رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
جرت أول محاكمات يسوع (يو18: 12،13)، أمام قاضٍ من أشر الناس وأخبثهم، يحمل على جبهته سمة اللعنة، يتقلّد سيف الرهبة، ويتّشح بثوب الرياء، ينظر بعينيه إلى أعماق الموت، ويصغي بأُذنيه إلى أنّة الفناء، إنَّه حنَّان حما قيافا، الَّذي لم يُغيّر مركزه الدينيّ من أخلاقه، فصار كالأفعى الَّتي لا يمكن أن تصير حمامة حتى لو حبسوها في قفص! شأنها شأن الشوك لا يصير عنبـاً ولو غُرس في كرمٍ! وقد كانت هذه المحاكمة فحصاً استعداديّاً، بعدها أرسل حنّان يسوع مُقيّداً إلى قَيَافا رئيس الكهنة (يو13:18)، لأنّه لم يكن رئيس الكهنة الفعليّ فالرومان كانوا قد عزلوه إلاَّ أنّه كان لا يزال يحمل لقب رئيس الكهنة (لو2:3) (أع6:4) " وَكَانَ قَيَافَا هُوَ الَّذي أَشَارَ عَلَى الْيَهُودِ أَنَّهُ خَيْرٌ أَنْ يَمُوتَ إِنْسَانٌ وَاحِدٌ عَنِ الشَّعْبِ " (يو18: 14). ويقف يسوع في دار رئيس الكهنة أمام مجمع غير منظّم، ولم يكتمل أعضاؤه، لَعَلَّهم يجدون تُهمة زور يشهدون بها عليه، ويسأل رئيس الكهنة ليصطاده بكلمة، ويسوع يُجيب عن أسئلته بخصوص تعليمه، فهو لا يهمّه أن يُدافع عن نفسه ، حتى وإن كتب حياته لا بالحبر بل بدم قلبه! ولكنَّه يرى من واجبه أن يُبرر تعاليمه الَّتي هى تعاليم الله.. وبينما يسوع يتكلّم إذا بواحد من عبيد رئيس الكهنة، يقوم ويلطمه على وجهه قائلاً: " أَهَكَذَا تُجَاوِبُ رَئِيسَ الْكَهَنَةِ ؟ " فلم يُخفَ على العبد أنَّ سيِّده أُفحِمَ من جواب المتهم البسيط، وكانت هذه اللطمة هى الوسيلة الوحيدة لتخليصه من الورطة المُخزية الَّتي أصابته أمام المجتمعين (يو19:18-24) وها نحن نتساءل: ماذا فعل يسوع ليُلطم من عبد حقير؟! ومن هو حنَّان الَّذي يُحاكم الإله القدير؟! إنَّه يصلُح أن يكون لصاً أو دجَّالاً. . لا قيمة له إلاَّ في عيون الفاسدين، ولكنَّه لا يصلُح أن يكون واحداً من رجال الدين! لأنَّه سخر منه ومن شرائعه، وهزأ من طهارته وعفَّته، وضحك من وقاره وهيبته، وتمادى في شروره ليقتله، وهكذا نظر إلى يسوع نظرة نسر جائع إلى عصفور مكسور الجناحين، يُريد ألاَّ يرتفع ويُحلّق بجناحيه في السماء مرّة ثانية! وينطق العبد المتلعثم اللسان بالحُكم على سيّده! وبلغة السفهاء يطلب أن يقتله؟! أليس حنَّان هو حارس الهيكل؟ أليس من واجبه أن يُطبِّق الشريعة؟ وماذا تقول الشريعة؟ " العَدْل العَدْل تَتَّبِعُ لِكَيْ تَحْيَا " (تث20:16)، فأين العدل هنا؟! لماذا نظر إلى يسوع على أنّه يهذي ويُجدِّف؟! لماذا عامله كما لو كان عدواً لليهود، أو ابناً عاصياً للولاية ويجـب أن يوضع في مقدِّمة الجيش لتذهب به سهام العدو وتحررّهم من كبريائه؟! لماذا صمَّ أُذنيه عندما سمع صوت يسوع وهو يدعوهم: كذَّابين ومُرائين وذئاب وحيَّات أولاد أفاعي..؟! |
|