رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الابن هو من نفس ذات جوهر الآب
إيماننا المستقيم الابن في الآب ومن الآب، ليس كمن يأتي من الخارج في الزمان، وليس هو من جوهر آخر أو من طبع آخر، بل هو من ذات جوهر الآب ومساوي له بالتمام بدون أي نقص أو ازدياد، وليس هو ثاني في الجوهر الواحد ولا الآب أول في الجوهر الواحد، بل لا يوجد أول ولا ثاني في الجوهر الواحد ولا سابق ولا لاحق، بل تعبير أقنوم أول وثاني هو تعبير بشري من جهة الإعلان في ملئ الزمان من حيث معرفتنا نحن وليس من حيث طبيعة الله في جوهره ... فالابن هو من نفس ذات جوهر الآب يشع مثل شعاع الشمس أو صدور الحرارة من النار، وهذه الأمثلة لا نعنيها حرفياً، بل هي أمثله تعني أن نرى كيف يولد أو يصدر الابن من الآب، وفي نفس الوقت لا يصدر متأخراً أو بعد زمن، أو أن تكون له طبيعة مختلفة، بل مثلما يصدر النور من الشمس تلقائياً وفي نفس الوقت من شروقها، ويظل كائناً مع الشمس لا ينفصل عنها، بل مستحيل أن يوجد نور بلا شمس أو شمس بلا نور تشعه من داخلها. ولا توجد نار بلا حرارة، ولا حرارة بلا نار؛ فالانفصال يعني أن يفقد شيئان معاً الطبيعة التي تُميزهما، فكيف تُصبح الشمس بلا أشعة، أو شمس بلا نور، أو نار بلا حرارة !!! وكما أن الشمس مستحيل أن تبقى بلا نور، أو النار بلا حرارة، فوجود النور في الشمس أو الحرارة في النار أمراً ضرورياً لا انفصال فيه، بل تظل دائماً بمصدرها وتحتفظ بطبيعة المصدر. هكذا الأمر مع الآب والابن والروح القدس، لأننا نؤمن ونقول أن الابن في الآب ومن الآب ولهما معاً الروح الواحد عينه (فالروح القدس، هو روح الابن كما انه هو عينه روح الآب). وهذا يعني أن الابن الوحيد، المسيح الرب، ليس كائناً غريباً أو جاء في الترتيب بعد الآب، بل هو فيه ومعه دائماً بلا انفصال أزلاً ولا أبداً، ويُشرق منه دائماً حسب الميلاد الأزلي غير المُدرك أو المفحوص ... + وهناك من يقول – في شرح الثالوث القدوس – بجهلٍ شديد أن الآب والابن والروح القدس غير متميزين إلا في الأسماء فقط، وانه ليس في الثالوث القدوس أقانيم، مع أن الكتاب المقدس صراحة يقول " والكلمة كان عند الله " أي أن الابن أقنوم آخر غير أقنوم الآب الذي معه الكلمة ... وبالرغم من أن الابن في الآب والآب في الابن، وهو مثل الآب الذي ولده أزلاً، مثله تماماً في كل شيء، ويُعلن الآب في ذاته بلا نقص، إلا أن هذا لا يعني أن الابن فقد أقنومه المتميز، ولا الآب فقد أقنومه الخاص به. فالتماثل التام بين الأقانيم لا يعني اختلاط الأقانيم، حتى أن الآب الذي منه يولد الابن أزلاً يصبح بعد ذلك ابناً، أو الروح القدس يصبح بعد ذلك آب، فالتماثل التام والمساواة بين الأقانيم لا يعني اختلاط الأقانيم أو تبادلهم. ولكن الطبيعة الإلهية الواحدة نفسها هي للأقانيم، مع تمايز كل منهما، حتى أن الآب هو الآب، والابن هو الابن، والروح القدس معهما إلهاً مثل الآب والابن، هذا هو كمال الثالوث القدوس المعبود، ولا ينبغي أن يتطرق للذهن قمية جمع الثالوث، 1+1+1= 3، لأن صيغة الجمع لا تنطبق على الله لأن الله ليس 3 عددياً، كما أن وحدته لا تساوي رقم واحد، لأن الله فوق الأرقام والأعداد، وطبيعته ليس لها مثيل لنقارنه به، وغير خاضع للزمن أو لرقم . وقد قال المخلَّص: " أنا والآب واحد " ( يو 10: 30 ) مؤكداً أن له كيان خاص متميز عن كيان الآب، كما أن الآب له كيان خاص متميز عن الابن، وإذا لم يكن هذا هو الحق الواضح، فلماذا قال " أنا والآب " ولم يكتفِ بكلمة ( واحد )، لأن " أنا والآب " لا يُمكن أن تعني أنهما أقنوم واحد، بل واحد في الجوهر. والإنجيل لا يقول فقط " بأن الكلمة كان عند الله " بل وكان الكلمة الله " وذلك لكي يعلن وجوده مع الله وتمايزه عن الآب وأنه أقنوم آخر غير أقنوم الآب وأقنوم الروح القدس، ولكن في نفس الوقت هو الله ومن نفس ذات الجوهر الواحد الذي للآب والروح القدس بالطبع، فهو بالطبيعة إله من إله، نور من نور، لأنه من الغير معقول أن يكون اللاهوت واحداً ولا يكون هناك تماثل تام في الصفات الإلهية بين الأقانيم أو أن لا تكون الأقانيم متساوية تساوي مطلق. لذلك يقول عن الابن أنه " كان الله " ولم يقل أنه يُصبح في وقت معين، بل كان دائماً وأزلياً الله ... لأن ما يحدث في الزمان أو ما ليس له وجود ثم يوجد بعد ذلك ويُصبح الله ويصير أزلي، فهذا لا يمكن أن يكون إله بالطبيعة !!! لأن ما يُستحدث يصير خاضعاً لقانون البشر، والله لا يُمكن الاستحداث فيه أو يطرأ عليه أمراً جديداً، لأنه الكائن الأزلي حياته من ذاته ولا تُستمد من آخر، متحرراً من الضرورة ولا يعوزه شيئاً على الإطلاق، وليس معنى أن الابن اتخذ جسداً أنه تغير عن كينونته الله، أو خضع لشيء جديد آخر، لأن هذا الاتحاد هو اتحاداً سرياً فائقاً بلا اختلاط ولا امتزاج أو تغيير، وهذ لا يُمكن إدراكة بأي مقارنة أو فكر لأنه لم ولن توجد حاله مشابهه لذلك قط، في كون الله الكلمة يتخذ جسداً ... فالله الكلمة كائن منذ الأزل (( في البدء ( الأرخي = άρχη = الأزل ) كان الكلمة )) ومساوي للآب في الجوهر لأنه هو الله. ________________________________
|
|