رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
خيال خصب كان خصب الخيال، إذا تحدث عن أيوب البار يقول(38): "امرأته الشريرة لم تستطع أن تهز هذا البرج، ولا أن تحطم هذا التمثال، ولا أن تغلب هذه الصخرة، ولا أن تقتلع هذه الشجرة أو تحطم هذه السفينة". وفي وصفه للكنيسة بعد خروجه إلى المنفى يقول لشماسته(39): "لماذا أنت حزينة ومكتئبة؟ هل بسبب العاصفة الشديدة المحزنة التي تجتاح الكنيسة، والتي عكست سوادًا على كل شيء كما في ليلة غير قمرية. تمتد حتى النهاية كل يوم، وتتمخض لكي تنجب خرابًا ودمارًا متزايدًا؟!... هوذا البحر يجيش من أعماق أعماقه، والبحارة قد صار بعضهم جثثًا ميتة تطفو على الأمواج، والآخرون ابتلعتهم الأمواج. دعامات السفن قد تحطمت، والشراعات قد تمزقت كخرق بالية، وصواري السفن قد نزعت تمامًا، والمقاذيف قد فلتت من أيدي البحارة. المرشدون الجالسون على ظهر السفينة يخبطون بأيديهم على ركبهم عوض إمساكهم بالدفة، يندبون يأسهم مع صرخات مدوية عالية ونحيب مر. السماء والبحر لا يريدان أن يظهرا واضحين، بل صار الكل ظلامًا حالكًا لا تميز فيه شيئًا، لا يرى أحد قريبه، بل يسمع ضجيج أمواج عالية، وأهوال البحر تجتاح البحارة من كل جانب!...!". لم يكن القديس يوحنا مجرد بليغ أو كاتب يعرف كيف يعرض أفكاره في بلاغة وفصاحة مع خيال متسع، إنما حمل مشاعر صادقة، يتكلم ويكتب من واقع قلبه وأحاسيسه، لهذا يعلن: "أن تنميق الكلام لا يليق بالفلاسفة ولا حتى بالرجال إنما هو لعبة صبيان يلهون(40)". |
|