الأب سيصوي الذي من جبل أنطونيوس: أغلقَ على نفسِهِ دفعةً في قلايتهِ، ومنع خادمَه من القدومِ إليه عشرةَ شهورٍ، لم يبصر فيها إنساناً، وفيما هو يمشي في الجبلِ ذات يومٍ، إذا به يجدُ إنساناً إعرابياً يتصيَّد وحوشاً بريةً، فقال له الشيخُ: «من أين جئتَ، وكم لك من الزمان ههنا»؟ فقال له الرجلُ: «صدقني يا راهب، إن لي في هذا الجبلِ أحدَ عشرَ شهراً لم أرَ أحداً غيرَك». فلما سمع الشيخُ ذلك، دخل قلايتهِ وصار يضربُ صدرَه ويقول: «يا سيصوي، لا تظن أنك صنعتَ شيئاً، لأنك لم تصنع بعد مثلَ ما صنعه هذا الإعرابي».
وسأله أخٌ: «أتُرى، هل كان الشيطانُ يضطهدُ القدماءَ هكذا»؟ أجابه الشيخُ: «بل اليومَ يضطهدُ أكثرَ لأنَّ زمانَه قد قرب، فهو لذلك قلقٌ».