الراهب وطائر السمان المهاجر
طائر السمان يصوم 15 يوما دون طعام لا يتوقف، ولا ينظر لا للشمال ولا اليمين، ليستطيع أن يصل فى موعده إلى غايته المحددة، وفى الصوم يتجلى فيه الإنسان كمخلوق يستطيع أن يحيا لله دون طعام ولو فترة.
لو لم يتذمر شعب بنى إسرائيل، كان يمكن أن يحيوا الأربعين سنة دون طعام وشراب، والدليل أنهم عاشوا الأربعين سنة دون أن تبلى ثيابهم ولم تتقطع سيور أحذيتهم؛ هذه لمحة بديعة وعميقة لمن يريد.
المسيح حينما عاش أربعين يوما دون طعام وشراب ليظهر لنا صورة التجلى لجسد عايش للملكوت؛ هذه إحدى وجهات النظر الرائعة للصوم، كذلك موسى حينما عاش أربعين يوما وليلة دون طعام كان هذا إعدادا لرؤية الله هذا ملكوت وإعداد لنوال كلمات الله الحية كشريعة جديدة.
الصوم إعداد لنقلة أو لحياة أخرى أرفع وأعلى، الرهبان يُسمون بشرا سمائيين لأنهم لا يتزوجون؛ وليتنا نضيف أيضًا لأننا لا نأكل؛ كان الآباء فى الماضى صائمين على طول لأنهم سائرون باستمرار على الطريق بلا راحة؛ راحتهم المسير المستمر على الطريق.
الصوم تجربة كيانية داخلية فيها نتحسس فى داخلنا إمكانية قضاء الساعات الطويلة دون طعام، لكيما نرتفع كيانيًا بالقلب أعماق الوجدانهذا هو الذى يتربى على الصوم.
الصائم طائر مهاجر تحت ظروف قاسية؛ لأن الطائر يهاجر من أجل حياته هاربًا من شتاء قارس يعرف طريقه فى وسط العواصف والضيقات والموانع والحواجز التى تفوق الوصف لكى يبلغ هدفه.
العلم بكل ما أوتى من حذق ومهارة لم يستطع حتى الآن أن يعرف شيئا عن مواهب الطائر المهاجر هكذا المسيحى أُعطى غريزة الهجرة الداخلية إلى الله لكن لا بد من العواصف والضيقات فى الطريق.
وقد شبه المسيح المسير إلى الملكوت بإنسان مسافر فى طريق ضيق، المشاحنات والجسد الذى يشتهى فوق ما ينبغى عقبة فى الطريق، الهدف ثمين والرحلة خطرة لو وقفت انتهيت.