إن الناس يؤمنون بالخلود من أجل هذه الحقائق المحسوسة وهي عدم كمال الحياة الحاضرة، ولأنهم يلاحظون أن الأخلاق تنمو غالباً حتى بعد أن تأخذ القوى العقلية في الهبوط، بل من صراخ القلوب ونزوعها إلى العطف والحب (لأن المحبة أعظم من الموت). نرى أن شيئاً في داخلنا يردد صدى صوت العالم الأسمى وهكذا تجذب النفوس دون مقاومة في هذا الطريق الوحيد لمقامها الأبدي. إن كل الأشياء تتجه إلى قلب الله لأنه أصلها وهو أيضاً نهايتها. قال باستير العالم الشهير: إن الذي يعلن وجود الكائن غير المحدود- ومن يستطيع أن ينكره- إنما يجمع في ذلك الإعلان الواحد مما هو فائق الطبيعة أكثر من جميع المعجزات الواردة في جميع الديانات، لأن تصور غير المحدود يوجد صفة مزدوجة فيستولي علينا عنوة ومع ذلك يظل غير مدرك. وعندما يملأ هذا التصور إفهامنا لا نستطيع سوى السجود لذاته العلية والإقرار بها. وإني أرى في كل مكان في العالم دلائل غير المحدود وبه أرى أن الفائق الطبيعة هو في قرارة كل قلب". والعلم يتكلم عن الفضاء غير المحدود والزمن غير المحدود والأعداد غير المحدودة والحياة والحركة غير المحدودتين لأن الله "جعل الأبدية في قلبهم" (جا3: 11).
ليس الموت أكثر عمومية من اشتياق النفس البشرية للحياة الكاملة مثل التي أنارها المسيح بقيامته المجيدة وصعوده العجيب.