رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فسأل داود من الرب قائلاً: إذا لحقت هؤلاء الغُزاة فهل أدركهم. فقال له: الحقهم فإنك تُدرك وتُنقذ ( 1صم 30: 8 ) لقد تعوَّد داود كل أيام حياته أن ينتظر الرب، وبذلك كان يهدئ من حدة نفسه، ويوقف تزاحم الأفكار الهائجة في عقله حتى يأتي الوقت الذي فيه تُكشف أغراض الله ومقاصده. وكما أن الطفل لا يجرؤ أن يخطو خطوة واحدة وحده ، وكما أن السائح في أرض غريبة يعتمد كل الاعتماد على مرشده ، كذلك كان داود يرفع نفسه لطلب الإرشاد الذي لا يستطيع أن يمنحه أحد إلا الله، لأن المستقبل مكشوف أمامه كالماضي، ولأنه لا يخفى ولا يعسر عليه أي أمر. وهذا ليس بجديد؛ فعند خروج بني إسرائيل من مصر كان الرب يرشدهم ويقودهم وسط الصحراء بعمود السحاب وعمود النار، وبعد أن استقروا في أرضهم، حل محلها الأوريم والتميم، وبعد ذلك بطلت تلك الطريقة التي كانت تُستخدم لمعرفة إرادة الله، وتكلم الأنبياء مسوقين من الروح القدس، وهؤلاء ـ حتى في أيام الكنيسة الأولى ـ لعبوا دوراً هاماً في إرشاد شعب الله إلى طريقه. ولكن أصوات الأنبياء صمتت بعد انتهاء العصر الرسولي. ومن أين ننال نحن الإرشاد؟! هل يُترك الأتقياء دون وسيلة يسألون بها الله، وينالون إرشاده الصريح في الأمور الغامضة التي تُعرض لهم على الدوام؟ كلا بالطبع. لأنه عندما نكون في ريبة أو صعوبة، عندما نسمع أصواتاً كثيرة تطلب منا الاتجاه نحو هذه الطريق أو تلك ، عندما تقدم لنا حكمتنا البشرية نصيحة، ويقدم لنا الإيمان نصيحة أخرى، عندئذ لنصمت، ولنبعد كل متطفل، ولنهدئ أنفسنا في حضرة الله في صمت ورهبة حتى نجد جواباً صريحاً، مُبيّناً لنا إرادته بكل وضوح. عزيزي ... هل أنت في شك من طريقك؟ اذهب إلى الله بسؤالك، واطلب الإرشاد من نور ابتسامته (إجابته بالإيجاب) أو من ظلام رفضه (إجابته سلباً) إن استطعت أن تختلي بالله حيث لا تستطيع أن تنفذ إليه ظلمات أو أنوار الأرض، وحيث لا تستطيع أن تتحكم فيك إرادتك الشخصية، وحيث لا تستطيع أن تصل إليك أفكار بشرية، وإن استطعت أن تبقى صامتاً ومنتظراً، ولو كان كل ما حولك يتطلب قراراً سريعاً، وعملاً عاجلاً، عندئذ تتبين لك إرادة الله جلية واضحة ، فهو "عظيم في المشورة وقادر في العمل" ( إر 32: 19 ). |
|