رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الراهب القمص بطرس البراموسي + - فلنرجع إلى الله
في وسط هذا العالم والمليء بالظلمة وتيارات الخطية الجارفة والسعي المستمر السريع نحو الإباحية والانحلال.. يقف الإنسان بين مفترق طرق كثيرة... الطريق الضيق والطريق الواسع... الجهاد أم الراحة... السهر أم النوم.. الصوم أم الملاذ الجسدية... نقاوة الفكر أم تركة للعبث فيما لا يليق.. المحبة التي بلا حدود ولا مقابل أم بغضة من يعاديني ويقدم لي شرورًا... وهنا تقف أمام الإنسان أية محذرة له من كل ذلك تقول "توجد طريق تظهر للإنسان مستقيمة وعاقبتها طرق الموت" (أم 4: 12)، "انظر قد جعلت اليوم قدامك الحياة والخير والموت والشر.." (تث 30: 15)، ومع تقدم العلم والعالم أحاطت بالإنسان طرق كثيرة من الشر والخطية.. فنجدها في الشارع، الصحف، البيت، المواقع الإلكترونية، والمجتمع الذي يثبت الفساد في جوانبه، فأصبح الإنسان تائها وسط هذا العالم المليء بالصخب والانحرافات... لقد اجتاح العالم الآن تيارًا من التسيب والتساهل مع كل فعل شرير ومغضب لله فانتشرت به الانحرافات الأخلاقية والدينية والاجتماعية وعليه زاد تيار الجرائم بكل صورها (سرقة - قتل - هتك عرض - إدمان - تزوير...) وكل هذه الصور البشعة أصبحت تمارس بدون رحمة أو تروى أو احترام لآدمية الإنسان.. كل هذا بسبب عدم إدراك خطورة هذا السلوك أو تقدير حجم الخطية تقديرًا حقيقيًا. * فالخطية التي قد نستخف بها أو نفعلها بعدم إدراك لخطورتها وما سوف ينتج عنها هي تعد على الله وتمرد عليه بل تعبير عن رفض الإنسان للحياة مع الله لأن كل خطية يرتكبها الإنسان هو تمرد على الله أيا كانت هذه الخطية "لأن الذي قال "لا تزن" قال أيضًا "لا تقتل" فإن لم تزن ولكن قتلت، فقد صِرت متعديًا الناموس" (يع 2: 11)، ولان الخطية تؤدى إلى موت الإنسان روحيًا، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى... فقد يكون في الظاهر إنسانًا حيًا بالجسد، ولكنه مائت روحيًا... إذن فالرجوع إلى الله بالتوبة يعتبر حياة من موت... ورجوع من طريق الضلال إلى حضن الآب السماوي وهذا ما قاله السيد المسيح عن الابن الذي تمرد على أبوه "ولكن كان ينبغي أن نفرح ونسر لأن أخاك هذا كان ميتا فعاش وكان ضالًا فَوُجِدَ" (لو 15: 32). * فإذا كانت الخطية هي ضعف للشخصية وانهزام وفشل أمامها، وأيضًا تؤدى إلى الفشل في الحياة نفسها إذا فالامتناع عن الخطية أو الرجوع لله بالتوبة وانسحاق القلب هو أكبر تعبير عن قوة الشخصية ورجوع الحياة لمن ماتت روحه. * وإذا كانت الخطية تفقد الإنسان سلامه الداخلي وتورثه القلق المستمر... إذا فالتوبة تعيد للإنسان استقراره وسلامه وتوطد علاقته الطيبة بالله، فلا توجد كارثة في حياة الإنسان تستطيع أن تنزع سلامه منه مثل الخطية ولا مصيبة أشد هؤلاء وتأثيرا في حياته سوى الوقوع في شباك الخطية والتلذذ بها. * فالإنسان الذي يحيا في سلام لا تستطيع كل الكوارث أن تزعجه أو تقلقه، فيكون مثل أيوب الصديق الذي عاش في كل تجاربه واثق في عمل الله في حياته... * إذًا، فلنرجع إلى الله أيها الأحباء بكل قلوبنا ونقدم له توبة صادقة على كل ما صدر منا سواء بمعرفة أو غير معرفة ونسمع صوت الرب القائل "ارجعوا إلى يقول رب الجنود فأرجع إليكم يقول رب الجنود" (زك 1: 3). |
|