رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تأملات في صلوات الأجبية تحليل الغروب بقلم قداسة البابا شنودة الثالث نشكرك يا ملكنا المتحنن لأنك منحتنا أن نعبر هذا اليوم بسلام وأتيت بنا إلي المساء شاكرين .وجعلتنا مستحقين أن ننظر النور إلي المساء اللهم اقبل تمجيدنا هذا الذي صار الآن ونجنا من حيل المضاد وأبطل سائر فخاخه المنصوبة لنا ,وهب لنا في هذه الليلة المقبلة سلامة بغير ألم ولاقلق ولا تعب,ولاخيال لنجتازها أيضا بسلام وعفاف,وننهض للتسابيح والصلوات.كل حين وفي كل مكان.نمجد اسمك القدوس في كل شيء مع الآب غير المدرك ولابداية له والروح القدس المحيي المساوي لك الآن وكل أوان وإلي دهر الدهور,آمين. نشكرك: حسن أن نبدأ صلواتنا بالشكر,وننهي اليوم أيضا بالشكر فصلواتنا لايصح أن تقتصر علي الطلب. وإن تأملنا حياتنا ,نجد أشياء كثيرة يلزمنا أن نشكر عليها.إحسانات الله لايمكننا أن نحصيها ..كل عمل الله معنا طوال النهار ياليتنا نجمع كل هذا من ذاكرتنا ونشكر الله عليه,ليس فقط في كلمة إجمالية مثل عبارة نشكرك,إنما نذكر كل شيء بالتفصيل.. بل ليس فقط إحسانات الله إلي أشخاصنا فقط,إنما أيضا إلي كل أصحابنا ومعارفنا وإلي كل أعضاء الكنيسة وكل أبناء الوطن متذكرين قول أحد الآباء:ليست موهبة بلا زيادة إلا التيبلا شكرنقول: نشكرك يا مليكنا المتحنن.. نتذكر هنا أن الله ملك علينا.هو يملكنا جميعا لأنه خلقنا ولأنه فدانا واشترانا بدمه الكريم1كو6:20. وإذ هو مليكنا ينبغي أن يملك علينا,علي قلوبنا وأفكارنا وحواسنا وكل ما لنا ولا يصح أن ندعوه ملكا,دون أن نسلمه ملكه فإن قلنا له يا مليكنا يليق بنا أن نخجل إن كان شيء فينا يتمرد علي ملكه. ونحن لانقول له هنا فقط يا مليكنا إنما نقول بعدهالمتحننلأنه يباشر ملكه بكل حنان فإن أخطأنا لايعاملنا حسب خطايانا,ولايجازنا حسب آثامنا مز103:10لأنه بحنانه العميق يشفق علينا كأطفال صغاريعرف طبيعتنا يذكرنا أننا تراب نحنمز103:14. إن الله له صفات كثيرة ولكننا نركز هنا علي حنانه. والحنان هو أرق ما في الحب,ويتصف به القلب الكبير في تعامله مع الصغير,مثلما نقول حنان الأم علي رضيعها...إن الذين يفتقرون إلي الحنان ولايجدونه عند أب أو أم,ولا عند الأقرباء والأصدقاء,ليس أمامهم سوي الله,الذي هو مصدر كل حنان,وحنانه هو أعمق وأصدق من كل حنان آخر حتي إن وجدوا حنانا من مصادر أخري,فحنان الله متميز,وهو حنان روحي. وحينما نذكر حنان الله في صلواتنا,ينبغي أن نأخذ منه درسا في معاملاتنا. فنتعلم كيف يكون لنا الحنو والحب والإشفاق في تعاملنا مع الآخرين وإن كانت لنا سلطة علي أحد بحسب السن أو المركز,لانمارسها في سيطرة أو تجبر وإنما في حنو إن أخطأ أحد إلينا لانقابل ذلك بعنف وإنما بحنو,ذلك لأننا خلقنا علي صورة هذا الإله المتحنن. إنه أمر عجيب أن تعجب بحنان الله,وأنت نفسك خال من الحنان! إننا نشكرك يا مليكنا المتحنن لأنك لم تعاملنا بالعدل المطلق الذي يمكنه أن يجازي علي كل عمل وكل فكر وكل نية إذن كنا نهلك,وكان يمكن أن تفنينا وتريح العالم من خطايانا ومن تكاسلنا.. لهذا إن كنت سائرا في الطريق أو كنت في بيتك ونظرت إلي السماء ورأيت الشمس تميل إلي الغروب,ارفع نظرك إلي فوق وقل:نشكرك يامليكنا المتحنن لأنك منحتنا أن نعبر هذا اليوم بسلام وأتيت بنا إلي المساء شاكرين منحتنا أن نعبر هذا اليوم بسلام: حقا إنها منحة من الله أن نبقي أحياء وسالمين حتي هذه الساعة وأن يمر هذا اليوم بخير...كان يمكن أن تحدث أمور كثيرة مضادة,ولكن الله ستر.حياتنا كانت في يديه وهو حفظها لنا من كل خطر ومن كل ضرر.. فإن كنا قد بقينا سالمين فهل بقيت وصايا الله سالمة علي أيدينا؟ أم أننا نطلب من الله السلامة ولانحفظ وصاياه سالمة ولانعامل غيرنا بما يحفظه سالما..؟!إن كنا لم نجعل هذا اليوم يعبر بسلام علي شخص ما بسببنا, فما أشد خجلنا حينما نقول لله:منحتنا أن نعبر هذا اليوم بسلام!! وإن كنت وأنت تصلي شعرت أن اليوم لم يعبر بسلام... فاعرف أن هذا كان بسبب خطاياك..وأن الأمر كان من الممكن أن يسوء بالأكثر لولا ستر الله عليك...وربما ما حدث كان مجرد درس من الله لك لكي تغير أسلوبك وسلوكك..لذلك إن كان اليوم قد عبر بسلام كامل أو بسلام نسبي, فلنشكر الله علي ذلك ونقول له:أتيت بنا إلي المساء شاكرينوإذ نذكر إن سلامتنا باستمرار هي منحة من الله... فليكن شكرنا هذا درسا في أن نبعد عن التذمر. لأن كثيرا من الناس كلما يحدث شيء لايرضيهم,يتضجرون وقد يتلفظون بكلمات لاتليق ولا يقولون مثلما قال أيوب الصديق:هل الخير من الله نقبل,والشرأي الضيقاتلانقبل؟!أي2:10فليكن اسم الرب مباركاأي1:21. ما أجمل قول الكتابشاكرين في كل حين علي كل شيءأف5:20وهنا نقول للرب وقت الغروب. جعلتنا مستحقين أن ننظر النور إلي المساء: إن هذه العبارة تجعلنا نشعر أن حياتنا ليست حقا لنا.إنما الله من تحننه جعلنا مستحقين أن ننظر النور,طوال اليوم,حتي المساء.إذن هذه منحة وليست حقا,وعلينا أن نمجد الله علي حنوه هذا فنقول: اقبل تمجيدنا هذا الذي صار الآن: إن التمجيد عنصر مهم في الصلاة,ينبغي ألا ننساه.بل إننا غالبا ما نبدأ الصلاة بقولنا :المجد للآب والابن والروح القدس .وهذا ما نقوله فيذكصابتري كي أيوو كي أجيو أبنفماتيوما نقوله في قطع صلاة نصف الليل:المجد لك يا محب البشروما نختم به صلواتنا إذ نقوللأن لك المجد والقوة..الآن وكل أوانونصلي هذا باستمرار في تسبحة البصخة:لك القوة والمجد والبركة والعزة..والتمجيد كان أول ماقاله الأربعة والعشرون قسيسا في سفر الرؤيا,وكذلك كان من تسبيح الأربعة كائنات غير المتجسدينمستحق أيها الرب أن تأخذ المجد والكرامة..رؤ4:9,11. ينبغي إذن أن نعطي المجد لله باستمرار نمجده علي صفاته الجميلة وفي كل ما يحيط به من عظمة وسمو,إن كنا في الكنيسة نقدم تمجيدات كثيرة للقديسين, فكم بالأولي لله الذي له المجد بطبيعته,ونحن لانعطيه تمجيدا إنما نعترف بمجده... ونحن نطلب إلي الله أن يقبل تمجيدنا. كما نطلب إليه أن يقبل صلواتنا..لأن هناك صلوات غير مقبولة وتماجيد غير مقبولة لذلك يقول داود النبي في صلواته لتدخل طلبتي إلي حضرتك..مز119:169. إنها صلاة جميلة أن نطلب من الله أن يقبل صلواتنا. فهناك صلوات لاتصعد إلي فوق,وصلوات من قلوب غير نقية,لايقبلها الله كما قيل في الكتاب:ذبيحة الأشرار مكرهة للربأم 15:8وكما قال الرب لليهود الخطاة حين تبسطون أيديكم,استر وجهي عنكم وإن أكثرتم الصلاة لا أسمع أيديكم ملآنة دماإش1:15. إذن من المفروض أن نعمل ما يجعل صلواتنا مقبولة. فتكون أولا حسب مشيئة الله,ولاتكون برياء كالذين لعلة يطيلون صلواتهم لو20:47أو الذين يكررون الكلام باطلا كالأمممت6:7أو الذين يصلون بشفاههم والله بعيد عن قلوبهممت15:8إش29:13. فإن أردنا أن يقبل الله صلواتنا,فلتكن صلواتنا من عمق القلب,وبإيمان وحرارة وانسحاق ولتكن صلوات بفهم وتركيز. هناك صلوات تصعد إلي السماء,كأنها سهام نارية. تصعد كأنها رائحة بخور صلوات ما أن يرفعها صاحبها حتي يأخذها الأربعة والعشرون قسيسا في مجامرهم الذهبية ويصعدون بها إلي عرش الله صلوات ما أن يبدأ الإنسان فيها حتي يحس بالاستجابة قبل أن يكمل كما كان يفعل داودمز3-مز6صلوات تقتدر كثيرا في فعلها. إنها صلوات مقبولة,لأنها تصدر عن حياة مقبولة. ومن علاقة مقبولة مع الله,كلمة خطيرة قالها الرب لصموئيل النبي عن شاول الملك:لماذا تنوح علي شاول,وأنا قد رفضته؟!1صم16:1شاول هذا لم تكن صلواته فقط مرفوضة,وإنما هو كله كان مرفوضا من الله,بل لعل الصلاة المرفوضة لها مثال من بدء الخليقة منذ رفض الله تقدمة قايينتك4. إن الأب الكاهن-في صلاة نصف الليل-يطلب من الله أن يقبل صلوات عبيده وصومهم ونذورهم وعشورهم وبكورهم وقرابينهم. إذن قبل أن تقول:هل أعطي العشور والنذور أم لا أعطي,اسأل نفسك بالحري هل يقبل الله عشوري ونذوري أم لايقبل؟! في العصور المسيحية الأولي لم تكن الكنيسة تقبل كل العطايا المقدمة إليها ,لأن تقدمات كثيرة كانت مرفوضة عملاص بقول الكتاب:ذبيحة الأشرار مكرهة للربأو قول المزمور:زيت الخاطيء لايدهن رأسيمز141. إذن فلنطلب من الله أن يقبل صلواتنا وتمجيدنا ويقبل عطايانا وتقدماتنا كما يقول الأب الكاهن في أوشية القرابين :اقبلها إليك علي مذبحك الناطق السمائي رائحة بخور تصعد إلي عظمتك التي في السموات.نقول:اقبل تمجيدنا هذا,ونجنا من حيل المضاد نجنا منحيل المضاد: إن كان هذا النهار قد عبر بسلام,ولكننا مع ذلك لانضمن محاربات العدو في باقي اليوم لذلك نجنا من حيل المضاد.هنا وليعذرني القاريء العزيز لأنني بعد أن ألقيت هذه التأملات في السبعينيات أخذت هذا الجزء الخاص بحيل المضاد وتوسعت فيه وأصدرت عنه كتابا خاصا أسميناهحروب الشياطينيمكنك أن ترجع إليه لتأخذ فكرة عن حيل المضاد..أما الآن فيكفي أن نقول: إن حيل المضاد كثيرة,ونحتاج إلي الله لكي ينجينا منها.ولعل هذا جزء من الصلاة الربانية التي نرددها كل يوم قائلين فيها:لكن نجنا من الشريرونضيف عليها هناوأبطل سائر فخاخه المنصوبة لنا.نحن نعلم أن الشيطان لايحب أن يترك الإنسان في راحة وأنه لايتعب من الجولان في الأرض والتمشي فيهاأي1:7أي2:2وأن عدونا هذامثل أسد يزأر,يجول ملتمسا من يبتلعه هو1بط5:8والكتاب يقول إن مصارعتنا ليست مع لحم ودم..بل مع أجناد الشر الروحيةأف6:12. والشيطان ليس له أسلوب واحد بل طرق عديدة من الحيل والخداع. نجح في استخدام بعضها مع أبوينا الأولين آدم وحواء فخدعهما وأضلهما وظل في استخدام الخداع طوال الأجيال حتي في محاربة القديسين لذلك نطلب إليك يارب أن تبطل فخاخة المنصوبة لنا,كما كان داود النبي وأصحابه يصلون قائلين:أبطل يارب مشورة أخيتوفل1صم15:31. فخاخ الشياطين كثيرة الله هو الذي ينجي منها كما قال المرتل في المزمور:نجت أنفسنا مثل العصفور من فخ الصيادين الفخ انكسر ونحن نجونا عوننا باسم الرب الذي صنع السماء والأرضمز123. إلي جوار هذا ينبغي أن يكون للمصلي مرشد روحي خبير بحيل الشياطين والنجاة منها. مثلما قال القديس بولس الرسول عن الشيطان:لأننا لانجهل أفكاره2كو2:11وكما وضع مارأوغريس كتابا عن حرب الأفكار والرد عليها بآيات وكما كتب يوحنا كاسيان وغيره عن الثمانية أفكار المحاربة للنفس..ولكنني حدثتك في كتابحروب الشياطينعن 25 حيلة من حروب الشياطين وذكرنا وسائل الهروب منها واحدة فواحدة مع النجاة منها بوجه عام..وعلي كل أنت نفسك ربما تدري ما هي حيل المضاد بالنسبة إليك من واقع ما حدث لك في الماضي اطلب من الله أن ينجيك من حروب الشياطين لك بالذات. إن فخاخ الشياطين كانت منصوبة حتي للقديسين. قال القديس الأنبا أنطونيوس:أبصرت فخاخ الشيطان مبسوطة علي الأرض كلها فقلت يارب من يفلت منها فأجابني الصوت:المتواضعون يفلتون منها...لذلك كن متواضعا صل واطلب معونة من الرب واهرب بكل قوتك من أسباب الخطية وقاوم حتي الدم مجاهدا ضد الخطية عب12:4 نقول بعد ذلك في تحليل الغروب: وهب لنا في هذه الليلة المقبلة سلامة.. سلامة بغير ألم ولاقلق ولاتعب ولا خيال لنجتازها أيضا بسلام وعفاف وننهض للتسابيح والصلوات... إن المصلي هنا يطلب من الله أن يحفظه من الليل وأخطائه فكثيرا ما يكون الليل مجالا للهو والعبث والنجاسة وهكذا أخذت النوادي الليليةNight Clubs شهرة رديئة وكل هذا يحتاج إلي نجدة من الله بل يحتاج أن يكون القلب مستعدا في الليل للعمل الإلهي كما قال أحد الآباء:إن الليل مفروز لعمل الصلاة وكما قيل في المزمور:في الليالي ارفعوا أيديكم أيها القديسون وباركوا الربمز133وكما كان داود النبي يقول:في نصف الليل نهضت لأشكرك علي أحكام عدلكسبقت عيناي وقت السحر لأتلو في جميع أقوالك. إن المصلي-في تحليل الغروب يطلب أن تمر الليلة بسلام. ينجيه الرب من كل ألم وقلق وتعب وخيال لأن البعض قد لايستطيعون النوم بسبب الأرق وضغط الأفكار أو بسبب المرض والألم والتعب. كذلك يطلب أن ينجيه الرب من الأحلام الخاطئة بالليل. التي كانت مركزة في العقل الباطن من أفكار وصور ورغبات وتخرج في الليل علي هيئة أحلام وخيال وقد يعذر أحدهم نفسه بأنه لاذنب له في أحلام الليل لأنها ليست بإرادته ولكننا نقول إنها هنا بسبب إرادة سابقة ركزتها في العقل الباطن علي كل هو هنا يطلب أن ينجيه الرب منها ويمحو من الذاكرة ما ترسب فيها من أخطاء ويمحو الأفكار الموجودة في القلب وفي الذهن من الداخل... وذلك لكي نجتاز الليل بسلام وعفاف. جميل أن نصلي من أجل طهارة الليل كما نصلي من أجل طهارة النهار وأن تكون قلوبنا نقية أثناء نومنا كما في أثناء صحونا. وكلما كان ليلنا طاهرا ننهض للتسابيح والصلوات. إننا نذكر أنفسنا بأن نقوم من النوم للتسابيح والصلوات.والكنيسة المقدسة تجعل التسبحةمن الأبصلموديةبعد صلوات نصف الليل وقبل صلاة باكر ولكي يكون اليوم مقدسا كله وهنا يقول عن التسابيح والصلوات: كل حين وفي كل مكان: سواء كانت التسابيح في المنزل أو في الكنيسة أو كان يرتلها في أي مكان ليمجد اسم الرب القدوس في كل شيء ممجدا الثالوث القدوس الآب والابن والروح القدس ,الآن وكل أوان وإلي دهر الدهور آمين. |
|