قيل أيضاً: «إنه كان يوجد شيخٌ له تلميذٌ جيد. ومن المللِ كان الشيخُ يخرجه خارج الباب ويزدري به، فكان التلميذُ يمكث جالساً خارجاً، ولما فتح الشيخُ البابَ في اليوم الثالث، وجده جالساً، فأدى له الشيخُ مطانية وقال له: «يا ولدي إن تواضعك وطول أناتك قد غلبا شرِّي وصغر نفسي، فهلم الآن إلى داخل، ومنذ الآن، كن أنت الشيخَ وأنا التلميذ».
قال الأب أوراسيوس: «إن عجينةَ فطيرٍ تُطرح في أساسٍ بقرب نهرٍ، لا تثبت ولا يوماً واحداً، وأما المطبوخة بالنارِ فتثبت كالحجرِ. هكذا كلُّ إنسان ذي عقل بشري، إذا صار رئيساً فإنه ينحلّ من التجارب إن لم يُطبخ بخوفِ الله مثل يوسف، فالأفضل للإنسان أن يعرفَ ضعفَه ويهرب من نير الرئاسةِ».
قيل عن أخٍ راهب كان يسكن القلالي، هذا أقام عشرين سنةً مواظباً على القراءة ليلاً ونهاراً، وذات يومٍ نهض وباع الكتبَ والمصاحفَ التي كان قد اقتناها، وأخذ وشاحَه وذهب إلى البريةِ الجوانية. فالتقاه أنبا إسحق وقال له: «إلى أين تمضي يا ولدي»؟ فأجابه الأخُ قائلاً: «يا أبي، إن لي عشرين سنةً وأنا أسمع أقاويلَ الكتبِ فقط، والآن أريدُ أن أبدأَ في الابتعادِ عملاً بما سمعتُه من الكتبِ»، فقدَّم الشيخُ صلاةً من أجلهِ ثم أطلقه.