رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يونان النبي
يونان يذهب إلى نينوى، ولكن... أصدر الله ليونان نفس الآمر القديم " قم اذهب إلى نينوى..". وفي هذه المرة لم يهرب من وجه الرب، بل "قام وذهب إلى نينوى حسب أمر الرب". وتم الآمر في هدوء: الله لم يعاتب، ويونان لم يعارض.. ولعل هذا الآمر يحتاج منا إلى وقفة تأمل... الله لم يغضب من موقف يونان، بحيث يحرمه من الخدمة، أو يسقطه من درجة النبوة إلى درجة المؤمن العادي أو يبحث عن غيرة ليرسله.. والله أيضًا لم يعاتبه، يكفيه ما حدث له. كان درسا عمليا، لا يحتاج إلى مزيد من الكلام الذي يجرح النفس في تبكيت وتعنيف وتعيير بالخطأ السابق. كلا إن هذه ليست طريقة الله، بل الله يحافظ على إحساسات أولاده. يتركهم ليشعروا بأخطائهم دون أن يعيرهم بها.. أما يونان فقد تلقى درسًا، فأطاع... ولكن أتراها كانت طاعة عن اقتناع ورضى أم هي مجرد خضوع؟ هوذا أنت ذاهب يا يونان إلى نينوى.. فماذا عن العوائق السابقة التي كانت تمنعك في المرة الأولى؟ ماذا عن كرامتك؟ وماذا عن كلمتك التي ستقولها ثم لا ينفذها الرب، إذ تتوب المدينة ويرجع الرب عن تهديده لها؟ هل فكرت في كل ذلك، وهل مات الوحش التي في أحشائك، وحش الكرامة والاعتزاز بالكلمة؟ في هذه المرة كان يونان سيطيع، وكفى. كان سيطيع من الخارج، أما من الداخل فما تزال كرامته لها أهمية عنده سيضغط على نفسه من أجل الطاعة. وسينتظر ماذا سيفعل الرب. في هذه المرة تقابل مع الله في منتصف الطريق. كانت محبة الكرامة ما تزال تتعبه، ولكنه أطاع خوفا من التأديب، وليس عن أيمان وتواضع. كان ينفذ أمر الله، بالخوف، مع تذمر في القلب من الداخل سيظهر في حينه. كان يسير بالعصا وليس بالنعمة. وقد قبل منه الله هذا الوضع كمجرد تدرج، ريثما سيواصله إلى الطاعة الصادرة عن اقتناع، المؤمنة بحكمة الله وحسن تدبيره.. |
|