيضاً ما صَنَعتُ إِلَيكم " (يوحنا 13: 14-15). وبما أن هذا المثال يذهب به إلى أبعد من ذلك، حيث جعل يسوع نفسه واحداً مع من ينبغي أن يربيهم، عندما يتحمل بنفسه "التأديب" والعقاب الواقع عليهم كما وصفه أشعيا النبي "طُعِنَ بِسَبَبِ مَعاصينا وسُحِقَ بِسَبَبِ آثامِنا نَزَلَ بِه العِقابُ مِن أَجلِ سَلامِنا وبجُرحِه شُفينا " (أشعيا 53: 5)، وحمل أسقامهم "هوَ الَّذي أَخذَ أَسقامَنا وحَمَلَ أَمراضَنا " (متى 8: 17) ورفع خطيئة العالم كما شهد له يوحنا المعمدان " رأَى يسوعَ آتِياً نَحوَه فقال: ((هُوَذا حَمَلُ اللهِ الَّذي يَرفَعُ خَطيئَةَ العالَم"(يوحنا 1: 29). نستنتج مما سبق أن أساس التربية هي المحبة، لان المحبة هي حوار بين شخصين، فالمربي "يعلِّم ويوحي ويكشف ويعظ، ويعد ويعاقب ويكافئ، ويعطي المثل. ومن أجل ذلك يجب أن يكون أميناً على مخططه، وصبوراً من أجل النتائج المنشودة. وانطلاقا من هذا المبدأ فقد شاء يسوع أن يختبر ضعفنا، هو الذي "امتُحِنَ في كُلِّ شَيءٍ مِثْلَنا ما عَدا الخَطِيئَة"(عبرانيين 4: 15)، وهو الذي "تعلّم الطاعة، وهو الابن بما لقي من الألم... وجعل كاملاً" (العب رانيين5: 8-9). وبذبيحته، أكمل يسوع تربية شعبه، ولقد فشل في الظاهر، وهو الذي كان قد سبق وأعلن كل ما سيحدث له "قُلتُ لَكم هذه الأَشياءَ لِئَلاَّ تَعثُروا "(يوحنا 16: 1). ولكنه لم يستطع بنفسه أن يجعل تلاميذه يفهمونه تماماً كما صرّح "ا يَزالُ عِنْدي أَشْياءُ كثيرةٌ أَقولُها لَكم ولكِنَّكُم لا تُطيقونَ الآنَ حَملَها. " (يوحنا 16: 12)، إنه لخير لهم أن ينطلق وأن يترك المكان للروح القدس (يوحنا 17: 7-8). |
|