غيره الفتى داود
ولكننا نريد هنا أن نتكلم عن غيرة داود وهو فتى، حينما حارب جليات:
نذكر هذا المثال، لأنه كان فتى صغيرًا، وليس من رجال الحرب. ولم يكن مسئولًا عن رد تعيير جليات. بل قد وبخه أخوه أليآب ضخمًا مخيفًا للجيش كله (1صم 17: 24). وما كان أحد يلوم الفتى داود إن لم يتطوع لمقاتلة جليات، بل الملك شاول نفسه تعجب لما قال داود" عبدك يذهب ويحارب هذا الفلسطيني". فأجابه الملك: لا تستطيع أن تذهب لتحاربه، لأنك غلام وهو رجل حرب منذ صباه (1صم 17: 32، 33).
ولكن داود دعته غيرته، فأراد أن يزيل العار عن صفوف الله الحي (1صم 17: 26).
الجيش كله يسمع تعيير الرجل دون أن يجرؤ على عمل شيء بل أن "جميع رجال إسرائيل لما رأوا الرجل هربوا منه وخافوا جدًا" (1صم 17: 24). ولكن داود لم يخف، كانت غيرته لا تعتمد على الذات، بل على الله.
إنها غيرة مؤمنة بعمل الله. لا تقف لتعرض ذاتها وعملها. إنها الغيرة التي تقول لعدو الله " أنت تأتى إلى بسيف وبرمح وبترس. وأنا آتى إليك باسم رب الجنود.. في هذا اليوم يحسبك الرب في يدي.. لأن الحرب للرب، وهو يدفعكم ليدنا" (1صم 17: 45-47).
إنها الغيرة التي لا تنتظر دعوة لكي تعمل..
إنها يدعوها قلبها الملتهب من الداخل، الذي لا يستطيع أن يقف صامتًا لا يتكلم. ولا يستطيع أن يقف جامدًا لا يتحرك. إن الأحداث تدفعه دفعًا، ولوفى الأمر خطورة. وهكذا تصرف فينحاس أيضًا.
كان هناك من هم أكبر من داود، ولم يتصرفوا.
ولكن الذي كان في قلبه كان أكبر بكثير مما كان في قلوبهم. كانت في قلبه غيرة، نار متقدة، مع إيمان، وعدم خوف. وبهذا الكنز الداخلى تقدم، وعمل الله فيه وبه.