رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لقس بيشوي فايق
يتساءل البعض قائلًا: لماذا يصب الرب يسوع اللعنات والويلات على الأمة الإسرائيلية التي سبق وبارك الكثيرين من آباء وملوك وأنبياء شعبها؟ وهل تخرج اللعنات من فم الرب القدوس، الذي علمنا أن نُبارك، ولا نَلعن؟ الإجابة: إن الدارس المدقق للكتاب المقدس لا يمكنه أن ينكر حقيقة وجود اللعنات والويلات التي سبق الله وصبها على الأشرار المعاندين من أمة اليهود، ويمكنه أن يتعرف بسهولة على وعود الله بالبركة لمن سيؤمن به من أمة اليهود. لقد كشف الرب يسوع المسيح في نبوة واحدة صريحة عن اللعنات التي ستحل بالمعاندين من شعب إسرائيل وأيضًا عن خلاص البقية التقية التي ستباركه في آخر الأيام قائلًا: "هُوَذَا بَيْتُكُمْ يُتْرَكُ لَكُمْ خَرَابًا! وَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ لاَ تَرَوْنَنِي حَتَّى يَأْتِيَ وَقْتٌ تَقُولُونَ فِيهِ: مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ!" (لو 13: 35). في النقاط التالية نشرح في أولًا مفاهيم ومصطلحات عامة عن البركة واللعنة، ثم ثانيًا نشرح مفاهيم البركة واللعنة في ضوء سفر التثنية، ثم ثالثًا نبين حق الله كديان عادل في مباركة الأتقياء، ولعن الأشرار المعاندين، وأخيرًا (رابعًا) نبين علاقة الوصايا الإلهية بالبركة: أولًا: مفاهيم ومعاني * الفعل بارك مَن يُبارك شخص ما يقوم بالدعاء، وتمني الخير له، وهي تعني ضمنيًا السرور والرضا بذلك الشخص. * الفعل لعن اللعن هو عكس المباركة، وهو تمني الشر لشخص ما بسبب الضيق منه. * مباركة الله تعني سرور الله بشخص أو شعب ما، ولكن الله عندما يبارك لا تقف بركته عند حد التمني، لأنه هو الغني الذي يغدق العطايا على من يسر به. * وصف شخص بأنه مبارك الشخص المبارك من قبل الله هو شخص رضا الله عليه، ولهذا يهبه خيراته ونعمه. * كلمة مبارك قليلون الذين وصفهم الوحي الإلهي بالقول مبارك، لأن ذلك يعني إعلان حكم إلهي نهائي مسبق (نبوءة) ومن أشهر الأمثلة على ذلك قول الكتاب عن العذراء القديسة على مريم: "فَدَخَلَ إِلَيْهَا الْمَلاَكُ وَقَالَ: سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا! اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ" (لو1: 28). لقد ورد هذا أيضًا في قول الرب المشهور: "بِهَا يُبَارِكُ رَبُّ الْجُنُودِ قَائِلًا: "مُبَارَكٌ شَعْبِي مِصْرُ، وَعَمَلُ يَدَيَّ أَشُّورُ، وَمِيرَاثِي إِسْرَائِيلُ" (إش19: 25). إن كلمة شعبي أو عمل يدي آشور أو ميراثي إشرائيل في النص السابق تعني أن البركات يعطيها الرب فقط لخاصته الذين يخضعون له، ويتكلون عليه، وهناك مثال آخر يؤكد هذا المعنى، وهو قول الوحي الإلهي: "عَزُّوا، عَزُّوا شَعْبِي، يَقُولُ إِلهُكُمْ" (إش40: 1). لم يعتبر الله إسرائيل شعبه عند مخالفتهم شريعته كقوله لموسى النبي: "فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: اذْهَبِ انْزِلْ. لأَنَّهُ قَدْ فَسَدَ شَعْبُكَ الَّذِي أَصْعَدْتَهُ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ. زَاغُوا سَرِيعًا عَنِ الطَّرِيقِ الَّذِي أَوْصَيْتُهُمْ بِهِ. صَنَعُوا لَهُمْ عِجْلًا مَسْبُوكًا، وَسَجَدُوا لَهُ وَذَبَحُوا لَهُ وَقَالُوا: هذِهِ آلِهَتُكَ يَا إِسْرَائِيلُ الَّتِي أَصْعَدَتْكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ" (خر32: 7- 8). نَخلصُ مما سبق بأن المباركين هم المؤمنون المخلصون لله إلى النهاية، أما من يرتد عن الله فهو غير مبارك لأنه ليس من شعب الله. * قول الله في آخر الأيام للمختارين: "مباركي أبي" (مت 25: 34) العبارة تعني من رضا الله عليهم، ووهبهم نعمه وبركاته الكثيرة بسبب طاعتهم لوصاياه وشرائعه. وهم الموعودون بالملك المُعَد لهم قبل تأسيس العالم، أما الأشرار المعاندين فيغضب عليهم، ولهذا يصفهم بالملاعين كقوله: "ثُمَّ يَقُولُ أَيْضًا لِلَّذِينَ عَنِ الْيَسَارِ: اذْهَبُوا عَنِّي يَا مَلاَعِينُ إِلَى النَّارِ الأَبَدِيَّةِ الْمُعَدَّةِ لإِبْلِيسَ وَمَلاَئِكَتِهِ" (مت25: 41). * معنى القول أن الله مُبًارك القول بأن الله مبارك هو إيمان وثقة باستحقاق الله للمجد والتسبيح والشكر والمدح، وذلك لعظمته وقداسته، ومن أشهر الأمثلة التي ورد بها هذا التعبير قول البقية التي ستخلص من إسرائيل في آخر الأيام: "لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ لاَ تَرَوْنَني مِنَ الآنَ حَتَّى تَقُولُوا: مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ!" (مت23: 39). وبالطبع في ذلك الزمان سيبارك الله شعبه إسرائيل، ويرضى عنهم. * كلمات مرادفة كلمة "طوبى" مرادفة في معناها لكلمة مبارك، وكلمة "الويل" تحمل نفس معنى الفعل لعن أي: أن الله غاضب على ذلك الشخص. * البركة أو البركات البركة هي هبة ونعمة مجانية يمنحها الله للإنسان الذي ينال رضاه، وهي تغني الإنسان، وتجنبه أتعاب وأوجاع ومشقات كثيرة تقابله في حياته (تسهل طرقه) كقول الكتاب: "بَرَكَةُ الرَّبِّ هِيَ تُغْنِي، وَلاَ يَزِيدُ مَعَهَا تَعَبًا" (أم10: 22). إن الإنسان في حاجة شديدة لبركات الله له، ولا يقدر أن يحيا بدونها، إنه حقًا كائن ضعيف محاط بالأتعاب في هذه الأرض التي تمتلئ بالكثير من المشقات نتيجة لعصيانه كقول الكتاب: "وَقَالَ لآدَمَ: لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِ امْرَأَتِكَ وَأَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ قَائِلًا: لاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، مَلْعُونَةٌ الأَرْضُ بِسَبَبِكَ. بِالتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ. وَشَوْكًا وَحَسَكًا تُنْبِتُ لَكَ، وَتَأْكُلُ عُشْبَ الْحَقْلِ" (تك3: 17- 18). * اللعنة أو اللعنات اللعنة هي ضياع الهبات والنعم المعطاة من الله للإنسان، وذلك نتيجة لبعد ورفض ومعاداة الإنسان لله، وهي تصف حالة الشقاء، وكثرة الأوجاع التي يعانيها من يغضب عليه الله بسبب كثرة شروره، وقد تمتد به إلى الهلاك الأبدي إن لم يتب كقول الكتاب: "تَكْثُرُ أَوْجَاعُهُمُ الَّذِينَ أَسْرَعُوا وَرَاءَ آخَرَ. لاَ أَسْكُبُ سَكَائِبَهُمْ مِنْ دَمٍ، وَلاَ أَذْكُرُ أَسْمَاءَهُمْ بِشَفَتَيَّ" (مز16: 4). |
|