رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مقال الراهب القمص إبراهيم الأنبا بولا -
الروح في سفر أعمال الرسل ورسائل بولس الرسول - وحدانية الروح "مجتهدين أن تحفظوا وحدانية الروح برباط السلام" (أف 4: 3). ما أجمل صلاة الأجبية وبالأخص صلاة باكر التي تبدأ بجزء من رسالة معلمنا بولس إلى أهل أفسس التي ينادى فيها: "أسألكم أنا الأسير في الرب (أى أناديكم بتوسل أنا الذي صرت أسير من أجلكم - أيها الأمم - في نظر أُمتى كاسرًا ناموسهم) أسألكم أن تسلكوا كما يحق للدعوة التي دعيتم إليها (هذه الدعوة القائمة منذ زمان والآن أنتم قبلتموها فاجتهدوا) مسرعين إلى حفظ وحدانية الروح برباط الصلح الكامل (بالتواضع وإنكار الذات... بالوداعة والتشبه بصورة المسيح الوديع... بطول الأناة والصبر واحتمال الآخر... بالمحبة أي بالمسيح وروحه القدوس الذي يملأنا بالفرح والسلام...). * في رسالة أفسس: أشار معلمنا بولس إلى وحدانية الروح القائمة والتي أقامها الله بيننا منذ أن خُلقنا، وكيف نسلك ونجتهد ونسرع في الحفاظ على هذا... وبنعمة ربنا نتحدث من خلال هذه الرسالة إلى كيف: أفاض النعمة (علينا ليجمع شملنا) وقادنا لنفسه (لنكون واحدًا فيه) وكيف نحافظ على هذا. أولًا: أفاض النعمة: تبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح فقد: "باركنا بكل بركة روحية في السماويات في المسيح. كما إختارنا (بالقرعة) فيه قبل تأسيس العالم" (أف 1: 3، 4) ما أحن وحنان الله علينا فهو يريد أن يجمعنا في حضنه ويمتعنا بروحه، ولكنه تدرج معنا ووعدنا بوعود ليقربنا منه ثمَّ يسكب روحه علينا، فبدأ بوعد... * "يبارك الرب أرضك" (تث 7: 13). * "تأكلون خير الأرض" (إش 1: 9). * "أرض تفيض لبنًا وعسلًا" (خر 3: 8). * لقد أفاض عليهم ببركات أرضية؛ لأنهم حتى ذاك الزمان لم يرتفعوا ولم يمتنعوا عن الجسديات، وعندما إرتفع بنا باركنا ببركات روحية سمائية منحها لكل البشرية في المسيح وبالمسيح لنكون قديسين... بلا عيب في المحبة... وثبتنا واختارنا بقرعة محكمة معروفة لديه قبل تأسيس العالم، لينعم علينا بالفداء والغفران، وأطلعنا على سر مشيئته... فجمعنا تحت رأس واحد وهو المسيح لنكون ورثة وشركاء بروحه الذي يسكن فينا، وهذا إن آمنا واعتمدنا بالروح الموعود لنا... الروح القدس الذي هو عربون ميراثنا [راجع (أف 1: 1 - 14)]. * ربطنا بوحدانية بروحه الساكن فينا، ووعدنا: "سوف آتى أنا وأبى ونصنع منزلًا فيكم" إن أحببناه وحفظنا وصاياه وأسرعنا إلى حفظ وحدانية الروح (راجع (يو 14: 23). * فلنتمسك بنعمته وبروحه حتى نموت عن الذنوب والخطايا التي سلكنا فيها قبلًا حسب دهر هذا العالم (حسب نظام وشهوات العالم) حسب رئيس سلطان الهواء (أى حسب الشيطان المحيط بنا مثل الهواء) الروح الذي يعمل الآن في أبناء المعصية (أى الشيطان الذي كان روحًا وهو الآن يعمل في الأبناء الذين يعصون الله ووصاياه) (راجع (أف 2: 1 - 3)). فلنتمسك بالطاعة وإطاعة الوصية، ولا نكون من أبناء المعصية. ثانيًا: قادنا لنفسه: قادنا ببناء واحد بناه بنفسه بجسده... "فجاء وبشر بسلام البعيدين والقريبين" (أف 2: 17). جاء بالحب الإلهى والإختيار السمائى بحسب قصده الأزلى بقرعة كانت في فكره لنكون أهل بيته، رعية واحدة لراعى واحد "مبنيين على أساس الرسل والأنبياء ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية" (أف 2: 20). هذا المشهد نظره يوحنا وقال عن أورشليم العليا (التي هي رمزًا للكنيسة): "هوذا مسكن الله مع الناس" (رؤ 21: 3) وكأن حائط العهد القديم وحائط العهد الجديد البناء الروحى جمعه الله ليستديرا ويكونا قبةً، ويكون هو حجر الزاوية الذي يربط الحائطين بعضهما ببعض. ونظر الرائى هذا المسكن بدقة أكثر مع بولس الذي قال: مبنيين على أساس الرسل والأنبياء. نظر يوحنا على أساس هذه المدينة (مكتوب) أسماء إثنى عشر رسولًا وعلى أبوابها (مكتوب) أسماء إثنى عشر سبطًا. منظر جميل ما أبدعه ما أدق وصفه للكنيسة الحاملة جسد ودم المسيح مبنية على أساس دم الرسل والتلاميذ وعلى أبوابها أسماء أسباط إسرائيل الإثنى عشر الذين فتحوا لنا بإيمانهم الأبواب لرؤية المسيح وانتظار المسيا والإشتياق للخلاص. قاد الرعاة بإنفتاح السماء... وقاد المجوس للمكان وللسجود... قاد الذين يعبدون إله الحق الواحد وأيضًا الذين يعبدون آلهة كثيرة باطلة... قادنا لوحدانية الروح... قادنا لنفسه لنكون بناءً مركبًا معًا، "ينمو هيكلًا مقدسًا في الرب الذي أنتم أيضًا مبنيون معًا مسكنًا لله في الروح" (أف 2: 22). *كل منا هو هيكل وكلنا معًا هيكل.. هو أحضرنا ودعانا لنفسه.. هو إختارنا وكرسنا لنسبحه ونشكره. كيف نحافظ على هذه الوحدة: 1 - برباط السلام (أف 4: 3): * بالتنازلات واحتمال الآلامات بالقيود والسجون... * الإلتزامات الروحية هي قيود للنفسية الضعيفة... * إن كنت متضعًا لا تنفر من هذه القيود (= هذه النعمة)... التي تقودك للوحدة معه. * إن كنت متواضعًا قيد أقوالك وأفعالك ونغمات صوتك. * إربط فمك بثمار الحب... إربط ذاتك بأخيك... إربط كرامتك بإنكار ذاتك... لا رباط سلام بدون الوحدة... بدون إتضاع كما يليق مثلما فعل أبيك... لقد إتضع الكلمة ليهبنا الوحدة فيه... ومع أبيه بالروح القدوس... لكي نكون مجتهدين محافظين على وحدانية الروح. 2 - بوحدة الروح (أف 4: 3): * روح الله الواحد هو يجمع كل الأعضاء بتناغم بدون عداوة وخصام وانشقاق، إنما إن وجد شخصٌ بارد غير مشتعل فإنه يطفئ ويبرد من حوله، وإن إشتعل يشعل من حوله. * فالكنيسة غطست بأولادها في نور الرب الواحد لكي يرسلوا شعاعه في كل موضع، كشعاع الشمس المنتشر في كل مكان لكنه مصدر واحد... وكأغصان الشجرة الكثيرة ولكن الجذر واحد... فها أنت سيد نفسك، خذ منه الوحدة لكي تربط (تقيد) نفسك بأخيك، وكلما إلتصقت معه تلتصق به، وكما قيل "إذا عضد أخ أخاه صارا مدينةً حصينةً" (أم 18: 19) هذه القيود لا تترك علامة على يدك أو نفسك وإنما تنطلق بك للحرية والأعمال الإيجابية والشجاعة النفسية (إذا رُبط القوى بالضعيف أعانه وشدده). * إذا صرنا أبناء الله نكون أبناء النور (أف 5: 8) نسلك كأداة نور... 3 - بضياء الرب: "أُسلكوا كأولاد نور؛ لأن ثمر النور (الروح) هو في كل صلاح وبر وحق، مختبرين ما هو مرضى عند الرب" (أف 5: 8، 9). * إذا كانت الحياة الطبيعية الزمنية لا وجود لها بدون الشمس، ومع الفارق الكبير لا حياة لنا بدون شمس البر الواهب كل صلاح ومُعطى كل بر ويعرفنا على كل الحق. * فبالإيمان به نحقق ما يعجز عليه الضعف البشرى، ونتمتع بقوة نقدر أن نمشى بها حتى على الماء. 4 - بالإمتلاء بالروح: "ولا تسكروا بالخمر الذي فيه الخلاعه بل إمتلئوا بالروح" (أف 5: 18). * عوض البهجة بالأغانى الشيطانية والنغمات المثيرة والسكر بالملذات أُطلب الروح لتمتلئ واستعد بالترانيم والتسابيح لتأخذ إمتلاء ولا تكف عن الشكر والصلاة حتى يفتح قلبك لعمله وتتجاوب معه... * "مرتلين في قلوبكم للرب" (أف 5: 19) في قلوبكم = بكل إصغاء شديد وفهم عميق لكل كلمة. 5 - بالمصارعات ضد أجناد الشر الروحية (أف 6: 12) * أنت في صراع ليس من أجل المال أو المركز إنما من أجل إستبعادك عن الملكوت. * صراع من أجل السماويات: وأجناد الشر يريدون أن يجردونك ويبعدونك عن الجهد والمحافظة على وحدتك مع روح ربك. فإن كنت لا تتقيد بالوصية وتسلك نحو الأبدية ستسمع: أُربطوا يده ورجليه وألقوه في النار الأبدية (مت 22: 13). * صراع لنتقوى بالرب ونلبس سلاح الله فنسمع صوته يقول لنا: "لا يقدر العالم أن يبغضكم ولكنه يبغضنى" (يو 7: 7). * صراع مع أجناد غير منظورة، ولكننا نربح بنصرة محسوسة. 6 - بسيف الروح: "وخذوا خوذة الخلاص، وسيف الروح الذي هو كلمة الله" (أف 6: 17). ملاحظة: في هذه الرسالة توجد أسلحة كثيرة، وإنما نكتفى بما يخص الروح الذي هو موضوعنا الآن... * لكي نحافظ على وحدانية الروح يجب أن نستعمل سيف الروح أى الوصية التي تقتل كل خطية. * سيف الروح هو كلمة الله، نحارب ونضرب به ونعزل ونبتر به من داخلنا كل فساد، ونلقى به خارجًا." لأنه بدون (سفك) دم لا تحصل مغفرة" (عب 48: 10). * كلمة الله كالسيف يجرح لكي يشفي!! * لإنه بآية واحدة ممكن أن لا ننام الليل بطوله حتى نقدم توبة صادقة. 7 - مصلين بالروح: "مصلين بكل صلاة وطلبة كل وقت في الروح. وساهرين لهذا بعينه، بكل مواظبة وطلبة لأجل جميع القديسين (أف 6: 18). * في الحقيقة كل ما سبق هو نعمة وهبة منه، لا نأخذ منها شيئًا إلا بالصلاة... فكلما تكون واقفًا منتبهًا ناظرًا إليه مشتاقًا (مع فارق التشيبه الكبير) يرسل لك الكرة لكي تضعها في الجون... هو بيده (الكرة) النعمة والهبة، وإنما من يطلب! من يستعد! من يجاهد؟؟‼ * الصلاة هي سند لنوال العون الإلهى خلال الجهاد المستمر... * كلما تصلى أو تقرأ الكتاب يجدك العدو متسلحًا من رأسك إلى قدمك فيهرب منك. * الصوم والصلاة يطفئان لهيب النيران. * في هذه الآية يوضح الصلاة من أجل الغير علامة على شركتنا معهم وحبنا لهم ووحدتنا في الروح. لقد تحدثنا بنعمة ربنا وبصلواتكم من سفر أعمال الرسل عن: 1 - الله الطويل الروح. 2 - ما هو الإمتلاء بالروح. 3 - إنسكاب الروح. 4 - ماذا كان يقول الروح. 5 - لمن عطية الروح. ومن رسائل معلمنا بولس إكتشفنا أن كل رسالة لها هدف، فمثلًا: رسالته لرومية تتكلم عن السلوك بالروح، والرسالة الأولى لكورنثوس عن عمل الروح، والرسالة الثانية لكورنثوس عن عربون الروح، والرسالة لأهل غلاطية عن ثمر الروح، وهنا في رسالته لأفسس عن وحدانيه الروح. فصلوا لكي يكون لنا روح واحد، فكر واحد، إيمان واحد، معمودية واحدة، رب واحد، لكي نشعر به أنه هو: فوق الكل، ومع الكل، ويعمل بالكل، ويحرك الكل... لملكوت واحد... ليجمع المتفرقين إلى الواحد. |
|