رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||
|
|||||||||
يوميات شهر اذار، شهر مار يوسف اليوم الخامس عشر القديس يوسف مثال الوداعة والاتضاع لا جدال ان امارات السلام الباطني تظهر بأبهى مجاليها على محيا الإنسان العابد، وتتحسم في جميع اعماله واحاديثه وحركاته وسكناته وذلك بدعته وتواضعه، هاتين الفضيلتين اللتين هما راية القديسين وشعارهم، وقد ظهرت هذه الامارات بنوع خاص على القديس يوسف. وكما ان الساعة الجيدة تعرف من سيرها المنتظم وقرع ناقوسها في الاوقات المعينة، هكذا الحركات الحسنة، والاقوال الجيدة، والأعمال الصالحة تدل على حسن باطن الانسان، وفرح قلبه، وسلامة نيته، ونقاوة افكاره، وسيره بموجب شريعة الله، والتسليم إلى عنايته الصمدانية. وجميع هذه الصفات تظهر من كيفية تصرفه مع قريبه بوداعة وطول اناة، وبالغيرة على خلاص نفسه، وابعاد خطر الهلاك عنها، وعمل اعمال الرحمة مع الجميع على السواء، تلبية لأوامر السيد المسيح القائل ( تعلموا مني اني وديع ومتواضع القلب). والتواضع يجعل صاحبه يتسلط على القلوب الاكثر صلابة وتشامخاً، لو فرضنا ان الغيرة على ارشاد انسان متصلب برأيه، عاتٍ متشامخ، فإن المتواضع يستطيع بتواضعه ان يسحق قلب المتشامخ العاتي، ويخلص نفسه من مخالب الموت الابدي، ويصيره حملاً بعد ان كان ذئباً خاطفاً، ووديعاً بعد ان كان فظ الطباع ، ومتواضعاً بعد ان كان متكبراً، فمن خلا قلبه من الشعائر الدينية لا يؤثر فيه التهديد والوعيد، بل تفعل فيه وداعة الحمل اكثر من بطش الاسد. فيا أيها القديس يوسف المعظم، استمد لنا من الله فضيلة التواضع التي اتصفت بها في هذا العالم، لقد كان العالم يجهل سمو هذه الفضيلة، اذ كان يعتقد أن العظمة لا تقوم إلا بقهر العدو وفتح المدن، غير عالم ان من ينتصر على ذاته يكون اقوى من الغزاة القاهرين. فاطلب لنا ايها القديس الوديع هذه الفضيلة الشريفة السامية، واجعلنا نعرف شرفها وعظمتها، لنستعملها حق الاستعمال، نيلاً للعظمة الحقيقية في العالم الآخر. خبر كان احد الشبان شرس الأخلاق، عسر المعشر، وقد عمل ابواه جميع الوسائط لردعه وتغيير عوائده فلم يفلحوا، فضاقت بهم الحيلة، حيث لا هم ولا اخوته عاد يمكنهم السكن معه، فذات يوم دخل بيتهم احد الآباء، ورأى الأب حزيناً، والام تبكي والاخوة ينتحبون، فسأل عن سبب كدر تلك العائلة، فاخبروه، فقال لهم (صلو معي إلى القديس يوسف) ففعلوا بنصيحته، وبعد برهة حضر ذلك الولد الى البيت، فاستدعاه الكاهن وخاطبه بلطف وحنان ابوي قائلاً له ( انك اصبحت ثقلاً على والديك وسبب حزن لإخوتك فلماذا لا تغير تصرفك)، فأجابه الشاب : ( ان هذا طبعي، يا ابي، وانا ذاتي اشعر بسوء حالتي لكن لا اقدر ان اغير عادتي)، فقال له الكاهن (لاتقل لا اقدر، بل قل لا اريد فأنا ووالداك قد صلينا لأجلك الى القديس يوسف وطلبنا لك منه النعمة)، فللحال هطلت الدموع من عيني الشاب، وقال للكاهن (اني اعدك يا ابتِ بأن اكون من الآن وصاعداً خلاف ماكنت في الماضي)، فشكر الكاهن فضل القديس يوسف الذي استجاب صلواته في الحال، وخرج ودموع الفرح تنهمر من مقلتيه. اكرام اقتد بوداعة القديس يوسف وهذب طباعك الفظة. نافذة يا مار يوسف، مثال الوداعة، صل لاجلنا |
|